بقلم: الغضنفر
لطالما فكرت أن أرمي قلمي بعيدا عني متناولي و أن أعتزل نهائيا الكتابة عن قضيتنا و عن الوطن والمستقبل، و أن اكتفي بما أخوضه مع الخائضين حول كؤوس الشاي من أحاديث سفسطائية عن مسار الثورة الصحراوية و إنجازات قيادتنا و عن استقلال وطننا الذي بات قوسين أو أدنى؛ بما أن الحليف الجزائري ظفر بمنصب نائب رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي… !!، و أن أسعى لأتبلد فكريا و أن أتدجَّن سياسيا ما استطعت لذلك سبيلا، لعلّي أحظى ببعض السلام الروحي؛ ذلك أنني أصبحت مقتنعا بأنني كمن يسكب الماء في الرمل، بعدما كنت أظن أنني لا اكتب حبا في الكتابة بل أحمل بين أناملي مصباحا يُنير لقيادتنا الزوايا المظلمة و خبايا تدبير ملف الأرض المحتلة من خلال فضح بؤس و فساد بعض ممتهني النضال، لكني اكتشفت مع توالي السنوات بأن القيادة الصحراوية لا تسعى و لن تسعى لتغيير هذا الواقع المتردي، بل ستواصل الاستثمار فيه بما أن “الهنتاتة” هم جزء من هذا الفساد.
و لعل مجرد الانتباه و تحليل ما يحدث بالمدن المحتلة من تطورات كاف لنا للوقوف على هذه الحقيقة المرّة بأن منظومة نضالنا باتت مشلولة و أن الجبهة الداخلية تتآكل لصالح مخططات المحتل المغربي، كان آخرها ما حدث خلال الأسبوع الأخير من شهر فبراير الماضي، من مظاهر البؤس و الارتجال و النضال المزيف التي طبعت تحركات بعض النشطاء الصحراويين تخليدا لذكرى إعلان تأسيس جمهوريتنا، بالتزامن مع زيارة رئيس مجلس الشيوخ الفرنسي، “جيرار لارشيه”، للمنطقة لتأكيد موقف بلاده الداعم للرباط بخصوص القضية الصحراوية.
فمن جهة أظهرت مشاهد الاستقبال الذي خصص للوفد الفرنسي ، خصوصا خلال مأدبة العشاء، حضورا مكثفا للصحراويين، فاق الـ 1200 شخص، على رأسهم منتخبون و أعيان و شيوخ صحراويون لا يمكن أن ننكر مكانتهم و لا تأثيرهم السياسي و العشائري، …. و للأسف كان من بين الحضور العديد من الوجوه التي كانت محسوبة – إلى عهد قريب – على الساحة النضالية بالأرض المحتلة و بالخصوص مناضلون من “تنسيقية ملحمة اگديم ازيگ للحراك السلمي”،… و هذا تحول خطير في القناعات السياسية يمكن تفسيره بأنه نتيجة منطقية للوضع الحالي لقضيتنا الذي بات يميل كثيرا لصالح دعم أطروحة الرباط، و توالي الانتكاسات التي تكبدتها قضيتنا الصحراوية في السنوات الأخيرة، بسبب انكماش قيادتنا الحالية على نفسها، و تركها زمام المبادرة في الملف للحليف الجزائري، الذي أبان منذ تولي الثنائي “شنقريحة- تبون” مقاليد الحكم، بأنه نظام يجتهد في الفشل للشعبين الجزائري و الصحراوي.
من جهة ثانية، كان من المفروض أن يكون الأسبوع الأخير من شهر فبراير مناسبة لإحياء روح النضال الميداني للاحتفال بالذكرى الـ 49 لتأسيس جمهوريتنا الصحراوية، من خلال تنظيم الوقفات الاحتجاجية بالشارع العام، خصوصا و أنه تزامن مع زيارة الوفد الفرنسي، لكن لا شيء من ذلك حصل، رغم أن بعض الوجوه الاسترزاقية المألوفة لقوات القمع المغربية بمدينة العيون المحتلة، فشلت في تنظيم خروجها للشارع للاحتجاج، على رأسهم كل من “لحسن ذليل” و “محمد دداش” و “حسنّا الدويهي” و “الصالحة بوتنگيزة” و آخرون، الذين باتوا ينشطون باسم ما يسمى “آلية التنسيق بالأرض المحتلة”، و هو الإطار الذي نصحت به قيادتنا الصحراوية في محاولة لتدارك سلبيات سياسة تفريخ الإطارات الحقوقية، و هي بذلك تطبق المثل القائل:”الغباء هو فعل نفس الشيء مرتين بنفس الأسلوب ونفس الخطوات وانتظار نتائج مختلفة”؛ إذ لا يمكن انتظار تغيير في منظومة النضال بنفس الوجوه التي ساهمت في انحطاطها.
باقي مظاهر الاحتفال بذكرى تأسيس جمهوريتنا يمكن تشبيهها بالمثل المغربي “التقلاز من تحت الجلباب”، من خلال الاكتفاء بنشر مقاطع الفيديو على مواقع التواصل الاجتماعي، و التي توضح بجلاء واقع الشلل الذي تعيشه منظومة النضال بالأرض المحتلة و محدودية الأفراد و الفكر النضالي بالجبهة الداخلية، و هذه المقاطع التي تم نشرها لذر الرماد في العيون و إعطاء الانطباع بوجود حراك ميداني هي:
– مقطع فيديو لثلاث نساء صحراويات بمدينة السمارة المحتلة في ساعة متأخرة من الليل (في الغالب عند الفجر لان صياح الديك كان مسموعا) و هن يحاولن عدم إثارة الانتباه لينثرن على الأرض بعض المناشير التي تحمل العلم الصحراوي، و حسب ما تبين فإن من النسوة الثلاثة “ميلد منت خطري”، المحسوبة على جماعة زير النساء “حمادي الناصري”، التي نشرت مقطعا على حسابها بخاصية “ستوري”.
– شاب صحراوي بمدينة العيون المحتلة، اسمه ” ابريكة باهي”، غير معروف، بدأ ينشط مؤخرا على “التيكتوك”،ظهر في أحد المقاطع و هو يقوم ليلا بنثر بعض المنشورات على الأرض و برمي العلم الصحراوي في الهواء ليعلق بالأسلاك الكهربائية ثم يدخل بسرعة إلى منزله…. و بعدها بيومين يخرج في فيديو ليدّعي بأنه تعرض للاختطاف و التعذيب من طرف فرقة قمعية و يكشف لنا عن عورته التي قال بأنها نالت النصيب الأكبر من الضرب عليها… و المؤكد أن هذا الشاب يحاول منذ مدة رفع نسبة المشاهدات على حسابه من خلال الدخول في مشاداة مع بعض الصحراويين خلال بثه المباشر على قناته.
– مقطع فيديو لسبعة شبان بمدينة الداخلة المحتلة، من بينهم “صالح الدليمي” و “حمدي اغرميش” و “حسن الزروالي”، و هم مجتمعون بمنزل عائلة هذا الأخير، و يحاولوا تضخيم الحدث من خلال تكثير الأعلام الصحراوية بالمكان …. و مقطع فيديو آخر لتسعة نسوة بمدينة بوجدور المحتلة، من بينهن “هدى باگنا” (عشيقة مدير مكتب كناريا) و “امباركة الحافيظي” ، و هن مجتمعات بمنزل “أم لمنين الخراشي”.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك