المحتل المغربي يترأس مجلس الأمن و السلم الإفريقي و مجلس الأمن الأممي يتجاهل القضية الصحراوية للشهر الخامس على التوالي
بـقـلـم : أغيلاس
من الطرائف التي تحكى عن “الحجاج بن يوسف الثقفي”، الذي حكم العراق بقبضة من حديد إبان الحكم الأموي، أنه في يوم من الأيام كان يسبح بالخليج الفارسي، فشارف على الغرق، فأنقذه احد المارة، و عندما اوصله إلى البر، قال له “الحجاج”: “أطلب ما تشاء، فإن طلبك مُجاب”، فقال له الرجل: “و من أنت حتى تُلبي مطالبي”، فأجابه: “أنا الحجاج ابن يوسف الثقفي”…فارتعدت فرائس الرجل بعدما علم من يكون الناجي من الغرق، فما كان منه إلا ان قال له بصوت متهدج: “سألتك بالله أن لا تقول للناس بأني أنقذت حياتك… و هذا هو طلبي الوحيد”.
نفس طلب الرجل الذي أنقذ “الحجاج” يكاد قادتنا يطلبونه اليوم من موقعنا الإخباري، و كأن لسان حالهم يقول: “بالله عليكم لا تذكروا القراء بأننا صفقنا يوما لعودة المحتل إلى الإتحاد الافريقي و أننا إعتبرناه حينذاك نصرا للقضية”،… و اليوم تمنحنا الأخبار فرصة للتأمل، كيف وقف الأخ القائد “إبراهيم غالي”، في ذلك اليوم ليصفق مع الجميع لعودة المحتل المغربي إلى الإتحاد الإفريقي، و كتبنا حينها أن العدو عاد ليبهر إفريقيا بمشاريعه الاقتصادية و ليقطع الشرايين السياسية للقضية الصحراوية، لكن صحافة الرابوني عاكست تحليلنا و طبلت مع المطبلين لهذا “النصر العظيم”… !!، و اليوم بعدما تسلم المغرب رئاسة مجلس السلم و الأمن لشهر سبتمبر، أصبح طلبنا الوحيد من القيادة أن لا تقف موقف المتفرج و أن لا تسمح له بمزيد من توغل المحتل داخل الإتحاد الإفريقي.
فترأس المغرب لأهم هيئة داخل الإتحاد الإفريقي، يعني أنه اصبح يمتلك نصابا من الأصوات تتجاوز النصف، و تسمح له بالوصول إلى رئاسة أي مجلس داخل الإتحاد، و هو النصاب الذي يخول له تمرير أجندته و فرض آراءه و أيضا امكانية تغيير القوانين، في حين أن جمهوريتنا الصحراوية طيلة فترة تواجدها كعضو مؤسس للإتحاد لم تستطع و لو لمرة واحدة تحقيق النصاب و فرض رأيها في جعل قضيتنا واحدة من أولويات الإتحاد الإفريقي، و أن كل ما تمكنت منه قادتنا خلال تاريخ تواجدهم داخل المنظمة الإفريقية هو تقديم المقترحات و التباكي في المحافل و الاجتماعات التي تعقد، و هو الأمر الذي كان يثير بعض التعاطف، قبل أن يصبح تواجد المحتل أمرا واقعا و يقسم الإتحاد الإفريقي إلى مجموعات ثلاث؛ واحدة تقف خلف الجزائر و القضية الصحراوية و الثانية تقف خلف المغرب، و الثالثة تمارس الحياد الذي يخدم مصالح المحتل.
رئاسة شهر سبتمبر التي تحصل عليها المحتل بعد ظرف وجيز من عودته، جاءت مباشرة بعد حصوله على العضوية لمدة سنتين داخل مجلس السلم، و هو ما يدل على أنه دخل صراع الزعامة مبكرا من أجل قيادة الهيئة الأكثر تأثيرا داخل الإتحاد الإفريقي، و التي تم تأسيسها كي تلعب نفس دور مجلس الأمن بالأمم المتحدة، و رغم فشل هذا المجلس الافريقي حتى الآن في تدبير القضايا الكبرى للقارة، إلا أن هناك محاولات لجعل توصياته ذات تأثير كبير في السياسات الكبرى لدول الإتحاد، بعدما أبان الأعضاء المؤثرين داخل المجلس عن عدم رضاهم بخصوص ضعف فعالية قراراته، و عدم جدوى اجتماعاته، و هناك من يتحدث عن الرئاسة الجزائرية لهذا المجلس التي لن تحقق الأهداف، اذ لم يحصل خلالها أي تطور في القضايا الكبرى للقارة، خصوصا الأزمة الليبية و قضية الحركات الإرهابية التي على رأسها جماعة “بوكو حرام” و بقايا تنظيمات “القاعدة” بالصحراء الكبرى، و هو الأمر الذي يراه متتبعو الشأن الإفريقي قد يسمح للرباط بإطلاق حملة داخل مجلس السلم و الأمن الإفريقي لانتزاع الرئاسة من يد الجزائر و السيطرة عليها، خصوصا و أنه سيحصل على دعم معظم الأعضاء غير الراضين عن الفترة الرئاسية للجزائر.
و من باب التذكير فإن المحتل منذ اليوم الأول لعودته تمكن من فصل القضايا الكبرى لمجلس السلم و الأمن، و انتزع واحدا من أهم الملفات التي شغلت الإتحاد خلال العشر سنوات الأخيرة، و أن القيادة الصحراوية منذ تواجدها بالإتحاد لم تستطع فرض أي ملف جزئي للقضية و التكلف بمعالجتها على مستوى عالي، حيث تم تقسيم الملفات المستعصية و الكبرى بين الجزائر و المغرب، و حصلت الجزائر على ملف الإرهاب بينما تمكن المغرب من الحصول على قضايا الهجرة التي يستخدمها للضغط على دول الإتحاد الأوروبي.
و في انتظار ما قد يقع من متغيرات داخل الإتحاد قد تجعل المحتل المغربي يرأس المنظمة لفترات مقبلة، و قد يقترح خلالها تغيير القانون الأساسي و يحصل على النصاب القانوني لتمرير مقترحه، و بالتالي يمهد – لا قدر الله- لطرد جمهوريتنا أو تجميد عضويتها أو حتى جعلها مجرد حركة أو كيان داخل الإتحاد بدون تأثير أو بدون أي وزن، فإن الأخبار الواردة علينا من داخل الأمم المتحدة نفسها لا تبشر هي الأخرى بالخير و لا تنذر بغير السوء، إذ لا يزال مجلس الأمن يُغيّب عن قصد و دون مبرر القضية الصحراوية من جدول أعماله للشهر الخامس على التوالي، و هو الأمر الذي يدل على أنها ستكون سنة بيضاء بالنسبة للقضية الصحراوية، و أن تقرير شهر أكتوبر لن يكون جاهزا و لن يهيئه الأمين العام، ما دام مجلس الأمن لا يناقش مستجدات الملف و الأمين العام لم يعين بعد مبعوثا شخصيا له خلفا عن لـ “كوهلر”.
جلسة أكتوبر المقبل من الآن يمكن الحكم عليها بأنها ستكون بدون فائدة للقضية الصحراوية، و أنها ستضيف إلى الملف تعقيدات زمنية أخرى، و سيصوت المجلس بالإجماع لتمديد عمل بعثة المينورصو لستة أشهر أخرى و ربما يجرى تمديد الزمن لسنة أخرى، و سيتجدد مجلس الامن دعوة الأطراف إلى جلسات حوار مع تجديد النوايا، فيما الشعب الصحراوي الذي يعاني في خلاء تندوف من قسوة المناخ و ضراوته، سيكون مضطرا من جديد لمواصلة جلسات الشاي لمناقشة المستقبل بتفاؤل أقل و بيأس كبير.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك