Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

مبادرة مراكش لدول الساحل تُغضب النظام الجزائري و تدفع بالقيادة الصحراوية إلى إصدار بيان تهديدي ضد خمس دول افريقية

بـقـلـم:بن بطوش

         ما يحصل في فلسطين الوجع و الجراح و الآلام، يشعرنا في بعض الأحيان أننا أمام وضع تاريخي شاذ؛ لأنها المرة الأولى التي نسمع أن دولة أو ثورة أو قيادة أو حركة…، قبلت على نفسها أن تكون وقودا لحرب لا تخُصّها و لا تعنيها في شيء، و أن تكون ضحية لإرضاء طرف آخر يأخذ الثأر على المقاس الذي يريده و يطفئ لوعته؛ فمباشرة بعد نشر النظام الإيراني لتهديداته بإغلاق البحر الأبيض المتوسط في وجه الملاحة البحرية الأورو-أمريكية، دون أن تكشف طهران وسائلها و تصورها لتنفيذ هذا التهديد، ردت عليها واشنطن بإعطاء الضوء الأخضر للجيش الإسرائيلي من أجل تصفية الجنرال الإيراني “رضي موسوي”، مهندس الميلشيات و عمليات نقل الأسلحة خارج إيران و قائد الفرعين 108 المتخصص في نقل الأسلحة إلى سوريا و 109 المتخصص في نقل الأسلحة إلى “حزب الله”، حيث استهدفته إسرائيل بمُسيِّرة موجهة قصفت  منزله الذي تحول إلى ركام  بثلاثة صواريخ بدقة عالية، وانتُشِلت جثته من تحت الركام.

         و الواضح أن طهران أحست بالفزع من جرأة الإسرائيليين و الأمريكيين؛ لأن تهديدها بإغلاق البحر الأبيض المتوسط لم يكن سوى محاولة لاستعراض القوة إعلاميا و إظهار عدم التخلي عن قيادات “حماس”، الذين عبّروا عن عدم الرضى على غياب الدعم الإيراني…، و رغم أن إسرائيل لم تتبنى  – حتى الآن- هذه العملية التي جرحت كبرياء الدولة الصفوية، و كردة فعل أولية من هذه الأخيرة على هذا الاغتيال، خرج الجنرال “رمزان شريف”، أحد قيادات “الحرس الثوري” و الناطق الرسمي باسم الجيش الإيراني، ليقول أمام وسائل الإعلام الدولية أن إيران سترد على هذا الاغتيال، و أضاف أن بلاده هي من تقف وراء عملية “طوفان الأقصى” التي نفذتها “كتائب القسّام” في السابع من نوفمبر الماضي، و  أن إيران هي من موّلتها و خطّطت لها و اختارت توقيت تنفيذها، و أن تلك العملية جاءت كردة فعل على اغتيال كبير جنرالاتها “قاسم سيلماني”  في شهر يناير من سنة 2020 بالقرب من بغداد بالعراق.

         تصريح الجنرال “رمزان شريف” أحبط الجميع داخل فلسطين و خارجها، و أنقذ رقبة “نتنياهو” أمام الكنيست، و منح الشرعية للآلة الحربية الهمجية الإسرائيلية كي تُمعن في إبادة الفلسطينيين بقطاع غزة، و وضع حركة “حماس” أمام فضيحة أخلاقية بكل المقاييس، و جعل الأصوات تتعالى بين صفوف المقاومة إذا ما كانت فعلا إيران هي من اقتادت الفلسطينيين إلى أم المهالك انتقاما من أمريكا و ثأرا لجنرالها المغتال “سليماني”، و أن نظام “الملالي” – دون حياء و دون إنسانية- اختار أرض فلسطين لتصفية حساباته مع واشنطن، و دفع بـ “حماس” و كتائبها إلى مواجهة قاتلة مع الجيش الإسرائيلي المدعوم من كل العالم، و جعل أهل غزة يدفعون الفاتورة الباهضة  نيابة عن الشعب الإيراني، مع العلم بأن قضية الانتقام للجنرال “سليماني” تخص النظام الصفوي الإيراني و لا تعني الفلسطينيين بشيء…، أم أن الأمر مجرد فقاعة إعلامية من الدولة الصفوية لاختطاف المأساة الفلسطينية و الركوب عليها داخليا و استخدام دماء الفلسطينيين لتجميل صورة النظام الإيراني المهتزة؟؟؟؟

         ما يقع بين الشعب الفلسطيني و قياداته نراه يتكرر في قضيتنا الصحراوية، ذلك أن فقهاء البيت الأصفر المُقتاد إلى أم المهالك كذلك، أصدر بيانا يُهدد فيه دول الساحل و الصحراء الإفريقي بالحرب… بيان تهديد موجه لخمسة دول إفريقية  و هي: النيجر و بوركينا فاصو و تشاد و مالي و موريتانيا، ردا على قرارهم الاستجابة إلى مبادرة الرباط من أجل فك الحصار الاقتصادي عنهم، بسبب الجغرافيا، و إيصال منتجاتهم إلى الموانئ الأطلسية، و بالتالي تحويل الموانئ الجزائرية و التونسية إلى هياكل و مؤسسات تسكنها  الأشباح و الغربان.

      الصيغة التي جاء بها بيان القيادة الصحراوية تختلف عن جميع صيغ بياناتها السابقة، و كأنه بيان حُرِّر في “تكنة عنتر” أو في “نادي الصنوبر”، و تفوح من فقراته رائحة الغيرة على المصالح الجزائرية في المنطقة؛ ذلك أنه بمجرد الانتباه إلى لغته يسهل فرز الهدف  المتوخى من البيان، الذي يَحِيد عن مصالح الشعب الصحراوي إلى تبني مصالح دولة الحليف و الترافع عنها؛ لأننا نعلم جميعا، مثلما يعلم فقهاء البيت الأصفر المقهور، أن جيشنا الذي هدّد خمسة دول لا يزال عاجزا عن هزم مسيّرة واحدة يتحكم فيها جندي مغربي شاب انطلاقا من تكنة في مراكش أو أكادير، و أن تهديده لخمس دول  ذات جيوش نظامية و ليست ثورية، يستند فقط إلى منطق الدعم العسكري الجزائري، بمعنى أن حروب القيادة الصحراوية هي حروب الجيش الجزائري…، أو بتفسير أدق أن الجيش الشعبي الصحراوي ارتضى لنفسه بأن يكون  شركة مناولة يتكلف بالنيابة عن حروب الجزائر غير الأخلاقية في المنطقة.

         ثمة من سيدافع عن بيان قيادتنا و سيُخوِّن رؤيتنا للأحداث، و هنا نجيب القارئ الكريم حتى لا تزل معارفه، و حتى لا يتورط في الضحالة الاستقرائية  لما يجري من تنافس جيواستراتيجي  في المنطقة و التي تسوق لها قيادتنا الهرمة، و نقول أن المعطيات الجغرافية تُكذِّب صدق البيان، و أن انضمام موريتانيا إلى مبادرة الرباط بخصوص تمكين دول الساحل من الوصول إلى الأطلسي، ينطلق من إحساس نواكشوط بأن الرباط  منحتها  فرصة ذهبية و دورا استراتيجيا هاما في المنطقة، و أن الربط البري بين دول الساحل سيكون إلى موريتانيا و ليس إلى الصحراء الغربية، التي لا يمكن المرور إلى مينائها الأطلسي بالداخلة المحتلة، إلا عبر الصحراء الجزائرية أو الأراضي الموريتانية، و نعلم أن الربط المغربي يتفادى الطرق التي تخترق التراب الجزائري، و بالتالي فالخيار الوحيد يقع على موريتانيا التي لا تريد للمحاور الطرقية أن تنعطف شمالا إلى الميناء الأطلسي في مدينة الداخلة المحتلة، و الذي لن يكون جاهزا قبل 2027، و بالتالي فسيكون الربط بشكل مباشر إلى ميناء نواذيبو، و أن الأراضي الصحراوية المحتلة لن تعبرها تجارة “التبر” الصحراوية إلى الساحل، قبل التاريخ الذي سيعلن فيه المحتل المغربي جاهزية الميناء الأطلسي بكامل طاقته.

         و الدليل الثاني على رجاحة قراءتنا لهذا المشروع التجاري الكبير، هو إعلان دولة البنين أنها أزالت العوائق أمام الطلبيات التجارية المتجهة نحو النيجر، و أنها وضعت أحد موانئها لخدمة واردات و صادرات نيامي، و وعدت بإصلاح الطريق العابرة للحدود بين البنين و النيجر الى المحيط الأطلسي، و نشرت هذه القرارات على وسائل إعلامها الرسمية، و كل هذه الإجراءات جاءت بعد اجتماع مراكش و بشكل مستعجل من حكومة البنين لتجنب احتكار موريتانيا لهذه التجارة.

         و الواضح أن أهداف الرباط  تدخل في باب السهل الممتنع و أن مسعاها أكبر من مجرد الربط التجاري بين تلك الدول؛ فهي تؤسس لمخطط هندسي اقتصادي/سياسي سهل القراءة و بسيط الفهم، ستربط به دول الساحل و جنوب الصحراء بمحور تجاري أفقي نحو الأطلسي يبدأ من تشاد و ينتهي في نواذيبو، و طريق ثاني أطلسي ساحلي، يربط جميع النقاط المينائية ببعضها من طنجة إلى جوهانسبورغ، و بعد رسم الخطين و النظر إلى الخريطة الإفريقية سنكتشف أن الجزائر أحيطت اقتصاديا بحصار خانق، و وضع غربها داخل زاوية قائمة تحاصرها و تمنع عنها مياه الأطلسي، و تبخر أحلامها في العثور على منفذ ينقذ منجم “غار اجبيلات”.

         من هذه الفهم لمخطط الرباط الاقتصادي التوسعي لبناء إمبراطورية تجارية ضخمة، و الحصار الذي تطوق به الجزائر، نصل إلى برهنة رياضية بسيطة، أن البيان الصحراوي كتب على مقاس الوجع الجزائري، و أن ما به من تهديد موجه للدول الساحل و الصحراء ليس بقلم الأخ القائد “ابراهيم غالي”  بل هو صوت صراخ “عبد المجيد تبون” و “سعيد شنقريحة”، اللذان لم يمتلكا الجرأة لتهديد تلك الدولة بعد انخراطها في المشاريع المقترحة من الرباط و تضر بشكل مباشر بالمصالح الجزائرية.

 

 

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

 

        

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد