الهجوم الصاروخي الاستعراضي لطهران على إسرائيل يُطمئن الرباط على ترسانة الجزائر و القيادة الصحراوية… !!؟
بـقـلـم :بن بطوش
كلما هممت بوضع مقدمة لهذا المقال إلا و سبقني الإحباط إلى بياض الورقة، و أنا الذي وقّعت معك أيها القارئ الكريم #عهدا_قديما، منذ أشهرت قلمي في وجه “هنتاتة” البيت الأصفر و تجار الوطنية و بائعي الوهم… قبل سنوات، و وعدتك أن تكون مقالاتي خيط الضوء الذي يقودك في عتمة الثورة إلى نور الحقيقة…، و كنت مثلك أظن أن قياديينا في البيت الأصفر المنقوع يُهيؤون مع خبراء إيران – بكل سرية- لمفاجئات عسكرية منذ سنة 2021، …. فمرت أربع سنوات و لم نرى للمفاجئة شكل و لم نشتم لها رائحة، لكن و بعدما شاهدته مثل العالمين من ردة فعل لطهران و هي تنتقم لشرفها المراق في دمشق…، أيقنت بأن قناة #العربية حين أعادت نشر تحقيقها الصحفي #ذاكرة_العربية، حول موضوع إعدام الرئيس العراقي السابق “صدام حسين”، في هذه الظرفية، فهي كانت تنقل تحذيرات أمريكية للنظام الإيراني، إذا ما تجرأ على تحريك القومجيين في سوريا و اليمن و لبنان، و تُبرقه برسالة واضحة…؛ بأن أي تحرك عسكري حقيقي ضد إسرائيل، سيجعل “إبراهيم رئيسي” يواجه مصير “صدام”.
ذلك أننا توقعنا من الدولة الصفوية أن تخون دماء ضحاياها، و لكن لم نتوقع أن تكون الخيانة بهذه السماجة في صفقة قبل الإيرانيون بها مُكرهين لا أبطال، و ليْتَهم أمهلونا حتى نفهم ما وقع… !!، بعدما أعددت متكئا أمام شاشة التلفاز و حجزت أرضيته كاملة و جعلتها أرضا محرمة على كل أفراد أسرتي الصغيرة، و أطفأت الأنوار و أغلقت النوافذ و اشتريت كمية كبيرة من المكسرات و أحضرت “ماعين أتاي”، و ضبطت جهاز الاستقبال على قناة “الجزيرة” المتخصصة في نشر صور الدمار و رائحة الموت و التحليل القومجي، و لكم أن تتخيلوا الظروف التي أعددتها لمتابعة نزال القرن بين تل أبيب المُعتدية و طهران المُنتقمة.
دقت ساعة الانتقام، و نشرت إيران أخيرا صور الهجوم و أعلنت أنه انطلق و حددت للعالم مساره، فيما الدولة العبرية سمحت لإعلام الدوحة ببث صور القبة الحديدية و هي تتخير أهدافها من الصواريخ الإثنى عشرية و تعزلها عن الدرونات، كما تفعل نسائنا و هي تعزل الحصى عن الأرز أو العدس…، و لولا أنها حرب و قصف في بث مباشر…، لقلت أنها مشاهد هوليودية مفبركة، إذ رأينا جميعا كيف كانت القبة الحديدية تسقط الصواريخ ذات الرؤوس الحربية و تتعفف عن صد الصواريخ الفارغة التي تتركها للتشويش كي يقودها إلى خلاء صحراء النقب، و التي قال الحرس الثوري أنها بدون رؤوس متفجرة استخدمت فقط لتضليل القبة الحديدية و إنهاك تطبيقاتها….، و في الأخير و بينما أنا أستعد لأضطجع (نْطّرّحْ) ظنا مني أنني سأبقي أمام التلفاز أياما وليالي كما حدث في حروب الخليج الثلاثة، فاجأني بيان الحرس الثوري الإيراني – الصفوي – الشيعي –الاثني عشري بعد دقائق من بداية القصف، أن الهجوم انتهى و أن إسرائيل إن تهورت مرة أخرى فسيكون الهجوم أشرس.
كان الأمر سريعا، دقائق معدودات من الهجوم الصاروخي، و عاد الإيرانيون إلى حياتهم الطبيعية، فيما رجع الإسرائيليون ليكملوا إبادة الشعب الفلسطيني المقهور، فكان عزاؤنا أن تبث “الجزيرة” صور أشلاء الإسرائيليين، و مشاهد الدمار التي أحدثتها الصواريخ الإيرانية الشديدة الدهاء و هي تفتك بعمق تل أبيب، أو أن تنقل لنا أخبار ما قال عنه الإعلام الإيراني استهداف دقيق لمفاعل “ديمونة” السري…، فاكتشفت مثل الجميع أن الحصيلة كانت صفرا مكتمل الدوران، و بدأت بعدها بوضع حسابات الربح و الخسارة بين الجانبين لعلي أجد إسرائيل قد خسرت شيئا من كرامتها لصالح كبرياء إيران، لأكتشف مفاجئة عظيمة، أن أكبر الرابحين من هذا الهجوم هو المحتل المغربي، و أكبر الخاسرين ليست إيران بل التطبيع السعودي – الإيراني الذي كان الهدف منه أن تأمن الرياض أي حرب مستقبلية مع إيران و ميلشياتها، و ضمن دائرة الخاسرين يوجد كذلك الحليف الجزائري و القيادة الصحراوية…، و سأشرح لك أيها القارئ الكريم كيف حصل هذا…، حتى لا تتعجب… !!
كل مصادري من الإعلام الأمريكي الذي قرر بعد الهجوم الإيراني الصاروخي وضع تقييم للقبة الحديدية التي أضيفت لها منظومة “مقلاع داوود” قبل سنوات، و قال خبراء الدفاع الأمريكي أن هذه المنظومة فعّالة جدا ضد الصواريخ بعيدة المدى و الصواريخ الباليستية و صواريخ كروز و الصواريخ المجنحة – الجوالة، لكن المنظومة لم تُختبر أبدا ضد الدرونات، و هذا الهجوم كان اختبارا حقيقيا للمنظومة، و أثبتت أنها حاجز ناجح 100% ضد سلاح المُسيِّرات، و الرباط توصلت بهذه المنظومة (“مقلاع داوود”) قبل أشهر، و كانت تريد دمجها في برنامج COBRA الشبيه ببرنامج القبة الحديدية….
و كانت الرباط أمامها عقبة أخيرة تمنعها من وضع هذا النظام لحماية سماء مدن الصحراء الغربية و ذلك بسبب إدارة المجال الجوي الذي كان تحتفظ به إسبانيا منذ خروجها من الإقليم، فكان لزاما على الرباط انتظار عملية تحول إدارة هذا المجال إلى مؤسساتها حفاظ على سرية المنظومة الدفاعية و خوفا من التفعيل التلقائي للصواريخ، لأن الطائرات و الأجسام المحلقة تكون تحت تدبير أبراج المراقبة في جزر الكناري، و “مقلاع داوود” قد يُسيء التعرف إليها و يستهدفها لعدم توفره على بيانات الملاحة الجوية لهذه الأجسام المحلقة، مما يعني أن سماء الصحراء الغربية منذ الآن ستصبح تحت قبضة برنامج COBRA و”مقلاع داوود” الذي نجح في اختبار الهجوم الصاروخي الإيراني، و الذي لزم على الرباط أن تشكر عليه إيران و الحرس الثوري و ضحايا القنصلية في دمشق، و تلك المُسيِّرات التي تحصلت عليها قيادتنا و الحليف الجزائري من إيران لم تعد تصلح لشيء.
الإعلام الروسي هو الآخر استنكر الأسلوب البدائي للهجوم الإيراني و عبّر عن الإحباط الذي أصاب الجيش الروسي من الطريقة التي تم بها القصف الصاروخي، و التي كشفت ضعف التسليح الإيراني و محدودية مُسيِّراته، و زاد من سمعة و نجاح “مقلاع داوود” و أنظمته التشويشية التي دمرت جميع الصواريخ و الدرونات… و قال الإعلام في موسكو أن مصنع الدرونات الإيرانية الذي تم إنشاؤه بمنطقة تتارستان الروسية تحت اسم شركة “ألباتروس”، لم يعد ينفع لشيء، و أن المُسيِّرات التي يُنتجها المصنع هي نفسها التي شاركت في الهجوم المُجهَض، و زادت أن هذا يفسر فشل هذا السلاح (المسيرات) في الجبهة الأوكرانية، و لم يستبعد الجيش الروسي – حسب إعلام موسكو- أن تكون إسرائيل قد زوّدت الجيش الأوكراني بمنظومة “مقلاع داوود” التي أثبتت فعاليتها في حرب القرم أيضا.
نعود الآن إلى الهجوم الإسرائيلي على مقر القنصلية الإيرانية في دمشق و الاغتيالات التي سبقتها…، و حين كنا نطرح السؤال عن السبب الذي يجعل إسرائيل تتجرأ على استهداف إيران في عمقها الاستراتيجي، دون خوف من ردة فعل إيران، و هي الدولة النووية حسب “الجزيرة” و “حزب الله”، و من أن تهتم لبرنامج طهران العسكري و الصاروخي…، و تسائلنا عن موقف القومجيين العرب من الحملة الإعلامية التي تزدري إيران بعد الاستهداف الإسرائيلي لأن القومجيين و البعثيين…، كانوا يرون في الحرس الثوري طوق النجاة في أرض المشرق العربي و المحرر من بطش إسرائيل، و كذلك شأن النشطاء في دولة الحليف الجزائري ممن كانوا يسمون الخليج العربي بخليج فارس و بحر العرب ببحر فارس افتخارا بعلاقاتهم مع الصفويين، في محاولة لازدراء مجلس التعاون و إعلاء شأن طهران كقوة وحيدة تستطيع إيقاف إسرائيل… !!
الجواب لم يعد خفيا على أحد، لكن ثمة حيرة أخيرة لا زالت تعذب عقلاء الأمة العربية و الإسلامية، عن السبب الذي جعل الجزائر تُدعن و تُنصت لنصائح السفارة الأمريكية، و تمنع عن السلطة الفلسطينية و “حماس” 60 مليون دولار، التي كانت تُقدمها – كباقي الدول العربية – كمساعدات للفلسطينيين، و أظن أن قصر المرادية اعتبر تلك النصائح تهديدات مباشرة…. و أجاب قصر المرادية الفلسطينيين بأنه لا يزال يُقيِّم مآلات تلك الأموال، إن كانت فعلا تقع في جوف الفلسطينيين أم أنه يجري تحويلها لوجهات أخرى كشراء الأسلحة من السوق السوداء و الأرصدة الخاصة كما يحصل في الرابوني…. و أضافت “وكالة الأنباء الجزائرية” أن قصر المرادية يخشى أن تكون تلك الأموال تستفيد منها البنوك الإسرائيلية أيضا، عبر تحولها إلى الشيكل كي تنعش اقتصادها بانتزاع الضرائب منها، و هو التخوف الذي أجاب عليه النشطاء بأنه مجرد كلام فارغ و يمكن تجنُّبُه عبر وضع تلك الأموال في أرصدة البنوك التركية أو القطرية أو حتى المصرية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك