الجيش الجزائري يستعين بدبابات قديمة لتأمين حدوده الجنوبية و لغز دبلوماسي في زيارة “دي مستورا” إلى بريتوريا
بـقـلـم:بن بطوش
لن يجنح بنا الظن هذه المرة…، بل نحن مثل الجميع على يقين أن ثمة أزمة حقيقية تضرب عمق دولة الحليف الجزائري، و أن رقعة الشك تجاوزت حجمها الطبيعي و أصبحت تنافس الثقوب السوداء في جوف ظلام هذا الكون الفسيح و المرعب…، ذلك أن حسابات الجيش الجزائري تناقلت صورا لقوافل عسكرية تتموقع على خط التماس مع الحدود المالية، و تظهر تلك الصور عربات القطر العسكرية للجيش الجزائري و هي تقوم بإنزال لدبابات من طراز T-60 التي أخرجتها الجيوش الإفريقية من الخدمة، و فككها الجيش الروسي ليعيد تدوير معادنها في صناعة معدات بديلة…، و قبل أسابيع قليلة شوهدت نفس شاحنات القطر العملاقة للجيش الجزائري و هي تقوم بإنزال دبابات T-90 و التي تبدو متهالكة و صدئة بالقرب من الحدود الجزائرية – الليبية غير بعيد عن منطقة انتشار الجيش التابع للجنرال “حفتر”.
نشر معدات من خمسينيات القرن الماضي على الحدود الجزائرية المالية و أخرى حديثة عانت الإهمال في المخازن، يحتمل تفسرين؛ فإما أن الجزائر تستهين بالجيش المالي و تحتقر قدرات جيرانها…، أو أن ذلك العتاد هو كل ما بقي للجزائر في مخازنها من أسلحة، بعدما أخرجت كل أجيال دباباتها و نشرتها على الحدود شرقا و غربا.
و بلغنا عبر إعلام دولة مالي أن قوات من الجيش المالي مدعومة من فيالق تابعة لمرتزقة “الفاغنر”، تمكنوا قبيل نشر الجيش الجزائري لمعداته الثقيلة و القديمة، من دك مركز تداريب ترابط به جماعة فرعية منشقة عن “تنظيم القاعدة بالمغرب الإسلامي”… و قال نفس الإعلام بأن دولة صديقة لباماكو قامت بمنح الجيش المالي إحداثيات الجماعة المتطرفة التي يدعمها الجيش الجزائري، و كانت هذه الجماعة تقوم بمهام حماية الحدود الجزائرية عبر دوريات تعمد إلى ترويع القبائل الأزوادية على طرفي الحد الفاصل بين مالي و الجزائر، و كانت بين الفينة و الأخرى تنفذ جرائم قتل ليلية لإرهاب الماليين.
الحملة الإعلامية المالية الشرسة ضد السلطات الجزائرية لا يمكن تفسيرها ببساطة فكر خارجية “عطاف” و لا يمكن القول أنها عرضية و ظرفية أو سحابة صيف…، بل تؤكد أن الحدود الجزائرية ملتهبة جدا، و أن الأمن القومي الجزائري أصبح في وضع شديد الخطورة، و الدليل أن “فرحات مهنا” رئيس ما يسمى حكومة المنفى لدولة لقبايل الانفصالية، وجه خطابا بتاريخ 04 فيفريي 2024 من باريس إلى “الأمة لقبايلية” داخل الجزائر و في شتات العالم، و أخبرهم أن ممثلين عن حكومة مالي و بوركينافاسو تواصلوا معه و سألوه نوع الدعم الذي يحتاجه في نضاله العادل، و استفسروا عن مطالب الحكومة لقبايلية و إمكانية أن يقترحوا الوساطة بين الحكومة لقبايلية و الدولة الجزائرية، و احتمالية أن تستضيف بلدانهم حوارا جزائريا – قبايليا.
الأمور أصبحت في غاية الخطورة و لم تعد تتحمل المزيد من الإهمال أو التصعيد، خصوصا و أن الجزائر دخلت مجال الأهداف الأمريكية التي تدعم الحوثي و النظام الصفوي، و الوضع لا يمكن معالجته في ندوة صحفية للرئيس “عبد المجيد تبون” و الحديث عن المؤامرة و عن الخطوط الحمراء التي سبق و داسها المشير “خليفة حفتر” و عبث بلونها…، و لن يمسحها مجرد لقاء بين “عطاف” و سفير مالي أو بوركينافاسو أو النيجر أو ليبيا…، بل تحتاج تدبيرا مرحليا سريعا، يبدأ من الاعتراف بالفشل في صناعة السلام بمحيط الجزائر.
و المرعب لنا كشعب صحراوي أن ملف قضيتنا يقع على مسار رحى هذه الأحداث، التي توشك أن تدهسنا دون رحمة، لهذا فالمرحلة تتطلب حكمة العقلاء و رزانة الحكماء و قرارات شجاعة من قلوب صادقة لتهدئة الأجواء يقينا بأن الوضع لا يحتمل المزيد من التصعيد.
تخيل معي أيها القارئ الكريم أنه وسط هذه الأحداث المجنونة تستضيف بريتوريا المبعوث الأممي “دي ميستورا” بعدما لبى دعوة وزيرة خارجية هذا البلد، و كان القرار الصحفي لموقعنا في البداية أن لا نُعلِّق على هذه الزيارة، و أن لا ننفخ في كيرها حتى لا نجعل الشعب الصحراوي يبنى أمالا جديدة على رمال الشاطئ …، لأن توقيتها و سيناريو مسارها و التكتم الذي أرادته بريتوريا لها و تصنيفها لفحوى الحوار مع المبعوث الأممي في خانة “سري للغاية”…، يؤكد بأن بريتوريا باستضافتها المبعوث الأممي حاولت فقط إطلاق رصاصة في الهواء للفت الانتباه؛ لأن العالم يعرف موقف بريتوريا من الصراع، و يعرف أن دولة جنوب إفريقيا ليست على حياد بل تدعم ملف قضيتنا الصحراوية بكل ثقلها، و الواضح أيضا أن الزيارة لم يتسرب منها أي شيء في الإعلام حتى الآن، و لم يقدم المبعوث الأممي أي تفسير لها، و لم يبرر مناسبتها و لا سبب عدم استقباله لمبعوث من الحكومة الجنوب إفريقية بل فضل تلبية الدعوة و زيارة بريتوريا.
هذه المعطيات تؤكد أن جنوب إفريقيا تحاول فقط رفع مستوى الشك لدى الرباط في نواياها، لأن أقسى ما تستطيعه الحكومة الجنوب إفريقية هو تأكيد دعمها لتقرير مصير الشعب الصحراوي، أو أن بريتوريا ترى في الحكم الذاتي نهاية لمأساة الشعب الصحراوي و تريد فقط تعديلات على الصيغة…، غير أن الواضح هو كون الرباط بدأت هجمة إعلامية شرسة على المبعوث الأممي و تمارس عليه ضغط إعلامي كي تدفعه للخروج و شرح أسباب زيارته و أسرار الزيارة، و تهيئه في حالة ظل التكتم ساريا على تلك الزيارة و مخرجاتها لحجب الثقة عنه، و بالتالي سيكون مصيره كمصير “بان كي مون”، سيتحول إلى مبعوث أممي منبوذ و غير معتمد أمميا في أي قضية.
و قد وصف الإعلام في دولة الاحتلال المغربي هذه الزيارة بأنها خطوة إلى الوراء و انتحار دبلوماسي للمبعوث الأممي…. أو لربما “دي ميستورا” وجد في هذه الزيارة مخرجا لنفسه من ورطة القضية الصحراوية و أراد أن يمهد لاستقالته على خلفية الزوبعة الإعلامية الحالية للمحتل المغربي.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة