مجلس الدولة الفرنسي يرفض طلب إلغاء اتفاقية “إيفيان” و وزير الداخلية الفرنسي يِؤكد بأن إلغاءها يعني إلغاء استقلال الجزائر
بقلم: القطامي
نشرت عدة منابر إعلامية رسمية جزائرية خبرا يؤكد ما جاء في مقالاتنا الأخيرة بخصوص كواليس المعركة الدبلوماسية التي تدور بين الرباط و باريس، حيث كشفت بأن مجلس الدولة الفرنسي رفض طلب إلغاء اتفاقية “إيفيان” مع الجزائر، و هي النقطة التي سبق أن أشرنا لها من خلال الحديث عن وجود مفاوضات موازية بين باريس و الجزائر، و قلنا بأن النظام الجزائري أمام الضغوط الفرنسية اشترط على قصر الإليزيه مراجعة اتفاقية “إيفيان”، مقابل تقبل فكرة “اعتراف” فرنسا للمغرب بالسيادة على الصحراء الغربية.
فرنسا المعروفة بخبثها السياسي و الدبلوماسي، لم ترفض الشرط الذي وضعته الجزائر، بل طلبت من النظام الجزائري مهلة لعرض المقترح على مجلس الدولة الفرنسي و وزارة الداخلية الفرنسية، قبل طرح الفكرة للنقاش العام في فرنسا، على الرغم من أن اتفاقية “ايفيان” هي الوثيقة القانونية الذي بموجبها تتحكم باريس في كل تفاصيل الحياة في الجزائر و في دواليب الحكم و الإنتاج،… و كما كان متوقعل فالطلب أفتى فيه مجلس الدولة الفرنسي بالرفض بمبرر أن “من يقترحون إلغاء أو تعديل الاتفاق يريدون الإضرار بالجزائر” و شرح وزير الداخلية الفرنسي هذا “الضرر” في لقاء إعلامي، بالقول أن الجزائر تحصلت على استقلالها بموجب تلك الاتفاقية، و بأن إلغائها يعني بالمقابل إلغاء استقلال الجزائر.
تفسير الوزير الفرنسي لهذه المسألة نزل كقطعة الثلج على من بقي من أفراد جيش التحرير الجزائري (المجاهدين) ليعيش هذه اللحظة المُهينة، و الذين لم يظهروا أي ردة فعل تجاه الرفض و تجاه تعليق وزير الداخلية الفرنسي الخطير بخصوص السيادة الجزائرية المرهونة، إذ على الرغم من أن الوزير الفرنسي استفز الجزائريين حين ربط استقلال بلادهم بكونه مجرد عطف و إحسان من الدولة الفرنسية و أنكر على المجاهدين تضحياتهم خلال حرب التحرير التي دفع فيها الشهداء أرواحهم، إلا أنه لوحظ غياب لأية ردة فعل -حتى الآن- و هو ما يؤكد بأن من يحكم الجزائر حاليا ليسوا أولئك الذي قاوموا من أجل استقلالها، بل أبناء “الحركيين” الذين كانوا متعاونين مع الاستعمار.
كلام وزير الداخلية الفرنسي يذكرني بما قاله، في شهر سبتمبر من سنة 2021، ” لخضرالإبراهيمي”، الدبلوماسي الجزائري المخضرم، عندما رد على سؤال في حوار خص به يومية “لوموند” الفرنسية ، يتعلق بتقييمه للانسحاب الأمريكي من أفغانستان، و سقوط كابول في يد “طالبان” بتلك الكيفية، حيث شبّه مغادرة الجيش الأمريكي، بـ “خروج فرنسا من الجزائر”، وقال: “الخروج الأمريكي من أفغانستان بعد 20 سنة من الحرب، لا يمكن اعتباره هزيمة عسكرية، إنه يشبه تماما ما حصل مع خروج فرنسا من الجزائر“.
و علق عدد من النشطاء في الجزائر على قرار مجلس الدولة الفرنسي بأنه يكشف كذب النظامين الفرنسي و الجزائري، و تواطؤهما ضد المواطن الجزائري البسيط، الذي يحتفل كل سنة بعيد الاستقلال، و هو لا يدري أن بلاده غير مكتملة الاستقلال، و أنها لا تزال مرتبطة بشروط (اتفاقية “ايفيان”) تسمح لفرنسا في حال الإخلال بالتعهدات بالعودة إليها كمحتل من جديد، أو بجر البلاد عن بكرتها إلى المحاكم الدولية و تعريضها للعقوبات الاقتصادية و السياسية القاسية، و بالتالي عودة فرنسا من النافذة لاحتلال الجزائر.
و أضافوا أن عدم وجود وثيقة للاستقلال لدى الدولة الجزائرية تؤكد الوضعية السياسية المبهمة و الملتبسة لبلادهم … و الغريب أن الجزائر هي الدولة الوحيدة التي اختارت تاريخ “5 جويلية” ليكون عيدا رسميا لاستقلالها؛ لأنه يصادف ذكرى الاحتلال الفرنسي لها (يوم 5 جويليه 1830) بمعنى أن الشعب يحتفل بعيد استعماره لا استقلاله…. و الأكثر غرابة أنه حتى الأمم المتحدة لا تدرج اسم دولة الجزائر ضمن الدول التي تحصلت على استقلالها من فرنسا، و تعتبرها إلى اليوم مستعمرة فرنسية على شاكلة المستعمرات البريطانية التابعة للتاج البريطاني و تتمتع باستقلال ذاتي.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة