بعد عودته من باريس، و بينما المحتل المغربي في واحدة من أسوء الأزمات التي خاضتها مع مدريد بسبب ما أصبح يعرف إعلامية بقضية “بن بطوش”، يقوم وزير خارجية موريتانيا “اسماعيل ولد الشيخ” بزيارة إلى الرباط، و هو يحمل رسالة من الرئيس الموريتاني “محمد ولد الغزواني” إلى ملك المغرب، لم تكشف وسائل الإعلام و لا دبلوماسية البلدين عن فحواها، فيما وضعت عدة منابر دولية ناطقة باللغة العربية و في مقدمتها “فراس24” قراءات للمضمون، و ربطته برغبة دولة موريتانيا في الاستفادة من تجربة الرباط في التنمية، و أن “ولد الشيخ” جاء يحمل مجموعة من الطموحات الموريتانية لتعزيز الروابط بين البلدين.
هذه الزيارة تأتي بعد حملة إعلامية على وسائل التواصل الاجتماعي و الصفحات غير الرسمية للبلدين، جعلت معظم المتتبعين يظنون أن الرباط و نواكشوط على خلاف عميق بسبب أزمة شبه جزيرة لكويرة، و التي بدأت الرباط الاهتمام بها و أعلنت عبر إعلامها الرسمي أنها تسعى لإعمارها و إنشاء ميناء بها، متخصص في التجارة البينية مع الدول الإفريقية و الأمريكية، و هو الأمر الذي يهدد ميناء نواذيبو التجاري و يجعل الاقتصاد الموريتاني تحت رحمة الرباط…، غير أن نزول “إسماعيل ولد الشيخ” بالرباط و الحفاوة الكبير التي استقبل بها من طرف نظيره المغربي، جعلت جميع التكهنات بتأزم العلاقة بين البلدين تتبدد، و هو ما ينذر بتقارب جيو-سياسي حقيقي بين الرباط و نواكشوط، قد يشكل تهديدا لمصالح الحليف الجزائري، و أيضا قد يضرب كل طموحات قيادتانا الصحراوية في المنطقة.
و بخصوص القراءات المحتملة لهذا التقارب و تأثيراته على الوضع بالساحل و المغرب العربي، فإن الرأي العام الموريتاني يتوقع أن تتوجه نواكشوط لسحب اعترافها بجمهوريتنا الصحراوية، حيث يرى المتتبعون الموريتانيون بأن العلامات الأولى لهذا القرار بدأت في الظهور مع الندوة التي عقدها تنظيم “منتدى الأواصر للتحاور”، الذي يرأسه الإعلامي “عبيد ولد ميجن”، و حضرها كبار المفكرين و الأكاديميين الموريتانيين بالعاصمة، الذين ناقشوا الواقع الأمني و الاستقرار السياسي و التحديات الجيو-استراتيجية في القارة الإفريقية و قضية الصحراء الغربية، حيث وجه بشكل مفاجئ كل المفكرين المشاركين في الندوة دعوة إلى النظام الموريتاني لمراجعة الاعتراف بالدولة الصحراوية، و أضافوا: “أن موقف نواكشوط يجب أن تراعي مصالح الدولة الموريتانية و أن تخدم أهدافها بشكل عام”.
زيارة “ولد الشيخ” إلى الرباط بعد تأجيلها في عدة مناسبات، كان آخرها بسبب محاولة موريتانيا لعب دور الوساطة بين القيادة الصحراوية و المحتل المغربي، بعد أزمة الكركرات التي ضمنت للمحتل امكانية التمدد جنوبا في الأراضي الصحراوية المحررة المحادية للحدود الموريتانية، و شرقا في المحبس و باقي النواحي، و رفض الرباط لكل أشكال الوساطات من أجل تقريب وجهات النظر مع قيادتنا بالرابوني، و اشتراط الرباط الجلوس مع القيادات الجزائرية مباشرة لحل الأزمة، بناءا على نظرتها التي تتبنى توجيه اتهامات للجزائر بأنها هي الطرف الحقيقي في المشكل لضرب مصالح الرباط.
عن طاقم “الصحراءويكيليكس”
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك