Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

تهور الجزائر و لعبها للورقة الكُردية يجرُّ عليها غضب تركيا و قطر … و فرنسا تصطاد في المياه العكرة لتركيع قصر المرادية

بـقـلـم : بن بطوش

         كنت أظن أن بداية هذه السنة كان موجعا لنا كصحراويين مطاردين من لعنة لا نستطيع معها حولا و لا قوة، لكن حين ننظر إلى حال الحليف الجزائري  و ما فعله بنفسه، تهون علينا مصائبنا التي لا تعدو أنها روتينا من اليأس السياسي و الفشل الدبلوماسي بين سَحْب اعتراف أو تجميده، أو اختراق دبلوماسي تقليدي للمحتل المغربي داخل منظمة أممية أو إفريقية يزيد من عزلتنا و يباعد بيننا و بين الحلم في استقلال الوطن، و يجعل مغامرة اللجوء  بأرض لحمادة لنصف قرن محض استثمار فاشل و تصلح لتُسرد ككوميديا سوداء في فصل من فصول مسرحية…، ذلك أنه بمناسبة السنة الأمازيغية الجديدة بث راديو “إيمازيغن” خطابا لرئيس الانفصاليين القبايليين – أو كما يسميه الفرنسيون قائد حركة “الماك”- ورئيس حكومة المنفى لانفصاليي منطقة لقبايل، “فرحات مهني”، و أقل وصف لهذا الخطاب أنه يمثل منعطفا خطيرا في ملف الانفصال داخل التراب الجزائري، حيث كشف  “مهني” لشعب لقبايل الذي يبلغ تعداده 11 مليونا، بأنه رسميا تم إدخال ملف تقرير مصير “الشعب لقبايلي” إلى الأمم المتحدة، و أن التحركات القادمة ستكون لأجل إدراجه في اللجنة الرابعة لتصفية الاستعمار و تقرير المصير، و الضغط على المنتظم الدولي لحماية “شعب لقبايل” من الاضطهاد و التقتيل… !!

         الخطاب جاء بعد 48 ساعة فقط على الرد التركي عبر إعلامها الرسمي و برلمان أنقرة، الذين وصفوا الجزائر بالدولة الخائنة، بعد ظهور أفراد من الحزب الكردستاني و عناصر من وحدات حماية الشعب الكردي، و كانت الغاية من رفع العلم الكردي في مخيمات أهالينا الصحراويين بتندوف هو ابتزاز النظام السوري الجديد بدعم الأطياف الانفصالية في شمال البلاد، و دفعه لتقليل حدة العداء، و ظن النظام الجزائري أن دعم الأكراد سيأتي دعما لأجندة تركيا التي تسعى إلى تجميع الأكراد في شمال سوريا و منحهم الحكم الذاتي، لكن أنقرة بعد توصلها بتقارير سفارتها في الجزائر، اتهمت قصر المرادية بمحاولة استفزازها و التجرؤ على معاداتها، و قال أحد النواب في البرلمان التركي أن تركيا نادمة على بيع “سنجق الجزائر” (سنجق: تقسيم إداري عثماني) إلى فرنسا، و أن القائد العظيم “برباروس” هو من حرر الجزائريين و لولاه لظلوا عبيدا عند الإسبان… !!

         قصر المرادية حاول التهدئة مع “الطيب رجب أردوغان” و أصدر عبر سفارته بأنقرة بيانا يتهم فيه أطرافا معادية للجزائر بفبركة الصورة و الترويج للمغالطات للإيقاع بين الدولتين (تركيا و الجزائر) ، لترد تركيا بحدة أكبر عبر وكلائها في الجوار الجزائري، حيث خرج أمين عام “حزب العدالة و التنمية” في المغرب، “عبد الإله بنكيران”، الذي أخذته الحمية على الأتراك ليقول بأن مناطق “تنجوب” و “تندوف” و “بشار” كلها مناطق مغربية، و أن الملك الراحل “الحسن الثاني” تخلى عنها للجزائر حقنا للدماء، و أنه لحد الآن لم يُسوَّى هذا الملف الذي يجب مناقشته مع النظام الجزائري.

           و بعدها بدأ دور الإعلام القطري الذي هاجم نظام الجزائر عبر تقارير صحفية غبية و خطورة هذه التطورات ظهرت من خلال الخبث الفرنسي الذي  يعرف كيف يصطاد في المياه العكرة حيث لم يترك الحدث يمر دون استثماره، فدفعت باريس بـ “الرئيس لقبايلي” لرفع هرمون الخوف عند السياسيين الجزائريين بإلقاء خطاب مرعب للسلطات الجزائرية، كان كافيا ليجعل الرئيس الجزائري – حسب الإعلام الفرنسي- يتصل بالرئيس “ماكرون” الذي رفض الإجابة على تلك الاتصالات…، و كلّف وزير خارجية من أجل التواصل مع النظام الجزائري و ترتيب أي لقاء في حال قرر النظام الجزائر إرسال وفد للحوار.

          و المثير في ما حدث بين تركيا و الجزائر، و ما جاء في خطاب “فرحات مهني”، يوجد في التفاصيل التي لم ينتبه إليها الكثيرون؛ حيث أن العلم الكردي رُفع في المخيمات، و أن تركيا اتهمت الجزائر و لم تذكر تنظيمنا السياسي (جبهة البوليساريو) في تقاريرها الإعلامية الغاضبة ، و لم تعتبر أن تلك الزلة مرتبطة برغبة حركة تحررية صحراوية في التنسيق  مع حركات دولية تشبهها في مطلب الاستقلال، بل قال الإعلام التركي أن الجزائر  هي من قررت استفزاز دولة بحجم تركيا و استقبلت الأكراد فوق ترابها…. و هذا يعني أن تركيا مقتنعة بأن القيادة الصحراوية لا تمتلك قرارها و هي مجرد  أداة في يد النظام الجزائري.

           و هذه القناعة لدى القادة الأتراك تأتي من التقارير الإستخباراتية، لأن الكل يعلم بقدرات أنقرة الإستخباراتية، و أن الاتهامات عند الدول التي تمتلك أجهزة إستخباراتية قوية، مبنية على معطيات و أدلة لا يأتيها الباطل من بين يديها، حيث تأكدت أنقرة بأن الوفد الكردي نزل بمطار الجزائر و تم استقباله من طرف دبلوماسيين جزائريين،  و أن هذا الوفد تم توجيهه إلى مخيمات تندوف لحضور “الندوة الدولية للتضامن مع الشعب الصحراوي” التي تم تنظيمها من 05 إلى 07  يناير 2025 بمخيم بوجدور.

         السؤال الآن ما هو الرابط بين “قضية لقبايل” و توتر العلاقات بين تركيا و الجزائر و ملف العلاقات الفرنسية الجزائرية؟…  الجواب بسيط بأن فرنسا تريد خنق الجزائر بعدم منح قصر المرادية متنفسا سياسيا أو دبلوماسيا دوليا، و جعل الرئيس الجزائري في وضع غير مريح على الصعيد العلاقات الدولية الأفقية و العمودية، ثم ضرب شعبية حفيد المجاهد “بوبغلة” داخليا برفع منسوب الغضب الشعبي الجزائري على سياسته، عبر إلغاء عدد هائل من التأشيرات و تجميد اتفاقيات الجوازات الدبلوماسية، و جعلت الإعلام الفرنسي يعمد إلى تدويل الأزمات كالخلاف الجزائري – التركي.

        في هذا السياق، الإعلام الفرنسي  هو من أعطى لخطاب “فرحات مهني” صفة الخطورة الإستراتيجية على سلامة النظام الجزائري، و الأشد خطرا أن باريس رسميا أعلنت فوز فريق “ماري لوبين” برئاسة لجنة الصداقة المغربية – الفرنسية، و هي اللجنة التي وضعت طلبا لحل لجنة الصداقة الفرنسية الصحراوية و كل الكيانات التي تدعم القضية الصحراوية، و هذا يجعل الوضع السياسي الداخلي في الجزائر شديد التعقيد، مع بروز تيار يتهم حفيد المجاهد “بوبغلة” و قائد الجيش “شنقريحة” بتدمير ملف الصحراء الغربية، الذي  ظل النظام الجزائري يتمسك بدعمه ليس من أجل تحقيق استقلال الشعب الصحراوي بل مجرد تخطيط إستراتيجي لتعطيل النظام المغربي عن تحقيق أهدافه التوسعية بالمنطقة، و كبح مطالبه التاريخية لاسترجاع ما يعتبرها حقه الشرعي  في أراضي اقتطعت منه لصالح الدول المجاورة.

         الخبث الفرنسي يستمر بوضع يده كليا على مسجد باريس، الذي قلنا بأن فرنسا في وقت سابق فكرت في منح إدارته للرباط، لكن خوفها من نفوذ “إمارة المؤمنين”، دفعها لتعديل سياستها بفصل المسجد عن قصر المرادية الذي كان يُموِّل المسجد بأزيد من مليوني أورو سنويا و إلحاقه مباشرة بقصر الإليزيه، و حتى ترسل فرنسا رسائلها الواضحة إلى قصر المرادية، دفعت بإمام المسجد الكبير إلى التوقف عن قراءة الخطب التي ترسلها وزارة الشؤون الدينية و الأوقاف في الجزائر، و اعتماد الخطاب الذي يحرره “مجلس الطائفة السنية” في فرنسا المتفرع عن حكومة باريس، و هو مجلس سري غير رسمي، تستخدمه باريس للتواصل مع الجماعات الإسلامية السرية في أوروبا.

        و حتى تختم فرنسا “ماكرون” على هذا الطلاق، منعت الدعاء للجزائر و الأوطان العربية في مسجد باريس و بدأ العمل في الخطب بالدعاء لفرنسا و شعبها من العرب و العجم…. و هو الخبر  الذي نزل على السياسيين في قصر المرادية كالصاعقة و اعتبر ثاني أكبر كارثة حلت على  الجزائر بعد العشرية السوداء؛ لأن مسجد باريس عند النظام الجزائري هو أكبر من مجرد مسجد يتواصل مع الجاليات الإسلامية في فرنسا و يؤطرها، بل جعل من هذا المسجد نظام متكامل  يجمع المعلومات و يمرر الرسائل و يخدم الأجندات للنظام الجزائري…

       تخيل أيها القارئ الكريم أن حفيد المجاهد “بوبغلة” جنَّد منابر أزيد من 100 مسجد داخل فرنسا تابعين للمسجد الكبير، كي يدعم “إيمانويل ماكرون” ليحصل على العهدة الثانية و استثمر لذلك – حسب الإعلام القطري- 30 مليون أورو من الخزينة الجزائرية، و بعد نجاح “ماكرون” ها هو  اليوم يخلع أسنان الرئيس “تبون” في فرنسا بدم بارد…، إنها فرنسا الخبيثة. 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد