Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الإدارة الأمريكية تجدد موقفها الداعم للرباط في قضية الصحراء الغربية و الجزائر تكتفي بإبداء أسفها على الأمر

بـقـلـم : بن بطوش

      حين وقف “دونالد ترامب” في الزاوية المعاكسة للعالم و قرر مواجهة الجميع بقرار رفع التعريفة الجمركية على الدول التي تصدر إلى بلاد “العم سام”، أجمعت الصحافة الدولية أن هذا الرجل يدمر صورة أمريكا، و سيهدم ما بناه سابقوه الذين حكموا العالم من مكتب صغير داخل البيت الأبيض… لكن و بعد 72 ساعة على إعلان القرار، إنهار سوق الطاقة العالمي و تراجعت أثمنة البترول الخام بكل أصنافه… !!، و أعلن البنك المركزي الأمريكي أن نسب التضخم من المتوقع أن تنكمش إلى أدنى مستوى لها منذ نصف قرن، و انخفضت أثمنة المواد الأولية بأمريكا…، ليتأكد للعالم أن الرجل ابتكر حلولا اقتصادية موجعة، لكنها بغاية الفعالية، و بأن وصوله إلى البيت الأبيض كان مخططا له لإعادة تأهيل الاقتصاد الأمريكي، و أن لا أحد غيره يمتلك الجرأة و الشجاعة لقهر الكيانات الاقتصادية الشرقية القوية جدا، و لا أحد غيره يستطيع إخضاع التكتلات التي تتشكل لمحاربة الاقتصاد الأمريكي كـ “البريكس”…، لقد كان نجاحه الانتخابي قرارا قويا لتصحيح مسار دولة.

      ما يحدث في أمريكا هو نتيجة للعقلاء الذين يتدبرون شأنها و الذين يهمهم بالدرجة الأولى مصلحة المواطن الأمريكي، و جميع الخيارات لدى البيت الأبيض تدرس استراتيجيا و سياسيا و دبلوماسيا للوصول إلى النتيجة الاقتصادية المستهدفة، لكن لنعكس أشعة السياسة على زجاج مكتب الحكم في الرابوني، أين يقبع مكتب الأخ “إبراهيم غالي” و زبانيته، حتى نفهم سر بقاء الوضع في اللجوء منذ نصف قرن على حاله، و سر الجمود القائم، و لتفهم أيها القارئ الكريم منطق غربان البيت الأصفر المهجور في تدبيرهم لملف قضيتنا الصحراوية، ولا تستغرب إن أخبرتك بأن قرار “ترامب” رفع التعريفة الجمركية على الدول تراه بعض النخب الصحراوية من “الهنتاتة” انتصارا للقضية الصحراوية، و إن كان القرار لا يعنينا كشعب صحراوي لا من قريب أو من بعيد، لهذا لا أحد من العقلاء الصحراويين أصبح يستغرب لحال القيادة الصحراوية اليوم، لعلمه بأن الوضع القائم بالمخيمات هو نتيجة نصف قرن من  الترويج لخطاب الحماسة و الانتصارات الوهمية على المحتل المغربي؛ انتصارات لا يراها غير المنتفعين من اللجوء و زبانية “الشهيد الحافظ”، و الواقع أنهم حين كانوا يسوقون لنا تلك الانتصارات الهلامية، كان العدو المغربي ينفذ خططه لإنهاء الملف و الإجهاز على أضعف أحلامنا، و لم تكن أزمة الگرگرات غير ورقة التوت التي كشفت لنا ضعف و محدودية التخطيط الاستراتيجي لقيادتنا و خلفها قصر المرادية.

      ما جاء في هذه المقدمة ليس تشاؤما و لا فلسفة صحفية تنشر خطاب التيئيس…، و لا هو بمقال الشماتة؛ إذ ما ينبغي لنا أن نشمت من واقع قضيتنا لأننا أصحاب الجرح و نحن من  يحس بألمه…، و لكنه خطاب الواقع و قراءة الأحداث كما وردت و كما شاءت لها الأقدار أن تتطور، و سنقدم لك أيها القارئ سلسلة من المعطيات لتفهم حجم الضياع الذي حل بالقضية منذ تولي الأخ “إبراهيم غالي”، و لتعرف أن الأعطاب التي أصابت القضية يستحيل إصلاحها في المدى المنظور… !!

      قبل الوصول إلى ملف الاعتراف الأمريكي المتجدد سننطلق في سرد التطورات من روما، حيث صديقة قصر المرادية، رئيسة الوزراء الإيطالية “جورجيا ميلوني”، أو كما وصفها الرئيس الجزائري ابنة إيطاليا التي أحبت بلاد الشهداء، دخلت في مفاوضات سرية مع الرباط لدعمها في ملف الصحراء الغربية، و حسب الإعلام الفرنسي فإن “ميلوني” أبلغت الإتحاد الأوروبي بأن الحكومة الإيطالية قد تعلن في غضون أسابيع موقفها من الصحراء الغربية الداعم للرباط، و الذي يتوافق مع مواقف الدول التي تقود الإتحاد العجوز، كما أعلنت رئاسة الحكومة  الإيطالية، بأمر من “ميلوني”، بأن شركة “جنرال كونستروزيوني فيروفيري”(GCF)  الإيطالية، المتخصصة في بناء السكك الحديدية، قد تحصلت داخل المغرب على صفقة لتوسعة خط القطار فائق السرعة، حيث تم اختيارها من قبل المكتب الوطني للسكك الحديدية ((ONCF لتنفيذ أعمال البناء في القسم الجنوبي من المشروع، كما تحصلت على صفقة ثانية لتوريد مقطورات جر و صفقات أخرى تتعلق بمشاريع البنية التحتية.

      الأمر لا يقتصر على روما، بل رئاسة الوزراء البريطانية أعلنت أمام البرلمان في لندن أن المفاوضات مع الرباط بشأن الاعتراف بسيطرته على الصحراء الغربية بلغت مراحل متقدمة، و لا ينقص غير الإعلان الرسمي… !!، و كنا على هذا الموقع الحر أول المُنبهين إلى وجود مفاوضات بين لندن و الرباط تخص شراكات اقتصادية، تريد بها بريطانيا تعويض فرنسا في العمق الإفريقي، و تقدم لذلك موقفها السياسي للرباط المؤيد لاحتلالها الصحراء الغربية كأرضية تسمح بالانضمام للاتحاد الأطلسي و كمدخل للوصول إلى العمق الإفريقي.

      هذه المعطيات نوردها حتى نشرح كمية الكمد الذي يعتصر قلوبنا بسبب ما تسبب فيه الاعتراف الأمريكي، أو ما كان يصر البيت الأصفر المنقوع  على توصيفه بـ “تغريدة ترامب”، و التي تطورت – قبل كتابة هذا المقال بيوم واحد – لتتحول إلى رعب يهدد وجود قضيتنا الوطنية و حلمنا في تحقيق وطن مستقل، مثلما تحولت إلى طعنة قاتلة في خصر الشعب الصحراوي، لكن الذي نزف من قوتها كان قصر المرادية، فصاغ بيانا مخيبا للآمال، و لم تستطع السلطات الجزائرية الإقدام على استدعاء السفير الجزائري في واشنطن للتشاور، إذ اتضح أن الحليف أمام أمريكا يبدو عاجزا، و كأنه كـ “الميت أمام غسّاله”، و لا يستطيع ابتكار أي حل يمكنه أن يقوض به الموقف الأمريكي، و كان القياس أن تستدعي الجزائر سفيرها غضبا، أو أن تدعو مجلس الأمن لاجتماع طارئ، أو أن تبلغ السفيرة الأمريكية سخط السلطات الجزائرية على قرار الرئيس الأمريكي كما فعلت مع فرنسا و إسبانيا، لكن قصر المرادية أظهر الهوان و قلة الحيلة أمام القرارات الأمريكية، و هي ليست المرة الأولى التي يرد فيها الرئيس الجزائري ببيان عاطفي و لطيف على الأمريكيين، يُزكي ما قاله وزير الخارجية الروسي بأن الجزائر كدولة  تنقصها الهيبة و الوزن و القوة في المواقف الدولية.

      ما أعلنه وزير الخارجية الأمريكي “روبيو” لم يعد مجرد دعم دبلوماسي للرباط، بل قرار يُلزم حتى الأمم المتحدة و مجلس الأمن، عطفا على الإجراءات التي باشرتها الخارجية الأمريكية كي تبلغ الهيئات الدولية و تلزمها باحترام القرار الأمريكي، و بالتالي التعامل مع الملف جزءا من عمل الخارجية الأمريكية، و الأكثر من كل هذا فإن الرئيس “ترامب” قد أعلن رفع التعريفة الجمركية على الصين كي تصل إلى 125%، ليكون قد أهدى للرباط ورقة تفاوض قوية مع التنين الآسيوي، الذي لا خيار أمامه غير نقل صناعاته إلى المغرب من أجل الاستفادة من التعريفة المنخفضة و التي لا تتجاوز الـ 10%، و بالتالي على الصين تقديم تنازلات كبيرة للرباط حتى تقنعها برغبتها في نقل مصانعها، و الرباط سبق لها أن حددت شروطها في العلاقات الدولية التجارية و الدبلوماسية و الصناعية…، بأنها تراها من  خلال نظارات الصحراء الغربية، و الصين لن يضرها الخروج بموقف مماثل لأمريكا و فرنسا، و بذلك تكون الرباط قد أكملت النصاب في مجلس الأمن لإغلاق الملف.

      النظام المخزني يعيش عصرا ذهبيا في الدبلوماسية، و لم يسبق للقيادة الصحراوية منذ تأسيسها أن مرت من مأزق كهذا، و ما نخشاه أن الملف قد لا ينجو من الفخاخ التي ينصبها المحتل قاريا و دوليا و أوروبيا و عربيا، بعدما تحول إلى غول دبلوماسي، يستطيع خلع الجبال، و له قدرات عجيبة في ترويض الرأي الدولي و تغييره ليتناسب مع توجهاته، و كل ما يستطيعه قصر المرادية اليوم، و معه “الهنتاتة” في الرابوني، هو انتظار النتائج الكارثية، و إحصاء الخسائر، بدءا من تفكيك البعثة الأممية “المينورسو” و إنتهاءا بإغلاق الملف و سحبه من اللجنة الرابعة.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمكنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد