Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

هل ستبتلع المصالح الاقتصادية السنوات الطويلة من الحرب و من البحث عن الحل السياسي للصحراء الغربية؟

بـقـلـم:بن بطوش

         أيها القارئ الكريم بمخيمات اللجوء بتندوف، إذا كنت قد رأيت نور الحياة تزامنا  مع مخاض ولادة القضية الصحراوية التي أكملت في الشهور الأخيرة عقدها الخامس، فاعلم أنك لم تعش بالضرورة خمسين سنة بمقاييس الإنسانية، و أن ما أمضيته في متاهة المنفى لنصف قرن، لا يعادل في منصة العشق القومي مقدار يوم واحد مما نعد في حضن الوطن… يوم واحد بفخامة الإحساس و عظمة الانتماء و المشي على تراب الوطن… يوم واحد تحس فيه بأنك مواطن حقيقي  دون أن يشار إليك بالبنان كلاجئ أو كجزائري من الدرجة الثالثة… يوم لا ينظر إليك “الغاشي” على أنك تعيش و تتنفس و تنمو و تتكاثر على حساب ثرواته و مقدراته… يوم لا تصلني فيه حكاية شاب صحراوي مجروح بسبب خطاب عتاب أو تهكم من جمركي أو أمني بمطارات الحليف الجزائري، و هو يرمقه بتلك النظرة التي تجعله يحس بأن غلاف الجواز الجزائري للاجئ الصحراوي أكبر من مقاسات حامله الثورية و الوطنية و الإنسانية.

         نصف قرن من اللجوء أيها القارئ الكريم و لا تلوح في الآفاق أي بشائر بأن ثمة حل قريب غير ما يفرضه المحتل  المغربي بتخطيطه و صلابة مواقفه و جبروته دبلوماسي… نصف قرن من المحاولة… نصف قرن من الضياع… نصف قرن من الوعود… نصف قرن من الأحلام… نصف قرن من الشهداء و الأيتام و الأرامل و الثكلى…، ثم – بعد كل هذا- يُعلن الأمين العام الأممي في تقريره الأخير بأنه سيخصص برنامجا للاجئين الصحراويين، من أجل تقوية قدراتهم على الصمود في ظروف اللجوء، و أن البرنامج سيؤهل عددا من الشباب لخلق الثروة داخل المخيمات، و سيحث الجزائر على القبول بفكرة أن المخيمات هي القدر الأخير لهذا الشعب… فهل ثمة ضياع و ألم و كمد أكبر مما نحن فيه ؟!!

         هذا المقال أيها العزيز المهان، ليس للتبشير بدين اليأس و ديدنه، و ليس لترويج خطاب المظلومية و تقمص دور الصحفي المقهور، بل هو خالص لتحليل خطاب ملك المغرب الذي أفتى بأن الصحراء الغربية سيتم رفع شأنها و تطوير بنياتها أكثر مما هو حاصل الآن، و ستبسط مرافقها أمام دول الساحل التي تعوزها الوسيلة إلى  المحيط الأطلسي، و أنها ستكون وطنا مشتركا للجميع، سيعيش فيه الجميع بكل عدالة و حرية، سيسع الجميع عدا لاجئو الشعب الصحراوي… و كأن ملك المغرب أراد أن يخبرنا أننا أهالينا هناك اختاروا مصيرهم نهائيا كلاجئين و عليهم أن يتحملوا وزر هذا الخيار الذي فرضته عليهم قيادتنا الهرمة، في شعاب لا تصلح حتى لعيش الذئاب…، ملك المغرب طوَّر مدن الصحراء  الغربية و أعدَّها لتكون مكة الاقتصاد الإفريقي و القبلة الأولى لدول الساحل، لأجل تصريف منتجاتها و استيراد حاجياتها، و أكد أنه أغلق الأطلسي على الجزائر، و هو يكشف عن مشروعه الضخم بقيام الحلف الأطلسي الإفريقي بشكل رسمي.

         سأشرح لك أيها القارئ خطورة هذا الخطاب لأنه ليس خطابا تقليديا، و تفكيك محاوره يكشف أنه خطاب إستراتيجي، و جاء كردة فعل بعد انفجارات السمارة المحتلة، يخبر من خلاله الملك من أسماهم “أعداء المملكة المكشوفين و المخفيين”…، بأن المغرب يجهز نفسه ليكون القلب النابض الأبدي لإفريقيا، و أن من أراد الدخول إلى إفريقيا فعليه أن ينزل في الرباط أولا و يحصل هناك على الموافقة و التصريح، لأن النظام المخزني – حسب ما كشفه الخطاب- قد شرع منذ سنوات في بناء إمبراطورية بحرية لا تغيب عنها الشمس، و أنه في اللمسات الأخيرة لإطلاق هذا المارد الجبار، و أن فلسفة الملك هو جعل إفريقيا جزءا صلبا داخل مكونات العالم الذي بدأ في التشكل منذ عصر كورونا إلى حربي أوكرانيا و غزة… ستصبح إفريقيا داخل هذا العالم ذات واجهة أطلسية بقدرات تحكم و توجيه لجزء مهم من الاقتصاد الدولي، و هذا الفكر يشرح أن ما يحصل من تطوير للبنية التحتية في المغرب منذ بداية الألفية الثانية، هو عمل استراتيجي ضخم، بعمق إفريقيا يصل إلى بريتوريا، و بأهداف بعيدة المدى تروم السيطرة على الجزء الأطلسي الإفريقي كاملا، و تحويله إلى إتحاد قوي و متماسك و صعب الاختراق، و يسيطر على التجارة لكل إفريقيا الغربية و جنوب أوروبا و أمريكا اللاثينية.

          نعود خطوات إلى الوراء و بالضبط إلى حدث لم ينتبه إليه أحد، و لم ينل حقه من الترويج الإعلامي، و يتعلق الأمر بالإعلان التأسيسي للحلف الأطلسي الإفريقي بالرباط، بتاريخ 08 يونيو 2022، و هو الإعلان الذي يلزم دول الأطلسي الإفريقي بالانخراط السياسي الجدي و الكامل و السريع لإطلاق هذا الاتحاد الذي سيكون اقتصاديا و أمنيا و عسكريا، و حين نقول أنه إتحاد ثلاثي الأبعاد (إقتصادي/أمني/عسكري)، فهو يحظى بالتأطير السياسي المتقدم، و  كان هذا الإعلان بمثابة عقاب للجزائر؛ لأن الإعلان وقع عليه 23 وزير خارجية لدول الساحل الأطلسي، و يروم تذويب جميع المواقف الإفريقية داخل توصيات مجلس الأمن التي تجعل من الصحراء الغربية جزءا من التراب المغربي و تسقط خيار الإستقلال و تقرير المصير عبر  تنظيم الاستفتاء.

           و الواضح أن دولة جنوب إفريقيا هي الأخرى تأثرت بهذا الإتحاد الجديد، خصوصا و أنه سبق و أن طرحنا تساؤلات عن السبب وراء نكسة “البريكس” الجزائرية التي عقدت قمتها ببريتوريا، و رفض حكومة “سيريل رمافوزا” استخدام الفيتو لفرض عضوية الجزائر.

          ننتقل و نحن نخرج الملاحظات من الذاكرة السياسية القريبة للأحداث، إلى مشاريع الرباط داخل إفريقيا، و كيف حوَّل المحتل دول إفريقيا إلى منصات لإنتاج الأسمدة و تحقيق الأمن الغذائي الإفريقي، و كيف جعل دولا أخرى منصات مالية لبنوكه و شركاته الصناعية و الدوائية و التشييدية، و كيف اخترق القرار السيادي لدول المحور الإفريقي الناطقة بالإنجليزية، و كيف حرم فرنسا من المورد الاقتصادية غير التقليدية…، و كنا نظن أن الانقلابات في إفريقيا ستجعل الرباط تعود إلى قواعدها و تخرج من العمق الإفريقي، لكن تلك الانقلابات قوت نفوذها و زكت وضعها الاقتصادي أكثر فأكثر.

            كنا نظن أن مشروع الأنبوب الغازي النيجيري هو أعظم المشاريع التي تعول عليها الرباط، قبل أن يفاجئنا ملك المغرب بأنه يسعى لبناء إتحاد ضخم و جبار من بريتوريا إلى طنجة، و هو اليوم يقود الغرب الإفريقي لتحقيق هذا المشروع الهائل، الذي سيكون بمثابة حلف أطلسي لإفريقيا، سيحارب الإرهاب بجيش إفريقي موحد، و سيرفع شعار ثروات إفريقيا للأفارقة، و سيصبح عدوُّنا دولة بسمعة ذهبية داخل إفريقيا جنوب الصحراء التي أوكلته منذ زمن مهمة رعاية مصالحها، و سيتحول إلى محاور تجاري و صناعي و فلاحي مع الغرب، و سيكوّن تكتلا قويا بعد أن يجتمع فيه ما تفرق في غيره، و كأن الرباط تسخر من الجزائر التي أعلنت قبل أسبوع أنها قررت احتضان اجتماع شمال إفريقيا دون الرباط، من أجل تدارس تطورات القضية الفلسطينية و الحرب في غزة، و قال الإعلام الجزائري أن الرئيس “عبد المجيد تبون” تحصل على موافقة الرئيس الصحراوي و الرئيس التونسي، و ينتظر جواب الليبيين و الرئيس المصري.

         الرباط تعرف يقينا أن صراعها مع الجزائر لا يمكن حله بالتراضي، بل بالإكراه، و لذلك مرت إلى مستوى إستراتيجي أضخم قد يسقط النظام الجزائري في ردة فعل متطرفة، خصوصا و أن قصر المرادية و قيادتنا بعد #تفجيرات_السمارة المحتلة، كشفا عن سعيهما  المشترك إلى تقويض مكاسب الرباط السياسية و الاقتصادية و الدبلوماسية…، و أن لهما رغبة في إشعال المنطقة أو إظهارها في صورة المجال الملتهب و غير المستقر  بهدف فرملة عجلة الجدب الاستثماري الخارجي و لمنع الرباط من تحقيق مشاريعه العملاقة، و كل الخوف أن يتهور قصر المرادية أكثر و يقنع قيادتنا بالإقدام على مغامرة  أكثر تطرفا قد يكون ثمنها ضياع المشروع الوطني إلى الأبد .

 

 

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد