بـقـلـم : بن بطوش
يدفعنا الخوف و القلق أيها الكريم للتفكير و بعنف مفرط، في مصيرنا المشترك؛ لأننا الآن و في هذه الظروف نحن غير مستعدين للانهيار، و لا نمتلك رفاهية الحزن و التباكي على ضياع مشروع نصف قرن من الشهداء…، و قلقنا أيها القارئ الصحراوي الكريم، ليس نتيجة توقع مصير قضيتنا أو مآلها فحسب، بل بسبب أمر غريب، هو الطمأنينة التي يُسوِّق لها “الهنتاتة” و نجدها لغة موحدة في كلام و أفكار و سلوكيات زبانية الرابوني،… قلقنا هو نتاج الصدمة التي خلفتها قدرة غربان البيت الأصفر على السفر للاستجمام و قضاء عطلة العيد بين نواكشط و مدريد و الجزائر العاصمة و مونت لا جولي في فرنسا… رغم خطورة الظرف الدقيق الذي يمر بقضيتنا…، ارعبني سلوك “إبراهيم غالي” و هو يمشي مكسورا و وجهه إلى الأرض، و صمته و عدم قدرته حتى على الابتسام أو الغضب أو الصراخ أو حتى الشكوى من الذين يزعجونه في الطريق أو أمام مكتبه بالشهيد الحافظ…، لقد ظهر في صلاة العيد جسدا بلا روح، و كأنه رجل آخر غير الذي نعرفه، و المصيبة أن ثمة من أسر إلينا بأنه تمنى – في آخر اجتماع مع “الهنتاتة”- أن لو لم يكن رئيسا للدولة الصحراوية.
منذ عودته من قصر المرادية في رحلة جوية بالدرجة الاقتصادية و الرجل قليل الكلام حسب مقربيه، يتألم من الكلام الذي سمعه بأن القوى العظمى اتفقت على حل الملف الصحراوي حسب الرؤية المغربية و أن الجزائر ليس لها القدرة لمنع هذا الأمر، و يتألم كذلك من المرض دون أي يطلب من القيادة الجزائرية نقله للعلاج، و أن رفضه الاتصال بالقيادة الجزائرية ليس ترفعا و لكن خوفا من عنفهم اللفظي و رفضهم طلبه، صدقوني…، من نقل لنا الخبر أقسم أن قصر المرادية لم يعد يعامله بما يليق به كرئيس لدولة، بل توجه إليه الأوامر في الهاتف و يغلق في وجهه الخط دون احترام…، و ما أعنف مشاعر الخيانة، حين تتكئ على الحائط الذي ألفت منه السند، فتجده هشا متصدعا، و لا يملك لك ضرا و لا نفعا… !!
في هذا الجزء سنكمل تقريرنا عن قرار الحرب ضد الرباط الذي كان”سعيد شنقريحة“، كبير الجيش الجزائري، لا يتوانى عن الجهر به في الاجتماعات مع قادة النواحي العسكرية في الجزائر، و كان متحمسا له كثيرا، لدرجة أن تقريرا روسيا صدر عن خبراء موسكو الإستراتيجيين، بعد إعلان الكريملن سحب فيلق “الذراع العسكري” من مالي بالتزامن مع عيد الأضحى، حيث قالت وكالات الأنباء الروسية و الآسيوية نقلا عن الإستراتيجيين الروس، بأن الجزائر كانت تفكر فعلا في إشعال حرب مع الرباط، و أن سبب تأخرها في القرار هو عدم حصولها على تكنولوجيا عسكرية متفوقة تضمن لها حسم المعارك لصالحها، و أيضا بسبب عدم معرفتها الكاملة و الدقيقة بالترسانة المغربية، و بسبب ما خلفته تمارين “الأسد الإفريقي”، التي كانت خلالها الجيوش المشاركة، و على رأسها الجيش الأمريكي، تعطل رادارات بطاريات الـ S-300 الجزائرية قبل تنفيذ التمارين الجوية، لمنع أي حادث مع الجيش الجزائري.
تصريح الخبراء الروس هو بمثابة شهادة لصالح جيش الاحتلال المغربي، تكشف مدى غضب الروس من النظام الجزائري، و تزكي تفوق الجيش المغربي على نظيره الجزائري و تُعري مخاوف القيادات العسكرية الجزائرية، و تظهر ما كان يدرسه الجزائريون من مخططات لإشعال المنطقة، و هذه التصريحات هي تعبير عن الغضب الروسي من تصرفات الجزائر ضد فيلق الذرع الروسي و قوات “الفاغنر” في مالي، و التي انسحبت بعدما نجحت أوكرانيا في إدخال مُسيِّرات إلى عمق روسيا، يصعب رصدها من طرف كل الرادارات الدفاعية، و نفذت بها هجوما على المطارات الاستراتيجية و عطلت بها كل الدفاعات الروسية و حتى القاذفات الاستراتيجية أخرجتها من الخدمة، و لم تستطع التحليق لرد الهجوم بسبب التخريب الذي تسببت فيه المُسيرات الأوكرانية، و التي تم تجريبها في تلك الحرب ضد الأهداف الروسية من طرف المصانع الغربية، لأن ساحة الحرب الأوكرانية اليوم تعتبر أفضل مكان لتجريب الأسلحة المتطورة بها.
الخبراء الروس بتسريبهم رغبة “شنقريحة” لإشعال المنطقة لم يجانبوا الحقيقة، بل فقط أكدوا ما سربه الإعلام الأمريكي و ما عرضته التقارير الفرنسية على البرلمان الأوروبي، و ما جاء في الإعلام العبري، و الذين أجمعوا بأن الجزائركانت تخطط لحرب محدودة و خاطفة تجعل الرباط تدفع كل ثمن أخطائها في الماضي و الحاضر تجاه الشعبين الجزائري و الصحراوي، خصوصا بعد أزمة الگرگرات، و أن الدفع بالجيش الشعبي الصحراوي بأسلحته البدائية لافتعال مناوشات عسكرية مع الجيش المغربي ، ما هو إلا مقدمة لهذا المخطط من خلال جعل الجيش المغربي يحدث مجزرة في صفوف الجيش الصحراوي لتكون ذريعة لتدخل الجيش الجزائري،… لكن ما لم يكن في حسبان الاستراتيجيين العسكريين الجزائريين سنة 2020 و 2021، هو أن المحتل المغربي تمكن من تحديث جيشه و أن النظم الدفاعية لديه أصبحت طبقية و لها مستويات يجب تجاوزها قبل الوصول إلى فيالق جيشه لتحقيق المواجهة المباشرة، و افتعال حرب معها.
فإعلان الجيش الشعبي الصحراوي في 13 نوفمبر 2020 خروجه من اتفاق وقف إطلاق النار، حرر الرباط و فك قيود جيشها الذي جهز سلاح المسيرات و أطلقها في الفضاء تنفذ الإعدامات في حق المقاتلين الصحراوين، و كان بين الفينة و الأخرى يسمح لبعض المقاتلين الصحراويين بالتقدم، حتى تتأكد عناصر الأمم المتحدة بأن العربات التي تستهدفها المُسيرات ليست مدنية و أنها تعود لمقاتلي الجيش الصحراوي، و على متنها قذائف و صواريخ و بمدى متوسط تستهدف بشكل عشوائي الجدار الرملي للجيش المغربي و ما وراءه.
عجز المقاتلين الصحراويين عن استدراج الجيش المغربي للمواجهة المباشرة، و عدم تردد الرباط في استهداف حتى الشاحنات الجزائرية المدنية العابرة للأراضي المحرمة، كشف للجيش الجزائري أن الرباط لا تخشى المواجهة العسكرية، و سنة 2023 بلغت رغبة “سعيد شنقريحة” في بدأ الحرب ذروتها، بعد عزله الجنرالات المعارضين للحرب و على رأسهم الجنرال “محمد قايدي”، الملقب بـ “المنجل”، الذي شكك في رواية الجيش بخصوص استهداف الشاحنتين الجزائريتين في الأراضي المحرمة، لكن قصر الإليزيه سيتدخل و يقدم لكبير الجيش الجزائري نصيحة عسكرية تدعوه لعدم المجازفة أمام الرباط، و تم إخباره خلال زيارته إلى باريس بأن المغرب يمتلك تسليحا سيكرر نتائج حرب كرباخ، و أن التسليح الروسي سينهار أمام التفوق التكنولوجي للسلاح الأمريكي و الإسرائيلي، كما انهار في الصدام العسكري بين الجيش الأرميني و الجيش الأذربيجاني.
و في سنة 2024 انتهت أحلام “شنقريحة” في الحرب بعد نجاح الرئيس الأمريكي “دونالد ترامب”، الذي سارع مع عودته إلى البيت الأبيض إلى فتح خزائن السلاح الأمريكي أمام الرباط، فيما أغلقت روسيا باب مصانعها في وجه الجيش الجزائري… و المثير للخوف، أن الإعلام الأمريكي يتحدث عن محاولات من قصر المرادية، و بكل الوسائل لإرضاء الرئيس الأمريكي، و إقناعه بزيارة الجزائر، بعدما نقلت السفيرة الأمريكية بالجزائر غضب الرئيس “ترامب” من تورط النظام الجزائري في دفع ملايين الدولارات إلى شركة اللوبينغ الإسرائيليةBGR من أجل تمويل حملة منافسته في سباق البيت الأبيض “كامالا هاريس”، بشكل مباشر… !! … (يـــتــبــع)
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك