بيان القيادة الصحراوية التضامني مع “عزيز غالي” زاد من توريطه أمام الشعب المغربي و برأ المخزن من تهمة المؤامرة على الرجل… !!
بـقـلـم : بن بطوش
يقول أحد الروائيين أن “الثعلب لديه قصص و بطولات عظيمة، لكن جميعها مع الدجاج”…،و أنا أقول أن الحقوقيين الصحراويين بالأرض المحتلة جلهم لديهم مخططات كبيرة، لكن كلها مبنية على “التهنتيت” و على تحصيل المنافع و على تجارة السجون…، و الاستثمار في القضايا الجاهزة و الهدايا المجانية…، مثلما حدث في البيان التضامني مع “عزيز غالي” حينما وافقوا على تضمين أسماء جمعياتهم دونما معرفة ما سيتضمنه البيان، حيث كان القياس أن يتضمن بعضا من الكياسة و أن لا تغالي قيادتنا في التطبيل لـ ” عزيز غالي”…، لأن الحقوقي المغربي الذي اتخذ من معاداة نظام بلاده عقيدة، لم يكن ليتضامن مع الشعب الصحراوي و يغامر بحريته و بسلامته، لولا أنه تحصل على أحد الأمرين؛ إما أن الحليف الجزائري كان سخيا جدا معه، أو أن الرباط أوجعته فضاق عليه رزقه، إلى حد ما عاد يستطيع معه الصبر بعدما جففت منابعه و تركته يجوب الشوارع…، لهذا فتصريحاته الأخيرة بخصوص موقفه من قضيتنا لم يكن حبا في أعين الصحراويين و تعاطفا مع مأساتنا.
البيان الذي وقعه 22 كيانا بينهم جمعيات حقوقية صحراوية و مؤسسات إعلامية لا يتابعها غير من يكتب على صفحاتها، و بعض الفاعلين في ساحة النضال الخالية من أي حراك…، كتب بلغة مستهلكة، و لا نريد أن نقول أنها لغة مفلسة لأنها مجرد حشو و اجترار للغة التظلم و القهر، و تكاد تكون تكرار للبيانات التقليدية التي أصبحت تتشابه مع بيانات الأقصاف لجيشنا الصحراوي، لدرجة أن لا أحد من الذين جالستهم على منابر غرف النقاش أكمل قراءة البيان إلى منتهاه، و كنت أتقصد طرح السؤال حتى أتيقن إن كان البيان التضامني أدى دوره، لأكتشف أن نخب الشعب الصحراوي و الطبقة المفكرة التي نجت من خطاب التنويم في العسل، قد فقدت شغفها ببيانات الدكاكين الحقوقية، مثلما فقدته في بيانات المؤسسة العسكرية الصحراوية التي تتحدث عن الدك و القصف و التدمير و الأسر و القتل…، و وجدت بين المهتمين من لم يسمع عن البيان و من لم يجتهد لقراءته حتى.
نترك لغة البيان المستهلكة و ننطلق في جرد التأثير المحتمل للبيان على الرجل الذي ورطه شاب مغمور من هواة العمل الصحفي (بودكاست)، و هو يباغته بسؤال غادر على مسمع و مرأى من ملايين الشعب المغربي، حيث حاول المناضل و الحقوقي “عزيز غالي” الظهور في ثوب الجسور الذي لا يهاب التعبير عن رأيه حتى في حديثه عن “مقدسات” المغاربة، الذين يستطيعون أن يغفروا لمن يقاسمهم الوطن و الجنسية أي جريمة، لكنهم لا يستطيعون أن يغفروا لمن يسمونه عدو وحدتهم الترابية… !!
لهذا جاء البيان التضامني لقيادتنا كهدية لمن أراد شيطنة الرجل عند الرأي العام المغربي، و التضامن الذي أبدته الدكاكين كان ساما و وبالا عليه، و لن ينفعه بشيء عدا أنه سيزيد من تكدير صورته عند الشعب المغربي، الذي كان يراه بطلا حين كان يناهض شركات الأدوية و الأثمنة الباهظة لتكاليف العلاج، و عندما كان يتطوع في الحروب بالشرق الأوسط، و حين كان يتحدث عن شخصية “حسن نصر الله” و عن “حزب الله” و قادة “حماس”، حينها كان يجد بين القومجيين المتباكين على الناصرية و اليساريين المتخلى عنهم و عند معتنقي مذهب الإسلام السياسي…، من يناصره و يمنحه الألقاب، لكن حين داس زر القضية الصحراوية، و حصل على تعاطف حقوقيينا بالجبهة الداخلية، أصبح معزولا و ألصقت به صفة الخيانة.
في الواقع أن ضعف البصيرة التي أصبحت لدى كبار “الهنتاتة” في الرابوني، كثيرا ما تربك قرارات البيت الاًصفر المرتجف و المتأخر دوما في ردَّات فعله، و تؤكد بأن المرحلة الحالية هي الأسوأ قياديا في تاريخ القضية الصحراوية، و تقود مشروعنا نحو نفق مجهول، لأن ردة فعل الدكاكين الحقوقية التي جاءت في صيغة الموافقة على بيان تحت طلب البيت الأصفر – بعد نشرنا لمقال تفاعلي يخص تصريحات الرجل على هذا المنبر الحر، وصفنا فيه أخطاء هذا المناضل و شرحنا التقاطعات بين فكره و عقيدته و قناعاته، دون تحامل و من غير تناقض مع ما جاء في جوابه الحقوقي بخصوص قضية الصحراء الغربية -، منح المحتل بريقا حقوقيا و زاد من تحسين سمعة المخزن كأرض تتسع للجميع بمن فيهم أصحاب الفكر المعارض لما يسمى “مغربية الصحراء”…، و بالتالي كان البيان وثيقة منحت النظام المغربي صفة البراءة من الرجم بالباطل، و منحت المواطن المغربي الذي كان في حيرة الشك، حكما قطعيا بأن “عزيز غالي” أقرب إلى الجزائر و الرابوني منه إلى الرباط، لأن كلام الرجل تنبعث منه –حسب الصحافة الرسمية المغربية- رائحة الغاز الجزائري.
البيان لم يؤكد فقط أن مساحة الحريات التي يسمح بها المحتل المغربي هي أكبر بكثير من تلك التي عند النظام الجزائري، بل أظهر قيادتنا بالرابوني و نظام الحليف كأنظمة قمعية ترفض الرأي المخالف لها، و أنه حين خرج “مصطفى سيد البشير” يقول في تجمع خطابي أنه لا يوجد وزراء أو حكومة صحراوية و أن القيادة و الشعب في مخيمات تندوف هم مجرد لاجئين فوق التراب الجزائري، و أن “إبراهيم غالي” ليس رئيس دولة، لأن منظمة غوث اللاجئين تعتبره لاجئا و تصرف له المساعدات كجميع اللاجئين…
و رغم أن كلامه لم يرقى إلى مستوى الخيانة بقدر ما أنه كان مجرد نقذ لاذع للذات القيادية و لأسلوب تعامل السلطات الجزائرية مع قياديينا، حينها هُدِّد الرجل و حُوصر و استضافته السلطات الأمنية الصحراوية و الجزائرية في مخافرها لأيام، و هناك من تحدث عن تعذيبه في الإقامة الجبرية، و غاب بعدها عن المشهد السياسي و أصبح نكرة، لكن المحتل المغربي الذي يكتب التقارير الإستخباراتية بكل دقة و بشكل يومي عما يحدث في غرف النوم القيادية، كان مطلعا على تفصيل ما يحدث لهذا القيادي الصحراوي، لكنه لم يصدر بيانا تضامنيا معه و لم يحاول التواصل معه، بل اعتبر الأمر رأيا شخصيا يخصه.
نفس الأمر تكرر مع حادثة “بوعلام صنصال” الذي نكّلت به سلطات الجزائر و مصيره لازال مجهولا، و رغم أن تصريحاته تصب في صالح الرباط، إلا أن المغاربة يعتبرون رأيه أمرا يخصه و لم يصدروا أي بيان تضامني، و كذلك الأمر مع السياسي الجزائري الذي كان رئيسا للبرلمان الجزائري حين قال “عمار سعيداني”، و تحدث عن تفجير حقائق قد تتسبب في قلب كل المعطيات في القضية الصحراوية و قد تخرج الشعب الجزائري إلى الشوارع، و قال أن “الصحراء لا تخص الجزائريين و أن الجزائر تورطت في هذا الملف و أنه على الأمم المتحدة تحمل تكاليف القضية و ليس الجزائر وحدها”..، و قال في مناسبة ثانية أن “الصحراء بالوثائق التي تحتفظ بها فرنسا لم تكن يوما مستقلة عن الرباط… !!“، و تعرض بعدها الرجل لحملة قاهرة و صودرت ممتلكاته و هرب إلى باريس فرارا من المحاكمة، و لم تشفع له سيرته النضالية مع الشهداء الجزائريين، لكن المحتل المغربي لم يبدي أي اهتمام برأيه، عدى الصحافة التي نقلت ما جاء في كلامه.
كان لـ “عزيز غالي” مخرج يسمح له بالتخلص من ورطته مع الرأي العام في بلاده، و أنت أيها القارئ الكريم تعلم قوة الصحف المغربية و تأثيرها على الرأي العام المحلي، و كان مهربه الوحيد لإصلاح الوضع بأن يفسر رأيه بإسقاطه على موقف الجمعية الحقوقية التي يرأسها، و أن يقول أن هذه العقيدة موروثة عن الذين سبقوه، لكن بيان القيادة و ظهور صورة له مع قيادات أمنية جزائرية في باريس، أفسدوا على الرجل أي محاولة للتراجع عن تلك التصريحات، و هو الآن بختم الرأي العام المغربي يُعدُّ “رجلا ملعونا” و “مسخوط بلادو”… !!
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك