Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الرباط غير مُستعجِلة لإعادة علاقات طبيعية مع باريس … و الأخيرة تُناور لتعويض خسائرها في إفريقيا… !! (الجزء الثاني)

بـقـلـم:بن بطوش

         انتبه أيها القارئ الصحراوي الكريم و أن تقرأ  تفاصيل هذا المقال، و إن كنت مستعجلا فاتركه إلى أن تفرغ له؛ لأن به كمية من المعطيات الحصرية ما سيقُضُّ مضجعك، و يُفسر حركية النظام الجزائري في الأسابيع الأخيرة، حيث جرت الكثير من المياه الآسنة أسفل قصر المرادية نهاية هذا الأسبوع، و كانت أحداثها على قدر من الفوضى و الخطورة… إن لم نَقُلْ أن النظام الجزائري يسارع الخطى استعدادا لأمر جلل… !!

       كمية هذه الأحداث و كثافتها  و غرابتها في هذا الظرفية، يراها النشطاء الجزائريون بأنها حملة انتخابية كاملة الأركان للإبقاء على الرئيس الحالي كالمرشح الأفضل و الأنجع  بالنسبة للمؤسسة العسكرية التي تتحكم في البلاد…، و بدوره  يحاول الرئيس “تبون”  من خلال هذا النشاط المكثف أن يقدم نفسه للشعب الجزائري كرجل المرحلة الخارق و العبقري السياسي القادر على  قيادة البلاد نحو مستقبل واعد و أن بمقدوره إعادة القضية الصحراوية إلى وهجها الدولي  عبر صناعة تكتلات إقليمية و قارية وازنة و إحياء المشاريع  الكبرى الميتة و دعم الأصدقاء القدامى…، و يُنهي المتتبعون للشأن الجزائري ملاحظاتهم بأن النظام الحالي في الجزائر يحاول بكل ما أوتي من جهد  تقوية القضية الصحراوية؛  لأنه يرى فيها  السبيل الأوحد لإضعاف الرباط و إعادتها إلى حجمها السابق و بالتالي تحقيق شروط الهيمنة الجزائرية  الإستراتيجية بالمنطقة… !!

         هذا السياق في الفهم الذي يتبناه النشطاء الجزائريون  تؤكده الخطوة التي أقدم عليها الرئيس “تبون”  الذي طلب زيارة الرئيس الموزمبيقي للجزائر، ليتم تقديمه أمام وسائل الإعلام كرئيس دولة عظيمة لها سمعتها في إفريقيا و لها وزنها الدولي…!! لكن الإعلام الجزائري لم يكشف لنا الأسباب الحقيقية التي استدعت  تنظيم هذه الزيارة !!؟ و لم يُخبر الرأي العام المحلي و الجهوي و القاري، عن دوافعها؟ و لماذا وجّه الرئيس العبقري بشكل مستعجل طلبا للرئيس “فيليب خاسينتو نيوسي” كي ينزل ضيفا فوق العادة بالجزائر؟

         الحقيقة أن الشعب الجزائري تعرض  من جديد لأكبر “زمبوق” (كما قال الفنان “عادل إمام ” في إحدى مسرحياته”)  لتبديد مقدراته المالية؛ ذلك أن الإعلام في دولة الموزمبيق كان شفافا كمياه الجداول في الجبال، و أذاع التفاصيل بكل جرأة، و قال أن الموزمبيق تعيش أزمة اقتصادية خانقة تسببت لها في إعلان عجزها عن دفع ديونها لدولة الصين، و أن بكين شرعت – تحت إشراف الأمم المتحدة- في إجراءات السيطرة على المؤسسات الموزمبيقية التي تذر مداخيل مهمة للخزينة في هذا البلد ، بعد تفعيلها لمساطر  التقاضي بالمحكمة الجنائية الدولية و توصيات البنك الدولي و صندوق النقد، و أن الجزائر الكريمة و السخية قررت التكفل بأداء أربع سنوات من دفوعات الديون المترتبة على دولة الموزمبيق لفائدة الصين، و التي على ذمتها ديون تقارب الـ 20 مليار دولار لصالح البنوك الصينية، و كانت جلها تمويلات لمشاريع فاشلة، نهب السياسيون في هذا البلد أموال تلك المشاريع و تسببوا في إفلاسها، و لاذوا بالفرار إلى الجزر البعيدة للاستجمام…، و تركوا للجزائر أجر التكفل بها و إغاثة الشعب الموزمبيقي الشقيق من خطر إعلان بلادهم حالة الإفلاس السياسي و الاقتصادي.

         الحليف الجزائري بعد  هذه الخطوة، جرّ الرئيس الموزمبيقي إلى ندوة صحفية أمام الكاميرات ليعلن دعمه للقضية الصحراوية، مقابل دفعه لأربع مليارات دولار على مدى أربع سنوات للخزينة الصينة، و في نفس الندوة أبدى الرئيس “تبون” شعورا غريبا بالارتياح لتطابق وجهات النظر مع رئيس دولة الموزمبيق العظيمة في ملف الصحراء الغربية…. و تكلفة ذلك التطابق في وجهات النظر تؤكد أن قصر المرادية يُسابق الزمن لوقف عملية الإقبار التي تستعد فرنسا لتنفيذها ضد القضية الصحراوية، و أن النظام الجزائري سيُنفق ما بوسعه للحفاظ على حد مقبول من الوجود الإعلامي و السياسي و الدبلوماسي لمشكل الصحراء الغربية؛ لأن فرنسا – و كما قلنا في المقال السابق- بدأت الجولة الثانية من المفاوضات مع الرباط، و سحبت شروطها الأولى للاعتراف بـ “سلطة الرباط على الصحراء الغربية” بشكل نهائي، و  تنوي إحداث تمثيلية دبلوماسية  فرنسية بالصحراء الغربية، و  أدخلت بعض التعديلات  على عرضها الأول  ليتلاءم مع كبريائها  كدولة عظمى و أيضا مع طموحات المحتل المغربي.

         الرباط أبلغت ضمنيا فرنسا أنها غير مستاءة من العرض الفرنسي الأول، الذي تم الكشف عنه خلال زيارة “ستيفان سيجورني”، لكن المحتل المغربي يراه  عرضا غير عادل و لا يحترم علاقة الدول ببعضها، و حسب ما تسرب من غرف النقاش و من تصريحات بعض المطلعين على الكواليس؛ فالعرض الفرنسي الأول كانت تطمح من خلاله باريس الحصول على حصة من المشاريع المغربية الكبرى في الصحراء الغربية (الميناء الأطلسي، الفوسفاط، الاكتشافات المقبلة للغاز و البترول…)، و أنها تريد كذلك لشركاتها المشاركة في جميع المشاريع المغربية في العمق الإفريقي (البنوك، المنصات المنتجة للأسمدة، الاتصالات، مناجم الذهب و الفضة و الكوبالت، مشاريع البنية التحتية، الأنبوب النيجيري-المغربي…)، مقابل أن تُقدّم اعترافا يُنهي ملف الصحراء الغربية بالضربة القاضية.

         و حسب نفس المصادر، فمقابل “اعتراف كامل” من فرنسا، عرضت الرباط  على باريس  مسألة واحدة  و هو استخدام الرباط لصلاحياتها و الوضع المتميز  الذي تحظى به في  مشروع “الاتحاد الأطلسي”،  بحكم أنها صاحبة الفكرة، من أجل إشراك فرنسا في هذا الاتحاد، الذي تُعارض بريطانيا و أمريكا دخولها إليه، و أن تعمل الرباط على تسهيل مساطير الاستثمار في الصحراء الغربية أمام المستثمرين الفرنسيين و الصناديق السيادية الفرنسية…  و أضافت المصادر أن الرباط أبلغت فرنسا بأن اعترافها غير مهم في هذه الظرفية، و أن الشروط التي جاء بها “سيجورني” إلى الرباط،  ليست شروطا للتفاوض بل هي شروط مُنتصر في الحرب، و الرباط تريد علاقة دولة بدولة… و لا تريد علاقات مبنية على الفكر الكولونيالي من القرن الماضي.

         ردة فعل فرنسا – حتى الآن- غير ودّية تجاه الرباط، و أثبتت أن الدولة العميقة في فرنسا لا تفاوض الرباط لوحدها بل تفاوض أيضا الجزائر بشكل موازي، و تُبلِّغ قصر المرادية  بكل تطورات المفاوضات مع الرباط؛ لأنها لا تريد التخلي عن عائدات 80% من الثروات الجزائرية التي تجنيها منذ 1962 بسبب “اتفاقية إيفيان”، و أبلغت قصر المرادية أنها تفكر جدّيا في إنهاء  ملف الصحراء الغربية، لكن النظام الجزائري يرفض الفكرة جملة و تفصيلا، و يطالب فرنسا بالإبقاء على موقف متوازن يسمح للملف الصحراوي بالحياة للعقود المقبلة…

        و تحت الضغوط الفرنسية، وضعت الجزائر شرطها للقبول بالتضحية بملف الصحراء الغربية و هو إعادة مناقشة “اتفاقية إيفيان” و تعديل بنودها، غير أن باريس رفضت الفكرة جملة و تفصيلا، و طرحت على الجزائر بديلا للملف الصحراوي، عبر افتتاح  تمثيلية لـ “حركة الريف” في الجزائر، التي تحلم بجمهورية في شمال المغرب، مع الاحتفاظ بحد أدنى من وجود ملف الصحراء الغربية في المنتديات الدولية.

         النظام الجزائري أبدى تردده و خوفه من الفكرة؛ لأن قصر المرادية لا يمتلك الوسائل و النفس الطويل، لخلق مشكلة جديدة في شمال إفريقيا من هذا الحجم و يتحمل عواقبها الأخلاقية و الاقتصادية و السياسية و حتى العسكرية،  مع توقّع ردة فعل متهورة من النظام المغربي، و  إمكانية لجوءه هو الآخر  للسماح بافتتاح تمثيلية لحركة « MAK » في الرباط، التي تطالب باستقلال منطقة لقبايل، كجواب على الخطوة الجزائرية بخصوص “حركة الريف”، أو بشنه عدوانا عسكريا غاشما ضد الجزائر ….

         جوابا على هذه المخاوف، طمأنت فرنسا  النظام الجزائري و أبلغته أنها ستتكفل بقيادات حركة “الماك”، و  أنها ستُعِّد لهم ملفات أخلاقية تضعها أمام القضاء الأوروبي، في حالة جرى التواصل بين أفراد الحركة و النظام المغربي لافتتاح تمثليه دبلوماسية لهم في الرباط، و أنها ستلاحقهم في أوروبا فردا – فردا، و ستضيّق عليهم الخناق في أوروبا لتمنعهم من حرية الحركة…. و بخصوص إمكانية شن الحرب ضد الجزائر، ففرنسا أبلغت قصر المرادية أن الرباط  لا نية لها في ذلك و منشغلة حاليا بالأوراش الكبرى و ترفض أي حدث عسكري يمكنه أن يعطل تلك الأوراش أو يزعج تنظيمها لمونديال سنة 2030.

         لهذا فالإليزيه يتهيأ ليقدم للمغرب هدية مسمومة في الأيام القليلة القادمة، و السؤال هو: هل ستقبل الرباط بهذه الهدية التي قد تشعل المنطقة المغاربية عن بكرتها و خصوصا النظام الجزائري  في حال تهورت فرنسا “ماكرون” و خرجت بـ “الاعتراف”؟….، لأن النظام الجزائري سيكون أمام الأمر الواقع بأنه خسر قضية الشعب الصحراوي، و ربح قضية جديدة يُزعج بها النظام المغربي لعقود قادمة،… و هذا لا يعني أن ملف الصحراء الغربية سينتهي بشكل كامل، بل ستستمر معاناة الأجيال الصحراوية في أرض اللجوء، و سيستمر النظام الجزائري يطالب باستقلال الصحراء الغربية، و ستستمر التصريحات من زوار الجزائر و التي تنتهي تأثيراتها الإعلامية و الدبلوماسية و السياسية مع وضع أقدامهم في درج الطائرة للعودة.

         المشكلة ليست في أن النظام الجزائري سيتخلى على قضيتنا مضطرا، بل لأننا اكتشفنا بعد نصف قرن من التضحيات أن قضيتنا الوطنية   كانت مجرد ورقة بين أيدى القوى العظمى لابتزاز المغرب و الجزائر ،  لأن الثورة الصحراوية انحرفت عن مسارها منذ سنوات، عندما وضعنا السلاح في المرة الأولى، و ظهر حسم المحتل لها عندما ابتلع المعبر الملعون “الگرگرات” و معه باقي الأراضي المحرمة، و حين استئنافنا حمل السلاح اتضح أن هزم  جيش المحتل أصبح مستحيلا، و ما يقوم به الرئيس الجزائري حاليا من حشد لتطابق الرؤى مع زعماء الدول المنهارة، هو فقط لتبرئة النظام الجزائري من تهمة البيع و المتاجرة و التخلي عن الشعب الصحراوي، و القول بأن هذا الجيل من الزعماء الجزائريين فعلوا ما باستطاعتهم، و أنفقوا مقدرات الشعب الجزائري بسخاء، لإنعاش القضية الصحراوية، لكن الظرفية الدولية كانت أشد و أكبر و أنكى، و أن الجزائر الجديدة لن تتخلى عن الشعب الصحراوي و لن تطرد اللاجئين، و ستتركهم يعيشون ما قدر لهم في أرض اللجوء، حتى يروا ما هم فاعلون…..

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد