هل يُفكّر “ماكرون” فعلا في تبني موقف مشابه لما فعله “ترامب” بخصوص القضية الصحراوية لإنهاء أزمته مع الرباط ؟ ….!!
بـقـلـم :بن بطوش
يقول الروائي الروسي الأنيق “دوستويفسكي”و هو يجيب عن أحواله: “أخاف أن أُخبرك أني بخير فتتمنى لي دوامه… فيتخلّد بؤسي”،… و أنا أقول لمن يسأل عن مستقبل قضيتنا الصحراوية و حظ شعبنا من هذا الكوكب الأزرق، أننا لسنا بخير و حال قضيتنا يختزله قول الشاعر السوداني “إدريس جمّاع”:”إنّ حظّي كدقيق ٍ… فوقَ شوكٍ نثروهُ … ثمّ قالوا لحُفاةٍ … يومَ ريح ٍ إجمعوهُ … صعُبَ الأمرُ عليهمْ … قلتُ يا قوم ِ اتركوهُ … إنّ من أشقاهُ ربِّي … كيفَ أنتم تسعدوهُ؟”
فلا يوجد أحد فوق وجه الأرض يستطيع إسعاد الشعب الصحراوي اليوم، لأن قضيتنا لم تكن قبل اليوم في وضع محزن كما هي اليوم، و كأن العالم اتفق على نبذنا، حتى الصُّدف خذلتنا و لم تعُد تخدم اجتهاداتنا … إن وجد بين قادتنا مجتهد… !!، ذلك أن صورة غير بريئة وضعها وزير الخارجية الأمريكي “بلينكن” على حسابه بمنصة X، ساعات بعد نشر وكالة “سبوتنيك” الروسية لحوار أجرته مع الأخ القائد “إبراهيم غالي”ن الذي توسل خلاله موسكو أن تتكرم بدعوته و استقباله إحياءا لعهد اليساريين القديم.
الصورة يظهر فيها “أونتوني بلينكن” و هو يصافح الرئيس البرازيلي داخل مكتبه الرئاسي بالعاصمة برازيليا، و في خلفية المكتب وضعت خارطة العالم و بها تقسيم دول القارة الإفريقية، و يظهر في شمالها خارطة المغرب دون خط يميز بينها و الصحراء الغربية…، المشهد بين وزير خارجية أقوى دول العالم و رئيس أقوى دولة في أمريكا الجنوبية من داخل مكتب هذا الأخير لا يمكنه أن يكون بريئا أو حادثا فوتوغرافيا عشوائيا؛ ليصبح السؤال: ماذا يحدث للقضية الصحراوية…؟؟؟، لأنها صورة داخل مكتب الرئيس البرازيلي، و ليست مجرد صورة إشهارية بجدارية في شارع، أو رسما ولا هي بنقش في ساحة عمومية لفنان متطوع يمكنه أن يخطئ أو يصيب، بل المكتب الذي تتخذ فيه قرارات الوطن البرازيلي، و حيث يجتمع قادة البلاد و حيث يستقبل الرئيس أصدقائه من قادة العالم…، و به تظهر القناعة السياسية و الخيار الاستراتيجي لدولة البرازيل…، و الغريب أنه نفس المكتب الذي كان الرئيس البرازيلي – قبل أسابيع قليلة- قد استقبل فيه قائد الجيش الجزائري “سعيد شنقريحة”،… تخيل معي أيها القارئ الكريم كمية الحزن في قلوبنا كصحراويين و نحن نخضع تلك الصورة للتحليل و الفهم… !!
إن كنت أيها القارئ الكريم من بني جلدتنا و أحد من حَقَّ فيهم قول الشاعر السوداني: “إنّ من أشقاهُ ربِّي … كيفَ أنتم تسعدوهُ؟”، لا بد أن يتسع قبلك لمزيد من الحزن و الكسور؛ لأن الأصعب بالكاد نتطرق إليه و نفتح جراحه، ذلك انه فقبل أربعة أيام من وضع هذا المقال بين يديك، أصدرت الداخلية الفرنسية أمرا بمنع مسيرة جزائرية في شوارع باريس كانت موجهة لدعم العهدة الثانية للرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، و قال وزير الخارجية الفرنسي لتبرير المنع أمام وسائل الإعلام: “لن نسمح بعد اليوم بأن تكون شوارع باريس منبرا للإساءة للمغرب”، بينما رخصت باريس في اليوم الموالي لمسيرة قادها رئيس حركة”الماك” الانفصالية، “فرحات مهني”، و كانت كلها إساءة لرموز الجزائر و لقصر المرادية و لقضيتنا الصحراوية و رُفع فيها العلم المغربي و خارطة المغرب التي تبتلع الصحراء الغربية…
بهذا القرار تكون باريس قد أخلت الساحات لمعارضي النظام الجزائري و للمغاربة كي ينشروا قناعاتهم دون مضايقات، و يكون قصر الإليزيه قد أبدى، منذ الآن، عدم رغبته في دعم عهدة ثانية للرئيس “تبون”، و الذي أطلق حملته من منصة الصحفية الجزائرية بقناة “الجزيرة”، “خديجة بن قنة”، حين نشرت هذه الأخيرة تغريدة وصفها نشطاء جزائريون و سياسيون معارضون بأنها مستفزة لمشاعر الشعب الجزائري، و جاء فيها: ” أن عباس ابن فرناس عندما حاول الطيران كان بعمر 70 سنة، و أن ابن نصير عندما فتح الأندلس كان بعمر 79 سنة و ابن تاشفين عندما انتصر في معركة الزلاقة كان بعمر 74 سنة… !!“، في إشارة إلى أن الرئيس “تبون” و هو في عمر 78 سنة من عمره، يمكنه أن يقود الجزائر في ولاية ثانية لتحقيق الإنجازات و الفتوحات و الابتكارات…، بعدما أمضى عهدته الأولى لاكتشاف الحكم و استرجاع الملايير المنهوبة من “العصابة” و إجراء حوارات مع صحفيي “الشروق” و “الخبر” و “النهار”…
وسط هذا الكم من الأحداث المؤسفة لملف قضيتنا و للعلاقات الجزائرية الفرنسية، نشر قصر الإليزيه صورة للسيدة الأولى في فرنسا، “برجيت ماكرون”، رفقة أميرات المغرب الثلاثة، أخوات الملك، و نشر الديوان الملكي بالرباط بيانا قال فيه أنه بأوامر من ملك البلاد تم قبول دعوة السيدة الأولى في فرنسا لأميرات المغرب، و تم استقبالهن في القصر الرئاسي الفرنسي بحضور “ماكرون” الذي جاء لتحيتهم في مأدبة الغذاء…. و أضاف البيان الرئاسي الفرنسي أن قبل هذه المأدبة أجرى الرئيس الفرنسي مكالمة هاتفية مع ملك المغرب، في إشارة إلى أن القطيعة بين الرباط و باريس و رفض الملك الرد على المكالمات الرئاسية الفرنسية قد انتهت.
في اليوم الموالي، نشر الإعلام الفرنسي أن باريس مهتمة جدا بمشاريع المغرب في العمق الإفريقي، و ترى أن الدولتين أمام فرصة تاريخية للتعاون الكبير، و قال أحد المحللين الفرنسيين في برنامج اقتصادي بأن الشركات الفرنسية التي بقيت تعمل في دول الساحل، ضغطت بقوة على الرئيس “ماكرون” كي تستفيد من مبادرة الرباط التي منحت هذه الدول منفذا على الأطلسي… و باريس استجابة لرؤيتها و لمصالحها المشتركة مع المغرب منحت الضوء الأخضر لسفيرها في الرباط،”كريستوف لوكورتي”، كي يصرح للإعلام المغربي و الدولي، حيث قال في لقاء صحفي أن المغرب تغيّر كثيرا في العقدين الماضيين، و أن هذا التغيير لم يرافقه تغيير لـ “النظارات” من الجانب الفرنسي.
و أضاف السفير الفرنسي أن قبول التأشيرات للمغاربة زاد 100 مرة عن المعتاد و أن لا أحد لاحظ الأمر أو تحدث عليه، مع العلم، حسب قوله، أن المغرب هو الأول في قبول طلبات التأشيرات قبل الصين التي تتجاوز ساكنتها المليار نسمة، و ختم كلامه بأن “ماكرون”اعترف بخطأ قراره تقليص التأشيرات.
حسب خبراء فرنسيين فإن حديث السفير “كريستوف لوكورتي” عن تغيير فرنسا لـ “النظارات” فيه إشارة إلى قبول باريس بشروط الرباط، التي كانت تريد من قصر الإليزيه مراجعة شاملة للعلاقات بين البلدين في مجال الاستثمار و الثقافة و الأرشيف و قضايا الساحل و الصحراء و قضايا الهجرة… و أخيرا ملف قضية الصحراء الغربية، و التي قال عنها ملك المغرب في أحد خطاباته أنها القضية التي تعتبر النظارات التي يرى من خلالها المغرب علاقاته الدولية،… و قول السفير أن فرنسا “حان وقت تغييرها للنظارات”، فيه – للأسف- إشارة إلى أن باريس قريبا ستخرج بقرار سيقسم ظهر البيت الأصفر المريض و قد يكون مزلزل لقصر المرادية.
و زاد الخبراء في تحليلهم للوضع القائم و ما أسموه انفراجا في العلاقات بين الرباط و باريس، عبر كشف أن باريس في نهاية عهدة الرئيس الحالي “ماكرون” تسعى لتطيف الأجواء مع حلفائها و أصدقائها و معالجة كل القضايا الخلافية، و كان أول هذه الخطوات اعتذار الإليزيه من دولة الكاميرون في مشهد مذل لباريس، التي أرسلت مدير قناة TV5 من أجل تقديم الاعتذار للحكومة الكاميرونية، عقب بث القناة لإحدى لقاءات منتخب الكاميرون في الكأس الإفريقية التي نظمتها ساحل العاج و فازت بها، و وضعت القناة علم الحركة الانفصالية “امبازونيا” كعلم رسمي للمنتخب الكاميروني،… و بسبب ذلك الخطأ، استدعت السلطات الكاميرونية سفير فرنسا بياوندي، و احتجت عليه و هددت بقطع العلاقات مع باريس، و وصف الإعلام الكاميروني دولة فرنسا بأنها راعية الانفصال و الانقلابات و الثورات و الفتن في إفريقيا…، و ختم الخبراء كلامهم بأن الخاسر الأكبر من عودة العلاقات بين الرباط و باريس هي الجزائر.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة