Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

قصر المرادية يتورط في فوضى فرنسا و الملاحظون يتوقعون انتقال الاحتجاجات إلى الجزائر

بـقـلـم:بن بطوش

         منذ فتحت عيني في هذه الحياة التي نجالد لنتحمل سطوتها و بطشها كشعب صحراوي حُرِم من الوطن و اختار طوعا حياة اللجوء، و منذ  أن ارتبطت بعلاقة مجنونة مع المطالعة بحثا عن الحقائق…، لم يسبق أن قرأت أو سمعت أو عايشت وضعا للحليف الجزائري كما هو اليوم؛ دولة تغرق في الأخطاء، لدرجة أن المشهد فعلا أصبح مقلقا و يُخيفنا كأصحاب قضية ترتبط سُرِّيا ووجدانيا و أخلاقيا و روحيا و عقائديا بما يحصل في “قصر المرادية” و “ثكنة بن عكنون” و “نادي الصنوبر”… فتخيل معي أخي القارئ أن ما كان ينقص الجزائر في هذه الظرفية بالذات هو أن تحصل إسبانيا على رئاسة الاتحاد الأوروبي….!!؟

          و أزيدك من البيت شعرا، فبعد نتائج الانتخابات البلدية التي أعلنت عن فوز “الحزب الشعبي” (PP) و أكدت تراجع “الحزب الاشتراكي” و التي خلفت موجة من البهجة في الصفحات و المواقع الإعلامية الصحراوية و الجزائرية، احتفاءا بنهاية عصر “سانشيز” و إمكانية جلوس “ألبيرتو فيخو” على كرسي الحكم في إسبانيا أصبحت هي نفسها مصدر تعاستنا… !!؛ ذلك أن وكالات الأنباء الإسبانية عادت لتحقن قلوبنا باليأس، و نشرت، بعد فشل حزب “سانشيز”، تقاريرها حول عزم زعيم الحزب الشعبي “فيخو” مواصلة تقوية الروابط مع الرباط، و قالت أن ذلك سيحدث بتوصية من الملك الإسباني.

         و تضيف وكالات الأنباء الإسبانية أن رئيس المجلس الوطني للحزب الشعبي PP، “إلياس دودو الصايغ”، أحد أقوى مستشاري “فيخو”، هو مهاجر من أصول مغربية، و ينحدر من مدينة العرائش، و يمضي معظم وقته في مسقط رأسه و له علاقات قوية مع الأحزاب المغربية، و له استثمارات في بلده الأم، في إشارة من الإعلام الإسباني إلى أن المغرب يخترق القرار السيادي الإسباني و يتحكم فيه بالطول و العرض، و يصعب على أي مسؤول حكومي  مهما كانت أولوياته أن يغير خيارات إسبانيا الاستراتيجية…

           وضع الجزائر الصعب لا يرتبط بالمتغيرات التي تحدث داخل الشأن الإسباني فحسب، بل يكاد يعم كل دول أوروبا و مجلس التعاون الخليجي و الجامعة العربية، بسبب نعرة العنف الدبلوماسي و ردات الفعل غير المحسوبة لقصر المرادية، مما تسبب لهذا النظام في أزمات عميقة مع فرنسا، و الإمارات العربية، و مع الأمير السعودي القوي “محمد بن سلمان”، و لها أزمة صامتة مع مصر و أخرى تكاد تنطق مع تونس، ناهيك على أن حليفها الأول و الأخير موسكو يغرق في الشك و الخيانة، حيث أصبح ظهر الجزائر عاريا بعد تمرد مرتزقة “الفاغنر” على الكريملن و الاعتقالات التي طالت قيادات الجيش الروسي المرتبطة بعلاقات قوية مع “سعيد شنقريحة”…

           هذا بالإضافة إلى أن للجزائر حدود مشتعلة مع شمال مالي حيث الأزواد أعلنوا ثورتهم، و حتى غربا فحدوده مع العدو المغربي تغلي، و كذا حدوده الشرقية حيث يناوش “حفتر”، و ما يزيد من الإحباط الصحراوي و الجزائري…، هو إعلان القيادة العسكرية الأمريكية رغبتها في ضم الجيش المغربي إلى القيادة العسكرية الأمريكية الوسطى CENTCOM، مما يفيد أن  البنتاغون  أصبح مقتنعا بقوة الجيش المغربي و تريده واشنطن ضمن التداريب مع دول الشرق الأوسط، و لكم أن تتوقعوا حجم الأهمية لمثل هكذا خيارات عسكرية أمريكية.

            هذه الوضعية المعزولة و المتوترة قد يؤدي قصر المرادية فواتيرها الباهضة من مستقبل البلاد، و الغريب أن القيادة الجزائرية بهذا الوضع الكارثي موغلة في استثمارها بالفوضى، رغم حصولها على مقعد غير دائم في مجلس الأمن، و أنها خلال انتخابها للعضوية غير الدائمة تعهدت بخدمة السلام و الأمن و الاستقرار في العالم، لكن ما يقوم به النظام الجزائري و الإعلام الرسمي في الجزائر، فيه انقلاب خطير على الوعود التي قدمتها الدبلوماسية الجزائرية للعالم، و هذا يزيد من نفور الدول و ابتعادها عن بلاد الشهداء، بعدما أبدت الإمارات العربية تعاطفا مع دولة فرنسا، ليس نكاية في الطفل “نائل” الذي قتل بشكل وحشي من طرف الأمن الفرنسي، و لكن انتقاما من الجزائر التي اتهمت الإمارات العربية بالتجسس لصالح الكيان الإسرائيلي، و أيضا لأن الاستثمارات الإماراتية تضررت بسبب التخريب الذي طال الفنادق و المحلات التجارية و الماركات العالمية، و أيضا لأن الإمارات ترى في ردة فعل المهاجرين الجزائريين استغلالا بشعا للحريات من أجل تدمير أحد المراكز التي تصنع باستمرار الحضارة في هذا العالم.

           البيان الإماراتي جاء مغايرا للبيان الجزائري المحرض، هذا الأخير الذي وضع الخارجية الجزائرية في موقف من يبحث عن منفذ إلى عنق “ماكرون” كي تلف حوله الحبل ثم تضرب الكرسي أسفل قدميه…، و يبدو بيان الدولتين مجانبا للصواب، لأن الإمارات العربية بكل برغماتية تبحث عن حماية مصالحها المادية وسط هذا الغضب، و الجزائر تريد استغلال همجية الغاضبين كي توهم الإعلام الدولي أنها من جعل فرنسا تحترق لتدفع ثمن الاستعمار و الاستغلال و “اتفاقية إيفيان” و جرائم التجارب النووية…، لكن الواقع أن الجزائر – كما جاء على لسان الخبراء- تعجز عن تأطير المتظاهرين، و لا تستطيع حتى توجيهم إلى متحف الإنسان لتحرير الجماجم المحتجزة فيه، و تعجز عن دفعهم لتخريب الأرشيف الفرنسي حيث أسرار الجزائر الكبرى و المرعبة…، فالجموع الغاضبة تتحرك فقط بغريزة النهب و تفريغ الحقد و المكبوتات.

        فما يحدث في فرنسا لاتتحكم فيه الجزائر، و تفسيرات “ماكرون” لما يجري كانت واضحة، حين قال “أنه يعرف الأطراف التي تهيج الشارع و أن التمرد ليس له قيادة، بل مجرد موجة غضب تذكيها وسائل التواصل”، و الغريب أن “تويتر” و “فايسبوك” و “أنستغرام” و “واتساب”، المملوكين لرجال أعمال أمريكيين أصبحوا فجأة يبيحون نقل مشاهد العنف و التخريب  بفرنسا و يرفضون حضرها و لا يتم تصنيفها كمشاهد مؤذية… !!

          و هنا يتضح أن وسائل التواصل الاجتماعي متورطة في الأمر، و تسهل الوصول إلى المشاهد التي كانت تصنف قبل مقتل الطفل “نائل” ضمن المحرمات و يعاقب على مشاركتها بتوقيف الحسابات، و حتى تتضح الرؤيا نعود قليلا إلى الوراء، حين قال الرئيس الفرنسي في مقابلة له مع صحيفة “بوليتيكو” و هو عائد من زيارته للصين، أنه يتوجب على أوروبا أن تقلل من اعتمادها على الدولار الأمريكي و تقليل اعتمادها على الولايات المتحدة وأكد على أهمية نظريته حول “الحكم الذاتي الاستراتيجي لأوروبا”، التي من المفترض أن تقودها #فرنسا، لتصبح “قوة عظمى ثالثة”.

       مع انتهاء شهر أبريل المنصرم و بداية شهر ماي، أطلق النظام الفرنسي حملة لشراء الذهب و تخزينه و التخلص من احتياطاته الاستراتيجية من الدولار…، لهذا فرنسا اليوم تدفع ثمن تحريضها لأوروبا على التخلي عن الدولار، و أن البنك الدولي و المؤسسات العالمية التي تجتمع كل أسبوع البيت الأبيض لتقرر مصير العالم، غاضبون جدا من “ماكرون”، و يرون في الرئيس الفرنسي شابا مندفعا يحاول أن يكون “روبن هود” أوروبا مستغلا خروج بريطانيا التي كانت تقود الاتحاد العجوز بقبضة حديدية، و الأكثر ترى في فرنسا دولة جاحدة و ناكرة لخير أمريكا التي بنت أوروبا بمشروع “مارشال” بعد الحرب العالمية الثانية… لهذا فرنسا لم تطلب المساعدة الأمنية من أمريكا رغم انفلات الأوضاع، بسبب اقتناعها أن المؤسسات الأمريكية متورطة فيما يجري، و توجهت إلى إسرائيل تطلب العون الأمني و التقني، لكن إسرائيل لم تتفاعل مع طلب باريس.

         ما يفزعني كأحد متتبعي الشأن الدولي  و تأثيراته على الوضع الصحراوي و الجزائري، هو عدم توفر الجزائر على نخب ذات نظرة تستطيع قراءة ما وراء الأحداث، و كان القياس أن تخشى الجزائر على نفسها بعد ما حدث في فرنسا؛ لأن الرئيس “تبون” لتوه عاد من روسيا أين طالب صديق العالم “بوتين” بمساعدته للخروج من منطقة الدولار، ظنا منه أن قرارا بهذا الحجم فيه معاقبة لأوروبا و للمحتل المغربي و أنه سيرضي موسكو بهذا الخيار و سيصبح نجم العالم المسحوق…، لكنه في الواقع، كل ما فعله أنه منح نفسه لقب العدو الكلاسيكي رقم واحد للمؤسسات التي تدير هذا العالم من برصة الورقة الخضراء، فهل يعرف “تبون” أن بيانه أظهر محدودية فهمه لما يجري في هذا العالم؟ و أن المحطة التالية بعد فرنسا قد تكون الجزائر و أن صمت الرباط عن فوضى فرنسا فيه حكمة و عمق… !!؟

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد