Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الجزائر تتخلف عن ركب التضامن العربي مع غزة و تؤكد مقولة “لافروف” عن وزن وهيبة الدولة ومواقفها على الساحة الدولية

بـقـلم : بن بطوش

         من يساعدنا على الشفاء بعد اليوم؟ و من يرعى كل هذا الحزن الذي شوه قلوبنا…؟، ذلك أننا نكتب هذا المقال و الكمد يعتصرنا من قهر مشاهد الجثث المكدسة في ساحة مستشفى المعمداني بغزة، وهي المرة الأولى التي تعوزني جرأة الوصف و أشعر فيها بخيبة اللغة، و لا أجد من تعبير غير أنها إبادة ستسجل في التاريخ  الإنساني بمداد الخزي و  العار ؛ لأن استهداف المشفى و قتل المرضى و الأبرياء و العزل، لا تدعمه أي عقيدة، و لا تبرره أي ديانة، و لا يبيحه أي نص مقدس…

       ما يفعله جيش الكيان الإسرائيلي اليوم مُتَعَمِّدًا بحرق الشجر و البشر و الحجر في غزة، لا يمكن شرحه كردة الفعل و لا يمكن اعتباره غضبا أو انتقاما لما وقع خلال عملية “طوفان الأقصى”…، لأن إسرائيل أعلنت حربا غير أخلاقية واستجمعت كل تطرفها، و هي تسارع الزمن لدك غزة عن بكرتها و تسويتها بالأرض، و قررت أن تضع الجميع أمام الخيارات المستحيلة؛ فلا الأردن تستطيع مساعدة الفلسطينيين و نقل جرحاهم، و لا مصر تقدر على فتح معبر رفح و إدخال المساعدات، و لا حلفينا الجزائري، العضو غير الدائم في مجلس الأمن قادر على دعوة كبار العالم لجلسة أممية طارئة، و لا الوساطة الجارية للصين تستطيع إيقاف هذا الجنون و الدمار الإسرائيلي…

         صدقوني…، أنني أكتب هذا المقال مضطرا تلبية للعديد من الرسائل التي تطالبنا بتحليل الحرب الدائرة في غزة ضد أحبتنا الصامدين، و الذين أوجعونا و تقاسمنا معهم الدمع و الحزن… نكتب استجابة لدعوتكم هذا المنبر الحر من أجل تبرير  و تفسير صمت الحليف الجزائري الغريب…، و نكتب حتى نجيب المذعورين داخل المخيمات و نهدئ مخاوفهم إذا ما كان قصر المرادية سيتخلى يوما ما عن الشعب الصحراوي حالما قررت الرباط اختيار العدوان و الحرب الشاملة ضدنا، مثلما تخلت طهران عن “حماس”… !!؟، لهذا سنؤجل تحليل التقرير الأممي الذي رفعه “غوتيريس” لمجلس الأمن إلى المقال القادم.

           “أنا نَتْبَع القضية الفلسطينية بشكل شخصي”… كم يحبطني تذكر هذا التصريح للرئيس الجزائري “تبون” ذات لقاء مع الصحافة للتبجح بمكانة بلاده الإقليمية و الدولية، و إني لأرى الحليف الجزائري غير محظوظ البتة، فلو علم  “قصر المرادية” أن هذه الحرب ستندلع  في الظرفية الحالية لما رغب في عضوية مجلس الأمن، و لما طمح إليها، و لزهد في الكرسي زهد الناسكين في الدنيا…، فهو اليوم بين نار التعاطف مع غزة التي تتعرض لحرب إبادة و تهجير، و نار الخضوع للقوى الكبرى و حملة “الفيتو”، و لايريد إغضاب أمريكا أكثر…،  فهو  مضطر لابتلاع لسانه أما جبابرة العالم، و مرغم على إظهار الهدوء أمام الإعلام حتى لا يتهم بالتواطؤ مع “حماس” و دعم الإرهاب، و حتى لا يتصرف الغرب مع الجزائر بالمنطق الذي يتعاملون به مع مصر اليوم، بعد رفض “السيسي” فتح معبر رفح و استقبال اللاجئين…

            القاهرة اتُهِمَت بتقديم رشوة إلى سيناتور أمريكي من أجل  التدخل لرفع قيمة المساعدات داخل الكونغرس لمصر،  و الجميع يستعد لكشف فضيحة أخلاقية ستهز العلاقات بين مصر و أمريكا، و الجزائر لديها ثورة في الجنوب بسبب الأزواد، و لديها أسرارها مع النيجر و مالي، و متورطة حتى النخاع مع  مرتزقة “الفاغنر”، و سربت جهات مجهولة – قبل أسبوع- أنها قدمت أسلحة لطرف مجهول في النيجر، و لا تريد أن ينشر غسيلها  الوسخ في الوقت الراهن …، لهذا فصمتها لا يمكن تفسيره بأنها ترفض دعم الفلسطينيين، و لكنها تعرف أيضا أن الحرب لن تتوقف حتى تحقق إسرائيل أهدافها، و أن الآلة المسعورة لإسرائيل ستبيد “حماس” و ستُهجِّر أهل غزة، و أن أي تضحية لن تفيد الوضع على الميدان، و أن إنقاذ الفلسطينيين يعني حربا مباشرة مع كل العالم الغربي…، لهذا قرر الحليف الجزائري خيار الصمت و الاكتفاء بتصريحات وزير الخارجية، “عطّاف”،  بل حتى الرئيس الجزائري ألغى اللقاء الصحفي الشهري كي لا يتورط في أي تعليقات.

          و حتى لا نثقل على الحليف الجزائري نمر لما نشرته الوكالات الإعلامية الدولية عن الوضع الحالي،  حيث  جاء بأن الرئيس الأمريكي  توجه  على عجل إلى تل أبيب، و أن ملك الأردن قرر إلغاء القمة الرباعية التي كان مقررا أن تجمع الأربعاء بين الرئيس الأمريكي و ملك الأردن و الرئيس المصري و رئيس السلطة الفلسطينية، كما بثت  القنوات الأوروبية المشاهد الأولى لوصول الرئيس الألماني “شولتز” إلى العاصمة الإسرائيلية، و أنه مباشرة بعد نزوله من الطائرة دوت صافرات الإنذار و ارتمى جميع الوفد الذي نزل من الطائرة على الأرض بما فيهم الرئيس الألماني، الذي تمدد بكل دبلوماسية على بطنه، في مشهد أريد له أن ينقل للعالم ما يفعله الفلسطينيون من ترويع لضيوف إسرائيل الأبرياء…. !!!

         فكم هي ظالمة فلسطين التي رفضت أن تقصف إسرائيل بصواريخ تليق بالحرب مع الإسرائيليين، و فضلت استخدام الصواريخ القصيرة المدى و الضعيفة الانفجار، حيث تمنى الناطق الرسمي للجيش الإسرائيلي أن تمد طهران الفصائل الفلسطينية بصواريخ “سكود”، لأن القبة الحديدية تحرجها الصواريخ الرديئة التي تصنع في الورشات، و تحب أن تكون مواجهاتها مع أسلحة من نفس القيمة؛ تريد صاروخا من ماركة عالمية، و كأن الجيش الإسرائيلي تجاوز مرحلة التفكير في غزة، و أصبح يتمنى مواجهة مباشرة مع إيران يكون البقاء فيها للأقوى، كيف لا تتمنى ذلك و نصف الأسطول الأمريكي تحرك لأجل الإسرائيليين… !!؟

          يقول الإعلام العبري أن صواريخ المقاومة لا يمكن رصدها لصغر حجمها، لكن الإعلام الغربي الذي تأكد لنا في هذه الحرب أنه آلة دعاية للأجهزة السرية لدول مجلس الأمن، عطفا على الحقائق و التسريبات التي ينشرها و يكشف عنها كل يوم خلال هذه الحرب، قد أحرج الإعلام الإسرائيلي و أذاع أن منظومة القبة الحديدية تستطيع كشف  إطلاق رصاصة و  يمكن صدها، و أنها منظومة فائقة التطور و تستطيع التعرف حتى على مسار الصواريخ الفلسطينية و منحنى تحليقها و الأهداف التي ستصل إليها، و أنها تصنف الأهداف حسب سلم الأهمية، و لا تعترض غير تلك الصواريخ التي تستهدف التجمعات السكنية ذات الكثافة العالية، أو التي تستهدف المنشآت الحساسة كالمفاعلات و المخازن الاستراتيجية و المجمعات الصناعية الحساسة…، و أضافوا أن الجيش الإسرائيلي يسمح بمرور بعض الرشقات باتجاه العمق الإسرائيلي لتبرير الغلو في العنف، و أن سبب هذا التعامل بانتقائية مع صواريخ المقاومة الفلسطينية، يعود إلى تكلفة صواريخ القبة الحديدية و التي تصل قيمة الواحد منها ربع مليون دولار، فيما قيمة الصواريخ الفلسطينية لا تتعدى 15 ألف دولار.

         نفس الإعلام يقول أن جلسة مغلقة في الكونغرس الأمريكي، جرى فيها التصويت بمنح إسرائيل مساعدات مالية مستعجلة لتخفيف تكاليف الحرب على الحكومة الإسرائيلية بقيمة 1.5 مليار دولار، و أن “نتنياهو” رفضها و تَمَّ رفع القيمة من طرف الكونغرس إلى 10 ملايير دولار، و لم يقبل بها “نتنياهو” إلا بعد الموافقة على شرطه بأن تكون هناك دفعات أخرى، و هذا يجعلنا نفهم قوة الحلفاء لدى إسرائيل، و الذي يقابله دعم لغوي و لفضي و معنوي و عاطفي و قومجي  من طهران و “حزب الله” لـ “حماس”، و أن آخر خرجات “حسن نصر الله” على القنوات الصفوية صرح بأن “إسرائيل مهما تجبرت و مهما استقوت ستزول يوما بإذن الله”، لكنه يوم التقى قادة “حماس” قبيل إعطاء  موافقته  لـ “كتائب القسّام”، من أجل اجتياح مستوطنات غلاف غزة، أخبرهم أن لديه نبوءة، و أنه يرى بأن زوال إسرائيل ستكون على يد الكتائب و الفصائل التابعة لـ “حماس”، و أن تحقق الوعد سيكون هذه الأيام…

        نبوءة “نصر الله” غررت بـ “حماس”، و ليتها أخذت بنبوءة اللبنانية “ليلى عبد اللطيف”، و لم تؤمن بأنها قادرة على جرح كبرياء دولة، حركت أمريكا نصف أسطولها لتؤمن لها الغطاء كي تبيد أهل غزة….هذه الحرب الظالمة ضد أهل غزة غيرت الكثير من الحقائق، و منحتنا القدرة على التمييز بين السياسيين و الدجالين، و لن يزايد أحد على الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، لأن كل ما يستطيعه هو السماح بإذاعة أغنية “الحلم العربي” على القنوات الرسمية، و لأن قناعته أن الدولة الوحيدة التي في متناول الجزائر هي البرتغال….

         و لن ألوم قطر التي يخرج من قواعدها كل صباح طائرات شحن عملاقة أمريكية تنزل بالمساعدات إلى تل أبيب لإغاثة الشعب الإسرائيلي، بينما تعجز الدوحة عن إيصال كلمة طيبة لأهل غزة، … و لن ألوم تركيا التي تبيع إسرائيل خرائط مسارات تحركات قادة “حماس” في الشرق الأوسط و أوروبا منذ بدء الحرب…، و لن ألوم مصر على رفضها بفتح المعابر، خوفا من تكرار ما جرى في لبنان و الأردن يوم حمل اللاجئون الفلسطينيون السلاح ضدهم…، بل سألوم هذه القومية العربية المريضة، التي تصنع نكباتنا و لا تغنينا عن المآسي، سألوم الصحفي و المعلق الرياضي الجزائر “الدراجي” الذي تجاهل مواقف قطر حيث يعيش، و تأسف على ما يجري من تضييق ضد الحريات في الجزائر، لأن قصر المرادية و ثكنة “بن عكنون” رفضوا الترخيص للمظاهرات…، رفضوا منح الجزائريين متنفسا لمشاعرهم ضد ما يشاهدونه من موت في الشرق، لدرجة أن “حفيظ الدراجي” تأسف على “بوتفليقة” ليس لأن الرئيس الراحل وجه جيش الجزائر يوما لنصرة قضية عربية، بل لأنه كان يمنح الجزائريين حقوقهم في التظاهر، و الذي سلبهم إياه “تبون”.

         ما حصل لـ “حماس” في غزة من خذلان، عشنا تفاصيله كشعب صحراوي منكوب قبل محرقة غزة بشهور طويلة، و لو أن “حماس” طلبت المشورة لقلنا لها أن جل المعسكر الشرقي في جيناته الغدر و لا يفي بوعوده، و إلى اليوم لم يتعاطف معنا أحد و نعيش الفقدان بشكل يومي، و لا يعرف أحد بمآسينا، و حتى الحليف  الجزائري الذي دفع بقيادتنا إلى آتون معبر الكركرات، و أفتى عليها بإغلاق الطريق، و تهديد مصالح دول بيدها الحل و العقد داخل مجلس الأمن، عاد خطوات إلى الوراء حتى لم نعد نرى له ظلا، و تركنا لمصيرنا و لولا لطف الأقدار لكانت حربا شاملة و غير متكافئة، و الدليل على عدم تكافئها أن البيت الأصفر المغدور، منذ قرر اسئناف الكفاح المسلح، و هو يواجه مسيِّرة واحدة و كأن المحتل جعلها وقفا لوجه محاربة جيشنا الشعبي دون رحمة.

         رغم كل هذا القلق من الحليف و عدم جاهزيته للقتال في حرب تخصنا كشعب صحراوي، فإننا نلتمس الأعذار للرئيس الجزائري، خصوصا  بعد زيارته إلى روسيا، حيث اكتشف متأخرا أن أمريكا ليست ما يراه و يسمعه في الإعلام، و أنه قوتها ليست مجرد ورقة خضراء سحرية تدعى الدولار، و بعض الأسهم في البورصات…، بل اكتشف أنها مثل الظلام، مخيفة و تكره من يقترب من مصالحها التي توجد حتى في الأقبية أسفل قصر المرادية،…. اكتشف أن أمريكا منتشرة في كل شيء لدرجة أنه  يعاني من فوبيا أمريكا بعد عثرته بموسكو، و المصيبة أن الرئيس “بوتين” اشتم رائحة خوف “تبون” و قرر منعه من دخول “البريكس”، و أهانه عبر تصريح لوزير خارجيته “لافروف”، و هذا ليس كلامي، بل كلام المحللين الاستراتيجيين، استنادا إلى  ما جاء في تقارير “الواشنطن بوسط” بعد رفض “البريكس” ضم الجزائر.

         نختم هذا المقال بخبر أخير عن الإعلام الإسرائيلي الذي قال بأن مصر أرسلت قبل أسبوع من هجوم “حماس” على مستوطنات غلاف غزة وفدا للقاء قيادات فلسطينية، و حاولت بكل الطرق إقناعهم بعدم فعلها، لكن حجم الإصرار كان كبيرا من “حماس”…، مصر لم تكتفي بمحاولة ثني “حماس” عن الهجوم،  بل حذرت إسرائيل من المغامرة التي تستعد لها الكتائب، و تل أبيب بدورها تجاهلت التحذيرات و رفضت الضغط على “حماس” لثنيها، و حتى أنها لم تفكر في تنفيد اعتقالات أو اغتيالات لمنعها من الهجوم بل تركتها تنهي ما عزمت عليه…، هذه الحقائق تؤكد أن الجميع كان يسعى لهذه الحرب التي يدفع ثمنها الشعب الفلسطيني، و فاتورتها لن تسلم منها حتى الشعوب العربية الحزينة و الغاضبة و الموجوعة.

 

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد