الجزائر تُصعِّد من التوتر العسكري بشمالي مالي و موريتانيا … و الجيش المغربي يتسلم بشكل مستعجل أسلحة نوعية… !!
بـقـلـم:بن بطوش
في حوار على منصة “إكس”(X) مع لاجئ صحراوي محبط و يائس من أرض اللجوء بمخيمات تندوف، قال لي و كأنه يؤدي مشهدا سينمائيا…، أنه ليس بخير، و أن لا أحد في المخيمات يشعر أنه بخير…، الجميع يستطيع تحمل الفقدان هنا، الكل تعوّد على سماع أخبار استشهاد المقاتلين…، لكن القسوة نتجرعها عندما يجن علينا الليل…، كم يصعب التعايش مع فكرة أن الغذ لن يكون مختلفا، و أنت تعلم أنك ستعيش المزيد من الأيام كلاجئ في مكان لا تريد أن يضيع عمرك فيه دون مستقبل كما ضاعت أعمار آبائنا…، تنام على هذا الوجع و تستيقظ في الصباح متألما، ثم تنتظر سماع الاسم الذي سيُعلنُ أن سلاح مسيرة الشيطان “يعني” قد أرسله شهيدا إلى الجنة…، في الظهيرة تمشي في غبار الأزقة كي تلتقي “الهنتاتة” و تشاهدهم يجوبون المكان بسياراتهم الفاخرة و يعيشون بكل سلام بيننا، فيزداد ألمك و تشعر بالرغبة في الاستسلام انتقاما منهم، لكنك تعرف أن الاستسلام لن يحقق لك ما تريد لأنه متأخر كثيرا…، فيزيد ألمك أكثر فأكثر…
كان يتحدث ببطء و بصوت فخم و هو يضيف متنهدا، على كل صحراوي يشبهني أن يجد طريقة يحب بها هذه الحياة و أن يتقبل واقعه كإنسان وجد نفسه في مجتمع لاجئ بعيد عن تطور العالم ، علينا تنظيم عواطفنا و إعادة ترتيبها لتتلاءم مع واقعنا…، باختصار أنا بحاجة للتعافي و شرط ذلك أن أصبح “هنتاتا” يُسبِّح بحمد القيادة حتى ولو كان على حساب الإيمان بقدسية القضية الوطنية….
الحوار كان طويلا و امتد لأزيد من نصف ساعة، لكن الجزء الموجع كانت شكواه من اليأس، أخبرني أن الشباب بالمخيمات لا يجدون المؤسسات و الأطر و الآفاق لتفجير مواهبهم، و أن الخناق يزداد ضيقا عليهم سنة بعد أخرى، و أن الشاب الصحراوي الذي ينجو من تحويله إلى مقاتل في الجيش الشعبي، حين يدير ظهره إلى التهريب و تجارة المخدرات و يفر من التخندق مع عصبية تناصر “هنتاتا” على آخر من غربان البيت الأصفر…، لا يجد غير الضياع ينتظره، فيحاربه الجميع حتى يرتد عن رغبته في الاختلاف ليعود إلى صفوف الجيش…، أو يختار لنفسه أحد المحرمات التي ذكرناها.
كانت هذه الرسالة من كلمات شاب صحراوي يائس نقلتها بكل أمانة و جعلتها مقدمة لهذا المقال، لعلها تجد في البيت الأصفر غرابا، كذلك الذي علم “قابيل” كيف يواري سوءة أخيه، ليسمعها فيفاوض الحليف الجزائري كي يجعل لشبابنا في أرض اللجوء منفذا إلى النجاة من اليأس…، رغم أنني على يقين بأن كل ما يستطيعه النظام الجزائري الحالي مع شباب القضية الصحراوية هو توريطهم في حرب لا تُبقي و لا تذر مع جيش المحتل المغربي، أو يدفعهم كأهداف مكشوفة لتداريب الدرونات المغربية بالأراضي المحرمة، أو أن يسوقهم كزمر لدعم جماعة “أنصار الدين” أو فصائل الأزواد كي يسعر بهم نار القتال مع حكومة باماكو…
لا نقول هذا الكلام رجما بالتأويل أو تندرا، بل يقينا، وبناءا على معطيات، ذلك أنه بالأمس 08 من شهر يناير 2025، و ردا على البيان الخطير الذي صدر عن الخارجية المالية يدعو السلطات الجزائرية الجزائري إلى عدم التدخل في الشأن المالي، و الاعتناء بالمشاكل الداخلية مع حركة “الماك” و شعب لقبايل…، فقد شنت “جماعة أنصار الدين” المالية، التي يوجد قائدها “إياد أغا غالي” داخل الجزائر حيث يحظى بالحماية من الأجهزة الجزائرية، هجوما شرسا على الجيش المالي في النقاط التي لا يتواجد بها عناصر “الفاغنر”.
هجوم “حركة أنصار الدين” العنيف و الذي خلف عشرات الضحايا بين مدنيين و عسكريين ماليين، كان بمثابة جواب عنيف من قصر المرادية على سلطات مالي، بأن الحركات المنبثقة عن الثوار الأزواديين يخضعون لحماية الجزائر، و يأتمرون بأوامر الجزائر و ينفذون خطط الجزائر، و أن أي محاولة لتصنيفهم في مربعات الإرهاب سيجعل مالي تتحول إلى جحيم بتخطيط من الجزائر، و بهذا تكون الجزائر قد كشفت عن استراتيجياتها التي تريد أن تدير بها عمقها و محيطها و جوارها، بأن تُخضع الحكومات و الدول المحيطة بها عبر زعزعة استقرارها و دفعها إلى مرحلة الخوف و الشك، بخلق كيانات مقاتلة بقربها أو تسعى للانفصال عنها، و لها الاستعداد على تسعير الحرب متى رأت الجزائر أن ذلك يخدم مصالحها، و هذا يجعلنا كصحراويين نفكر إذا ما كانت قيادتنا و جيشنا الشعبي الصحراوي جزءا من هذا المخطط أم أنها مجرد صدفة استراتيجية متأخرة.
لكي نفهم هذا الفكر المتجدد و ليست الجديد التي يشتغل به النظام الجزائري، لا يحتاج معلومات إستخباراتية أو إلى اختراق صحفي أو الحصول على وثائق و تسريبات…، بل يكفي الانتباه إلى سلوك المحتل المغربي و كيف يسارع الزمن للحصول على الأسلحة النوعية التي تحسم المعارك، والتي كان قد تعاقد عليها مع الدول الغربية و الصين و إسرائيل، و حتى نحصل على صورة أوضح نقول بأن الجزائر أصبحت في مرحلة متقدمة من التفكير العسكري، و أنها لم تعد تؤمن بالحلول الموازية و الخيارات السلمية، و هذا يُزعج الرباط، بل تفضل أن تطلق الرصاصة على أذن الخصم قبل أن تفاوضه، و أنها على استعداد للمغامرة بحرب شاملة مع أي جار لها يخالفها العقيدة الدبلوماسية و السياسية…
و الدليل أنه للمرة الخامسة استباحت القوات الجزائرية البرية أراضي موريتانيا، و توغلت بأزيد من أربع كيلومترات في الشمال الغربي لهذه الأخيرة حتى كادت تسيطر على منطقة تيرس بأكملها، على مرأى و مسمع من الجيش الموريتاني المتفرج، لكن تحركات جيش الاحتلال المغربي الغامضة في المنطقة بتجهيزه لفرق من المظليين و المشاة مدعومة بأسراب من المسيرات الاستطلاعية و الانتحارية، و تهديد الرباط عبر سفارات واشنطن و باريس بأنه سيتدخل عسكريا لتحرير أرض تيرس و تطهيرها، دفع بقصر المرادية إلى التراجع خطوة نحو الوراء و بالتالي الظهور في صورة من استجاب لضغوطات واشنطن و باريس، لكن دون أن تقدم الجزائر أي وعود بعدم تكرار المغامرة.
وسط هذه الحمأة و عدم الاستقرار، أعلنت عدة شركات في توقيت متزامن أنها قررت تعجيل طلبيات الرباط و تسلمه المعدات المتعاقد عليها، فجاء في الإعلام الفرنسي أن شركة “ألبيت سيستم” الإسرائيلية قررت على وجه السرعة و الاستعجال تسليم زبون إفريقي لم تحدد اسمه دفعة أولية من صواريخ “رامبيدج” جو – أرض بمدى 300 كلم، و بعدد 680 صاروخ بقدرات مقاومة للتشويش ويعتبر من الأسلحة الدقيقة جدا في القصف، و بعدها أعلنت شركة “أفيبراس” البرازيلية أنها أرسلت للمغرب الدفعة الأولى من راجمات “ASTROS II” الاستراتيجية، و أعلنت الصحف الإسرائيلية أن الجيش المغربي تسلم نظام دفاع جوي طراز “BARAK-MX-Er” من تصنيع شركة عبرية متخصصة في تطوير أنظمة الدفاع البعيدة المدى، و أن النظام الذي حصلت عليه الرباط يلقب بـ “مقلاع داوود” و يعتبر جزءا من نظام القبة الحديدية.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك