Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

هل تستعد القيادة الصحراوية لإعلان وقف إطلاق النار بعد ثلاث سنوات و نصف من حرب الأقصاف غير المُجدية …؟ !!!

بقلم: القطامي

          السؤال الذي اخترته عنوانا لهذا المقال جاء في سياق الخبر أو بالأحرى الإشاعة المتداولة خلال الأسابيع القليلة الماضية  بين إخواننا اللاجئين بمخيمات  تندوف، حيث يجري الحديث عن كون القيادة الصحراوية تدرس حاليا إمكانية إعلان وقف إطلاق النار، بعدما اقتنعت بعدم جدوى الحرب التي تخوضها منذ 13 نوفمبر من سنة 2020 كرد فعل على نكسة الگرگرات، ضد جيش الاحتلال المغربي، و بعدما تأكدت بأن الحليف الجزائري لن يفي بالوعود التي قطعها للقيادة قبيل إعلان العودة للكفاح المسلح، بتمكين الجيش الصحراوي من عتاد عسكري متطور، و بكون الجيش الجزائري  لن يقف مكتوف الأيدي و سيجد المبرر للدخول  هو الآخر في حرب ضد المغرب.   

        الحديث عن نية القيادة الصحراوية وقف إطلاق النار بدأ  في منتصف شهر رمضان المنصرم،  مباشرة بعد العملية التي أودت  بحياة ثلاثة مقاتلين من الناحية العسكرية السادسة، من  بينهم  الشهيد “بودبودّة ولد حمّيدة”، الذي كان يشغل منصب قائد كتيبة، لكن الحديث أصبح أكثر رواجا  عقب اللقاء الذي جمع يوم 16 أبريل 2024 بالقصر الرئاسي بالجزائر العاصمة،  بين الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، و نظيره الصحراوي “إبراهيم غالي”، و الذي حضره  – عن الجانب الجزائري- كل من رئيس أركان الجيش  “السعيد شنقريحة” و مدير ديوان رئاسة الجمهورية “بوعلام بوعلام”،…. و عن الجانب الصحراوي “محمد سالم ولد السالك”، وزير مستشار مكلف بالشؤون السياسية،  و “محمد الولي اعكيك، رئيس الأركان، و “عبد القادر الطالب عمر”، سفير بالجزائر.

        فبمجرد انتهاء هذا الاستقبال، انتشرت إشاعة بين سكان مخيمات تندوف على أن حكّام الجزائر طلبوا من القيادة الصحراوية  بأن تُعلن عن وقف إطلاق النار، و هذا الكلام انتشر بشكل سريع و كبير بين اللاجئين  و الجالية الصحراوية المقيمة بأوروبا، حيث أفادني العديد من الإخوة و الأصدقاء المقيمين هناك بأن الفكرة لقيت ترحيبا في نفوس  اللاجئين، معتبرين أن الحرب التي أعلنتها القيادة الصحراوية لم تحقق أي نتيجة لصالحهم بل كانت كارثية  بكل المقاييس، حيث  لم  يعد للشعب الصحراوي أرض محررة؛ و فقد الجيش الشعبي  الصحراوي  العديد من مقاتليه و قيادييه، و تم تدمير الكثير من مراكزه و آلياته التي كانت تتواجد في الأراضي الصحراوية شرق الجدار الرملي لجيش الاحتلال…. بل إن النواحي العسكرية السبعة التي كانت تتقاسم تلك الأراضي و تتخذ مراكز بها (بير لحلو، دوگج، اغوينيت، امهيريز، ميجك، تيفاريتي) تراجعت كلها إلى قواعدها الخلفية بالقرب من الرابوني.

         كما تأثرت ساكنة مخيمات تندوف سلبيا من هذه الحرب، حيث تم إجبار “الكسّابة” الذين كانوا يعيشون في ما كان يسمى بالأراضي المحررة على إخلائها مما جعلهم ينتقلون بقطعان الماشية  و الإبل نحو الأراضي الموريتانية و هو ما أدى بالكثير منهم إلى فقدان عدد كبير من الرؤوس بسبب قلة المراعي و المنافسة مع الرعاة الموريتانيين.

          كما أن الحركة التجارية بين المخيمات و شمال موريتانيا تعرضت للشلل، بالنظر إلى خوف التجار  الصحراويين من العبور عبر الطريق الاعتيادية التي كانت تربط بين المخيمات و مدينة الزويرات الموريتانية، و صعوبة المسالك  و طول المسافة التي تربط الجزائر بموريتانيا، مما أدى إلى تدهور الحالة المعيشية  للعائلات الصحراوية بمخيمات تندوف، و قد لوحظ ذلك بشكل جلي خلال شهر رمضان المنصرم، حيث تراجعت القدرة الشرائية للغالبية من الأسر الصحراوية اللاجئة، في وقت عرفت المساعدات الدولية الغذائية تراجعا كبيرا و انعكس  هذا الأمر على الحصص الغذائية  التي يوزعها الهلال الأحمر الصحراوي و التي أصبحت لا تشمل إلا الدقيق مع بعض المعجنات و القليل من البقوليات و السكر و الزيت، و لم تنج نسبيا من هذا الوضع  المزري سوى العائلات التي تستفيد من تحويلات أفرادها المقيمين بالخارج.

         و قد أدى هذا الوضع إلى انتشار الجريمة بمخيمات تندوف بشكل غير مسبوق، من سرقة و تعاطي الدعارة و تعاطي الشباب للحبوب المهلوسة التي يتم تهريبها من موريتانيا، رغم محاولات القيادة الصحراوية فرض  القانون و السيطرة على الوضع، لكنها فشلت في ذلك و أصبح استعمال الرصاص بين عصابات المخدرات أمر شائع في المخيمات.

        و  حتى حدود الساعة، لم تؤكد القيادة الصحراوية إن كانت فعلا تنوي وقف إطلاق النار،  لكونها تتخوف من المحاسبة و من غضب العائلات التي فقدت فلذات كبدها في حرب متهورة، لكن القيادة – بالمقابل- تحاول أن تخلق الأجواء التي كانت سائدة قبل الحرب و لذلك فقد خفضت بشكل كبير من العمليات العسكرية، و نظمت من جديد بالمخيمات خلال الفترة الممتدة من 29 أبريل إلى 05 ماي 2024  مهرجان السينما “فيصحرا”   و استدعت له وجوها  تافهة من  عالم السينما و الفن بإسبانيا لتسلية اللاجئين و إلهائهم عن الخسائر الفضيعة بالحرب (سنعود لهذا الموضوع في مقال لاحق) … و تأمل ساكنة مخيمات تندوف أن تعود الأوضاع إلى سابق عهدها و أن يعود “الكسّابة” و عائلاتهم لممارسة الرعي و الاستقرار بالمناطق شرق الجدار الرملي و أن تفتح الطريق أمام التجارة مع موريتانيا.

         العارفون بأساليب القيادة الصحراوية يؤكدون بأن شائعة وقف إطلاق النار هي في الحقيقة قرار تم اتخاذه   لكنه لازال  مجمّدا و لم يتم بعد تنزيله، لكن تم تسريبه بهذا الشكل ككلام مقاهي  حتى يشيع بين المواطنين كنوع من استقراء الرأي،  موضحين بأن  القيادة – كلما عزمت على قرار معين-  تقوم بنشر الشائعات بين سكان المخيمات من أجل   معرفة أرائهم قبل الإقدام على أي خطوة، تفاديا للتداعيات السلبية التي قد تنجم على تنزيله.

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد