كواليس زيارة الرئيس الموريتاني إلى تندوف و ما حصل له أثناء عودته برًّا إلى موريتانيا …. !!؟ (الجزء الأول)
بـقـلـم : بن بطوش
بينما نكتب هذا المقال الذي سنناقش فيه زيارة الرئيس الموريتاني “و لد الغزواني” إلى الجزائر و ما أثارته من جدال، و ما عرفته من أحداث أدخلت الذعر في نفوسنا كصحراويين…، يكون وزير الخارجية الفرنسي، “ستيفان سيجورني”، قد وطأت قدماه الرباط، التي نزل بها مكسورا و مُرْغما بعدما أعلن سفير باريس بالرباط أن رئيس فرنسا “ماكرون” يعترف بخطئه، و أنه قرر تغيير النظارات لتتلاءم مع طموح المغرب..، نزول وزير الخارجية الفرنسي بالعاصمة المغربية يُمهِّد لزيارة رئاسية سيقوم بها ساكن الإليزيه، قد يُعلن خلالها هذا الأخير عن تحوُّل جذري في العلاقات بين فرنسا و المغرب قبل أن يترك كرسيه الرئاسي، و كأنه يُكرّر الخطوة الغادرة للرئيس الأمريكي “ترامب”.
ستكون زيارة “ماكرون” حتما لطعن الشعب الصحراوي و جرح كبرياء قصر المرادية، و لتتويج الرباط كأول دولة إفريقية تفرض رأيها على دول الاتحاد العجوز، بل و تأتي بهم تواليا إلى الرباط للتوقيع على ما تريده سلطات المحتل؛ فنزول الدبلوماسي الأول لفرنسا، “ستيفان سيجورني”، بالرباط و إن لم تحمل أي جديد بخصوص الموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية، إلا أن حمولتها الرمزية فيها الكثير الرسائل ، خصوصا و أنها تأتي بعد أيام قليلة من زيارة رئيس الوزراء الإسباني “سانشيز”، و أيضا بعد 48 ساعة من زيارة الرئيس الموريتاني إلى الجزائر لإطلاق مشروع المعبر الجزائري – الموريتاني، الشهيد “مصطفى بن بولعيد”، للمرة الثانية، بعدما تم تدشينه سنة 2018، لكنه لم يُقدِّم المنتظر منه في العلاقات التجارية بين موريتانيا و الجزائر.
و حسب الإعلام الجزائري فإن السلطات بلادهم بعدما قرّرت دراسة أسباب عدم اشتغال المعبر بالجودة اللازمة، عند افتتاحه في المرة الأولى، اكتشفت عدة مُركّبات نقص في المعبر و قررت مراجعتها و تعديلها، كان أول هذه العراقيل هي نَشَطيّة المعبر الملعون “الگرگرات”، و بالفعل تم الضغط على السلطات الموريتانية و قُدمت لها الوعود من قصر المرادية كي تزيد في التعريفة الجمركية على السلع المغربية، و استجابت السلطات الموريتانية لتلك الضغوط الجزائرية و ضاعفت التعريفة الجمركية على السلع القادمة عبر تراب الصحراء الغربية.
الدراسة الجزائرية قالت أيضا أن من الأسباب التي تجعل المعبر الجزائري – الموريتاني لا يشتغل بجودة عالية، هو عدم وجود طريق حدودي مُعبَّد بين البلدين، و أن 700 كيلومتر من أصل 840 كلم من الطريق غير معبد، بالإضافة إلى أن السائقين الموريتانيين يعتبرونه طريقا غير آمن و تكاليفه أكبر من أرباحه، رغم أن الجزائر تمدُّهم عند العودة بكميات مهمة من المحروقات دون مقابل، و يعتبرون أن أفضل مسار للطريق التجارية بين البلدين هو الذي يمر عبر الأراضي المحرمة داخل تراب الصحراء الغربية، لكن مُسيِّرات الجيش المغربي جعلته طريقا للموت…
هذه النقطة الأخيرة المتعلقة بالجانب الأمني و صعوبة الطريق اشتغلت عليها السلطات الجزائرية لمدة 20 يوما التي سبقت زيارة الرئيس الموريتاني، و جرت فيها الأشغال ليلا و نهارا من أجل تنقيتها رغم أنها طريق غير معبدة و جلها مقاطع إما صخرية أو رملية (الرݣ)، و خلال الزيارات التي قامت بها لجان جزائرية عسكرية إلى موريتانيا من أجل الإعداد للزيارة الرئاسية الموريتانية إلى الجزائر، ثم إبلاغ “ولد الغزواني”أن الرئيس الجزائري يقترح عليه العودة برّا، للتأكد من العمل الكبير الذي قامت به السلطات الجزائرية لتسهيل التبادل التجاري عبر الطريق…، و أنه بعد العودة و التأكد من سهولة التنقل دون الحاجة للمرور عبر أراضي الصحراء الغربية، سيجتمع الرئيس الموريتاني شخصيا مع التجار الموريتانيين و يُبلغهم بأن الجزائر جهّزت الطريق بما يلزم لإنجاح التبادل التجاري بين البلدين، و أنه لم يعد لديهم ما يتحججون به.
و بالفعل تم احترام السيناريو الذي وضع للزيارة، و تم استدعاء و سائل الإعلام التي كان أغلبها من الجزائر، لكن السلطات الجزائرية شدّدت عمليات التفتيش على الصحفيين الموريتانيين و أخّرت مساطر تسليمهم المعدات التي سيشتغلون بها لنقل الأحداث، الشيء الذي يشرح عدم وجود مشاهد التغطية الموريتانية لعملية التدشين، باستثناء تلك التي منحتها وكالة الأنباء الجزائرية للتلفزيون الموريتاني…، و عند وصول الطائرة الرئاسية الموريتانية إلى مطار “الرائد فرّاج” بمدينة تندوف، وجد “ولد الغزواني” في استقباله الرئيس الجزائري الذي تعمّد مقابلته و تحيته و هو يضع نظارات شمسية، رغم أن الرئيس الموريتاني أزال نظاراته الشمسية فور نزوله من الطائرة و اثناء تحيته للرئيس الجزائري كان يضع فقط نظارات طبية.
و بينما وسائل الإعلام تسجل اللحظات الأولى للقاء بين الزعيمين، وضع الرئيس الجزائري يده اليمنى على الكتف الأيسر للرئيس الموريتاني، و بتحليل سريع للغة الجسد في البروتكول الرئاسي، فإن “عبد المجيد تبون” بإصراره على عدم نزع النظارات السوداء أراد أن يُبلغ الرئيس الموريتاني أنه لا يحظى لديه بالاحترام الكبير، و أن الجزائر يمكنها استدعائه متى تشاء و كيفما تشاء، و ليؤكد ذلك بوضع يده على كتف الرئيس الموريتاني و هي الحركة التي تعني السيطرة.
يقول نشطاء موريتانيون أن الرئيس الجزائري لم يُرحِّب كما يجب برئيسهم، و لم يُظهر له مشاعر الود و تعامل معه بالكثير من التعالي و السلطوية كما يفعل مع الرئيس التونسي…، و خلال المراسيم الرسمية لإطلاق المعبر، جلس الرئيسان داخل خيمة العرض، و أخذ “عبد المجيد تبون” الكلمة، و نادى على وزير جزائري و طلب منه دراسة قضية إنتاج الزيوت للسوق الموريتاني، لكنه خاطب الوزير الجزائري بلغة و كأنه عامل تنظيف في بيته…
و ما زاد من غضب النشطاء الموريتانيين هو تعابير وجه الرئيس الجزائري حين قال الرئيس الموريتاني أن مشروع الربط البري التجاري عبر الزويرات في كل سنة كان يتجدّد الحديث عنه، و أن هذه المرة تحصّل على وعد و التزام من الرئيس “تبون” شخصيا و هو يثق في التزامه…، و كانت كلمات الرئيس الموريتاني قاسية و كأنه يعتبر مبادرة الربط التجاري البري مجرد وهم جزائري متجدد، لكن ملامح وجه الرئيس الجزائري كانت تظهر عدم تقبله لذلك الكلام.
إلى حدود هذا المستوى، كانت الأحداث تبدو طبيعية جدا و لا توجد انزلاقات خطيرة في الأحداث، و انتهى اللقاء و تصافح الرئيسان، و ركب “ولد الغزواني” سيارته ثم عاد برا كما خُطّط لذلك، من أجل مشاهدة أن الربط التجاري البري ليس صعبا، رغم أن الطريق غير معبدة لكن يمكنها أن تؤدي دورها ريثما تنجح الشركات الجزائرية في تعبيد المسار خلال السنوات القادمة…، و على الرغم من أن الدراسات حول الطريق لم تنجز بعد، و الخبراء يعتقدون أن إنجازها في حاجة إلى مسافة زمنية تقدر بخمس سنوات على أقل تقدير.
سار موكب الرئيس “ولد الغزاني” المتكون من ثلاثة سيارات، و الملاحظ أن السلطات الجزائرية لم تُخصّص له قوات للخفر و لم ترافقه سيارات أمنية و لا حتى عسكرية، و تُرِك لوحده يعود من حيث أتى، و كأنه أول تاجر سيستعمل الطريق…، و قبل وصول الموكب الرئاسي إلى داخل التراب الموريتاني و بينما هو فوق التراب الجزائري على بعد 60 كيلومتر من الحدود الجزائرية/الموريتانية، و حسب ما كشف عنه أحد مرافقي الرئيس، فإن سيارة خرجت من العدم، و كانت تتحرك باتجاههم بسرعة مجنونة، وصدمت عن عمد السيارة الثانية داخل الموكب و تسببت في خروجها عن المسار و تدحرجها عدة مرات فوق الأرض الترابية، و بينما أفراد الموكب يحاولون فهم ما جرى، سُمع صوت طلقات نارية، و ظهرت ثقوب على زجاج السيارة الأولى التي كانت في الموكب الرئاسي.
و حسب مرافقي الرئيس الموريتاني، فإن الحرس الرئاسي التفَّ بسرعة حول سيارة الرئيس ” ولد الغزواني” التي لم تُستهدف، أما السيارة التي هاجمت الموكب فقد عادت لتختفي بسرعة و كأنها لم تظهر أبدا، و لم يُعرف من كان على متنها؟ و لا من ورائها؟ و لا من خطط للهجوم؟…، لكن حسب منابر موريتانية فإن أبناء الرئيس الموريتاني المسجون، “محمد ولد عبد العزيز”، هم أول المتهمين و الدليل أن ابنه المسمى “بدر ولد عبد العزيز” الذي كان يتنقل بين مخيمات تندوف و شمال مالي، اختفى عن الأنظار منذ الحادث و لا أحد يعرف مكانه إلى الآن…..(بقية الحكاية في الجزء الثاني)
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة