Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

تونس تقطر الشمع على قصر المرادية بعد اعتقالها رجل الجزائر “الغنوشي” و قبولها تعيين مغربية كممثلة للاتحاد المغاربي بإفريقيا

بـقـلـم : بن بطوش

      لست أدري من أين أبدأ هذا المقال، هل أنطلق من الحرب السودانية و دروسها؟ أم من الصفقات العسكرية التي أجازتها أمريكا للرباط و ستزيد من توتير الوضع و تحريفه عن المسار لصالح المحتل المغربي؟ أم من التسريبات الأمريكية التي تتحدث عن تورط مصر في صناعة صواريخ لروسيا؟ أم من التواطؤ الإسباني الأوروبي مع الرباط ضد الشعب الصحراوي و وصف “سانشيز” للمغرب بالصديق الموثوق؟…، أم من اختفاء أخبار الدولة الصحراوية و القيادة طيلة هذا الشهر الكريم رغم أنه كان هناك اجتماع مجلس الأمن ليبث في مصيبتنا؟…

      كَثُرت المواضيع و عَسُر علينا نقاشها،حتى أصبح حالنا كحال أولئك المواطنين السودانيين الثلاثة  الذين ظهروا في مشهد تناقلته القنوات العالمية، و قد افترشوا الأرض في أحد شوارع الخرطوم و جلسوا يتابعون عن كثب القتال بين الجيش السوداني و قوات “الدعم السريع” و لا ينقصهم غير كيس المكسرات و مشروبات غازية و نظارات ثلاثية الأبعاد…، و كأنهم أمام مشهد سينمائي تصويري، كانوا جالسين يتبادلون أطراف الحديث و يشيرون بأصبعهم إلى الاقتتال الذي تدور أحداثه على مسافة قريبة منهم، دون الخوف من رصاصة طائشة أو شظية متطايرة أو قذيفة أخطأت هدفها أو قصف جوي عشوائي…

      سلوك  هؤلاء السودانيين و جلوسهم وسط الطريق يحللون ما يجري أمام أعينهم و كأنهم يتابعون مباراة لكرة القدم على شاشة تلفاز عملاقة، غير آبهين بمخاطر التواجد في ساحة الحرب، يؤكد أحد أمرين؛ إما أن اليأس سافر بهم إلى مستوى يجعل الموت و الحياة على صعيد واحد في قلوبهم، أو أنهم أكثر فهما لهذا الصراع من كل السياسيين العرب، و يعرفون أن تلك الحرب لا تخصهم كسودانيين و لا تخص الوطن السوداني، رغم أن مسرحها و أدواتها و ضحاياها من السودان الجريح، و أنها صراع بين قوى دولية كبرى بهدف تصفية بعض الحسابات التي لم تحسم في  مستنقع أوكرانيا، و توجيه رسائل إلى دول بعينها كمصر و العربية السعودية و قطر و الإمارات و إيران…، و هذا ملف حين تكتمل أوراقة سنقدمه لكم على طبق من التحليل و التفصيل.

      قبل أيام أصدرت الخارجية الجزائرية بيانا يدين تعيين المغربية، “أمينة سلمان”، كممثلة للاتحاد المغاربي لدى الاتحاد الإفريقي، بعدما استقبلها “موسى فقي محمد”، رئيس مفوضية الاتحاد الإفريقي بشكل رسمي، و قبل باعتماد أوراقها كممثلة لتكتل اقتصادي مهم يمثل شمال إفريقيا، و هو الأمر الذي لم تستسغه الدبلوماسية الجزائرية التي علمت به كباقي الرأي العام المغاربي عبر وسائل الإعلام، و لم يتم إشراكها في القرار، نتيجة تغيبها عن الاجتماعات المرتبطة بأجندة الاتحاد المجمد منذ سنوات، و عدم إيمانها بجدوى هذا الاتحاد، ظنا من النظام الجزائري أنه عنصر القوة داخله و أنه من يمتلك أسرار سيره و توقفه.

      تعيين “أمينة سلمان” تسبب في غضب عارم داخل قصر المرادية، بعدما ثبت له أن مخابراته و أجهزته السرية لا تتابع الشأن المغاربي و لا تعلم غيب هذا الاتحاد، و أن أسراره أصبحت تخزن خارج نفوذ الدولة الجزائرية الحديثة، لذلك جاء بيان الخارجية الجزائرية يحمل نبرة التعالي المعتادة، و تضمن عبارات شتم و سب لشخص رئيس مفوضة الاتحاد الإفريقي، “موسى فقي محمد”، الذي  تم وصفه بالمتهور و الطائش، مثلما اتهم رئيس الاتحاد المغاربي، التونسي “الطيب البكوش”، بخدمة أجندة البلاد التي تحتضن مقر الاتحاد المغاربي.

      البيان الذي لم ترد عليه مفوضية الاتحادالإفريقي و لا الرئاسة التونسية التي تحوز قيادة المغرب العربي هذه المرة، بل رد عليه “اتحاد المغرب العربي”،  الذي فتح جراح الجزائر بعدما ذكرها بأنها سبق و أن راسلت “طيب البكوش” بصفته رئيسا للاتحاد و اليوم تطعن في صفته، و أن آخر مراسلة كان فيها ردا لتهنئة بمناسبة الشهر الفضيل، لكن رئاسة الاتحاد المغاربي لم تفوت الفرصة لتقطر الشمع على النظام الجزائري، و تطالبه بتسديد ديونه و متأخرات الدفع التي بذمته منذ سنوات، و تذكره بضرورة المشاركة في الاجتماعات و عدم الاحتجاج حين التغيب عنها.

      المشكلة أن الحليف الجزائري لا يستطيع التخلص من نظرية المؤامرة، منذ أن أمسك “تبون” بزمام السلطة، بل زاد في تكريسها و جعلها ديدن النظام و مذهبه الدبلوماسي مع جيرانه، خصوصا و أن قصر المرادية من خلال بيانه أراد أن يتهم تونس و الرباط بالتآمر على المصالح الجزائرية في المنطقة و داخل الاتحاد الإفريقي الحزين، ظنا منه أن الجفاء الحاصل في العلاقات بين تونس و الجزائر منذ أزمة “بوراوي”، دفع قصر قرطاج إلى التواصل سرا مع النظام المخزني  و رأب الصدع معه لمعالجة حادثة استقبال”قيس السعيد” للقائد الأخ “إبراهيم غالي” خلال قمة “تيكاد”، و أن تونس حاليا تقود حملة تصفية داخلية على كل الموالين للنظام الجزائري، خصوصا بعد التصريحات الأخيرة للرئيس “تبون” على قناة “الجزيرة”،  التي قال فيها أنه لا يهمه “قيس سعيد”، و إنما هو معني بالشأن التونسي و سيمنع انهيار تونس، في محاولة منه لتصوير دولة تونس كمحمية جزائرية لا يمكنها أن تحظى بالاستقرار بعيدا عن الجزائر.

      فآخر عمليات تصفية للنفوذ الجزائري داخل تونس، تمثلت في اعتقال “راشد الغنوشي”، أمير “حركة الإتجاه الإسلامي”، التي تخوض في العمل السياسي تحت اسم “حركة النهضة”، و ذلك بعد تصريحات  هذا الأخير التي وصف فيها “قيس السعيد” بالانقلابي، و  كان هذا الخروج  الإعلامي  مباشرة بعد اللقاء الصحفي الذي عقده الرئيس التونسي السابق، “منصف المرزقي”، الذي وصف بدوره “قيس سعيد” بالانقلابي و المغتصب للسلطة و الدكتاتور الجديد لإفريقيا…

      لكن السلطات التونسية اعتقلت  فقط “الغنوشي” و أغلقت مقر “حزب النهضة” و فروعه الدعوية و لم تهتم بـ “المرزوقي”، و هو الأمر الذي دفع العارفين بالأمور السياسية إلى إتهام “قيس السعيد” بتصفية الحسابات مع الجزائر، و محاباة الرباط التي يتواصل معها سرا عبر هيئات دبلوماسية تعمل على جبر الضرر الذي لحق العلاقات بين الدولتين، و تضيف وسائل إعلام فرنسية أن “المرزوقي” يمثل النفود المغربي داخل تونس، و أن الرجل هو في الأصل من قبيلة مرزوكة شرق المغرب، و أن لـ “المرزوقي” علاقات قوية مع النظام المغربي، و لديه ممتلكات داخل المغرب موروثة عن أجداده.

      و يبدو أن بيان  الاتحاد المغاربي أحرج كثيرا الجزائر و دبلوماسيته التي تفاجأت كثيرا بتعيين “أمينة سلمان”، و هي دبلوماسية مغربية سابقة، شغلت منصب قنصل في إيطاليا، و من المنتظر أن تلعب دورا في تأزيم الوضع الجزائري داخل الإتحاد الإفريقي، خصوصا و أن البيان الجزائري ضد مفوضية الإتحاد الإفريقي، كشف أن الجزائر  أصبحت منبوذة مغاربيا، و أنها معزولة جهويا، و بالتالي فإن هذا البيان يسجل كثاني تعنيف دبلوماسي جزائري في حق مفوض الإتحاد الإفريقي، “الفقي”، بعد قرار المفوضية الأول بمنح إسرائيل صفة ملاحظ داخل الإتحاد المغبون و خروج الجزائر باحتجاج غير دبلوماسي و غير ودي في حق الرجل، مما يعني أن المفوضية الإفريقية قد تتصرف بردة الفعل و تبحث على ما تزعج به الجزائر، و هي تعلم أن اليد التي توجع قصر المرادية هي القضية الصحراوية، و لكم أن تتخيلوا الكوارث التي تنتظرنا في المستقبل.

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أنا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد