Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

السلطة الفلسطينية ترفض مشاركة الجزائر في التحضير للقمة العربية …. و فرنسا تستقبل”خليفة حفتر” نكاية في الجزائر

بـقـلـم : بن بطوش

      و نحن نحرر هذا المقال، يكون اجتماع القادة العرب في قمة القاهرة قد انطلق رسميا، و هي القمة التي وصفها الرئيس الجزائري في بيان غريب بـ “المحتكرة من دول معينة” (في إشارة إلى القاهرة و الرياض و أبوظبي و الرباط)، و هو أول بيان في تاريخ المدارس الدبلوماسية بالعالم تنشره وكالة أنباء رسمية كمعلومة سرية أو كتسريب استخباراتي، حيث يبدأ بعبارة “علمت وكالة الأنباء الرسمية الجزائرية عبر مصدر مطلع أن الرئيس “عبد المجيد تبون” لن يشارك في القمة العربية بالقاهرة”…، ثم تفرد فيه وكالة الأنباء أسباب الامتناع على لسان الرئيس و كأنه من حرّر البيان، لتتحول صيغة التعبير من التسريب إلى خطاب مباشر لنجل المجاهد “بوبغلة” موجّه للقادة العرب.

      لكن بعيدا عن هذه الكوميديا السوداء التي غالبا ما يتورط فيها قصر المرادية عبر ردّات فعل غير مدروسة بما يكفي استراتيجيا، نحتاج إلى فهم الأسباب التي جعلت دول مجلس التعاون الخليجي تدعوا إلى هذه القمة و تستبعد الجزائر من الاجتماع التحضيري بالقاهرة، رغم أن الإعلام الجزائري لطالما قال بأن العلاقات الجزائرية – المصرية بحال طيبة و أن العلاقات الجزائرية السعودية على خير و أن قطر هي شريك و حليف لقصر المرادية بصيغة الأخوة…، لكنه  بالمقابل يهاجم هذه الدول عبر الحسابات الذبابية.

      المعطيات تقول أن مجلس التعاون الخليجي ليس هو المسؤول عن استبعاد الحليف الجزائري، بل السلطة الفلسطينية التي طلبت عدم إشراك الجزائر في الاجتماع التحضيري لسببين أولهما أن السلطة الفلسطينية غاضبة و بشدة من امتناع الرئيس الجزائري عن الوفاء بوعده إلى اليوم بمنح الفلسطينيين 30 مليون دولار، و التي قالت الجزائر أن شرط منح المبلغ سقط بموت قائد “حماس” “إسماعيل هنية”، و أن مشاركة الجزائر في اجتماع تحضيري لقمة إعداد خارطة طريق إعمار غزة سيكون بلا معنى، لأن الرباط ستحضر بصفتها رئيسة لـ “لجنة القدس” و المسؤولة عن عدد من مشاريع الإعمار، و لديها تواصل جيد مع المحتل الإسرائيلي، و سبق لها أن نجحت في إقناع تل أبيب بالإفراج عن أموال السلطة الفلسطينية، و مصر و الأردن لأنهما الدولتان المعنيتان بتهجير الغزاويين و هما من وضعا خطة الإعمار دون تهجير و الأموال الخليجية هي من ستتكلف بتنفيذ اعمار غزة،….و  بالتالي فوجود الجزائر قد  يكون سببا في  خلق جدالات هامشية خلال الاجتماع، و قد يعقد وضع غزة أكثر.

      و السبب الثاني هو ما تسرب في الإعلام الدولي بعد نشر جريدة “واشنطن بوست” لمقال يقترح تهجير فلسطينيي غزة إلى الصحراء الغربية، حيث قال المحللون أن الجريدة الأمريكية التي نشرت المقترح هي في ملكية مجموعة BGR  الاستشارية الضاغطة، و التي تعاقد معها قصر المرادية بملايين الدولارات مقابل تلميع صورة النظام الجزائري لدى حكام البيت الأبيض، و المقال – الاقتراح كان رأيا جزائريا خالصا، تسبب في غضب عربي كبير.

      الأزمة العربية – الجزائرية الصامتة، و غضب مجلس التعاون الخليجي من سلوك قصر المرادية أو ما يراه العرب محاولة جزائرية لممارسة البلطجة الدبلوماسية باسم القضية الفلسطينية، قالت عنه الجرائد المصرية أنه محاولة من الجزائر لممارسة زعامة فضفاضة و فجة، دون توفر أسبابها وأدواتها عند الجزائر، و أضافوا أنها محاولة لتصريف أزمة أكبر تعانيها الجزائر مع باريس و مع محيطها الإفريقي، و أنهوا رأيهم بأنه على الجزائر  أن تقوم بحلحلة مشاكلها الإقليمية و الدولية قبل أن تشارك العرب همومهم و تفكر معهم في صياغة الحلول للقضية الفلسطينية.

      و هذا الرأي الصحفي راجح جدا و يشخص إلى حد كبير الوضع الجزائري الحالي إقليميا و دوليا و إستراتيجيا…، لأن فرنسا دخلت فعليا مرحلة معاقبة النظام الجزائري، رغم أن السلطات الجزائرية ترفض الاقتناع بفكرة أن فرنسا أنزلت العقوبات بشريكها المفضل خارج الإتحاد الأوروبي،… و باريس اليوم تهاجم الجزائر بإستراتيجية مرهقة جدا، بدءا من إذلال نخبها و حرمانهم من التأشيرات التفضيلية، و نشر مشاهد ترحيلهم و زوجاتهم و أبنائهم على وسائل الإعلام ليتحولوا إلى مواد حوارية على مجالس النقاش بالقنوات، مرورا بنشر لوائح تجرد ممتلكاتهم و حساباتهم السرية في فرنسا، ثم التكثيف الإعلامي من البرامج التي تتحدث عن استقلال “دولة لقبايل”، مع منح حركة “الماك” حرية أكبر لتنظيم الندوات و الدخول إلى المؤسسات الرسمية الفرنسية، وصولا إلى أخطر النقاط، و هي تسليح محيط الجزائر و التضييق الاقتصادي على الحليف عبر البحث عن بدائل للغاز الجزائري لمنع الحليف من تصدير غازه إلى قلب أوروبا إلا بشروط مجحفة.

      نترك جميع الأوراق التي تضغط بها باريس على قصر المرادية و تراهن بها على إخضاعه، و نخرج أخطر البطائق التي تتمثل في تسليح جيش المشير “خليفة حفتر”، ذلك أن الزيارة المفاجئة التي قادت هذا الجنرال الليبي المثير للجدل إلى قصر الإليزيه، و استقباله من طرف الرئيس الفرنسي، و الإعلان المشترك على عقد صفقات بشقين اقتصادي و عسكري، ما كان ليحدث لولا أن فرنسا /”ماكرون” ترى بأن الجزائر بالغت في عنادها و تسعى لفرض منطقها على من حكمها لمدة 132 سنة، باستخدام الخطابات العاطفية و العنتريات الدبلوماسية، بينما في الواقع تراها فرنسا بأنها لا تمتلك أوراق قوية و تعتقد أن النظام الجزائري هش جدا.

      و الدليل أن باريس لم تهاجم الرئيس الجزائري لأنها تعتبره الحلقة الأضعف في سلسلة الحكم، و لم تبحث عن أدوات للتضييق على سياسته تجاه فرنسا، لعلمها – و هي الدولة التي تخترق الجزائر بالطول و العرض- أن الحاكم الحقيقي لمكة الثوار هو قيادة الجيش في شخص “السعيد شنقريحة”، و تعلم أن هذا القائد العسكري لديه رُهاب من الثوار الليبيين و بالخصوص من قياداته العسكرية المجنونة التي لا يمكن توقع تصرفاتها كالمشير “خليفة حفتر”، الذي يثير قلق عساكر الحليف الجزائري أكثر من الجار الغربي للجزائر و عدو “شنقريحة” الكلاسيكي.

      فرنسا التي رفضت مطالب سابقة لـ “حفتر” ببيعه أسلحة متطورة و بخصوص الطائرات، عادت اليوم بذريعة معاقبة الجزائر لتلبي طلب “حفتر” و تستدعيه بشكل مفاجئ كي توافق على مطالبه التسليحية، التي لم يكشف بعد عنها كاملة، و حسب ما سرب في الإعلام الأمريكي ففرنسا وافقت على صفقة طائرات “الرافال” النسخة الأحدث، مع أنظمة رادارية للمراقبة و أقمار صناعية و راجمات، كما قررت فرنسا و “حفتر” إحياء الاتفاق الذي وقعه ثوار ليبيا زمن الثورة على “القذافي” مع الرئيس الفرنسي السابق “ساركوزي”، لبدء استغلال حقول الغاز و البترول، حيث كانت الصفقة قد عُقدت مقابل تحديد مكان الرئيس”معمر القذافي” لاغتياله، لكن فرنسا لم تفعل بنود الاتفاق لأنها كانت تحصل على الغاز الجزائري بأثمنة تفضيلية، و اليوم قررت ضرب الاقتصاد الجزائري و تعويض هذا الغاز بالبترول و الغاز الليبيين.

      رغم هذا العنف الفرنسي في فرض عقوبات قاسية قد تسبب انهيار الاقتصاد الجزائري، إلا أن قصر المرادية أصدر بيانا يبرئ فيه “ماكرون” من العداء للدولة الجزائرية و اتهم وزير الخارجية و رئيس الحكومة الفرنسيين و خلفهما اليمين المتطرف، و تناسى البيان ذكر الأسباب الرئيسية بأن كل ما يحدث و ما تعانيه الجزائر، هو نتيجة الموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية، و ملف “بوعلام صنصال”. 

 

                           

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد