Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

القيادة الصحراوية بين خطاب بناء الدولة و واقع سلطة القبيلة… !!؟

بـقـلـم:القطامي


         خلال يومي الاثنين و الثلاثاء الماضيين (26و 27 نوفمبر 2023) اعتصم العشرات من أفراد الدرك الوطني الصحراوي  بمقر إدارتهم المركزية بالرابوني  للمطالبة باتخاذ الإجراءات الكفيلة بحمايتهم من الاعتداءات التي تطالهم  بخلفيات قبلية وتهديدات العصابات الإجرامية في مخيمات تندوف؛ كان آخرها ما حدث بمخيم بوجدور، عندما قام العشرات من أفراد من قبيلة الرگيبات الفقرة، مدججين بالأسلحة النارية،  بالهجوم خلال ليلتين متتاليتين، على منزل  قائد مركز الدرك، “فضيلي ولد دداش”،  و الذي – هو الآخر-  لم يجد  من سبيل لحماية عائلته  سوى الاستقواء بقبيلته السكارنة و بعض من أقربائه في قبيلة أولاد دليم، للرد على خصومه بخصوص ملكية أحد المنازل بالمخيم.

          فلو أن  هؤلاء الدركيين الصحراويين المحتجين طالبوا بأشياء تدخل في إطار ما هو نقابي؛ كالترقية أو رفع الأجور أو تحسين ظروف العمل، لكانت مسألة خوضهم لاعتصام  أمرا عاديا،  لكن  المضحك المبكي في الموضوع هو أنهم موظفون ينتمون لمؤسسة أمنية (الدرك الوطني)، المفروض فيهم أن مهمتهم الأساسية هي حماية المواطنين و السهر على تطبيق القانون، و بالتالي عندما تنقلب الآية و يحس  هؤلاء الأمنيون بأنهم  في حاجة إلى توفير الحماية لهم، فمعنى ذلك أن يدركون بأن الإدارة التي ينتمون لها، و التي تعتبر رمزا من رموز الدولة، عاجزة أمام قوة  أكبر منها ألا و هي سلطة القبيلة.

          ما يحدث خلال السنوات الأخيرة بمخيمات اللاجئين من تفشي العصابات الإجرامية و تجار المخدرات و اندلاع مواجهات بين اللاجئين باصطفافات قبلية،  يضرب  المشروع الوطني في الصميم  و دليل على أن مبدأ “الوحدة الوطنية” و مفهوم الدولة  لم يترسخا بعد في عقلية المواطن الصحراوي، و لم تستطع السلطات الصحراوية، عبر خمسين سنة من المجهودات لبناء مؤسسات الدولة، تجسيدهما على أرض الواقع بفرض القانون  قولا وفعلا، دون تمييز بين أفراد الشعب، ذلك أن مقاربتها في مواجهة الانفلاتات الأمنية  التي تقع بين الفينة و الأخرى، و التي زادت حدتها منذ تولي “إبراهيم غالي” أمور الدولة الصحراوية،  يطبعها الكثير من الانتقائية و العشوائية في تطبيق القانون، التي تتراوح  بين استعمال القوة المفرطة في حق الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي  و  بين غض الطرف  و التجاهل في مواجهة الفوضى التي تفرزها المهاجمات التي تندلع بين عصابات الإجرام والاتجار في المخدرات.

          الدولة الحديثة تفرض كذلك نوعا من التدرج  عموديا في مناصب المسؤولية،  مع الأخذ بعين الاعتبار التأهيل أو الاستحقاق العلمي أو المهني و الأقدمية، و هو ما يتناقض مع ما يقع في مؤسسات جمهوريتنا الصحراوية، إذ نحن الدولة الوحيدة  في العالم التي يتم فيها إسناد المناصب بشكل لا منطقي و لا معقول، نزولا و صعود، لدرجة أنه يمكن للوزير الأول أن يصبح بعد  انعقاد المؤتمر مجرد موظف تحت أوامر وزير آخر، و لا علاقة لهذا التناوب الوظيفي بالديمقراطية (حالة القيادي “عبدالقادر الطالب عمر” الذي أصبح مجرد سفير بالجزائر بعدما ظل لسنوات طوال رئيسا للحكومة الصحراوية)، و هذا التدوير في المناصب ، له تأثيرات مدمرة على الدولة وإدارتها وقدرتها على التنمية أو حتى الاستقرار، فحينما تفسد الإدارة تتلكأ أعمال الدولة وتتدهور خطط التنمية وتفارق المصداقية القرارات المصيرية للمواطنين.

           فالقبلية هي  السبب في تعطيل قيام الدولة الحديثة في العديد من الدول العربية، و ليبيا و السودان  مثالان واضحان  لهذه الحقيقة؛ ففي ليبيا  مثلا ظهرت الدولة الحديثة في وقت قصير أيام  حكم الملكية، إلا أن الشجار والتناحر العشائري عطلا نضجها، وقد شجع نظام “معمر القذافي”  بسياساته الغريبة على تفتيت الدولة لضمان استمراره، فذابت هياكل الدولة التي كانت مأمولة، و لذلك هناك صعوبة حاليا في إيجاد حل للأزمة الليبية، لأن هناك غلبة للقبلية على هياكل الدولة، رغم الترويج الإعلامي عن وجود مجتمع مدني و برلمان و حكومة وفاق وطني، و الواقع  المر أن ليبيا أصبحت  مجرد مناطق وقوى وقبائل مسلحة.

            بعض السلطات السياسية  في قيادتنا الصحراوية إما أنها غير قادرة، أو غير راغبة، في تجاوز هذا المنحدر في تدبير أمور الدولة وربما غير واعية بمخاطره؛ فبمجرد أن يشعر المواطن الصحراوي بأن حقوقه غير مكفولة بالقيادات الثورية الحالية وأن التنافس الطبيعي  بين الكفاءات غير موجود، وأن المساواة منعدمة،  فإن إيمانه بالعيش  مستقبلا في وطن مستقل يهتز، و بالتالي يسحب ولاءه جهراً أو سراً من  مشروع الدولة التي يحلم بالعيش فيها  ويلجأ إلى عشيرته و قبيلته، و لذلك تصبح القبلية هي التي تحمي المواطن حتى من تطبيق القانون … إنْ وُجِد.

           أن تكون لفئة من الشعب الصحراوي امتيازات في السلطة وفي الخدمات فقط بسبب القرابة وصدفة الميلاد في قبيلة مسيطرة، أو ما أصبح يصطلح عليه بـ “الهنتاتة”، يؤدي الى شيوع  الإحساس بعدم المساواة، والضرب بالقانون عرض الحائط، وتمييز أناس في المجتمع فوق أناس آخرين مهمشين على أساس قبلي، فالأوطان التي علقت في وسط  المشوار؛ لا هي إلى الدولة انتمت، ولا في القبيلة بقيت، ستبقى هناك في وسط الطريق، تتكاثر حولها السلبيات، وتنتعش المحسوبيات، ويُضرب فيها عرض الحائط بالقانون، ويزيد الفساد وتخور مع السنوات قوتها ومَنَعَتُها.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد