السفيرة الأمريكية في الجزائر تغرد بصورة مع جريدة الخبر، و قصر المرادية تحت الصدمة و الحيرة بسبب ما يجري في النيجر
بـقـلـم : بن بطوش
ننطلق في هذا المقال دون أدبيات و من غير بحث في القيم أو ضرب للأمثال، لأن كمية المتناقضات التي أجبرتنا على كتابة هذا المقال…، مثيرة للرعب، و تنذر بحدوث إنقلاب جيو-إستراتيجي بشمال إفريقيا يخدم مصالح الرباط جملة و تفصيلا، ذلك أن أم البدايات هذه المرة من الجزائر أين نشرت سفيرة أمريكا بها تغريدة جديدة، مريبة و مثيرة للشك، و جملتها بصورة لها و هي تمسك بجريدة الخبر، الصحيفة التي سبق لها و نشرت مقالين الأول يتهم دولة الإمارات بأنها عاصمة الفتن “أبو ظبي عاصمة التخلاط”، و الثاني يوجه عبره النظام الجزائري تهديدات بالتدخل العسكري في النيجر، من أجل حماية ما أسماه الصحفي مصالح الجزائر الإستراتيجية، و التي لخصها المقال في الأنبوب الجزائر – النيجيري، و الصحفي في ذلك المقال أبدى تعاطفا كبيرا مع الرئيس المطاح به.
الصورة أرفقتها السفيرة “إليزابيت” بتغريدة قالت عبرها بأنها “زارت مقر جريدة الخبر التي هي جزء من الجسم الإعلامي الجزائري، و أن ما ينشر فيها يساعدها على فهم أكبر للجزائر و الجزائريين”، و الكل يعرف بأن السفيرة الأمريكية في الجزائر ليست مجرد موظفة دبلوماسية تحافظ على حد معين من ثبات العلاقات، بل هي إمرأة تربت داخل الأجهزة السرية الأمريكية، و أن ما تنشره من تغريدات و تدوينات على الجدران الرقمية، يكون بمقدار و بأوامر من الإدارة الأمريكية، خصوصا و أن مبادرة السفيرة الأمريكية جاءت بعدما راكمت جريدة الخبر، عددا من الملاحظات التي سجلتها السفارة الأمريكية، و جرى تحولها إلى منصة لمهاجمة و شيطنة الدول الصديقة و العدوة و تجميل صورة الأنظمة المارقة.
السفيرة الأمريكية بتغريدتها و كأنها تبرق نظام الحليف الجزائري بأن الولايات المتحدة الأمريكية تراقب كل شيء يصدر عن الإعلام الرسمي الجزائري، و أنها تسجل ضد الجزائر هذه المواقف و تضيفها إلى ما حصل في زيارة الرئيس “تبون” بروسيا، حين طلب من موسكو إنقاذه من براثين الدولار الأمريكي…، و تنبه الجزائر بأن الولايات المتحدة الأمريكية تعرف على المؤسسات الجزائرية ما لا يعرفه النظام و الشعب عنها.
و نحن بدورنا كصحافة رأي تمارس التحليل الإستراتيجي، جمعنا كمًّا من المعطيات التي تفيد بأن الجزائر منذ أسابيع و هي تعيش حالة من الحيرة التي كانت سببا في جملة من القرارات الرئاسية السيئة، تظهر عدم قدرة نظام الحليف على الوصول إلى عمق الحقائق و كشف الأسرار السياسية الكبرى، مما يعني أن الجزائر تفتقد في الوضع الآني إلى إستراتيجيين لهم نظرة إستشرافية قوية و لهم تكوين جيد في علوم المستقبليات، و الدليل أن الجزائر تفاجأت بإنقلاب الجيش في النيجر مثل الجميع، و أنها لم تفهم بعد أسرار هذا الإنقلاب، و لم تتكشف لقصر المرادية خيوطه إلا بعد أن تورطت في ردة فعل غبية، و هددت بالتدخل العسكري و تأثرت بردة الفعل الفرنسية بشكل غير إرادي، فيما أن معظم القوى الكبرى في العالم كالولايات المتحدة الأمريكية و روسيا و الصين و ألمانيا و بريطانيا و حتى دول الإتحاد الأوروبي…، أظهرت تقبلا للإنقلاب و وصف إعلامهم الحدث بالثورة المتوقعة، حتى المحتل المغربي أظهر توازنا في ردة فعله و لم يبدي أي تسرع اتجاه الانقلابيين، مما يعني أن الرباط توجد ضمن النادي الضيق الذي يفهم ما يحدث في دولة النيجر.
و كان على النظام الجزائري على الأقل متابعة المحللين في الإعلام الأمريكي حتى تتشكل أمامه الصورة، خصوصا و أن الخبراء في هذا البلد تحصلوا على الضوء الأخضر لكشف بعض المعطيات، و قالوا أن الإنقلاب لم يحدث بمباركة الكرملن، بل تورطت فيه قوات “الفاغنر” التي أصبحت تسيطر اليوم على دولة كاملة بمواردها (النيجر)، و أيضا تلك القوات كانت وراء سطو الجيش على الحكم ببوركينافاسو و مالي اللذان هددا فرنسا و من يساعدها بالحرب، في حالة محاولتها عسكريا إجهاضهم الانقلاب و إعادة الأمور إلى نصابها، و أضاف الخبراء عبر وسائل الإعلام في أمريكا، أن الولايات المتحدة الأمريكية تمتلك قواعد في النيجر، و تحصلت على ضمانات من الانقلابيين بعدم المساس بمصالحها، و أن المستهدف هي فرنسا، و أن الولايات المتحدة الأمريكية و الصين و بريطانيا كانت لديهم معلومات عن قرب حدوث انقلاب عسكري يستهدف فرنسا، و مصالحها الاقتصادية.
إلى حدود هذا المعطى نضع ما جاء على لسان الخبراء جانبا، و نعيد تركيب شريط الأحداث، و كيف أن فرنسا القوة المخابراتية و العسكرية لم تنتبه و لم تتمكن من الحصول على بيانات تدل على استعداد الجيش للانقلاب على السلطة في النيجر، الدولة اللغز في الإقتصاد الفرنسي، مع العلم أن الأجهزة السرية لباريس كانت لا تتوقف عن مد الجزائر بالتقارير الاستخباراتية، و التي كانت سببا في تحويل الجوار في شمال إفريقيا بين البلدان المغاربية إلى جحيم، و كانت في كل مرة تحذر الجزائر من تمرد عسكري ضدها في الجنوب المتواطئ مع الأزواد، و في الشرق حيث “حفتر” و من والاه، و في الغرب كانت تحذر الجزائر و تخبر قائد الجيش “شنقريحة” أن الرباط تبني الثكنات…، و الجزائر بسبب ضبابية أجهزتها و إعتمادها على تقارير روسيا و فرنسا المخابراتية، ارتكبت أخطاءا قاتلة.
نزيد في تركيب الشريط الزمني و نضيف إليه أن “ماكرون” بالكاد أخرج فرنسا من أزمة السترات الصفراء، حتى دخل بها في فوضى بسبب مقتل الطفل “نائل”، و بينما هي تحصي خسائرها أفلت منها النيجر التي لم يتردد الانقلابيون بها من حرمان المفاعلات النووية الفرنسية من الأورانيوم، و يتوقع الخبراء أن تدخل فرنسا في أزمة طاقة غير مسبوقة، و هذه التطورات كلها حصلت بعد أن قرر “ماكرون” التجرؤ على قيادة أوروبا نحو فضاء مالي بعيد عن الدولار…، و أن الولايات المتحدة بأجهزتها القوية فضلت عدم التدخل و ترك الأمور تمشي كما أراد لها القدر مادامت مصالحها في مأمن، و لن نضيف شرحا أكثر لأن ما يقع لفرنسا هو من باب تأذيبها بريطانيا و أمريكيا، و الدليل أن الشركات الأمريكية و الألمانية بالنيجر لا تزال تشتغل بطاقة كاملة و تنقل الذهب و الأورانيوم إلى بنوكها و مولداتها، فيما حرمت فرنسا من أهم مناجمها.
سيقول البعض أن الشعب في النيجر هتف بإسم الرئيس “بوتين” و أن روسيا من تقف وراء ما حصل، هنا سيكون على صاحب هذا الرأي أن يبحث في الإعلام الروسي الذي اعتبر ما حصل بنيامي ردة فعل غاضبة من “الفاغنر” على إعفاء الرئيس الروسي خمسة دول إفريقية من دفع فواتير خدمات هذه الشركة بقيمة 16 مليار دولار، و تجميد حساباتها في روسيا، و أن “بريغوجين” بعد أن وضع يده على حصة فرنسا من مقدرات النيجر، أرسل إشارات إلى موسكو لفتح صفحة جديدة، و طالب بأن تكون “الفاغنر” يد الكريملن الطويلة في إفريقيا، لكن “بوتين” لم يشأ التورط في أي ردة فعل، و لا يزال مكتفيا بالحياد حتى لا يفتح بابا للصراع مع أمريكا و ألمانيا اللذان يسيطران على مناجم البلاد و يسعيان لطرد فرنسا نهائيا من النيجر.
نربط كل هذه الأحداث بتغريدة السفيرة الأمريكية التي حذرت النظام الجزائري مما ينشر في إعلامه، و كأنها تقول للنظام الجزائري بأن مصالحك الإستراتيجية ليست في موسكو و لا بباريس و ليست مع البريكس و ليست في عملة أخرى بعيدة عن الدولار…، و أن قرار مرور الأنبوب و كل أنواع الربط بيد واشنطن، و الدليل على هذا أن السكرتيرة الصحفية للبيت الأبيض خرجت قبل أيام من انقلاب النيجر تنبه الجزائر و مصر في ندوة صحفية حين صرحت بالتالي : “هناك شريكان رئيسيان للولايات المتحدة الأمريكية يسعيان للدخول إلى هذا التكتل (بريكس)، و هما الجزائر و مصر، و مع ذلك لا نسعى إلى إعاقة مثل هذا التطور”، هذا التصريح لوحده يحتاج إلى سلسلة مقالات أيها القارئ الكريم، لأن الولايات المتحدة الأمريكية دولة تعرف جيدا قوة العبارات و تجيد استخدامها لشرح موقفها.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة