Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الحرب الإعلامية بين الجزائر و الإمارات: هل فعلا بسبب برنامج إخباري … أم أن الخلاف أعمق من ذلك؟!!

بـقـلـم : بن بطوش

         كلنا بحاجة إلى التأمل لفهم ما يقع أو على الأقل للابتعاد خطوة إلى الوراء حتى تتضح الرؤيا و تنكشف الزوايا المظلمة، تلك الخطوة ستكفي لنفهم أننا لم ننجح في المغادرة و كانت خيارا متاحا و سهل قبل الآن، و كذلك لم ننجح في البقاء و الحفاظ على ما كان لدينا و ما أنفقنا لأجله عديد الأجيال و الدماء…، تلك الخطوة ستجعلك أيها القارئ الصحراوي تفهم أن المحتل المغربي لم يكن يوما مهتما بمهاجمة سفينتنا، و لم يحاول يوما خرقها لإغراقنا؛ لأنه كان يعلم بأن “الهنتاتة”  بالرابوني سيتكفلون بذلك نيابة عنه، بل كان يهاجم الموانئ و يُدمر المرافئ التي تعودنا الرسو برصيفها…، و اليوم سفينتنا  تتقاذفها الأمواج ، تائهة، شاردة، ضالة، ضائعة، و لا يوجد رصيف ميناء يتسع لها…. سفينتنا اليوم لا منارة  في أفق إبحارها لها و لا شاطئ لرسوها… و قضيتنا باتت مجرد ملف في أسفل درج أممي.

         نحن اليوم نقف وجها لوجه مع الفشل، و لا يفصلنا عن الهزيمة غير الاعتراف، و لا أظن أن قضيتنا الصحراوية ستنجو من معارك حليفنا الجزائري مع خصومه، و كما يقول “مارتن كليفورد” الأديب الإنجليزي: “لا فائدة من الكتابة، هذا العالم بحاجة إلى يوم القيامة…”، و أنا أقول: “لا فائدة من الكتابة لأننا نعيش قيامتنا”؛ فالأخ القائد “إبراهيم غالي”، شارد، عاد من قصر المرادية يجر الندم، و أهالينا اللاجئون   يصارعون الإحساس بالفزع  بسبب غرق المخيمات في حرب العصابات،  حيث صوت الرصاص  يلعلع بين الخيام  و باتت مشاهد الكر و الفر مألوفة بعدما تجرأ تجار المخدرات على رفع السلاح  بين الأهالي دون خوف… و الجيش الجزائري يصطاد شبابنا و كأنه يصطاد الغزلان، و مسيرات المحتل المغربي تقتل يوميا نخبنا العسكرية التي لا زالت تغامر و تقامر بدخول الأراضي المحرمة، و خلية أمريكية داخل البيت الأبيض تُهيأ القرار الخطير بتصنيف  تنظيمنا السياسي و ممثلنا الشرعي، جبهة البوليساريو، كمنظمة إرهابية…، أليس هذا يوم عسير تشيب له الولدان… !!؟

         يقول الرائع “دوستويفسكي” أن الإنسان كائن يستره الصمت، إذا تحدث تعرّى، و هذا ما يحصل في الإعلام الجزائري، الذي أطلق العنان لحرب إعلامية ضد دولة الإمارات العربية و وصفها بكل النعوت القدحية، ثم احتقرها لمساحتها و قال أنها دويلة لن تصمد في حرب مباشرة مع الجزائر ليوم واحد…، كمية الغضب التي أبان عنها الإعلام الجزائري تظهر أن الوجع الذي أحس به قصر المرادية و قيادة الجيش لا يمكن تحمله، و أن الإمارات العربية تسببت للجزائر في ألم عظيم و في خسائر لا يمكن حصرها، لكن مع ذلك علينا التريث قبل الحكم على أحد الطرفين، لأن خصم الحليف الجزائري اليوم ليس عدونا المغربي، و ليست فرنسا الخبيثة، و لا حتى إسبانيا الماكرة…، الخصم هي الإمارات العربية، دولة إسلامية، و عضو في مجلس التعاون الخليجي، و تلقب في أمريكيا بالإمبراطورية البحرية لامتلاكها شبكة موانئ ضخمة عبر العالم، و لها ناتج قومي يصل إلى 600 مليار دولار، و هي واحدة من الدول القليلة التي نجحت في اختراق نادي تصنيع أجهزة و برامج التجسس المعقدة، و لو أن في الجزائر عقلاء لكان التعاون مع هذا البلد أفضل من عدائه، فماذا حدث بين البلدين ليقع هذا الفجور الإعلامي؟

         يقول بعض المؤثرين الجزائريين أن السبب يعود إلى برنامج إخباري أذيع على قناة sky news  الإماراتية، و تهجم على الجزائر و وصفها بأنها دولة حديثة التأسيس و لا تاريخ لها، و أن الأمازيغ لم يشكلوا يوما نسيج الجزائر الاجتماعي، لأنهم لم يشعروا يوما بانتمائهم إليها…، لكن هذا الكلام جاء بعد إذاعة قناة DW الألمانية لبرنامج حواري بنفس الصيغة و يناقش نفس الموضوع، و زاد البرنامج الألماني بالقول أن الجزائر أصبحت مصدر خطر في المنطقة… !!، لكن الجزائر تجاهلت ما جاء في البرنامج الألماني و لم تحرك إعلامها لمهاجمة برلين و الحكومة الألمانية.

         و بعد ثلاثة أيام من البحث و التنقيب في مصادر متعددة و بعد لقاءات حوارية في غرف النقاش توضحت الرؤيا و ظهرت الأسباب الكبيرة، ليصبح البرنامج محض ذريعة بُنيت عليه مبررات الغضب  الإعلامي الجزائري،  ذلك أن قصة الخلاف بين البلدين قديمة جدا، و قانون التعبئة الأخير جزء من هذا المشكل، حيث قررت الجزائر في قانون التعبئة استرجاع الأموال التي تم تهريبها إلى خارج البلاد، و أرسل قصر المرادية لائحة أرصدة تطلب من الإمارات العربية حجزها و إعادتها إلى الجزائر، مع تسليم أصحابها، و اللائحة  تحمل أسماء رجال أعمال جزائريين و أرصدة تعود لأفراد أسرة الراحل ” أحمد ةالگايد صالح” و عدد من قادة الجيش …، لكن الإمارات العربية رفضت الطلب الجزائري، و اعتبرته متعارضا مع الحرية المالية التي يكفلها الدستور الإماراتي للمستثمرين، و أن الطلب يُسيء إلى سمعة دولة الإمارات و يظهرها كجنة مالية.

         الرفض أغضب الجزائر التي أعطت الضوء الأخضر لذبابها الإلكتروني من أجل تجنيد الحسابات و التهجم على الإمارات العربية، لترد أبوظبي بإيقاف أحد المدراء الجهويين لشركة META  المسؤول عن السياسات العقابية للحسابات، و هو جزائري، على اعتبار أن مركز شركة META للشرق الأوسط و شمال إفريقيا يوجد في الإمارات العربية، و هذا جعل المعالج الآلي للفايسبوك يغلق معظم الحسابات الذبابية الجزائرية، الشيء الذي جعل الجزائر تنقل هجومها من المواقع الاجتماعية إلى الإعلام الرسمي، لكن الأمور لم تتوقف هنا؛ فالإمارات العربية أرغمت  دولة مصر على عدم المشاركة في التمرين العسكري لـ “قدرة شمال إفريقيا”، و الذي يحمل إسم سلام إفريقيا -3، و كان الجيش الجزائري يريد من ورائه التدرب على التعامل مع المقاتلات الأمريكية F-16، و التي تمتلك مصر منها نسخ BLOC 42 و BLOC 50.

         ينضاف إلى كل هذا أن الإمارات العربية كانت ترتبط مع الجيش الذي يرأسه “خليفة حفتر” في ليبيا بعقد توريد أسلحة من صناعة إماراتية، و قد وصلته قبل أسبوع شحنات من الصفقة المتفق بشأنها، و قام الإعلام الإماراتي – عن قصد- بنشر صور العتاد الإماراتي الذي توصلت به قوات “حفتر”، الشيء الذي اعتبرته الجزائر أمرا مرفوضا و محاولة لتقوية شوكة جيش “حفتر” كي يتجرأ على الحدود الجزائرية، و الكل يعلم حجم الخلاف بين المشير الليبي و الحليف الجزائري، و ما يتبادله الجنرال الليبي القوي و القيادة الجزائرية من ملاسنات.

         مصيبة الحليف الجزائري أن أجهزته السرية – منذ الخلاف مع فرنسا- لم تعد تتوصل بالتقارير المخابراتية التي تمنحها الوضع الإستراتيجي الدقيق في المنطقة، و يعتقد النظام الجزائري، بناءا على استنتاجات فقط، أن فيدرالية دول الساحل المكونة من بوركينافاسو و النيجر و مالي قد لجئوا إلى الرباط بتحريض إماراتي، و أن إعلان النيجر تخليها عن مشروع أنبوب الغاز الجزائري – النيجيري، كان ورائه التحريض الإماراتي، و أن المشروع الذي كشفت عنه الرباط بإنشاء شركة “لوكهيد مارتن” لمصانع بالمغرب من أجل تصنيع أجزاء من طائرة F-16 يقف خلفه رئيس دولة الإمارات شخصيا…. و هي كلها محض استنتاجات لأجهزة مخابراتية عمياء تكنولوجيا.

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

          

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد