Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

موريتانيا تعلن من الرباط انضمامها لتكتل دول الأطلسي الإفريقي و باماكو تتصدى للجزائر في اجتماع دول عدم الانحياز

بـقـلـم:بن بطوش

         لَعَمري ما ظننت أن الأمور ستسوء إلى هذا الحد في محيط الجزائر، و لم يتوقع أكبر المتشائمين الصحراويين أن تتأثر قضيتنا بالخلافات الجزائرية – الإفريقية المتناسلة على الثورات و الانقلابات الفجائية التي غيرت وجه القارة الملعونة؛ ذلك أن آخر الإبداعات الدبلوماسية الجزائرية تسببت في فرار نواكشوط نحو الرباط بشكل نهائي، حيث أعلن وزير الخارجية الموريتاني “محمد سالم ولد مرزوق” أن بلاده قررت الانضمام إلى الإتحاد الأطلسي الإفريقي بشكل نهائي و لا تراجع في ذلك، رغم أن الرجل قبل أسبوع كان قد اجتمع بالرئيس الجزائري “تبون” في العاصمة الجزائر، و هناك أبلغه الرئيس الجزائري بأن هذا الاتحاد الأطلسي أُقيم على المقاس لمحاصرة الجزائر سياسيا و اقتصاديا و دبلوماسيا، و طلب منه نقل هواجس قصر المرادية من النظام الموريتاني حتى تُفكر نواكشوط عديد المرات قبل القبول بالمشاركة في عزل الجزائر عن محيطها و الانضمام إلى هذا المشروع الذي سيُسيِّج محيط الجزائر.

         طلب الجزائر لم يلقى الاهتمام الكافي من الموريتانيين، حيث اعتبرته نواكشوط تدخلا سافرا في خياراتها الاستراتيجية، خصوصا و أن موريتانيا مستاءة جدا من عدم وفاء الجزائر بوعودها، و تعرضيها لصدمة شعبية في ملف تزويد الأسواق بالخضروات، بعدما كانت سلطات الجزائر قد دعت الموريتانيين لفتح أسواقهم أمام المنتجات الفلاحية الجزائرية ذات الجودة العالية، مقابل إغلاق تلك الأسواق في وجه التجار المغاربة و منتجاتهم الفلاحية، مما تسبب في الندرة و أدى إلى ارتفاع مهول في الأثمنة، صادفه حدث تهجم الإعلام الجزائري على النظام الموريتاني و اتهامه بالتآمر مع الرباط ضد الفريق الوطني الجزائري، المشارك في نهائيات كأس إفريقيا بساحل العاج، حيث أذاع الإعلام الجزائري الرسمي أنه يمتلك أذلة تؤكد أن الاتحادية المغربية موّلت معسكر المنتخب الموريتاني في تونس، لاستهداف الجزائر و إقصاء منتخبها لكرة القدم من الأدوار الأولى للبطولة.

         الأسلوب الجزائري في معاملة أشقائهم الموريتانيين، رأت فيه نواكشوط الكثير من الاستعلاء و الكثير  من الاحتقار و التطاول على الشؤون الداخلية لبلاد شنقيط، مما جعل السلطات الموريتانية تمنح الضوء الأخضر للسياسي الموريتاني “محمد محمود ولد طلبة”، رئيس حزب الجبهة الشعبية الموريتاني، لاستفزاز النظام الجزائري، حيث راسل منظمي مسيرة 14 جانفي 2024 التي خرجت بباريس دعما لانفصالي الأزواد والقبايل ضد سلطات الجزائر، رغم أن المسيرة مر على تنظيمها أزيد من أسبوع، و جاء في رسالته: “أحلم في يوم من الأيام أن ارى منطقة القبائل بالجزائر دولة مستقلة”.

         إفراط الجزائر في خلق أجواء  التوتر مع جيرانها بلغ أوجه عندما انتقد ممثل باماكو ما أسماه التصرف الغريب من الدبلوماسية الجزائرية، و التي حاولت  خلال أشغال منظمة دول عدم الانحياز التي احتضنتها أنغولا، إدراج توصية ملزمة للسلطات المالية باحترام اتفاق الجزائر بين مالي و حركة الأزواد، مما تسبب في ردة فعل قوية من النظام المالي و اتحاد دول الساحل الذي نشر استنكارا على حسابه الرسمي في منصة X دعما لمالي و سلطاتها و خياراتها، كما قال وزير الدولة المالي “عبد الله مايغا” في كلمته التي تداولتها كل المنصات الإخبارية الدولية، بأن التوصيات الجزائرية المدرجة في مخرجات الاجتماع مرفوضة بالمطلق و تعتبر تدخلاً سافراً في شؤون دولة مالي الداخلية من قبل الجزائر، و أضاف أن القواعد والإجراءات لا يمكن أن تكون فوق سيادة الدول الأعضاء، وطالب المسؤول المالي “بالسحب التام” للتوصية المخصصة لمالي من الوثيقة الختامية للقمة، و ختم بأن ما تقدمت به الجزائر يشكل مثالا جديدا على التناقضات في سياسة النظام الجزائري تجاه مالي.

         الاصطدام الجزائري – المالي بقمة دول عدم الانحياز أعاد العلاقات بين الجارين إلى نقطة الصفر، و زاد من تعقيد الوضع على الحدود بين البلدين، خصوصا و أن مالي عززت تواجد جيشها على المسافة صفر من الحدود الجزائرية بدعم من مرتزقة “الفاغنر” رغم التواجد الأزوادي، و تخشى مالي أن تسعى الجزائر إلى انقلاب داخل مالي، بعدما اتهمت سلطات بوركينافاسو بشكل غير رسمي قصر المرادية بالوقوف خلف المحاولة الانقلابية التي استهدف الرئيس “إبراهيم تراوري”، الذي يحكم البلاد بعد نجاح انقلابه قبل سنة، و حصل على الدعم الشعبي لقيادة المجلس الانتقالي، و قام بمنح المناصب العليا لأفراد أسرته تجنبا للخيانة، لكن تقارير تؤكد أن عمه من قاد الانقلاب الأخير ضده بدعم من الجزائر، و أن عناصر “الفاغنر” هم من أحبطوا تلك المحاولة.

         و على النقيض نجد الرباط تبنى علاقات قوية مع الدول الإفريقية و تعززها على كل المستويات، و تربط مصالح هذه الدول بمصالحها حتى لا تجد بدا عن الاستمرار في العلاقات الإيجابية معها، حيث تقوم الرباط بربط دبلوماسي يسمح لها بفتح نوافد اقتصادية و سياسية و علمية و ثقافية و تجارية…، و كأننا أمام برنامج ميكروسوفت حيث تقودك النافذة التي فتحتها إلى نوافذ فرعية أنت في أشد الحاجة إليها كي تحصل على ماتبحث عنه، و هو بالضبط ما فعلته الرباط في إطلاقها مبادرة الاتحاد الأطلسي؛ فبالإضافة إلى أنه تكتل جغرافي – بيئي لدول تتجاور مع المحيط، فقد دعت الرباط دول الساحل للمرور إلى الأسواق الدولية عبر موانئ المحيط لدول الساحل، مقابل أن تحصل دول الساحل على تنشيط تجاري و صناعي و سياحي يدعم إقتصاداتها.

         مشاكل الحليف الجزائري أن نخبه لا يزالون يعيشون في بعدهم الثوري و العنتري، و يصنعون لأنفسهم صرحا عاجيا تحت مسمى الدولة القارة و القوة العظمى، و هو ما تراه النخب الإفريقية المدبرة لسياسات الدول الإفريقية، نوعا من التكبر و التعالي السياسي الذي يستصغر وجودهم، و هو تكرار لسياسة فرنسا، و الدليل على هذا التعامل العاجي مع الدول الصديقة للجزائر، هو ما تداولته منصة “أوراس” الإعلامية المملوكة لأحد أبناء القيادات العسكرية الجزائرية، حيث نشرت مقالا بعد استقبال الرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون”، لوفد من دولة كوريا الجنوبية، عنونته بـ : “كوريا جاءت تطلب الدعم من الجزائر في المجال النووي”، و هو العنوان الذي خلّف موجة من السخرية حتى داخل سيول، و يمنح الانطباع على أن الجزائر دولة نووية، و تمتلك التكنولوجيا النووية، و ضمن النادي الضيق و الحصري للدول التي تمتلك أسلحة و مفاعلات نووية عسكرية، و أن كوريا دولة صغيرة تتحسس طريقها و تتوسل الجزائر للحصول على صفقة نووية، أو بعض الوصفات النووية التي ستحميها من ألطف ديكتاتور في العالم الرئيس الكوري الشمالي “كيم”…، لكن الواقع أن كوريا جاءت إلى الجزائر بحثا عن المناجم التي هي في حاجتها للحصول على مواد مشعة تصلح لبرنامجها النووي، و الكل يعلم أن كوريا الجنوبية إمبراطورية تكنولوجية، و على الإعلام في دولة الحليف أن يعامل القارئ الكريم في هذا الوطن بالكثير من الاحترام و الحذر.

 

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

 

                  

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد