Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

من دفع بغزة إلى الهاوية ؟ و لماذا لم يتدخل الرجل الذي قال بأنه يُتابع القضية الفلسطينية شخصيا؟ و ما سر زيارة ملك الأردن لواشنطن !!؟

بـقـلـم: بن بطوش

      لَعَمري ما كنت أرغب في كتابة مقال رأي و تحليل عن هذه القضية، التي تدفقت حممها في قلوبنا و شقَّت به أخاديد لن تُشفى و إن أُعيد بناء غزة بصروح ممرّدة من قوارير، و رأينا الغزَّاويات يكشفن عن سيقانهن و هن يدخلنها…، فكما قال الرائع “غسان كنفاني”: أن قضية الموت ليست على الإطلاق قضية الميت، بل هي قضية الباقين… !!“،و أنا مثلكم من حزب الباقين الذين أوجعهم الموت في غزة، وتعففي عن الكتابة بغزارة في هذه القضية هو لإيماني أنه مهما أبدعنا في التحاليل و مهما برعنا في القراءات و مهما اقتربنا من كبد الحقيقة…، لن نستطيع ملئ حضن أم أفرغته هذه الحرب القذرة، و لن نستطيع إصلاح مشاعر صبية استيقظت بعد التخدير لتجد أطرافها مبثورة و أن جميع أحبتها  قد استشهدوا …، في حرب لم يختاروها و لم يُقرروا حدوثها…

      كيف سنُقنِع بمقال رجلا فقد أبناءه و زوجته و هُدم بيته، أن هذه الحرب و خسائرها محض خطة إستراتيجية في لعبة سياسية، لتحقيق أهداف دبلوماسية…!، أي نتانة؟ و أي سماجة؟ و أي قذارة في حرب ذريعتها إحلال السلام؟؟؟… لكن و رغم حجم الكمد و اليأس، سنكتب لأننا نُشفى بالكتابة و تترمم عواطفنا بالكتابة و لأن واجبنا تجاهك أيها القارئ الكريم…،  هو أن نُنير لك الزوايا المظلمة من الأحداث و أن نواصل معك معركة الوعي حتى ننتصر أو ننتصر، لأننا لا نملك فخامة الاختيار و لا نستطيع العودة خطوة إلى الوراء، و لا مكان لنا في هذا الوجود بعيدا عن الكتابة الحرة…سنكتب لك أيها القارئ كي تشفى مثلنا…

      ما يحدث في قضية تهجير الغزّاويين و الجدال الصحفي الحاصل، يُذكِّرني بحوار كنت قد قرأته لـ “شارلوك هولمز” حينما اختار المغامرة في منطقة جبلية مع رفيقه الدكتور “واتسون”، حيث نصبا خيمتهما البسيطة في سفح الجبل، و كانا مرهقين لدرجة أنهما ناما لساعات طوال بعد أن تناولا وجبتيهما، و عندما استيقظ “هولمز” في منتصف الليل، أيقض صاحبه ثم سأله و هو ينظر إلى السماء ماذا ترى…؟ فأجابه “واتسون”: أرى الملايين من النجوم…. فرد عليه “هولمز”: و ماذا يُخبرك ذلك؟، فأجابه: فلكيا يُخبرني أن هناك  في الكون ملايين الكواكب و ملايين المجرات، و في علم التنجيم يُخبرني أن زُحل في بيت برج الأسد…، و دينيا يُخبرني الأمر عن قدرة الله الخارقة، و مُناخيا فغذا سيكون يوما مشرقا…، ثم عكس السؤال على “هولمز” بالقول: و أنت ما ذا يخبرك الأمر يا “هولمز”، فأجابه: أيها الغبي أحدهم سرق خيمتنا.

      لهذا فمن ينظر إلى الإعلام في دول الممانعة سيشعر أن غزة انتصرت، و أن “حماس” حققت ما عجزت عنه جيوش كل الدول العربية، و أن دول التطبيع خانت العهد و الوعد، و أن الملك الأردني قرر تقديم مصلحة وطنه عن مصلحة الفلسطينيين، و أن “السيسي” أغلق المعبر ليقتل أهل غزة عطشا و جوعا، و أن قطر تقف بجبروتها في المفاوضات السرية لمنع التهجير، و أن الحليف الجزائري لا يزال يتابع القضية الفلسطينية و يمتنع عن الهرولة إلى التطبيع…، و أن إيران المرعبة لا تزال تبسط سطوتها في المنطقة، و أن مسيرات “الحوثي” لم تعد تكتفي بالطيران فوق المدن الإسرائيلية، بل أصبحت تتجول مشيا على الأقدام في شوارع تل أبيب الفارغة، و من تصادفه من الإسرائيليين تختطفه أو تبتلعه…

      لكن حين تحرك أيها الكريم كرسيك بضع درجات لتغير زاوية القراءة، ستكتشف ما اكتشفه “هولمز” بأنهم سرقوا الخيمة حين كنا نغرق في النوم بعد وجبة الانتصار…، و أن قصة الحديث عن نصر “حماس” أشبه بخطة “طوفان الأقصى“، و ان ما حصل و يحصل الآن هو مجرد هدية أخرى لـ “نتنياهو” الذي أخبر “ترامب” أن الترويج لنصر “حماس” في الإعلام العربي هو بهدف تحبيب الغزّاويين في “حماس”، و السماح للحركة بإعادة تشكيل نفسها و العودة في مغامرة أخرى بعد بضع سنوات، و أن الحل لإحلال السلام يوجد في إفراغ غزة من أهلها و هدم ما تبقى من أنفاق و مباني، لأن تواجد “حماس” سيمنع الإسرائيليين من النوم بهدوء و سيفرض عليهم المزيد من الخطط العسكرية المرهقة..

      و ستكتشف كذلك أيها القارئ  الكريم بأن ملك الأردن كان شرسا في حواره مع الرئيس الأمريكي و لم يقبل بتهجير الغزّاويين، و أن القناة القطرية  “الجزيرة” ،مثلها مثل القنوات الغربية، نشرت جزءا من تصريحات “الملك عبد الله”، و لم تنشر كل التصريحات التي قال فيها بأنه سيقبل فقط بـ 2000 جريح و مريض غزّاوي؛ لأن مستشفى غزة لن يعود للعمل قبل سنة، و الحالات المستعجلة ستتكفل بها الأردن، و أن بلاده لا يمكنها أن تتحمل المزيد من اللاجئين، و أنه لن يغامر بسمعته و ملكه و سلامة شعبه لإرضاء تل أبيب و خطط السلام.

      و ستكتشف أيها القارئ الكريم أن “السيسي”حشد نصف جيشه على الحدود مع إسرائيل، و أنه سلّح سيناء رغم أنها منطقة منزوعة السلاح، خوفا من تفعيل إسرائيل لبند من الاتفاق الذي أعقب “كامب ديفيد”، و الذي يمنحها بعض الحقوق في صحراء سيناء و يتيح لها العودة إليها بالقوة، ستعرف أن الرئيس المصري  قد تخلى عن مساعدات أمريكية بقيمة مليار و نصف نقدا و مساعدات عينية بقيمة ملياري دولار، حتى يمنع التهجير العرقي للشعب الفلسطيني.

      حين تغير زاوية المشاهدة ستكتشف أن الرئيس الجزائري لا يعرف أي شيء عن القضية الفلسطينية، و لا يتابعها شخصيا، و أنه مثل الجميع يعرف نتائج المفاوضات عبر التلفزيون الرسمي أو برسائل الإشعار في هاتفه من المواقع الإخبارية، و أن الرجل مرعوب من الغضب الأمريكي و من منظمة “أيباك”، و هناك أخبار عن رفض أمريكا لعروض الجزائر التي إقترحها قصر المرادية على شركات الطاقة الأمريكية و اعتبرتها واشنطن عروضا هزيلة جدا…

      رعب الحليف  الجزائري من السيناريو السوري جعله يطلق هذا الأسبوع خطة “المواطنة الصالحة”، بفرض أداء القسم على التلاميذ و الطلبة في المدارس و المعاهد و جعلهم يجهرون بتعهدهم و قسمهم بعدم المشاركة في المسيرات و عدم التظاهر ضد النظام و عدم الخروج للشوارع احتجاجا على الوضع الاجتماعي…. و ستكتشف أن “حماس” ورطت الأمة العربية و وضعتها في موقف كالذي عاشته بغداد زمن “هولاكو”.

      و ستكتشف أن المحتل المغربي أقوى بكثير مما نظنه، و أنه في زمن “نتنياهو” المتطرف تمكن من إقناع الإسرائيليين بالإفراج عن أموال الفلسطينيين المحتجزة، حتى تستطيع السلطة الفلسطينية أداء رواتب الموظفين و استيراد المواد الأولية…، و ستتساءل حينها لماذا لم يهجر السوريون من أجل إعادة إعمار دمشق و حلب و اللاذقية؟..، و ستفهم حينها أيها الكريم بأن قطر التي خرجت منها الطائرة الأمريكية التي قتلت “حسن نصر الله” سليل الصفويين، أنها تقضي يومها ترتكب مجازر إعلامية في الوعي العربي، و أن الدوحة عن سبق إصرار أصبحت صوتا للتيار القومجي، البعثي، الإخونجي، الشيعي،  الصفوي، اليساري، الرجعي…، و حين يجن الليل تفتح غرفة النوم ليدخل الإسرائيلي رفقة راعي البقر.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد