Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

كينيا تنحاز إلى الرباط و تتنكر لالتزاماتها مع الجزائر بخصوص قضيتنا الصحراوية… فماذا حدث؟!!

بـقـلـم : بن بطوش

     “إذا صادفت ذوي الأنياب من الأسود و النمور و الضباع و الذئاب…، فافتحوا لهم أذرعكم بكل حب و لا تخشوهم، فهم أطيب الخلائق، و إن حدث و ظهرت لكم دجاجة أو طائر من ذوات المناقير فأعلنوا النفير و فروا بأرواحكم… !!“، كانت هذه نصيحة دودة الأرض إلى بني جلدتها، و في مجتمع الديدان هذه الحكمة تعتبر سرا من أسرار ناموس النصائح، لكنها نصيحة تصلح فقط للديدان، إذا أنصت إليها أي مخلوق لا ينتمي لعالمهم و عمل بها، كان من الهالكين.

      لست أدري أيها القارئ الكريم إن كان قد بلغك المعنى، لكن لي اليقين أن دول القارة البائسة اكتشفت فجأة أنها لا تنتمي لعالم الديدان، و أن النصائح التي كانت تحصل عليها أنظمة بلدانها مقرونة مع الشيكات و الحقائب المكتنزة، كأنها تحصل على وجبة مع مخدر…، لا تتناسب اليوم مع طموحات شعوبها،… شعوب القارة السمراء اليوم تعيش تحولات مخيفة لا تتقاطع مع قضيتنا الصحراوية و تُرهب “هنتاتة” البيت الأصفر…، و ما يحصل بهذه الدول يكشف لنا أن المجد  الدبلوماسي و السياسي لحليفنا الجزائري كان مبني على فساد النخب في القارة المريضة، و اليوم هناك تغيير عميق يحصل على مستوى النخب الإفريقي بسبب الشعار الذي رفعه المحتل المغربي في شراكاته مع الدول الإفريقية. “رابح-رابح”…

     و لكي تفهم ما كان حصل  في السنتين الأخيرتين بين كينيا و القيادة الصحراوية، و كيف اخترقت دبلوماسية الرباط واحدة من أصلب القلاع في إفريقيا في دعمها  لقضيتنا و مشروعنا الوطني و حق شعبنا في تقرير مصيره، عليك أن تركن أيها الكريم إلى زاويتك المظلمة و أن ترتشف قهوتك التي لونها من لون أحلام هذه القارة، حتى يتسع صدرك للحقائق….؟؟؟؟

     لنعد إلى الخلف خطوتين كي نعرف أسباب التحول الكيني، إذ يقول المثل الإسباني أن الأسد الذي يقبل الهدايا، ينتهي به الحال موظفا في السيرك… !!، و منذ سنوات كانت الدبلوماسية الجزائرية تعتمد على دبلوماسية الحقائب و الإغراءات للنخب الحاكمة في إفريقيا، سيرا على نهج الراحل “معمر القذافي”، و كانت  بذلك تطبق واحدة من  الأساليب السهلة في السياسات الخارجية، و التي تسمى في المدرسة الشرقية بـ “دبلوماسية النقطة العمياء”؛ بمعنى أن النخب الفاسدة يتم استدعائها تحت غطاء الأنشطة الدبلوماسية، و يتم منحها المكافئات و الهدايا و الامتيازات، مقابل  تبني مواقف معينة، و هذا النوع من الدبلوماسية كان جد مؤثر و فعال عندما و صلت النخب الثورية في إفريقيا إلى الحكم،  و هو ما أدى في نهاية المطاف إلى إغراق أوطانهم في الحروب الأهلية و الفساد، و لم ينجحوا في وضع مخططات للإقلاع التنموي، لأنهم نخب تتقن حمل السلاح و الإسراف في سفك الدماء، و لا علم لهم ببناء الأوطان.

      المغامرة بالتعامل مع النخب الفاسدة، تشبه اللعب تحت المطر، هو ممتع و يحقق السعادة لكنك تعرف أنك ستمرض لاحقا… !، و هنا يأتي دور الأجهزة السرية التي كان على الحليف الجزائري أن يجعلها متطورة كفاية لمواكبة التحولات الإستراتيجية و البحث عن بدائل، لتبقي تلك المواقف تحت السيطرة حتى لا تمرض القضية الصحراوية، لكن الحليف الجزائري لا يمتلك أجهزة سرية قوية، و في الغالب الخطط التي تقترحها هذه الأجهزة، جلها تكون عنيفة و صدامية مع النخب التي عوضت النخب الفاسدة في دول أفريقيا، و إجتهاداتها عشوائية و لا تقدم حلولا تعمل بمنطق متأقلم، ضنا من هذه الأجهزة التي تسيرا جنبا مع الدبلوماسية الجزائرية أن الأموال التي يتم تقديمها تخص حتى الأجيال الدبلوماسية اللاحقة في الدول التي يتم فيها شراء المواقف.

     نستمر في تفكيك الظروف و قراءة الأحدث، و نصل إلى تاريخ 20 يونيو سنة 2002 عندما وقعت أزمة “جزيرة ليلى” بين الرباط و مدريد، و هي الأزمة التي ستغير كل شيء،  حينها أحس النظام المخزني أنه معزول و ضعيف و بدون تأثير…، فقرر أن يُغير القواعد و بدأ في وضع الإستراتيجيات و تقوية أجهزته و البحث عن نُخب أكثر كفاءة و طوّر بنيته التحتية…، و كان بالتوازي يشتغل في صمت لإعداد نخب إفريقية…، سيساعدها بعد نضجها لتصل إلى حكم بلدانها، و عندما اكتملت الإستراتيجية أعلنت أديسا بابا عودة الرباط إلى إفريقيا سنة 2017، و هي العودة التي أنهت  السيطرة الجزائرية و الليبية على الإتحاد المغبون، و جعلت الدول الإفريقية تكتشف أن الرباط نجحت في التطور خارج الصندوق الإفريقي، و أن عودتها ليست من باب الحاجة إلى الإتحاد بل من باب الانتماء فقط و مساعدة بلدانه، و أن الرباط تحمل المشاريع و المخططات للمستقبل… !!

      خلال طاعون كورونا و  ما أظهره المحتل المغربي  في تعامله مع الجائحة و خروجها بأقل الأضرار مقارنة مع دول كنا نعتقد بانها متطورة كفرنسا و إسبانيا و إيطاليا و بريطانيا،  قلنا بأن تدبير الرباط للجائحة لا يُبشر بالخير بالنسبة لنا كشعب صحراوي و أن قدرات عدونا على التأقلم الصناعي و الفلاحي و التجاري…، و مساعدته للدول الإفريقية على تدبير أزمة الجائحة سيجعله قائدا إفريقيا يشبه التنين الأسيوي، و هذا ما حصل بالفعل حيث أصبحت الرباط تنافس الدول الأوروبية بعد الجائحة و تطاول الأعناق و تستطيع إظهار تفوقها في الأزمات، و لم تعد تسمح بتكرار ما حدث في أزمة “جزيرة ليلى”،  و تأكد هذا التطور أكثر خلال زلزال الحوز عندما اكتفت الرباط بإمكانياتها الذاتية و لم تظهر في ثوب الدولة التي تحتاج إلى المساعدة، و بدأت الدول الإفريقية ترى فيها النموذج الذي كسر أصنام العجز و القهر و التبعية…، و أصبحت هذه الدول تعتمد على النخب التي درست في المغرب، و أصبحت في إفريقيا الشواهد المتحصل عليها منها بمثابة صكوك مقدسة للكفاءة تقودهم إلى المناصب، و تعتمد الدول الإفريقية على تلك النخب للوصول إلى تفاهمات مع الرباط من أجل نقل الخبرات.

      اليوم الرباط بعد سنوات من العمل الصامت، أصبحت تمتلك في كينيا واحدة من أكبر المنصات لإنتاج الأسمدة في العالم، و بها أنظمة بنكية مغربية تشرف على الاستثمارات في هذا البلد الذي بدأ ينهض بنخبه الجديدة بعيدا عن النخب الثورية، و تشرف على مخططات البنية التحتية، و الأهم في كل هذا أن النموذج الصناعي لكينيا يعتمد بالأساس على النموذج المستلهم من المغرب…، ليبقى السؤال ما الذي خسرته قضيتنا في تحول الموقف الكيني؟ …الجواب أننا خسرنا كل شيء، و أن المِعول المغربي تمكن من هدم واحدة من القلاع العصية عليه، و كينيا لها ارتباطات مع دولة جنوب إفريقيا، و هذا التحول هو مقدمة لخبر مخيف قد نسمعه في مستقبل الأيام من بريتوريا… و من يظن أن ما حصل من تقلب في الموقف الدبلوماسي لنيروبي هو حادث منعزل أو محض مجهود شخصي لوزير خارجية المغرب، أو نتيجة لشراء موقف بالمال الفاسد…، فهو شخص يفكر مثل ديدان الأرض التي ترى في الأسد صديق و في الدجاجة مفترسا و معتديا.

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد