الجزائر تعقد اجتماعا طارئا لمجلسها الأعلى للأمن عقب تفجيرات “البيجر” بلبنان و الرباط تعزز شراكتها الأمنية مع تركيا و الإمارات
بـقـلـم : بن بطوش
حين كان “ونستون تشرشل” مجرد برلماني بريطاني مفعم بالحماس، عارض الاتفاق الثلاثي الذي وقعته لندن و روما و باريس مع “أودولف هتلر” عقب ابتلاعه أراضي شاسعة من تشيكوسلوفاكيا، و كانت الغاية من الاتفاق أن يُغيِّر “هتلر” أطماعه و يُولّي وجهه صوب أوربا الشرقية، حتى تبقى أوروبا الغربية آمنة من بطشه، لكن القائد النازي كان كالذئب الجائع الذي اشتم رائحة الخوف في فريسته، فكبرت أطماعة غرب أوروبا، و لم يقف جيشه إلاّ بعد دخوله لباريس، و اضطرت بريطانيا لإعلان الحرب على الألمان، و تم اختيار “وينستون تشرشل” ليرأس حكومة لندن طيلة سنوات الحرب، و حين طلب منه البرلمان اللندني بدأ التفاوض مع النازيين، رفض “تشرشل” الفكرة قبل تحقيق النصر…، و قال عبارته الشهيرة : “لا يمكنك أن تفاوض النمر و رأسك عالق بين فكَّيه… !!“.
و هذا هو الحال الذي يعيشه النظام الإيراني بعدما وجد رأسه عالقا بين فكي النمر؛ إذ لم تعد لديه هوامش للمناورة ليفاوض بها و لأجلها مع إسرائيل…، بعدما كان يعتقد أن رفض أمريكا لحرب شاملة في المنطقة سيعصم جنرالات طهران من المواجهة المباشرة مع تل أبيب، لكن هذا الاعتقاد عصفت به صافرات الإنذار التي دوّت في سماء لبنان الجريح، و أصبحت الحرب على مرمى حجر من بيت الصفويين، الذين تخلوا عن دولة لبنان بعدما ورّطوها في حرب ظالمة مع عدو جيشه يحارب مستعينا بتكنولوجيا فتاكة من الجيل السابع، فيما لا يزال “حزب الله” و جيش لبنان يحاربان بخطط و تقنيات الجيل الثالث… !!.
إيران أرسلت إلى فتاها المدلّل “حسن نصر الله” من يخرجه سالما من جنوب لبنان ليسافر آمنا إلى طهران و ينجيه من الغارات، و تركت الشعب اللبناني المنكوب يواجه مصيره،…. نظام الملالي يلقي بلبنان إلى أم المهالك مثلما فعل بشعب غزة، و هو من أقنع “حماس” للقيام بمغامرة السابع من أكتوبر، ثم دفع بـ”هنية” لترك غزة و الاستقرار في أحد أبراج قطر كي يدير أمور المقاومة من هناك…، قبل أن يستدعيه نفس النظام لإعدامه بكل برودة دم…
و الواضح أن ما كشفت عنه إسرائيل من تفوق تكنولوجي من خلال تفجيرات “البيجر” أفسد على الجزائر فرحة التصنيف الجديد على موقع Global Firepower، و الذي منح الجيش الجزائري على سلم القوة العالمية المرتبة 26 من أصل 145 جيش عبر العالم، فيما منح جيش الاحتلال المغربي المرتبة 61، و هو نفس الموقع الماكر الذي ساوى بين الجيش الأمريكي و الجيش الإيراني، و وضع الجيش الإسرائيلي على نفس الصعيد مع جيش لبنان و مقاتلي “حزب الله”، لكن في أول صدام بين إسرائيل و “حزب الله”، وصلت خسائر المقاتلين جنوب لبنان إلى 500 شهيد، فيما تجاوز عدد الجرحى 10.000، مع احتساب ضحايا الهجوم الإلكتروني على أجهزة pager، بينما أسقطت صواريخ “حزب الله” ثلاثة جرحى من مواطني الكيان الغاصب، أحدهم يعاني من خدوش و كدمات بعد سقوطه أثناء الهروب عند سماعه صوت صفارات الإنذار…، و هذا الفارق الرهيب في الإمكانيات العسكرية، هو ما دفع القيادة العسكرية الجزائري إلى عقد اجتماع طوارئ، و تكليف الجنرال”جبار مهنا” بإعداد تقارير عن الفارق التقني بين الجيش الجزائري و الجيش المغربي، و تجهيز فرضيات و سيناريوهات تتضمن احتمالية حصول الرباط على تكنولوجيا تضاهي ما تتوفر عليه إسرائيل و أمريكا… !!
الاجتماع لم يُستدعى إليه الرئيس “عبد المجيد تبون”، و تم تسريب تفاصيله دقائق بعد إنهائه، و تم اتهام “جبار مهنا” بتسريب مضامينه، خصوصا و أن هذا الأخير لا يزال تحت تأثير الصدمة و لم يستسغ قرار إقالته من جهاز الاستعلام الخارجي DDSE، على خلفية العديد من القضايا التي فشل في تدبيرها، آخرها الغباء الإعلامي في استغلال الهجرة الجماعية نحو مدينة سبتة، لكنه رغم إقالته تم استدعاؤه لحضور المجلس الأعلى للأمن لأنه كان المسؤول عن إعداد التقارير لقيادة الجيش، و سبق له أن حذر من حرب إلكترونية مغربية، و جاء تحذيره بعدما توصلت قيادة الجيش الجزائري بتقرير من اللواء “اسماعلي مصطفى”، قائد الناحية العسكرية الثالثة، و الذي كان قد أبلغ القيادة العسكرية الجزائرية أن نظام الدفاع الجوي بما فيه بطريات S-300، أصبح خارج الخدمة خلال يونيو من هذه السنة، و لم تعرف أسباب هذا العطب، و ما إذا كان رادار الأنظمة الداعية قد تم استهدافه بواسطة تشويش عالي القوة، أم أن النظام تعرض للتخريب عن بعد عبر استهدافه بالموجات المغناطيسية، و ختم اللواء “اسماعلي مصطفى” تقريره بأن الجزائر أصبحت بدون نظام صاروخي يحرسها، مما اضطر قيادة الجيش لتحريك أنظمة صاروخية – دفاعية باتجاه المنطقة الثالثة لتعويض الأنظمة التي خرجت من الخدمة و تضررت.
على النقيض من ذلك، تبدو الرباط غير مرتبكة و غير مضطربة و في موقف مريح، و غير متفاجئة من الهجوم السيبيراني الأخير الذي شنته إسرائيل على “حزب الله” و مقاتلي “الحرس الثوري” الإيراني، بل أكثر من ذلك فالرباط مستمرة في تسويق و تقاسم تجربتها الأمنية و تستجيب لرغبات الدول الصناعية كي تبادلها الخبرات، حيث زار كبير الأمنيين المغاربة،”عبد اللطيف حموشي”، نظيره التركي مباشرة بعد النجاح في وضع خطة أمنية لإفشال عملية الهجرة الجماعية نحو سبتة دون خسائر بشرية و نجح في تجنيب أوروبا كارثة إنسانية، كانت لتحول إسبانيا إلى مقبرة جماعية للمهاجرين الأفارقة و المغاربيين الطامحين إلى دخول الإلدورادو الأوروبي، و مرت التدخلات الأمنية من غير حوادث كبرى و من غير ملاحظات تذكر لمجلس حقوق الإنسان الأممي، الذي وجّه ملاحظاته إلى دولة الحليف الجزائري و اتهمها بالتحريض على إغراق أوروبا بالمهاجرين غير الشرعيين.
زيارة المدير العام لقطبي الأمن و المخابرات المدنية في المغرب إلى أنقرة ، جعلت وسائل الإعلام في الجزائر تظهر نوعا من التحفظ في مهاجمة “طيب رجب أردوغان”؛ لأن الإعلام الرسمي لقصر المرادية لم يحصل على الترخيص لقطع حبال الود مع حكومة إسطنبول…، لكن توجه “عبد اللطيف حموشي” إلى أبو ظبي، أشعل الغضب الجزائري، و خرجت جريدة “الخبر” في مقالات تُشيطن السفير الإماراتي بالجزائر ، و تصفه بالشخص غير المرغوب فيه و الوزن الزائد ببلاد الشهداء… في محاولة لدفع الخارجية الإماراتية للتعليق على هذا التصعيد بسحب السفير، لكن الخارجية الإماراتية تجاهلت الموضوع، فيما ضغط الإعلام الإماراتي و زاد من مخاوف قصر المرادية، حيث كتب أن “عبد اللطيف حموشي” جاء إلى أبوظبي كي يوقع على عقود التعاون بين الدولتين، و أن الرباط ستحصل على آخر صيحات التكنولوجيا الأمنية و المخابراتية التي تصنع فوق التراب الإماراتي، فيما الرباط ستقدم للإماراتيين الخبرات الأمنية و التجارب الناجحة و الكوادر…، و وصفوا كبير الأمنيين المغاربية بالرجل الذي يحمل خبرة أمنية تثير غيرة الدول.
إبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك