هل فعلا النظام الجزائري متورط في عملية الهجرة الجماعية نحو سبتة ؟ أم أنها ورقة ضغط لابتزاز الاتحاد الأوروبي و إرهاب مدريد… !!؟
بـقـلـم : بن بطوش
ثمة كمية من المعلومات المحبطة التي يصعب ترتيب أولوياتها و تلطيفها قبل بث أنباءها للشعب الصحراوي الكريم، لكن و على الرغم من قساوة الوضع، فإننا نختار لكم في مقدمة هذا المقال معالجة موضوع الهجوم الإسرائيلي الذي غيّر قواعد الاشتباك العسكري و عدل منطق الحروب و كشف لنا عن سلاح ردع استراتيجي جديد سيكون بداية لتغيير الأوضاع في المستقبل… و كما سبق و نشرنا في مقالنا السابق و عكس كل ما روج له في الإعلام الدولي، فأجهزة pager التي تم تفجيرها لم تُصنع في تايوان، بل جرى تجميعها في إيران، حيث خرج وزير الاقتصاد التايواني يتبرأ من تصنيع تلك الأجهزة التي حولتها إسرائيل إلى فخاخ تصطاد بها قيادات “حزب الله” و أتباع “الحرس الثوري” الإيراني في لبنان.
و مع ذلك تصريح الوزير التايواني لم يكشف كل الحقيقة…، و لم يخبرنا بأن إيران استوردت مكونات الجهاز من الولايات المتحدة الأمريكية، و بالضبط من مصنع “إنفيديا”، الذي يرأس قسم علاقاته الخارجية السيناتور اليسوعي “كريستوفر جوندود”، أحد أهم عناصر “اللوبينغ” اليهودي في أمريكا، و عندما اعتمدت إيران على وسيط بلغاري لشراء مكونات تلك الأجهزة من المصنع الأمريكي، ظنت طهران أنها استطاعت تمويه الإسرائيليين و أجهزتهم السرية، لكنها لم تنتبه أنها أدخلت يدها في جحر الأفاعي، و لا أحد إلى الآن يستطيع الجزم إذا ما كان الانفجارات التي حدثت كانت بسبب هجوم سيبيراني عن بعد أم تفخيخ تقليدي كان ضمن مكونات أجهزة الاتصال، أو هما معا، بمعنى أن إسرائيل عندما قامت بتهييج مكونات البطاريات و المكثفات باستخدام الموجات الكهرومغناطيسية؛ هل اشعلت المادة المتفجرة؟ أم أن مكونات الجهاز التقليدية تحولت فجأة إلى قنابل؟؟؟
المشكلة ليست في الحرب الحالية بالشرق الأوسط التي أظهرت بأن إسرائيل متفوقة و أنها بدأت مسلسل تصفية المقاومة الفلسطينية و اللبنانية كان آخرها عملية اغتيال القيادي “إبراهيم عقيل”، الملقب بـ”الحاج عبد القادر”، خلال غارة جوية الجمعة الماضية، أودت بحياة 14 شخصا كانوا مجتمعين في الطابق الثاني تحت الأرض لعمارة ببيروت، بعد استهدافهم بأربعة صواريخ …. المشكلة أن أجهزة pager و منذ وضعت إيران يدها على القضية الصحراوية، أصبحت جزءا من أدوات التواصل السرية بين القيادات الصحراوية، و التي تدرب عليها عدد من المقاتلين في بعثات زارت إيران و جنوب لبنان، و سبق أن تحدثنا عن الموضوع في مقالات سابقة حين كان موقعنا يحقق متابعات من جالية صحراوية ظهرت فجأة مع بداية سنة 2023 بدولة إيران، بمعنى أن إسرائيل التي لها علاقات عسكرية قوية مع الرباط، كانت تخترق تلك الأجهزة و تعرف ما يروج بين القيادات الإيرانية، و الأكيد أنها لم تبخل بتلك التكنولوجيا على الرباط حتى تضمن ودها و استمرار التطبيع…، و هذا ما يفسر جانبا من سيطرة الرباط في الحرب التي أعلنتها قيادتنا منذ 13 نوفمبر 2020، بمعنى أن الجيش الشعبي الصحراوي و الجيش الجزائري كتابان مفتوحان أمام جيش الاحتلال المغربي….و ما خفي كان أعظم.
الاختراق الذي تحققه الرباط و تحكمها في مجريات الأحداث منذ نكبة الگرگرات، و عطفا على الأخطاء الجزائرية التي يمكن وصفها بالكارثية في عملية إعلان النتائج في الرئاسيات التي منحت الرئيس “عبد المجيد تبون” عهدة ثانية بنسبة خرافية، و ضعف أداء الأجهزة السرية الجزائرية في معالجة حالات الهروب التي قام بها جنرالات جزائريون عبر “البوطي” (قوارب الهحرة السرية)، و قضية تهريب المعارضة “أميرة بوراوي” من طرف الأجهزة الفرنسية عبر تراب تونس، و ملف الاختراق المالي لجنوب الجزائر و تسربات جيش “حفتر” في الغرب الجزائري…، كل هذا يؤكد أن الجزائر ليس بمقدورها تأطير أي عملية فوق التراب المغربي، خصوصا إذا كانت بحجم عملية هجرة سرية جماعية التي استهدفت مؤخرا مدينة سبتة، و إقناع الجماهير المغربية من القاصرين و الفاشلين و الحالمين بالإلدورادو الأوروبي…، و التوجه في مسيرات بالمئات لإغراق إسبانيا و الاتحاد الأوروبي.
فكل ما فعلته الأجهزة السرية في الجزائر خلال هذه العملية هو الركوب على أحداثها و نفخت فيها إعلاميا لتأجيج اللهيب، بمعنى أن عصابات الهجرة السرية داخل المغرب و المدعومة معنويا من طرف اليساريين و الإسلاميين و المعارضين، الذين ينشرون خطابا سوداويا كاليسارية “نبيلة منيب” و الصحفي “أبوبكر الجامعي” و السجناء المفرج عنهم “سليمان الريسوني” و “توفيق بوعشرين” و “عمر الراضي”، الذين قرروا مواجهة نظام بلادهم بهذا النوع من النضال التجييشي…، هم من جعلوا القاصرين و المحبطين و اليائسين و الفاشلين على استعداد للمغامرة بأرواحهم، فيما وجدت عصابات الهجرة السرية الغطاء الإعلامي الجزائري لنشر الفوضى، و عمدت الحسابات التابعة لثكنة بن عكنون إلى نشر صور من الهبة الشعبية عند زيارة بابا الفاتيكان إلى تيمور الشرقية، و الترويج على أنها جحافل لمرشحين للهجر السرية و التي أصبحت هجرة علنية يراها العالم و يتابع تفاصيل مغامرتها…
و الدليل أن الجزائر تورطت إعلاميا فقط و عبر ذبابها الإلكتروني، و أن أجهزتها السرية لا تزال بعيدة في أدائها على تأطير عملية للهجرة الجماعية من هذا الحجم، و أن أبعد ما تستطيع تلك الأجهزة هو الدفع بالمهاجرين الأفارقة عبر الحدود المغربية، هو الإقالة الفورية التي قام بها كبير الجيش الجزائري “شنقريحة” لمدير التلفزيون الجزائري و لرئيس مكتب الاستعلام الخارجي، و اللذان تسببا في تقريع للجزائر من طرف الإتحاد الأوروبي، بعدما حملتها التقارير الإسبانية مسؤولية ما جرى و اتهمتها باستهداف أمنها القومي…، لأنه في النهاية عملية الهجرة انتهت بتحقيق الرباط لربح كبير، بحصولها على الإشادة الدولية لنجاحها في منع التسرب إلى سبتة، و كذلك حصولها على دعم مالي غير معلن قد يتجاوز الملياري دولار ضمنها تجهيزات المراقبة و التتبع السرية.
كانت عملية الهجرة السرية الجماعية تستهدف في البداية تدمير سمعة الرباط و التأثير على مشاريعه المشتركة مع أوروبا كتنظيم كأس العالم و التشويش على صورته كدولة صاعدة، و كدولة سياحية و كدولة صناعية و كربان جديد لإفريقيا البائسة…، لكن الطريقة البدائية التي تعامل بها الإعلام الجزائري مع الأحداث، و رغبة الحسابات في إظهار الجزائر كدولة تستطيع زعزعة إسبانيا و المغرب باستخدام الأمواج البشرية، أنقذ سمعة مدريد و الرباط، و أظهر الجزائر في ثوب الدولة الشيطان التي تعبث بالأمن الإقليمي في شمال إفريقيا و جنوب أوروبا، و جلب على قصر المرادية غضب بروكسيل الذي استجاب له “شنقريحة” عبر قرار الإقالات لمسؤولين وازنين في الدولة ، على رأسهم “جبار مهنا” ، مدير الاستخبارات، و من المنتظر أن يقوم مجلس الأمن الدولي بتوجيه ملاحظات إلى الجزائر خلال شهر أكتوبر، و أن يطلب الدعم من الأمم المتحدة للرباط و مدريد، لأنهما حسب المتداول مهددان من طرف مخططات جزائرية…، صدقني أيها القارئ بأن نظام الحليف الجزائري دوما ما يحرق أصابعه و هو يحاول العبث بالنار.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك