تعبئة عامة و تجييش للمعارضة المغربية في أوروبا و حرب سيبيرانية…، هل الجزائر مقبلة على مغامرة عظيمة، أم أنها مجرد صرخة لإبعاد الظلام من حولها و فك قيود الحصار… !!؟
بـقـلـم : بن بطوش
أنت تشبهني أيها القارئ الكريم، و نحن معا في حاجة إلى عزلة تُرتِّبُنا هروبا من هذه الفوضى التي حدثت فجأة، و كانت متوقعة، ذلك أن جنون الأحداث أضر بشغفنا و يكاد يدفعنا لاعتزال هذه القضية صحفيا و فكريا و إيديولوجيا و حتى عاطفيا…، ففي الوقت الذي تعلن فيه القيادة الجزائرية التعبئة العامة، يكون غربان البيت الأصفر بالكاد تمددوا للاستراحة من جلبة تدوير المناصب المثيرة للتخمة في الحسابات البنكية…، و المضحك أنهم تركوا للحليف في قصر المرادية هَمَّ تدبير القضية دوليا و إقليميا و قاريا، و منحوا أنفسهم حق تدبير ثرواتهم و مشاريع أبنائهم في أوروبا و موريتانيا، و منهم من راح يستثمر حتى في مدن الصحراء الغربية، تمهيدا للحظة القفز من السفينة.
و حين أعلن الحليف أنه قرر التعبئة العامة في مجلس للوزراء ترأسه الرئيس “عبد المجيد تبون”، ربطت الحدث بتصريح “صالح قوجيل” قبل 48 ساعة على حصول الاجتماع، بأن هناك أطرافا تريد دفع الجزائر للإستدانة الخارجية، و تذكرت الهواجس و الوساوس التي تصيب الإنسان حين يبيت في منزله و بحوزته بضع ملايين، و يظن أن العالم ينتظره ينام ليسرق كنزه الصغير، فيغلق أبواب المنزل و يحكم عليه الأقفال، و هو نائم يتذكر أن للسطح بابا غير محكم الإغلاق، فيصعد إلى السطح في حلكة الليل غير أبه ببرودة الجو ثم يغلقه و يحاصره بالأثات، ثم يتذكر النوافذ فيثقلها بما إستطاعه ليمنع الهواء من التسرب عبرها…، ويقضي ليلة من الهواجس و المخاوف، و عند الصباح يكتشف أن كل ما فكر فيه كان محض وساوس، و أن لا أحد مهتم بثروته البسيطة و أن لا أحد منتبه لخوفه…
هذا ما يحدث للسلطات في دولة الجزائر، التي تظن أن فرنسا ستدفع بدول الساحل مالي و بوركينافاسو و النيجر إلى مغامرة عسكرية في الجنوب الجزائري، و يعتقد قصر المرادية أن “خليفة حفتر” أصبح جاهزا عسكريا و ماديا و استراتيجيا لإعلان الحرب على الجيش الجزائري بدعم من الإمارات العربية، و يتوقع أن بركان لقبايل قد نضج و قريبا سيتم التأشير له من جهات خارجية لينشط و يلقي بحممه ليفجر الجزائر من الداخل…، مثلما يعتقد نفس النظام أن الرباط تنتظر لحظة الانهيار الجزائري لتبسط سلطانها على الصحراء الشرقية و تعيد الأراضي التاريخية من تينجوب و بشار و تندوف إلى تلمسان…، فكم هو مؤلم هذا الإحساس بالقهر و عدم الاستقرار.
قبل أسبوع من عقد المجلس الوزاري الجزائري لإعلان حالة التعبئة الشاملة، كان الإعلام الأمريكي قد نقل عن الإعلام الإسباني خبرا يقول، بأن رئيس أركان الجيوش الإسبانية “تيودور إستيبان كالديرون” قام بإنشاء لجنة سرية لتقييم “الخطر المغربي” دون الحصول على الضوء الأخضر من السلطات السياسية للبلاد، لكن صعوبة الخبر ليست في القرار لأن إسبانيا كثيرا ما تجري هذا التقييم كلما قام الرباط بصفقة عسكرية ضخمة، بل في إشتباه حكومة “سانشيز” بوجود صلة بين اللوبي الجزائري في إسبانيا و بين النظام الجزائري الذي لم يستطع إلى الآن وضع تقييم حقيقي للجيش المغربي، و لم يعد يتوصل بالتقارير الاستخباراتية العسكرية الفرنسية منذ إنطلاق الخلاف بين باريس و قصر المرادية، و أن رئيس أركان الجيوش الإسبانية يعتزم تقديم خدمة للنظام و الجيش الجزائريين.
التعبئة العامة في الجزائر جاءت نتيجة هذا التقييم المشترك الإسباني – الجزائري، الذي أظهر بأن الحليف الجزائري و إن إستطاع الصمود في حرب حدودية مع دول الساحل و ضد “حفتر”، فإنه لن يستطيع الصمود في حرب برية ضد جيش الاحتلال المغربي، و التعبئة هي لتوفير الممكن و غير الممكن من أجل البحث عن ميزانية تغري الروس أو الأمريكيين لتحقيق التوازن المطلوب دون اللجوء إلى الإستدانة من البنك الدولي، و لتمويل صناعات عسكرية جزائرية توفر قطع الغيار، لأن التعبئة التي تم إدراجها في مجلس للوزراء لا تعني دراسة إعلان الحرب بقدر ما تعني العجز عن تدبير الحرب الشاملة في حال حصولها، و الحليف الجزائري يعلم بأن الظرف الراهن يستحيل فيه الانتصار في حرب مباشرة مع الرباط، عطفا على أن الجزائر لا تتوفر حاليا على موردين لقطع الغيار، و أن خلافها مع الروس زاد من صعوبة حصولها على الأسلحة النوعية، و تعلم أن حلفاء الرباط هم أقوى بكثير من حلفاء الجزائر، و التحديث عن اتفاقيات للدفاع المشترك بين الرباط و الإمارات و مجلس التعاون الخليجي، و اتفاقيات للدعم الاستراتيجي الحربي مع أمريكا، و اتفاقيات للتصنيع المشترك مع إسرائيل، و اتفاقيات لصناعة ذخيرة ذكية و شبحية مع بريطانيا، و اتفاقيات لتطوير الخطط العسكرية و تحسين أداء الآليات مع شركة سامسونغ و هيونداي الكوريتين…
و بالعودة خطوة إلى الوراء لنقرأ المعطيات المتوفرة، سنقول بأن الرباط وفرت للجزائر أسبابا كثيرة لإعلان الحرب بدءا من قصف الشاحنتين بالأراضي المحرمة، و دعمها لدول الساحل بالتدريب العسكري و فرضها منطق الحكم الذاتي ليكون نموذجا يمكن تطبيقه في منطقة الأزواد و الصحراء الغربية و القبايل…، مرورا إلى تداريب شرقي 2025 و الرسائل المشفرة حسب البيان الجزائري، ثم وصولا إلى نشر الوثائق التي تثبت الحقوق التاريخية للرباط في الصحراء الشرقية…، كما وفرت الجزائر للرباط أسبابا تشبه سابقتها، حينما قتلت سياحا مغاربة في البحر بعد جنوحهم إلى داخل المياه الإقليمية الجزائرية، و ما حدث في واحة العرجة، و دفعها بالمقاتلين الصحراويين لإستهداف نقاط تمركز جيش الاحتلال المغربي…
لهذا و عطفا على المعطيات فإن أبعد ما يمكن أن يقوم به قصر المرادية في ضل المعطيات المتوفرة، هو تطوير العنف الرقمي و تنفيذ هجمة سيبيرانية، كما حصل مع بنك المعطيات التابع لصندوق التغطية الاجتماعية، و هي الهجمة التي سنناقش قضيتها بالتفصيل في المقال القادم و نكشف أسرارها…، أو أن تخطط لهجوم مسلح على شاحنة في العمق الإفريقي، أو تجيش معارضيين مغاربة و تدريبهم على خلق الفوضى، أو الدفع بالسياسيين الجزائريين لمهاجمة الرباط و النظام المغربي، أو تحريف هتافات الجماهير لتتحول إلى سباب و قذف ضد كل ما هو مغربي، و عند وجوب العمل العسكري فستدفع بالمقاتلين الصحراويين لمواجهة الرباط في معركة ظالمة و غير متكافئة، لهذا فإن التعبئة التي تم إعلانها كانت مدرجة في مجلس وزاري و ليس في مجلس حرب، و نوقشت ضمن حزمة قوانين كان بينها التنشيط السياحي… و لك أن تستنتج أيها القارئ الكريم كيف لدولة تعبئ مواردها من أجل الحرب و تريد الإقلاع السياحي.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك