الرئيس الجزائري يخرج عن السيطرة و يعلن أن الجزائر ثالث قوة إقتصادية في العالم، و مدريد تدخل في أزمة صامتة مع الرباط بسبب اختراق استراتيجي حققه المحتل.
بـقـلـم : بن بطوش
لايزال مشهد ما حصل في قمة تيكاد يرفض أن يمر دون أن يترك فينا كصحراويين ندوبه، و كأن القيادة و الحليف مصران على إعادة تمثيل جريمة الهزيمة الكبرى في المعبر الملعون و من زاويا مختلفة، هذا المرة من داخل البيت الدبلوماسي الياباني، و الذي أصدر بيانا جعلنا نشعر كأننا ذلك الضيف الذي لا يحبه أحد و إن حضر وضع قدميه فوق مائدة أصحاب البيت… ليغضبهم، و كم أخشى على الحليف الذي ضحى بماء وجهه لأجل أن يمنحنا وصولا إلى كرسي الاجتماع، بأن نصبح سبب في تعاسته الدبلوماسية و السياسية، لأن جميع حكايات الكفاح عودنا التاريخ أنها تنتهي بالمآسي، و دوما ما يهزم البطل في آخر الرواية بالذي كان يكافح لأجله، أخشى أن تكون قضيتنا سببا في هلاك هذا البلد الكريم.
لأن المحتل و كعادته أظهر في قمة تيكاد أنه منتبه جدا، و ذكي جدا و متوقع حذر، و مطلع بارع على خطط الهنتاتة، و أثبت أنه يمتلك شبكة استخبار على قدر هائل من الاختراق، و بعد البيان الياباني الذي جاء بصيغة أفضل من تلك التي كان الوزير “بوريطة” يتمناها، و أنهى قصة اجتماع تيكاد، و شطب الفتح الذي حققه الأخ “إبراهيم غالي” في قمة تونس العاصمة، لتقرر أخيرا الرباط إعادة حبال الود مع التونسيين، حيث هاتف الوزير “ناصر بوريطة” نظيره التونسي “محمد علي النفطي” و هنأه على الثقة التي حضي بها من الرئيس، و تحدث له عما أسماه روابط العلاقات التاريخية بين البلدين و الشعبين، و كأنه يخبره أن أسباب الغضب قد زالت نهائيا، هناك ، في اليابان، و أن الرباط ترى بأن “قيس سعيد” بعد إنتهاء ولايته سيحضى ببطاقة مغادرة لا رجوع بعدها إلى قصر قرطاج، رغم أنه سجن كل منافسيه الذين كان آخرهم “الصافي سعيد” قبل ستة أيام…، إلا أن الرجل أصبح عدوا للشعب التونسي.
ما يحدث لـ “قيس سعيد” في تونس الخضراء لا يتكرر مع رفيق دربه في مكة الثوار، الرئيس المنتهية ولايته و المرشح الأول و الأخير للرئاسيات “عبد المجيد تبون”، و الذي أتعب الإعلام الجزائري و محبيه و أحرجهم و هم يحاولون تبرئته من تصريحاته بخصوص غزة، و قوله أن الجيش جاهز و أن على مصر أن تفتح المعبر إلى غزة لتسمح للجيش الجزائري العظيم بأن يبني ثلاثة مستشفيات في 20 يوما…، لم يترك لهم متسع لإصلاح ما أفسدته تصريحاته، حتى أطلق تصريحات جديدة يشيب لها الولدان لهول وقعها على النفوس، و جعلت محبيه يطالبونه بالتوقف عن التصريح و إخضاع الرجل للخبرة النفسية، أو إرساله إلى منتجع بعيد و معزول لبضع أسابيع حتى تبرد حالة الهيجان التي أحدثها، و هو يقول بلغة اليقين مع سبق الإصرار و التعمد…، بأن الاقتصاد الجزائري هو ثالث إقتصاد في العالم، لكنه لم يحدد المؤشر الذي إعتمده.
هذه المرة لم يجد من يدافع عن تصريحاته، و لم يجد من يبرر له تلك العبارة و يجملها أو يتهم المحتل بتحريفها عبر الذكاء الإصطناعي، كما فعل بن قرينة قبل أسبوع و هو يخطب في الناس بالقول أن تلك التصريحات تم تحريفها من طرف الإعلام المغربي، اليوم بن قرينة لم يستطع الخروج إلى الإعلام و الدفاع عن الحالة العقلية للرئيس الجزائري، لأن الأمر أصبح يبدو و كأنه حالة مرضية يصعب السيطرة عليها، أو أن ثمة من يريد توريطه في تلك التصريحات بمنحه معطيات مغلوطة، و حتى في حال تأكدنا من توصله بمعطيات خاطئة و مضللة، فإن الرجل بنقرة زر على هاتفه أو حاسوبه اللوحي، سيعرف بأن الجزائر لا توجد على قائمة الـ 50 لأقوى إقتصادات العالم، فكيف بالثالث على العالم.
و حتى نخضع الاقتصاد الجزائري للمقارنات، فإنه حسب وزير التجارة الجزائري “الطيب زيتوني” و العرض الذي قدمه أمام الرئيس “تبون” كحصيلة تجارية لسنة 2024، حيث قال أن صادرات الجزائر خارج المحروقات بالكاد تصل إلى 07 مليار دولار، و بالمقابل و من خلال المعطيات التجارية لدولة الاحتلال المغربي فإن صادرات الرباط نحو دول العالم خارج الفوسفاط و مشتقاته تجاوزت سقف 38 مليار دولار، بمعنى إذا كانت الجزائر التي لا تصدر سوى 07 مليار دولار خارج المحروقات تحتل الرتبة الثالثة عالميا، كأقوى إقتصاد، فأين يمكن تصنيف إقتصاد دولة مثل المغرب التي حققت إختراقا إستراتيجيا في صناعة الأسلحة و الذخيرة، و تخطط لدخول السوق الدولية بعد أن توصلت مدريد بتحذيرات من بروكسيل، تطالب فيها دول إيبيريا (البرتغال و إسبانيا) بالإنتباه و مراقبة الصناعات العسكرية التي تتوسع بسرعة مجنونة بالمغرب، و أضافت أن الرباط جربت بنجاح أول نسخة مصنعة محليا من صاروخ LORA الباليستي بمدى400 كلم، بعد أن تحصل المحتل على رخصة التصنيع المحلي، و أكدت صحيفة THE JERUSALEM POST العبرية بأن مدريد إحتجت بشدة على تل أبيب، و أن العلاقات بين البلدين وصلت إلى مستوى من التوتر لا يمكن إصلاحه حاليا، خصوصا و أن الصحيفة أكدت بأن الرباط لا زالت تفاوض بريطانيا للحصول على المزيد من الرخص، بعدما حققت اختراقا استراتيجيا في التصنيع العسكري، و أنها تحصلت على رخص تصنيع عتاد حربي بتكنولوجيا متقدمة جدا بتزكية من أمريكا.
إسبانيا و في أول رد فعل لها على ما سربه الإعلام الإسرائيلي و ما جاء في تقارير الإتحاد الأوروبي، فقد دفعت بوزيرة دفاعها لزيارة جزيرة باديس و المدينتين المحتلتين شمال المغرب، سبتة و مليلية و مناقشة إمكانية تنصيب منصات دفاع متقدمة بالجزيرة و المدينتين، لكن الزيارة أثارت غضب الرباط التي أخرجت ورقة الهجرة السرية، و تعمد المحتل المغربي تخفيف مراقبته للسواحل الشمالية مع مدريد، مما جعل أمواج المهاجرين تستهدف سواحل إسبانيا من كل جهة، و تناقلت الصفحات على وسائل التواصل الاجتماعي صور عجز خفر السواحل الإسباني، عن إيقاف الزوارق التي تقل المهاجرين السريين من الجزائر و المغرب، و اضطرت دورية إلى صدم أحد المراكب السريعة، مما جعل الإعلام الدولي يدين التدخل الإسباني و الذي وصف على منصات التواصل بالجريمة الهمجية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك