مجلس الأمن يضغط على الجزائر و القيادة الصحراوية و يمدد مهام “المينورسو” لسنة أخرى و يشطب الاستفتاء من خيارات حل النزاع
بـقـلـم:بن بطوش
و كأن الإنسان الصحراوي الكريم نذر قلبه للمواجع، و أسقط سقف الأماني و سوى برجها الثوري مع تراب الأرض، و ما عاد يؤمن بخطاب النصر، لأن ما حدث في مجلس الأمن حقق لنا المخاوف و جعل اليأس يمشي بيننا في الأسواق و يأكل الخبز معنا في خيامنا…، ذلك أن قراءة مخرجات القرار 2703 و توصياته الـ 17 و سماع تدخلات الأعضاء الدائمين، ليست وحدها النكبة، بل الوجع في تخلي دولة مثل الصين عن الشعب الصحراوي، الوجع في عملية التهجين التي أصابت موقف روسيا و هي تمتنع عن التصويت و ترفض استخدام “الفيتو” و تكتفي بخطاب سلبي، لا يغني عن الفضيحة و النكبة، و المدمر أكثر هو إعلان فرنسا أن وقت المضي في تطبيق – بل و فرض- خيار الحكم الذاتي كأمر واقع… قد حان… !!
و حين نتحدث عن موقف الصين أيها القارئ الكريم، فنحن نطرح –من جديد- البيان الذي كان قد نشره الإعلام الجزائري قبل شهرين من الآن، و تغنى به كبار المثقفين المتحدثين باسم قصر المرادية على القنوات الدولية، بعد زيارة الرئيس الجزائري إلى بكين، حينما تحدث الجميع – بمن فيهم القيادة الصحراوية( عن نصر عظيم قادم لقضيتنا…،و بأن البيان قدّم دعما قويا و مطلق من التنين الصيني للثورة الصحراوية و مطلب شعبها في الاستقلال و من أجل تصفية الاستعمار من شمال إفريقيا، و أن هذا المارد الأصفر يدفع و بكل قواه الدبلوماسية و العلمية و الفكرية و الاقتصادية باتجاه أن يتحقق تقرير المصير، و أن يجري الاستفتاء و يحصل النصر الموعود و يتخلص الشعب الصحراوي من اللجوء…
لكن بعد أسابيع قليلة، و بالضبط حين نشرت الحكومة الصينية على صفحتها الرسمية صورا لفخر صناعاتها الحربية، مُسيَّرة “يونغ جونغ”، تعلن فيها أنها تفخر ببيع هذه الطائرة بدون طيار للرباط، و أن الصين تشعر بالفخر لمساهمتها في أمن و استقرارأصدقائها، و تدعم الدفاع عن حدود الدول الصديقة لها، ثم وضعت خارطة المغرب و هي تضم الصحراء الغربية كجزء من أقاليمها…، حينها كتبنا أن زيارة الرئيس “عبد المجيد تبون” إلى الصين، و الصفقات التي تحصلت عليها الشركات الصينية في الجزائر، و الملايير التي سيمنحها “تبون” إلى الاقتصاد الصيني، و المليار و نصف المليار الذي وهبه لبنك “البريكس”…، كلها حولتها الصين إلى استثمارات في التكنولوجيا و علم البطاريات و تطوير مكونات السيارات داخل المغرب، و أن الرئيس “تبون” تعرض لأكبر عملية نصب في التاريخ.
الصين لم تتبع خطوات روسيا و لم تناور و لم تظهر أنها غير راضية على مسودة القرار الذي صاغت أمريكا تفاصيله و أنها تقبل ذلك على مضض، و لم تلعب على الحبلين، بل كانت واضحة في قرارها، صوتت لصالح القرار، و أصبحت كأمريكا و فرنسا و بريطانيا مقتنعة أن الرباط تحكم السيطرة على الصحراء الغربية، و أنها تفوقها في الصراع العسكري على الأرض بمُسيَّرة واحدة، يستكمله العمل الدبلوماسي الذي يقوم به سفيرها “عمر هلال” بالأمم المتحدة، و أن ما سيأتي بعد القرار 2703 في الجلسات القادمة، مجرد روتين أممي، لا يغني و لا يسمن من جوع.
لن نُفصِّل كثيرا أيها القارئ الكريم في محاور التوصيات التي فرضها مجلس الأمن، لأننا سبق و تحدثنا عنها في تحليلنا لمحتوى المسودة، بل سنركز على الخطوط العريضة التي تؤكد ما قلناه سابقا، و سنشرح مواقف الدول و سبب تدخلات الدول التي صوتت لصالح القرار و حتى التي لم تصوت مثل روسيا و الموزمبيق، و سنشرح كيف أن الشعب الصحراوي لم يبدي ردة فعل كبيرة، لأنه كان على علم بالنتائج و أصبح على دراية بالتفاصيل حتى دون تسريبات، و يعلم أن ممثل الجزائر في الأمم المتحدة حين سرب تفاصيل المسودة، كان يريد أن يجهز الشعب الصحراوي نفسيا لتقبل الصدمة، و كان يسعى لأن يضع قيادتنا زاوية البراءة و يخلي ذمتها من المسؤولية، و كأنه يقول بأن روسيا و الصين هما من خيبتا أمل الشعب الصحراوي، و أن الحليف الجزائري و القيادة الصحراوية قد قدمتا ما تستطيعانه من أموال و من الضغوطات السياسية و الدبلوماسية لإبقاء الملف الصحراوي قيد التداول بمجلس الأمن و دوليا.
صيغة التوصيات أسقطت نهائيا خيار الاستفتاء، و تظهر مدى قوة حلفاء الرباط في مجلس الأمن، و مدى شراستهم في الدفاع عن خيارات المحتل، و تظهر تحيزا غير مسبوق من خلال مطالبتهم القيادة الصحراوية و الحليف الجزائري بإحصاء رسمي للساكنة في أرض اللجوء، حتى يتسنى للمنظمات الدولية الإنسانية تقديم الإغاثة و المساعدات الإنسانية، و كأنها تتهم ضمنيا الجزائر بتحريف مسار المساعدات و تضخيم الأرقام، و يطالب مجلس الأمن بشكل رسمي من القيادة الصحراوية عدم عرقلة جهود بعثة “المينورسو”، و يتهمها بشكل رسمي بأنها مسؤولة عن خرق وقف إطلاق النار، و يمنح الرباط صفة المتعاون، و يطنب في شكرها على الجهود التي تبدلها في مجال حقوق الإنسان، و يحث الأطراف المجاورة (الجزائر و موريتانيا) على العمل بشكل إيجابي للدفع بعجلة السلام، و يتهم الجزائر بشكل ضمني بعرقلة جهود المبعوث الشخصي، و التحكم في قرارات القيادة الصحراوية.
و الخطير أن التقرير لم يدن الضربات العسكرية التي تقوم بها الرباط، و استهدافها لعدد من مقاتلي الشعب الصحراوي الذين دفعت بهم القيادة إلى أم المهالك، لأجل هذه اللحظة و لإحراج الرباط في التقرير، لكن مجلس الأمن اعتبر أن وقف إطلاق النار جرى اختراقه من طرف البوليساريو فقط.
المثير للاستغراب هو كلمة ممثل الفيدرالية الروسية، الذي بدا خطابه انهزاميا، و كأنه يطالب القيادة الصحراوية بالتوقف عن معاندة إرادة دول مجلس الأمن، حين قال أنه يتأسف لعدم أخذ حامل القلم (أمريكا) بالملاحظات و التعديلات التي طالبت بها موسكو و الموزمبيق لإضافة بعض التعابير و المصطلحات، في إشارة إلى الاستفتاء و تقرير المصير، و أن التقرير جد متحيز و لا يظهر أي اعتدال، و كأنه يريد أن يقول لنظام المخزن المغربي و حلفائه، أن روسيا في هذا الملف ستخفض جناحها و ستترك محور الرباط – واشنطن يفوز على محور موسكو – الجزائر، لكن مقابل أن تظهر واشنطن و الرباط لينا أكبر في ملف سوريا و أوكرانيا…، و الطبيعي أن الروس لديهم حق “الفيتو” لوقف هذا التقرير و منع المصادقة عليه، نهائيا، حتى يحدث التعديل، لكن روسيا مثل الصين، ترفض التورط في هذا الملف بشكل كبير، بعدما تحصلت بفضل قضيتنا على صفقة رابحة مع واشنطن، و أظهرت أن لديها قضايا أهم من قضيتنا، و أن شراكتها مع الرباط أهم من شراكتها مع الجزائر، و ترفض أن تخسر صديق رفض دعم أوكرانيا في أوج الغضب العالمي على موسكو.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة