الجزائر على أعتاب عشرية مالية سوداء،و قصر المرادية يضغط على البيت الأصفر للقبول بالحكم الذاتي قبل انتهاء المهلة الأمريكية
بـقـلـم:بن بطوش
مرة أخرى نثبت أننا الأكثر قربا من كبد الحقيقة، و أننا الخط التحريري الأكثر صدقا في هذه القضية التي أراد قادتها أن تتحول و تتحور تحت الضغط الدولي لتصبح منبع الهموم و الأوجاع، ذلك أن البنك المركزي الجزائري أعلن بأن الموازنة السنوية للاقتصاد الجزائري في تراجع مهول، و أنها ستكون هذه السنة 2025 سلبية، و ستحقق للمرة الأولى منذ سبع سنوات عجزا تَرْجَحُ فيه الواردات على الصادرات التي كانت تحقق سنة 2022 رقم 68 مليار دولار، و في سنة 2023 حققت رقم 55 مليار دولار بينما تراجعت هذه الصادرات سنة 2024 إلى 49 مليار دولار، و من المتوقع أن تنخفض هده السنة 2025 إلى أقل من 40 مليار دولار بسبب انهيار أسواق الطاقة في العالم و بالخصوص في أوروبا، و بروز مصادر طاقية جديدة مع وصول الغاز النيجيري و السينغالي إلى الأسواق الدولية، و أن هذه الموازنة ستدفع الدولة لأحد الحلين، إما الاستدانة لتغطية العجز، أو البحث عن الحل الأصعب بتعبئة الموارد الداخلية، و هو الحل الذي لجأت إليه السلطات الجزائرية لتغطية العجز، و للحفاض على مستوى إنفاق عسكري تصاعدي، مقابل رفع مستوى التقشف.
و كنا الرأي الصحفي الوحيد الذي قرأ التعبئة الجزائرية بأنها تدبير لأزمة داخلية و ليس توجه لإعلان الحرب، و قلنا بأن الجزائر حاليا لا تستطيع خوض حرب إقليمية أو حدودية استنزافية مع المحتل المغربي، الذي له خبرة و باع في تحمل الحروب الاستنزافية، التي فرضت عليه في ملف الصحراء الغربية سواء مع الجيش الشعبي الصحراوي، أو ضد فيالق الجيش الجزائري في حرب الرمال و حربي أمغالة الأولى و الثانية.
لكن ما كشف عنه البنك المركزي الجمهوري في الجزائر من أرقام إقتصادية مرعبة، لقي استغراب الخبراء، حيث انتقد الإعلام الفرنسي تضارب المعطيات بعد أن أعلن صندوق النقد الدولي بأنه يتوقع نموا اقتصاديا في دولة الحليف الجزائري بنسبة تصل إلى 3.5، و هذا المعطى يتعارض مع الأرقام التي تم الكشف عنها جزائريا و التي تؤكد وجود أزمة صادرات بعد تراجع أسعار و إنتاجية الغاز، و تأخر انطلاق منجم غار الجبيلات، و بناءا على تناقض المعطيات فالإعلام الفرنسي يرى بأن السلطات المالية في دولة الجزائر تزيف الأرقام التي تقدم لنظام “سويفت” و للبنك الدولي و لصندوق النقد، و أن ما تم تسريبه للإعلام داخليا في الجزائر حول وضعية الميزان التجاري و الموازنة السنوية، هو لجعل المواطن الجزائري البسيط يتقبل قرارات السلطات في البلاد تحت ذريعة إنقاذ البلاد من الصدمة المالية، بعدما قررت السلطات رفع مستوى التقشف في البلاد و أنزلت لائحة أثمنة تسعر بها مواد البطاطس بـ 100 دينار و الموز بـ 400 و التفاح من 350 إلى 450 دينار و كوب القهوة في المقاهي بـ 30 دينار، كي تظهر أن قرار التقشف سيمنع المضاربة و الإحتكار و سيصحبه تحديد للأسعار و السومات، و أنه يراعي القفة اليومية للمواطن الذي عليه تحمل العيش في ضل الظروف الاقتصادية التي يبدو أنها ستسوء أكثر.
و الظاهر أن الظرفية الدولية قدمت للجزائر هدية سامة، لأن قصر المرادية بقانون التعبئة قرر تحويل كل مياه الاقتصاد و روافده الخاصة و العامة و المشتركة لتصب في جيب الدولة، بالمقابل ستلقي السلطات الجزائرية بالأحمال الزائدة خارج السفينة، و هنا نفتح باب التأويل عن مصير القضية الصحراوية التي كانت تكلف الخزينة الجزائرية و لا تزال، – حسب ما سربه معارضون فارين كانوا جزءا من دوائر الحكم إلى الأمس القريب -، 10 مليارات دولار سنويا، و هو رقم يمثل نصف ميزانية الجيش الجزائري، و إن كان الرقم يبدوا مبالغا فيه، إلا أن من سرب هذه المعطيات يؤكد بأن جنرالات جزائريين متواطئون مع قيادات صحراوية و يقومون بتضخيم الفواتير و تحويل جزء من أموال الدعم الجزائري إلى أرصدتهم خارج البلاد، و أن الجزائر من تتكلف بكل تفاصيل القضية الصحراوية في باقي دول العالم، و لكم أن تتوقعوا تكاليف إقناع دبلوماسي أوروبي بعدم الدفاع عن الطرح المغربي.
المعطيات التي تم تسريبها تقول بأن الجزائر أنفقت على الأحزاب المعارضة في إسبانيا لوحدها أزيد من ملياري دولار و نصف، لإسقاط “بيدروسانشييز” في الانتخابات الإسبانية الأخيرة سنة 2019 التي أعادت تنصيب الاشتراكيين على رأس حكومة ائتلاف، و بعد فشل الحليف في تحويل “سوزانا دياز وباتشي لوبيز”إلى حصان أسود، لمنع “سنشييز” من العودة لحكم إسبانيا، قرر قصر المرادية تغيير النهج، فأنفق نصف مليار دولار أخرى لأجل حشد الأصوات و حجب الثقة عن الرجل، لكن المخيب للآمال أن حزب “بوديموس” الذي إبتلع أعضائه نصف مليار دولار، امتنع فجأة عن التصويت مرتين في مشروعي قرار مرتبطان بالقضية الصحراوية، أولهما كان التصويت لحجب الثقة عن رئيس الحكومة الإسباني الذي ورط “بوديموس” في الحكم بالتحالف معهم، و ثانيهما أنه لم يصوت على مشروع قرار يمنع الشركات البترولية التي تعاقدت مع الرباط من التنقيب في سواحل الصحراء الغربية، لسبب بسيط، لأن شركة التنقيب التي بدأت فعليا المسح الزلزالي بالقرب من سواحل جزر الكناري إسرائيلية، و حزب “بوديموس” هو حزب اليهود الإسبان.
و بتجميع المعطيات يتضح أن ملف الاعتراف الإسباني لوحده كلف الخزينة المالية الجزائرية في ظرف قياسي، أزيد من ملياري و نصف المليار دولار، دون حساب الخسائر الاقتصادية المترتبة عن تراجع التبادل التجاري بين البلدين، و ظهور خلافات في العقود التجارية و الصناعية…، نضيف إليها الخسائر التي تكبدتها الخزينة الجزائرية في ملف الاعتراف الفرنسي و معه الإعتراف الأمريكي، و اليوم الحليف بعد المهلة التي قدمتها أمريكا لقصر المرادية قبل الحكم بتصنيف حركة البوليساريو كمنظمة إرهابية، و الدولة الجزائرية كدولة راعية للإرهاب…، يجد نفسه أمام فرصة ذهبية للتخلص من الأوزان الزائدة التي تثقل خزينته المالية، و المصادر كلها تقول بأن قصر المرادية فعلا منح الضوء الأخضر للبيت الأًصفر من أجل دراسة مقترح الحكم الذاتي، و فهمه بشكل أعمق و تهيئة الشروط للقبول به، و بالتالي وضع حد للصراع على الصحراء الغربية و استرجاع ملايير الدولارات التي تنفق كل سنة على الهنتاتة، و لا يرى منها الشعب الصحراوي غير الأرقام على المواقع الاجتماعية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك