Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

حصيلة القضية الصحراوية خلال سنة 2023: من المؤتمر إلى مبادرة الساحل (الجزء الثاني)

بـقـلـم : بن بطوش

         لا يزال الرأي العام الدولي غير مُصدّق هول الفضائح التي فجرتها وثائق محاكمة المليادير “جيفري إبستين” الذي عُثر عليه مشنوقا في زنزانته، و أعلن القضاء الأمريكي أن كاميرات المراقبة كانت مُعطلة و لم ترصد ما حدث للرجل، تلك الوثائق التي هزت العالم و كشفت كيف زلت أقدام كبار قادة الغرب ممن يناظرون في الإنسانية و التحضر و القيم…، بدءا من بابا الفاتيكان وصولا إلى الرئيس “أوباما” و زوجته “ميشيل”؛ الأخيران اللذان قالت عنهم “سارة رانسوم”، و هي شاهدة و ضحية الإتجار بالبشر، أنها تمتلك أشرطة و تسجيلات تظهر الرئيس الأسبق لأمريكا و زوجته يرتكبان جرائم مروعة جنسية في حق الأطفال.

         الغريب في الملف الذي أشعل أمريكا، هو عدم اهتمام الإعلام الغربي بتلك الأسماء المتورطة، بقدر اهتمامهم المَرَضِي بغضب اليسار الأمريكي من عدم تورط الرئيس “ترامب” و أبنائه غير المدرجين في قائمة زوار جزيرة “إبستين”…، و خوفهم أن يظهر “ترامب” في ثوب الرجل الطاهر و النظيف، مما سيُمهد الطريق أمامه كي يعود للبيت الأبيض، و لكم أن تتخيلوا بقية الحكاية و قصة الاعتراف الأمريكي بسلطة الرباط على الصحراء الغربية، و حربنا مع الأسلحة الأمريكية التي تغدقها واشنطن بسخاء على الرباط.

         كان القياس أن نُفرد مدخل هذا المقال لدراسة رياح هذه الأزمة التي تخدم مصالح الرباط و تضر بمصالحنا كشعب صحراوي، غير أن الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” الذي ألهب العلاقات مع دول الساحل و الصحراء، كان له رأي آخر و قرر أن يرفع مستوى الإثارة في هذا الركن البائس من قارة اليأس و أرغمنا على اقتسام هذه المقدمة بين القضيتين…، حيث أعلن عن إغلاق حسابات القروض التي تخصصها الخزينة الجزائرية للدول الخمس؛ مالي، النيجر، تشاد، بوركينافاسو و موريتانيا، و هو ما ردت عليه رئاسة مالي عبر مدير البنك المركزي لباماكو، الذي قال بلهجة شديدة: “أن مالي ليس بذمتها ديون للجزائر، و أن آخر قرض تحصلت عليه مالي من  الخزينة الجزائرية كان سنة 1975، و أن الجزائر دائما ما تدرج دولة مالي ضمن الدول التي مسحت ديونها، بينما الحقيقة أن مالي لم يسبق لها ان أخذت أي قرض منها منذ 1975”.

         رَدّ الماليين على النظام الجزائري فجّر فضيحة معقدة؛ أولها أن ثمة من يسرق أموال الخزينة الجزائرية تحت ذريعة منح القروض للدول الإفريقية، و أن أموال الخزينة الجزائرية لا تخضع للرقابة، لكن الصحف الجزائرية أرادت تبرئة قصر المرادية من الكذب، و أشارت إلى أن القروض قُدِّمت على شكل مساعدات عسكرية لدولة مالي… !!، و هو ما دفع مجلس الحكم في مالي إلى منح الإعلامي المالي الشهير، “حمدي دياوارا”، الضوء الأخضر للرد على الإعلام الجزائري، حيث قال في مقابلة بثت على شاشة قناة إخبارية ألمانية: “يجب على الجزائر التوقف عن المنّ السياسي تجاه دول تحالف الساحل و الصحراء، وكل دول افريقيا…، لقد تجاوزنا جميعا مرحلة المراهقة السياسية، تعاملوا مع الدول باحترام… رجاء… !!.

         ردة فعل النظام المالي الغاضب و عدم رضوخ مجلس الحكم بقيادة “غويتا” لابتزاز الحليف الجزائري و ضغوطاته التقليدية، أرغم قصر المرادية على تغيير كل مخططاته، بدءا من إرجاع السفير الجزائري إلى باماكو، دون قيد أو شرط، ثم تحميله رسالة لم ينشرها الإعلام الجزائري، بل سرّبها الإعلام المالي كاملة و تضمنت كلاما، إن كان الرئيس “عبد المجيد تبون” من أمر بديباجتها، فستكون فضيحة دبلوماسية بكل المقاييس، لأن بها كمية من التودد و الاستعطاف و التوسل تُشعر قارئها أن الجزائر منهزمة في حرب طاحنة و تستجدي الرحمة، حيث كرر في رسالته عبارات “الأخ العزيز” و “فخامة الرئيس العزيز على الجزائر” و “نرجو منك التكرم بقبول دعوتنا لزيارة الجزائر”، “نحترم حدود و وحدة مالي”، “نحن على الحياد التام”…، و كلما ذكر دولة مالي إلا و وصفها بـ “مالي الحبيبة”…. هذا الخطاب جاء بعد أيام قليلة من نشر جريدتي “الخبر” و “الشروق” الجزائريتين، سلسلة مقالات عن الرئيس “غويتا” تصفه بالانقلابي و الغدار الذي يلعب بالنار…

         ردة فعل قصر المرادية و التطورات الأزمة مع مالي، تؤكد أن الجزائر بدأت تشعر بالحصار الخانق، و أن أبعد أماني السلطات الجزائرية هي إرضاء النيجر و مالي و موريتانيا بشكل أساسي، و الخضوع لرغباتهم، و منعهم حتى لا يضعوا كل البيض في سلة الرباط، بعدما أصبحوا يساوون بين النظام الجزائري و النظام الفرنسي، و يرون في الجزائر دولة غاضبة من رفع أيدي الفرنسيين عن المنطقة، بينما يرون في الرباط مركز الحلول الاقتصادية و السياسية و الدبلوماسية، و معبرا نحو المستقبل.

         هذا المدخل الطويل كان ضروريا في مقالنا كي نمهد للجزء الثاني من حصيلة السنة الكارثية، حتى لا نخلف الميعاد مع الأحداث، و حتى نواصل سلسلتنا بالتراكم الفكري – الصحفي المطلوب، حيث نكمل قصة السنة الماضية، بدءا من حدث إعادة تنصيب لص المليون دولار “أبي بشرايا”، و منحه منصبا دبلوماسيا كي يتوقف عن مهاجمة الأخ القائد و شيطنة البيت الأصفر، مرورا بملف المقابلة الكروية بين المنتخب الصحراوي و فريق مولودية الجزائري بملعب مانديلا، وصولا إلى مبادرة السعودية لإعادة سوريا إلى الجامعة العربية و إهانة الأمير القوي للرياض نظام الحليف الجزائري…

  • “أبّي بشرايا” من مكلف بالعلاقات مع الإتحاد الأوروبي إلى ممثل الجبهة بجنيف… !!:

         بعد الاستقالة التي ألقاها لص المليون دولار في وجه القيادة قبيل المؤتمر، و التي كان الغرض منها إضعاف شعبية الأخ القائد “إبراهيم غالي” و تأليب الرأي العام الصحراوي ضده، و دعم وزير الواتساب سابقا المنتهي الصلاحية، “البشير مصطفى السيد”، و أيضا لأجل خلق جو متوتر بين المؤتمرين و القيادات، و رفع مستوى الشك و الظنون بين الجميع، حتى يقال أن ” أبّي بشرايا” استقال لأن القيادة لم تفي بعهودها و لم تُنظم المؤتمر في تيفاريتي، و الواقع أنه استقال لتفتيت الصف الداخلي و بعث رسالة مشفرة إلى النظام الجزائري أنه الرجل الأكثر قدرة على تجسيد المخططات الجزائرية بالمنطقة، و يستطيع لي عنق كل القبائل الصحراوية .

         لكن “إبراهيم غالي” تفطن للأمر و بايع الجزائريين على تحقيق أهدافهم قبل أهداف القضية، و عاد إلى المخيمات بقوة أكبر و بتزكية أشد، و سقطت حسابات لص القضية في وحل نواياه، و خرج “البشير مصطفى السيد” من السباق على الأمانة العامة  للتنظيم السياسي بخفي حنين و بمزيد من العداوات و الخلاف بحجم الجبال، و بعد أسابيع بدأ لص المليون دولار مناوراته بخبث أعظم، و استهدف المانحين الأوروبيين لتأليبهم ضد القيادة الصحراوية، التي رأت أن تراضيه و أن تعمل بمنطق نصف خسارة أفضل من الخسارة الكاملة، و اقترحت عليه منصبا دبلوماسيا كممثل في سويسرا على أن يتوقف عن دفع المانحين لوقف مساعداتهم للشعب الصحراوي…، عرض القيادة قبله الرجل الذي رأى فيه مدخلا إلى أموال أخرى ستضخ في حساباته دون رقيب أو حسيب، كما اشترط في القبول أن لا يسأل عن مصير الأموال المخصص لمكتبه و أن يكون له حرية التصرف فيها وفق ما تمليه عليه رغباته الغريزية و خبرته في النهب و “التهنتيت”.

  • الرباط تعلن ترشحها لاستضافة كأس العالم بالشراكة مع الدول الأوروبية و الحليف يرد بتنظيم لقاء كروي بين منتخب الصحراء الغربية و فريق مولودية الجزائر:

          تسبب إعلان الرباط ترشحها مع الإسبان و البرتغال لاستضافة أضخم بطولة عالمية لكرة القدم، في غضب شعبي جزائري عارم، و تحرك النشطاء داخل الجزائر لمهاجمة النظام الجزائر على عدم طرحه ملفا مشتركا مع الرباط لاستضافة أغلى البطولات في الرياضة الشعبية الأولى في العالم، خصوصا بعد الانبهار  العالمي الذي خلفه تنظيم قطر للبطولة العالمية، و اتهموا النظام الجزائري بمناصبة الرباط العداء إلى حد تسبب للجزائريين في الإحباط، و عدم إشراكهم في تنظيم هذا العرس الكبير.

           و كردة فعل من قصر المرادية على هذا الترشح، تم استدعاء حفيد المناضل الجنوب إفريقي الكبير “نيلسون منديلا” لإفتتاح الملعب الذي حمل إسمه، و إطلاق بطولة إفريقيا للمنتخبات المحلية، فخطب “مانديلا الصغير” في الجماهير الجزائرية و أشرك الدولة الصحراوية في ندائه لتصفية الاستعمار، و هو ما أثار الانتقادات داخل الإتحاد الكروي للقارة، و تسبب للجزائر في سيل من الملاحظات و حرمها  من تنظيم كأس إفريقيا لسنة 2025، الذي فازت باستضافته الرباط.

         هذا الفوز زاد من غضب الجزائريين الذين جلدوا النظام الجزائري بقوة، و انتقدوه بعنف و اتهموه بالتخاذل، مما دفع النظام إلى استدعاء عدد من الهواة الصحراويين  في رياضة كرة القدم أغلبهم من المقيمين بأوروبا، و تم منحهم لقب “منتخب الصحراء الغربية”، و نظمت الاتحادية الجزائرية لقاء له مع فريقة “مولودية الجزائر”، و كان لقاءا يشبه الاستعراض العسكري للجيش الصحراوي، مجموعة من الهواة يركضون في كل اتجاه دون خطط أو تكتيك، و سمح الفريق الجزائري للمنتخب الصحراوي بتسجيل هدف من مسافة بعيدة على طريقة هدف “بلايلي”  ضد منتخب المغرب في الكأس العربية للمنتخبات المحلية، ثم اختفى منتخب الصحراء الغربية بعدها و بقيت الجزائر تنتظر العقوبات الرياضية، على اعتبار أن رئيس الاتحادية المغربية “فوزي لقجع” و عند تنصيب الجنوب إفريقي “موتسيبي” رئيسا على الاتحاد القاري للعبة، فرض عليهم قرارا بعدم إشراك أي منتخب دولته ليست عضوا في الأمم المتحدة في أي لقاء، و وقع على الاتفاق رئيس الفاف “زطشي” في العاصمة الرباط، و إعتبر ذلك التوقيع نكسة للقضية الصحراوية ساهمت فيها الإتحادية الجزائرية.

  • السعودية و الأردن يهينان قصر المرادية في ملف عودة سوريا إلى الجامعة العربية:

           بعد تطبيع العلاقات السعودية – الإيرانية، عاد الملف السوري ليطفو على الساحة العربية بقوة، و كانت الجزائر قبل أشهر من عقد القمة العربية بالرياض، قد اقترحت عودة “بشار الأسد” إلى البيت العربي لاستعادة كرسي دمشق، لكن ظلت دول عربية تعارض الفكرة و ترى فيها إهانة لأرواح الأطفال و الأبرياء الذين اغتالهم النظام السوري في أقصافه بالبراميل و الفسفور الأبيض، و يطالبون بمحاكمة “بشار” كمجرم حرب…، و أرادت طهران تصوير العودة السورية للجامعة العربية كأحد شروط النظام الصفوي لنجاح التطبيع السعودي – الإيراني، و أنها تضغط على الرياض لإعادة سوريا إلى كرسيها، فيما سوّق الإعلام الجزائري للخطوة على أنها قرصنة سعودية للمبادرة الجزائرية و تحريف لمشروع خطط له قصر المرادية، لتتفجر بذلك أزمة بين الأمير السعودي “بن سلمان” و الرئيس “تبون” كانت سببا في خفض الجزائر تمثيليتها في اجتماع الرياض إلى أدنى مستوى.

           لكن بعد أسابيع نشرت  جريدة “الواشنطن – بوسط” بأن سر عودة سوريا للبيت العربي لم تكن بسبب الضغط الإيراني، و ليست ثمرة للمبادرة الجزائرية، بل نتيجة اجتماع كان قد عقد في العاصمة الأردنية بين دول عربية غابت عنه الجزائر و تونس، و ترأسته السعودية و الأردن، و كان الهدف منه تقييم الوضع السوري بعد قبول “بشار الأسد” الجلوس مع المعارضة على مائدة الحوار و الوصول إلى توافقات أولية، و بهذا جرى مكافأة الرئيس “بشار” بإعادة كرسي دمشق لحضن الجامعة العربية، رغم استمرار تحفظ الإمارات العربية و قطر و الرباط و البحرين….(يتبع)  

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد