Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الجزائر في ورطة مع باريس بسبب تسرعها في نشر بيان تنديدي ضد قرار فرنسي لم يصدر بعد بشكل رسمي حول الصحراء الغربية

بـقـلـم : بن بطوش

         حان الوقت لنقف جميعا كي نصفق على أعظم إنجازات “الهنتاتة”… حان الوقت لنُمجِّد الألم و الأوجاع و نهتف لعظمة الهزائم التي حققتها قيادتنا الهرمة،  و أظن أننا اليوم أصبحنا نتشارك مع البغال في منطق التفكير، و التي مالها من طموح غير الفخر بأن أسلافها كانوا خيولا…، حان الوقت لنُحيّي البيت الأصفر المقهور  بالرابوني على عجزه و قلة حيلته و هوانه بين الأقوام؛ فمن حق  الأخ “إبراهيم غالي”،  عرّاب”الهنتاتة” و كبيرهم، أن يفخر بأن ما حدث في عهده لم يسبقه إليه أحد من الحكام الفاشلين، و يكفي أن نخبره أن ثمة بين الصحراويين من وصلت به المرارة و اليأس بعد قراءته بيان الحليف الجزائري بخصوص ما تنوي فرنسا فعله بالقضية الصحراوية،  ليدون جملة قال فيها: “إليك أيها الشهيد، ليتني أعطيك عمري فتعود و ارحل أنا …!!“، حان الوقت لنُخرج كشف الحساب و نقول  لقياديينا: “هذا حصادكم”.

         أي خسارة هاته؟ و أي نكبة توازي هذا الضياع؟ و كأننا نعيش حلما مرعبا؛ فنحن لم نشفى بعد من تصويت اتحاد القارة الموبوءة التي تآمرت علينا دوله في الغرف المظلمة ثم صوتت لحرمان القضية من مرافقتها في الاجتماعات المشتركة مع  دول العالم الفاعلة، و اليوم يُعلن النظام الجزائري ، عبر وزارة خارجيته، بشكل منفرد و دون سابق إنذار، و لا مقدمات نبأ الاعتراف الفرنسي بـ “سلطة الرباط على الصحراء الغربية”، و كأن الأمر روتيني و محض حدث عابر، لأن البيان غابت عنه لغة التهديد و الوعيد التي ألفناها في خطاب الدبلوماسية الجزائرية مع الدول الإفريقية التي افتتحت قنصلياتها في مدن الصحراء الغربية.

         نحن لسنا في هذا المقال بصدد تحليل موقف فرنسا، الذي لم يصدر بعد بشكل رسمي، لأن ما جاء في بيان الحليف كان منتظرا و تحدثنا بشأنه في مقالات مطولة، و قلنا أن ضغوط الرباط على باريس تتضاعف كلما غيرت دولة أوروبية موقفها و دعمت “مخطط الحكم الذاتي” ، و عندما قدّم  مؤخرا قصر المرادية العزاء إلى ملك المغرب بلغة فخمة، أيقنا أن ثمة شيء مخيف حرّك المياه الآسنة بين الرباط و الجزائر…، و بعد أن صوّتت إفريقيا بدولها التي توالي باريس و لا تتحرك دون مشورة الإليزيه، لصالح مقترح الرباط بمنع الدول التي ليس لها عضوية أممية لحضور اجتماعات الشركات الدولية للاتحاد الإفريقي، أيقنا أن فرنسا وضعت  على عينيها النظارات التي  حددها  ملك المغرب  لعلاقاته مع أصدقاء بلاده المقربين، و أن “ماكرون” حقق شرط إرضاء الرباط… !!

         ما نحن بصدده في هذا المقال هو محاولة فهم تورط الخارجية الجزائرية في إعلان “قرار سيادي” يخص فرنسا، قبل استصداره رسميا من طرف هذه الأخيرة، و لماذا حصلت ردة فعل النظام الجزائري حتى قبل القيادة الصحراوية صاحبة القضية؟، و لماذا لم يصدر إلى حدود الساعة أي بيان من البيت الأصفر بالرابوني؟ و هل صمت القيادة حتى كتابة هذه الأسطر عن الأمر فيه حكمة أم مجرد سكوت مستضعف؟ أم أن  الخبر تزامن مع عطلة “هنتاتة” الدولة الصحراوية ؟…،و قد يكونوا قد  اطلعوا عليه مثل الجميع من صفحات مواقع التواصل الاجتماعي، و لن يزايد علينا أحد بأن قيادتنا الصحراوية كانت على علم بالخبر، لأن الحليف الجزائري عندما أنزل البيان لم يُشر فيه إلى موقف القيادة الصحراوية، و لم يتضمن أي إشارة لوجود ردة فعل صحراوية على الموقف الجديد لفرنسا، و كأن القضية الصحراوية تخص الجزائر لوحدها و لا تخص الشعب الصحراوي و قيادته، أو بلغة أكثر دقة، و كأن الحليف هو الطرف الرئيسي و الحقيقي في النزاع على الصحراء الغربية…. و من يزايد على هذا الرأي عليه أن يجيبنا لماذا فرنسا أبلغت الجزائر و لم تبلغ البيت الأصفر المريض بقرارها… !!؟

         لنتقدم أكثر في النقاش كي نجيب على السؤال الأكثر إلحاحا، حول السبب الذي جعل الحليف الجزائري يسحب البيان من موقع وزارة الخارجية الجزائرية، ساعات قليلة بعد نشره، علما بأن البيان يتحدث باسم الحكومة، و على أن الحكومة الجزائرية هي التي أخذت علما و هي التي تشجب و تستنكر و ترفض ما أسماه البيان موقف الحكومة الفرنسية و تعتبره جريمة،… و لم يتحدث البيان باسم الرئاسة الجزائرية و لم ينتقد الرئاسة الفرنسية، مع التذكير بأن فرنسا تدبرها حكومة تصريف أعمال، بعد الانتخابات البرلمانية التي أوصلت اليسار الفرنسي المقرب من قصر المرادية و حليفه التقليدي و التاريخي للجزائر بين السياسيين الفرنسيين، لهذا وجب علينا فهم هذا المتغير الذي حصل في عصر اليسار الفرنسي؟

         في الحقيقة إذا ما عدنا خطوة إلى الوراء لفهم الأحداث و منطق تطورها، قد نرصد ملامح الخيانة و قد نشتم رائحة المؤامرة على الدولة الصحراوية؛ فباللامس القريب حين أعلنت إسبانيا أنها غيّرت موقفها و بأن مدريد تعترف بسلطة الرباط على الصحراء الغربية، و أنها أبلغت قصر المرادية بهذا الموقف، أنكرت الخارجية الجزائرية هذا الأمر، و اعتبرته تلفيقا و موقفا منفردا و نشازا و لا علم للحكومة الجزائرية به، حينها عاب السياسيون على النظام الجزائري جهله بما يجري في عمق مدريد و فندت الخارجية الإسبانية الأمر بنشرها للمراسلات التي حدثت قبل صدور القرار الإسباني…، و اليوم وزارة الخارجية الجزائرية هي من تزف الخبر للعالم في بيان غريب و تُغيّْب فيه مواقف الدولة الصحراوية، لإفهام الرأي العام الصحراوي و الجزائري…، أن قصر المرادية يعرف ما يحدث و يُستشار في مصير شمال إفريقيا، ثم تعود الخارجية الجزائرية لتسحب بيانها، و قد نسمع في المستقبل القريب عن إقالة الوزير “أحمد عطاف” لإرضاء الإليزيه، لأنه من الواضح أن البيان سرّب الخبر دون استشارة باريس.

         بمعنى أن باريس أبلغت الجزائر بأنها بعد دراسة القرار استراتيجيا و سياسيا و اقتصاديا…، قد خلصت إلى أن خسائرها من صراعها مع الرباط أكثر من أرباحها من الوئام مع الحليف بكثير، و أنها قررت الاعتراف بسلطة الرباط على الصحراء الغربية بشكل لا رجعة فيه، مقابل أن تحصل الجزائر على بعض الامتيازات لها علاقة بالذاكرة الجزائرية، لكن باريس لم تمنح الحليف الضوء الأخضر لإعلان الخبر، خصوصا و أن كل المؤسسات الفرنسية منشغلىة حاليا بإنجاح أولمبياد باريس، أما قصر المرادية فأراد أن يقول بأن باريس فاوضته على الاعتراف بالصحراء الغربية و أن القرار يفوق قدرة  النظام الجزائري على إيقافه، و طالبت الشعب الصحراوي في بيانها بعدم مقاومة هذا الاغتصاب و الاستمتاع به، لكن يبدو أن النظام الجزائري خلق نوعا من التشويش على مخططات باريس بالبيان، و أن قصر الإليزيه كان يريد تأخير الإعلان الرسمي لابتزاز الرباط أكثر، و الحصول على تنازلات من المحتل المغربي، الشيء الذي جعل باريس تحتج على سلوك الخارجية الجزائرية و عجّل  هذا الاحتجاج بسحب البيان.

         كل هذه التطورات تجري و القيادة الصحراوية المعنية بهذا الاغتصاب لا تعلم أي شيء عن الصفقة الجزائرية – الفرنسية – المغربية، و تزيد من قناعتنا بأن الحليف حينما وجه مُسيِّراته لقتل الصحراويين المنقبين عن الذهب، كان يبلغنا رسائل واضحة، سأترك لك أيها القارئ الكريم تتأمل معانيها، و تجيبنا عن مستقبل الشعب الصحراوي بعد هذا الاعتراف الفرنسي الوشيك الحدوث، و بعد الخرجة التي رأيناها للسفيرة الأمريكية، و قريبا سنسمع عن موقف موجع من دولة مصر العربية…

 

البيان قبل حذفه من موقع وزارة الخارجية الجزائرية

 

 

صورة توضح حذف البيان من موقع وزارة الخارجية الجزائرية

 

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد