Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

“طوفان الأقصى” : مخطط إيراني سيدفع ثمنه الشعب الفلسطيني .. و إسرائيل تستغل الهجوم للبدء في تنفيذ مخطط قديم

بـقـلـم:بن بطوش

         في هذا الظرف العصيب و في هذا المنعرج التاريخي للقضية الفلسطينية، لا يمكننا كشعب صحراوي مقهور و موجوع و يعاني من احتلال أرضه، إلا أن نعلن وقوفنا مع إخواننا في فلسطين، لأنه الآن و في هذا التوقيت علينا أن نعلن أننا  فعلا مع فلسطين ظالمة أو مظلومة… الآن و ليس خلال حفلات تخرج الدفعات العسكرية أو عند إحياء الذكريات الوطنية عندما يأخذنا الحماس و يجرنا الخطاب القومجي…، نقول الآن على قصر المرادية أن يجسد على أرض الواقع موقفه الحقيقي و أن يفتح باب الجهاد، أو أن يرسل وحدات من الجيش الشعبي أو أن يحرك ارمدته البحرية و البرية و الجوية…، لأنه لا مكان للمنطقة الرمادية في المواقف، بعدما وقف كل العالم إلى جانب إسرائيل، فيما تبرأت قطر و إيران و “حزب الله” من أفعال “حماس”…

         نحن لا نصفق لـ “حماس” بل ندعوا لنصرة الشعب الفلسطيني… و إذا كنت أيها القارئ  الكريم رجلا  عروبيا قومجيا فعليك أن تستوعب جيدا مقدمة هذا المقال، لأنه يستحيل على أي عربي أن يتحرك باتجاه غزة و بأن الحليف الجزائري المتخم بشعارات الثورة- مثل الجميع- يتفرج على النيران دون ان يكون له القدرة على فعل أي شيء، و أنه فقط الدول المُطبِّعة  هي من تمتلك وضعا متقدما  في هذا الموضوع و لها حق التدخل لفك الحصار عن أهل غزة، و التوسط بين الأطراف، لأن هؤلاء المطبعون ببساطة سيهددون بتجميد “إتفاقات أبراهام” مقابل وقف الحرب غير المتكافئة بين إسرائيل و فلسطين…، و أنا أعلم أنك -أيها القارئ- ترى في مشاهد مقاتلي “حماس” و هم يتجولون في شوارع المستوطنات بأنها أعمال تفوقت  في سرياليتها و عظمتها على لوحات “دافينشي”، و أن صوت بنادقهم أحلى في أذنيك و أكثر طربا من سمفونيات “بيتهوفن”…

         و إذا كنت أيها القارئ الكريم من بين أولئك الذين هتفوا و الدمع في أعينهم بعدما اعتبروا أن ما حصل بين “حماس” و إسرائيل، نصر للعرق العربي المسلم على اليهود، و أن يوم السبت (2023.10.07) هو أعظم يوم في تاريخ جيلنا…، فيكفيك ما قرأته في هذه المقدمة لإرضاء غرورك، و عليك أن تتوقف عن متابعة قراءة هذا المقال حالا، لأنه منتوج صحفي خالص للعقلاء، و يحمل حقائق ستمتحن وعيك و تضغط على أعصابك، و لأنك أيها القومجي لن تستطيع معي صبرا فيما سيأتي، و يكفي أن أذكرك بما قاله الشاعر الفلسطيني الرائع و الراحل،”محمود درويش”، الذي يعرف سياسيي بلاده أكثر من أي أحد آخر : “لا أعرف من باع الوطن… لكني أعرف من دفع الثمن”.

         و كما هو الحال في الأحداث المصيرية الغامضة، و في النكبات الشديدة الأثر، الأسئلة كثيرة جدا، لكن الأجوبة نادرة، و من أراد أن يحصل على أجوبة لأسئلته عليه أن يكمل المقال الذي سنجيب فيه عن الأسئلة الأهم، ماذا حصل يوم السبت ؟… و من الخاسر الأكبر من هذا المشهد؟…و إلى أين تأخذنا الأحداث التي تتطور بوثيرة رهيبة و مخيفة ؟…. و أخيرا لماذا حصلت كل هذه التطورات بعد أسبوع  فقط من اتفاق مجموعة العشرين لإنشاء خط تجاري موازي لطريق الحرير، يضم أمريكا و إسرائيل و الهند و السعودية و الإمارات؟… و أيضا بعد أيام قليلة من تصريح ولي العهد السعودي لقناة أمريكية عن قرب تطبيع السعودية مع الدولة العبرية… !!؟

         ننطلق أولا من المعطيات الميدانية، و كيف أن “حماس” بتعداد يصل إلى 2000 جهادي، قال الإعلام الإسرائيلي أن جيش الاحتلال العبري قتل منهم  1500، تمكنت من اختراق المنظومة الأمنية الأعقد على وجه الأرض… و حسب “الواشنطن بوسط” فإن حجم التجهيزات و الحذر الأمني الموجود بين قطاع غزة و المستوطنات الإسرائيلية، يفوق كل التجهيزات الأمنية و التحصينات التي تضعها إسرائيل  على حدودها مع الدول العربية الأخرى، و أن الغريب  في ما حدث هو تمكن “حماس” من اختراق هذا الجدار الأمني المعقد بواسطة الجرافات التي سرعتها لا تتجاوز 40 كيلومتر في الساعة، و التي يحتاج نقلها من القطاع إلى حدود المستوطنات عبر المنطقة العازلة إلى زمن يصل لساعة كاملة، قبل الشروع في استخدامها لإحداث 80 ثقبا بالجدار العازل، و هو العمل الذي يحتاج دقائق إضافية.

          و أضافت الجريدة الأمريكية أن “حماس” استعملت طائرات DELTA الشراعية، و هي عبارة عن مناطيد بمحركات و سرعتها لا تتجاوز الكيلومترين في الساعة، و تحتاج تلك المناطيد إلى 20 دقيقة قبل الوصول إلى المستوطنات. و الأكثر غرابة – حسب الإعلام و الخبراء الأمريكيين -ليس عدم رصد الرادارات و الكاميرات تلك الآليات و المناطيد البطيئة الحركة و هي تعبر برا و جوا ، بل إن منظومة “القبة الحديدية” لم تشتغل و لم تصد أي صاروخ متجه إلى المستوطنات المتاخمة للقطاع… !!؟

         مباشرة بعد الصدمة الأولى، نشرت وكالة “أسوشيتد برس” خبرا يفيد بأن مصر أبلغت إسرائيل قبل أيام بأنها أمام تهديد حقيقي ، و أن الفصائل التابعة لـ ” كتائب القسَّام” تتدرب و تجهز لعمل كبير بتأطير من “حزب الله” و الحرس الجمهوري الإيراني، و أن “نتنياهو” منح تلك المعلومات لقيادة الجيش الإسرائيلي، و رغم ذلك فقيادة الجيش في إسرائيل منحت عددا كبيرا من الجنود قبل يومين من تاريخ الهجوم رخصا و عطلا، و أبقت  فقط على الحد الأدنى من الحراس في المعابر و نقاط المراقبة و التفتيش و الثكنات المتواجدة داخل المستوطنات، و أفرغت المستوطنات من العتاد الثقيل، و كل العتاد الذي لديه قيمة حربية عالية، و أبقت على بعض المركبات و المصفحات و دبابة “ميركافا” واحدة من الجيل الثاني و سحبت كل دبابات الجيل الثالث و الرابع، و حتى المُسيِّرات التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لتأمين الحدود، اختفت، و لم يعثر عليها أحد من مقاتلي “حماس” ولم تشاهد و هي تحلق فوق سماء الجدار الحدودي.

        و قال شهود أنهم لم يشاهدوا دوريات التمشيط الروتيني خارج الجدار قبل الهجوم…، و توغل المقاتلون الفليسطينيون إلى عمق أربعين كيلومتر  دون أي يتعرضوا لهجوم مضاد و  كأنه فجأة اختفى الحذر الإسرائيلي و تبخر تفوق جيش الاحتلال و انتهت أسطورة الجيش الذي لا يهزم!!… و الحقيقة أن الفاعل هو المفعول به و أن إسرائيل كانت تنتظر التهور من “حماس” بفارغ الصبر، لكنها لم تتوقع أن يكون بهذه القوة و  العدوانية و بذلك الدمار، لهذا شاهدنا الذعر في إسرائيل، و شاهدنا كيف تحركت أمريكا التي أرسلت مساعداتها العسكرية المستعجلة، لتمنع انهيار إسرائيل معنويا، كانت المساعدات عبارة عن 8 ملايين من الذخائر، لم تشحنها من قواعد واشنطن و لا من تكساس، بل من قاعدة “عيديد” القطرية، و جرى تصوير تلك المساعدات الأمريكية في الإعلام بشكل يخدم صورة إسرائيل بأنها دولة بدون ذخيرة، و أنها لم تكن تستعد للحرب و أنها حمامة سلام، و كل ما تريده إقناع العرب بالتطبيع و العيش المشترك.

         و قال محلل أمريكي أن إسرائيل كانت قاب قوسين من ضغط “زر الشيطان” النووي لمسح غزة عن بكرتها، عندما أحست بتهديد وجودي، لكن الإدارة الأمريكية طالبتها بضبط النفس، و منحتها الضوء الأخضر لتفعيل بروتوكول “هنيبال” (هنبعل)، رغم وجود أسرى أمريكيين، و تفعيل هذا البرتوكول يعني أن إسرائيل فضلت أمنها القومي الجماعي على الأسرى، و أنها لن تفاوض “حماس” بشأن الرهائن، و ستحرق كل شيء بمن فيهم الأسرى، و الغاية من سماح إسرائيل لـ “حماس” بجرحها في كبريائها العسكري، هو الحصول على ذريعة لتغيير وجه الشرق الأوسط، كما قال “نتنياهو”، الذي علق على ما حدث بأن إسرائيل ستغير الوضع في غزة لخمسين سنة مقبلة.

         نصل الآن إلى الخلاصات الكبرى مما يجري في قطاع غزة، لنؤكد بالمعطيات أن إسرائيل استدرجت “حماس” إلى أم المهالك؛ و الدليل أن إيران و “حزب الله” بعدما شاهدوا حجم الضرر الذي خلفه مقاتلو “كتائب القسَّام”،تبرأوا مما فعله أتباع ” إسماعيل هنية” و قالوا لـ “حماس”: “اذهب أنت و ربك فقاتلا”،  و حتى الصواريخ التي أطلقها “حزب الله” على إسرائيل، بعد إعلان أمريكا تحريكها أسطولها في جنوب إيطاليا و الذي به أكبر حاملة طائرات نووية و يحمل 8 ملايير من الذخائر و سرب كامل من مقاتلات الـ F-35 و ثلاثة أسراب من الـ F-16، استدعى” حسن نصر الله”  بعض قادة “كتائب القسَّام” و طالبهم بتبني الهجوم، و الأكثر أنه طالب الفصائل التابعة لـ “حماس” بعدم توجيه الشكر لطهران و “حزب الله” على المساهمة في عملية “طوفان الأقصى” و دعم الحركة و مقاتليها.

         كانت الغاية عند إيران هو إرهاب إسرائيل و السعودية لمنع التقارب بينهما حتى لا يفشل الصلح الإيراني – السعودي، و من جهة أخرى كانت غاية  أطراف أخرى كالصين و قطر هو إفشال اتفاق قمة العشرين، و إظهار منطقة الشرق الأوسط كمجال نفوذ إيراني – صيني –روسي محض، و أن الشرق الأوسط يتحمل طريق تجارية واحدة، هي طريق الحرير الصيني، و حتى تفوت الفرصة على الموانئ الإماراتية، حيث تم الاتفاق في قمة العشرين  على أن تلعب هذه الموانئ دورا كبيرا يوازي ما تقوم به قناة السويس بمصر ، بحيث تنزل البضائع  القادمة من آسيا و الهند بالموانئ الاماراتية و يتم  شحنها على متن القطار بعد بناء خط للسكة الحديدية يعبر  كل من الامارات و السعودية و يصل إلى اسرائيل و بعدها يتم نقله إلى باقي دول أوروبا عبر الموانئ الإسرائيلية، و هو المشروع الذي سيقلص مدة و تكلفة نتقل البضائع.

        إلى جانب هذا المشروع الذي يهدد مشروع “طريق الحرير”، هناك أمور تتعلق بالوضع  الإسرائيلي حيث يعاني  “نتنياهو” من تصدع الصف الداخلي، وكانت المستوطنات المحاذية لغزة مصدر وجع له، حيث يتركز معارضوه السياسيون، و يتهمونه بعدم الأهلية و يطالبونه بالتحول إلى نسخة مستحدثة من “شارون”، لهذا ضحى بسكان المستوطنات المتاخمة لقطاع غزة و سلمهم  إلى المقاومة الفلسطينية، و هذا يذكرنا بما فعله الجيش الجزائري في “بن طلحة”، يوم أباد قرية كاملة عقابا لها على التصويت لفائدة “جبهة الإنقاذ الإسلامية”، مع فارق أنه  في المستوطنات لم يلوث “نتنياهو” يديه بدماء الإسرائيليين بل ورط “حماس” في ذلك، و في الجزائر تورط الجيش الجزائري في دماء الجزائريين.

         عملية”طوفان الأقصى” لم تحترم ما تم التخطيط له و لم تمشي وفق التوقعات، و ضربة “حماس” كانت عنيفة جدا، و موجعة جدا، لأنها لم تجد مقاومة حقيقية من الجيش الإسرائيلي، حتى إيران تفاجأت من شراستها و هولها، و هبت أمريكا لمنع تفاقم الوضع داخل إسرائيل، و حتى لا تتدخل باقي الدول المحيطة بغزة و حتى توفر لإسرائيل ظروف الانتقام الآمن، و لتنفيذ مخطط قديم يقضي بتهجير سكان غزة و توطينهم بصحراء سيناء المصرية، في إطار اتفاق سابق بين إسرائيل و أمريكا و مصر، ستتخلص بموجبه إسرائيل من إزعاج  غزة و مقاتليها و ستتمكن من توسيع مستوطناتها في القطاع، و ستستفيد مصر ماديا  و أمنيا من هذه الصفقة عبر إعانات أمريكية_اسرائيلية و بالتحكم أكثر بأرض سيناء من خلال تغيير البنية الديمغرافية لهذه المنطقة.

             و هنا تبدأ المشكلة، لأن “حماس” عندما أحست بتخلي الجميع طالبت بالتفاوض، لكن لم ينصت إليها أحد، و حتى تظهر أنها في موقف قوة هددت بإعدام الأسرى، و هو نفس أسلوب تنظيم “داعش” الإرهابي، و أيضا لم ينصت إليها أحد و ردت عليها إسرائيل بتفعيل برتوكول “هنيبال”، و الآن الآلة العسكرية المسعورة لإسرائيل خارج السيطرة، و تدك غزة… بيتا بيتا ….و زقاقا زقاقا، و الإعلام الدولي أنهى حسابات الربح و الخسارة و اكتشف أن الخاسر الأكبر في هذا الجنون هي دولة أوكرانيا، التي لم تعد حربها أولوية عند الأمريكيين و الأوروبيين، و تحولت الأهمية و الأولوية إلى حرب إسرائيل، و كأن خسائر الشعب الفلسطيني في غزة لا شيء و بدون أهمية…

           و الواقع أن أكبر الخاسرين من هذا الوضع هو الشعب الصحراوي، لأن المحتل المغربي سيرفع درجات اليقظة إلى مستويات لا يمكن تصورها، و سيزيد من شراسته ضد الجيش الشعبي الصحراوي، و سيزيد مستوى الإنفاق العسكري ليوسع الهوة مع الجزائر، و سيكون على الجزائر خفض جناحها أمام الرباط، لأن جميع من يدعم إيران أو يحالفها سيحاكم و يحاسب بعد الذي حصل في إسرائيل، لأن المؤشرات الآنية تقول أن الحرب قد تندلع بين أمريكا و إيران بسبب أعمال “حماس”، و على الجزائر أن تخفض تكاليف الحساب مع واشنطن و لندن و بروكسيل.

         في البداية كان الجميع يظنها حربا مقدسة لأجل قدس الأقداس، لكن بعد انقشاع غيمة الغبار، اتضح أن الأمر مجرد حرب مصالح بين محورين؛ الأول يمثل طريق الحرير (طهران، بكين، الدوحة، موسكو)، و الثاني يمثل الطريق التجارية السريعة (نيو دلهي، الرياض، تل أبيب، أبو ظبي، لندن، واشنطن)، لكن ثمة حلقة مفقودة، تتعلق بتركيا التي لا تزال صامتة إلى الآن و لم تعلق على ما يجري…، و كل يقيننا أن شعب غزة المسكين سيدفع ثمن حرب هو لم يخترها و لا مصالح له فيها.

 

 

 

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد