بـقـلـم : بن بطوش
ثمة كم لا يصدق من الرسائل تصلنا عبر منصاتنا…، كلها تتهمنا بالغلو في نكأ الجراح، و كلها تعترف لنا بالبراعة في التشخيص و التحليل و الوصف الكاريكاتيري…، و عندما أنهينا فرز و تمحيص تلك الرسائل أحسسنا بالفخر لحجم التّعَلُّق الذي أبداه القراء الكرام على اختلاف قناعاتهم و مشاربهم…، و هذا يذكرنا بعبارات الرائعة “أحلام مستغانمي” يوم أجابت عن سؤال: “لماذا نحب كاتبا بالذات…؟ “، حيث أجابت:”لا لأنّه يُبهرنا بتفوقه علينا، بل لأنّه يُدهشنا بتشابهه معنا، لأنه يبوح لنا بخطاياه ومخاوفه وأسراره التي ليست سوى أسرارنا، والتي لا نملك شجاعة الاعتراف بها…”.
هنا ينبض السر العظيم لمقالاتنا، هذه الكاتبة الجزائرية الرائعة وصفت الكيمياء الخفية بين النص و كاتبه و قُرَّاءه…، و بين الصورة و راسمها و متأملها، و كأن كل تلك المعاني المركبة أرواح من التكامل و التطابق و التماهي تضبط إيقاع المشاعر بين كل المتورطين في مقالات موقعنا… و نحن على هذا الموقع الحر لا نرمي المساحيق و الألوان في مسافات التحليل و لا نمارس الخداع، بل نضيء الزوايا و نطرد العتمة؛ نحن نمثل المخاوف و الانتظارات، نكتب عن المواجع و النكبات، نبكي ثورة سُرِقت منا باسم الوطنية، و نُشيِّع أحلام الرجال التي ولدت ميتة، نمد مقالاتنا إلى القلوب و منها إلى العقول لنفتح الأعين كي توضح أمامها الطرقات، و تمشي في دروبها و تتجنب مهالكها.
و الواقع أن ما يدفعنا للكتابة في قضيتنا و عن أحوال دولتنا المنشودة، هو نفسه ما يحتم علينا الكتابة و النبش في الشأن الجزائري، لنبلغ الصحراويين أن مصيرنا من مصير نظام حليفنا و الذي يعيش حاليا مرحلة صعبة جدا، و يمر بسبب صراعه مع الرباط و بسبب قضيتنا بمرحلة حرجة تستهدف وزن و سمعة هذا #البلد_القارة على المستوى الدولي، و تعيده إلى الخلف سنوات و سنوات، و إنا كنا من قبل نتحدث عن صراع غير متكافئ بين القيادة الصحراوية و المحتل المغربي… هذا العدو المتمكن من أدوات التفوق، و لم يكن أحد يستطيع أن يتوقع أنه سيأتي يوم و نتحدث فيه عن عدم توازن بين العدو المغربي و الحليف الجزائري، تميل فيه الكفة للرباط، و تظهر فيه بلاد الشهداء بكل مقدراتها و نخبها، و كأنها بلاد تعيش تحت خط التفوق و تعوزها الوسيلة لتحقيق الانتصارات، فتسقط في كل النزالات مع عدوها الكلاسيكي…،على المستويات السياسية و الدبلوماسية و الاقتصادية و الرياضية.
لقد عشنا جميع النكبات و توقعنا كل المشاهد التي تظهر فيها هزائم البيت الأصفر بالرابوني، لكن لا أحد منا توقع يوما أن يرى الجزائر في هذا المستوى من الضعف و الهوان؛ رجل واحد هزم دولة بأكملها… “فوزي لقجع” تحول إلى كابوس للنظام الجزائري الذي أراد تطييب نفوس الشعب الجزائري و دفعه لنسيان فضيحة “البريكس”، لكنه اصطدم بعقاب رئيس الجامعة المغربية لكرة القدم الذي لم يحرم فقط الجزائر من تنظيم عرس السمراء لسنة 2025، بل حرمها من تنظيم كل النسخ حتى مونديال 2030، و الحقيقة أننا توقعنا فوز الرباط بتنظيم نسخة 2025، لكننا لم نتوقع أن تُحرم الجزائر من باقي النسخ، و أن يُدفع قصر المرادية للانسحاب، و كل ماحدث – حسب المتتبعين- هو عقاب للحليف على خطاب “مانديلا الصغير” و على اللقاء الذي جمع منتخبنا الصحراوي و فريق “مولودية الجزائر”، و الواضح أن الجزائر تقبلت فكرة العقاب و أعلنت أنها لن تترشح لأي نسخة و ستتفرغ لتطوير منظومتها الكروية و تحسين أحوال فرقها…، و هذا يعكس حجم اليأس الذي سربه “لقجع” للنظام الجزائري.
لا يمكننا الخوض طويلا في ضربات “لقجع” الإفريقية في حق الحليف، لأننا ملزمين بعدم إطالة البكاء و إمعان العقل، ذلك أن الجزائر الرسمية لم تستطع تمالك مشاعرها نتيجة الإخفاق الكبير رغم ترأس الجنوب إفريقي “موتيسيبي” للإتحاد الإفريقي للكرة، و منحت السلطات الجزائرية الضوء الأخضر لصحافة البلاد من أجل التهجم على الدول التي صوتت للملف المغربي، و عددها 22، مقابل صفر للملف الجزائري و صفر آخر حضي به الملف النيجيري، فاستعملت صحافة الجزائر نعوتا و تعابير عنصرية مقيتة ضد الشعوب الإفريقية نستحيي من كتابتها، سيكون لها تداعيات مستقبلا على الدولة الجزائرية، و هذه نكبة أخرى ستتكلف “الفيفا” بالإفتاء فيها…، لكن ثمة ملاحظة و جب التساؤل بشأنها، حول السبب الذي يجعل كل نكبات الجزائر تحصل في عصر ترؤس أطر من دولة جنوب إفريقيا للمنظمات… !!؟ فقد حصدت الجزائر الخيبة من “البريكس” في اجتماع جنوب إفريقيا و رئاستها للتكتل، و حصدت الجزائر الإهانة داخل الـ CAF في عصر رئاسة الجنوب إفريقي “موتيسيبي”، و هذا أمر وجب فهمه و كأن جنوب إفريقيا تعامل الحليف بازدواجية المواقف، و تتصرف عكس خطابها الرسمي.
و بينما كان “لقجع” يقصف و يدك تخندقات الجزائر خلف جدار المحفل الإفريقي، كان سفير دولة الاحتلال بالأمم المتحدة، “عمر هلال”، بلغة فرنسية سليمة و سهلة، و بهدوء مستفز، و بحركات الواثق، و أمام عدسات قنوات العالم الإخبارية، يرتجل كلاما أشبه بالرصاص مزق خلاله معنويا صورة الجزائر أمام العالم…، كان يتحدث و يفسح بعض اللحظات للمترجمين كي ينقلوا عنه ما يتلوه إلى شعوب و قيادات العالم،… تهجم على الجزائر و اتهمها بخيانة الجيرة و خيانة الدماء المغربية التي سالت لأجل تحرير هذا الوطن، و وصف النظام الجزائري بالغدر و التنطع و الانقلاب على مبادئه لأنه يدعم القضية الصحراوية، و اتهم الجزائر بإشعال النيران في كل حدودها و ورطها في الأحداث التي تقع بدول المجاورة لها، و قال أن الحدود الوحيدة الهادئة و الآمنة هي تلك التي تجمعها مع المغرب.
و استغل “هلال” تصريحات المبعوث الأممي “دي ميستورا” ليقول أن مدن الصحراء الغربية أفضل من مدن الجزائر، و أن الجزائريين أولى بأموالهم من اللاجئين الصحراويين، و أن النظام الجزائري يفرض على الجزائريين الاصطفاف في الطوابير مقابل تحويل مقدراتهم لتمويل قضية خاسرة، و لم يفوت الفرصة ليخبر العالم أن النظام الجزائري يعيش إنفصاما في المبادئ و يدافع عن حق تقرير المصير و ينكر هذا الحق عن الشعب القبايلي… !!
ما فعله الثنائي “لقجع” و “هلال” بسمعة الجزائر في إفريقيا و في الأمم المتحدة لا يمكن وصفه بغير الهلوكوست، لأن الإعلام الجزائري بعد أن اتهم الإتحاد الإفريقي للكرة بخيانة الجزائر، قررت لجانه تسريب وثيقة الشركة الألمانية التي تكلفت بتقييم الترشيحات، و كشفت عن المقارنات المهينة و الخادشة للكبرياء الجزائري، التي تفوقت فيها الرباط بالطول و العرض في كل المقاييس، و لم تتمكن الجزائر من التفوق في مقياس واحد، و حتى لدى الأمم المتحدة كان “هلال” يتحدث و يتهم الجزائر و يشيطنها بصوت الواثق، و كأن بين يديه ملفا تثبت إدعاءاته، و الكل يعلم قوة المحتل المغربي المخابراتية، لهذا لم يتدخل أحد لمقاطعته أو لمنعه من إهانة الجزائر، يقينا منهم أنه يتحدث بالأدلة و لا مجال للطعن في حقائقه…، و لا أحد يستبعد أن تكون الرباط قد عممت الأدلة على كل الدول المنضوية تحت لواء الأمم المتحدة….
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة