اللبناني “قاسم حدرج”، المُقرَّب من”حزب الله”، يزور مخيمات تندوف و يلقي خطابا يبخس خمسين عاما من نضال الشعب الصحراوي
بـقـلـم:بن بطوش
لعمري ما توقعت يوما أن يكون حالنا كما هو اليوم، و لم يسبق لأتعس متشائم صحراوي ممن وضعوا الحجر الأساس لهذا المشروع، أن غلبت عليه الظنون بأنه سيأتي يوم يخرج فيه من صلب تنظيمنا السياسي الصحراوي عدو يقودنا إلى حافة الإفلاس الشامل، عدو يشبهنا و يتحدث مثلنا و يأكل من صحننا و يمشي بيننا حرا محروسا و مطاعا…، إفلاس شامل، فلا رصيد بعد اليوم من الكرامة، و لا رصيد من النخوة، و لا رصيد من العزة، و لا رصيد من الأمل و لا حتى نقيرا من الكبرياء…، ذلك أن تسريبا لمحادثة غاضبة بين “النانّة لبّات الرشيد“، شاعرة المخيمات و المستشارة الحميمة للأخ القائد، مع أحد الصحراويين الذي قدم نفسه لها تحت اسم “عزيز ولد الزيبور”…، عرّت “النانة” ما بقي من حياء في البيت الأصفر المنقوع
فـ “ولد الزيْبور” استفز تلك المرأة لتي تحسب على المقربين من الرئيس، لترد عليه و تخرج ما في جوفها من أسرار، حيث قالت بأن “إبراهيم غالي” فاشل، و حكومته أكبر خطر مر على البوليساريو، و أوغلت في الحقد و هي تقول: “الله لا يجيب الاستقلال لبابها” (في إشارة إلى القيادة الصحراوية الحالية)…، ليصبح السؤال هو لماذا انفجرت شاعرة المخيمات و حادت عن أخلاق الأدباء…؟…، ألم يكن أولى بها أن تهادن مخاطبها و تظهر له الكبرياء السياسي و نبل المناضل و تُنصت له بحنكة الدبلوماسي الرصين و أن تتجنب دور “الهنتات” التقليدي الذي يُثرثر أكثر مما يسمع، حتى لا تقطع آخر حبال الود بين الدولة و الشعب الصحراويين… !!؟
“النانة” أُهينت و احتقرت ثم قزمت، و يمكن ان نستخلص من غضبها عدم اقتناعها بالقرار الذي اتخذه “ابراهيم غالي” مؤخرا خلال اجتماع الأمانة الوطنية، و الذي كُشف عن جانب منه للوفد “الحقوقي” الذي زار مؤخرا المخيمات و هو المخطط الذي ينطوي على مخطط دموي بالأرض المحتلة و يشكل قطيعة مع العمل الحقوقي ( سنعود لهذا الموضوع في مقالاتنا اللاحقة) و كذلك لأن المستشارة الحميمة للأخ القائد و وعاء أسراره شعرت بأنها أهينت حين قررت القيادة مسايرة رأي الحليف الجزائري و الاستعانة بالوصفات الشيعية، من خلال استقدام أدباء المآسي، الملقبون بـ “غربان الحروب”، حيث تمت دعوة اللبناني الشيعي “قاسم حدرج”، لحضور “الندوة الإعلامية الأولى للتضامن مع الشعب الصحراوي”.
فقد نزل “قاسم حدرج” كأستاذ و معلم لنا كي يُخبرنا أن نصف قرن من الضياع لم تكفي لتجعل قيادتنا و شعبنا أكثر نضجا، و تم تقديمه إعلاميا بأنه أحد فرسان الحروب التحررية بالعالم العربي، و أنه أحد أبطال “طوفان الأقصى” الذين حققوا انتصارات المرثيات على منصة X، و كان القياس و هو يجره الحماس إلى دوس كرامتنا، بخطابه المادح/القادح أن يكشف لنا خلال ندوته الصحفية جزءا يسيرا من إنجازاته في غزة بعد الـ 7 من أكتوبر، و هل نجح يوما بكتاباته في صد هجوم إسرائيلي أو منع كتيبة دبابات من اجتياح أحياء رفح…؟، كان عليه أن يكشف لنا كم من طائرة حربية للصهاينة أسقطها بعباراته الباليستية، و أين كان يوم دكت إسرائيل مستشفى الشفاء و هي ترتكب مجزرة مروعة في حق المرضى و الرضع و الجرحى و الأيتام… !!؟، كان على “حدرج” أن يظهر لنا ترسانته الأدبية التي ستمد المقاتلين الصحراويين بالقبة الحديدة المضادة لمُسيِّرة الشيطان “يعني”، و كيف سيُذرِّع الكتائب الصحراوية ليمنع عنهم الموت الذي يباغتهم من فوق السحاب كلما دخلوا الأراضي المحرمة… !!؟
فقد ارتجل “قاسم حدرج” خطابا غاية في المدح التبخيسي للقيادة الصحراوية و نضالها في الخمسين عاما الماضية، على الرغم من أن عباراته كانت هدفها الافتخار بالقضية؛ ذلك أنه قال :“ستستغربون بعدما أدلي بمشاهداتي أنني أطلقت عليكم تسمية كوكب الصحراء وليس جمهورية الصحراء؛ لأن هذا الكوكب مُغيَّب عنّا منذ خمسون عاما لا وجود له ، لا في مدار، ولا في فضاء ، ولا في سماء جامعة الدول العربية أو منظمة العمل الإسلامي أو دول عمل الانحياز . و لكن انطلاقا من بيان العمل الختامي لهذه الندوة أقول للشعب الصحراوي : لقد أسسنا جامعة النُخب العربية لدعم القضية الصحراوية ، لقد أسسنا منظمة العمل الإنساني ، لقد أسسنا منظمة الشباب الروّاد ، الصحافيين ، الكُتّاب ، المنحازين بالكامل للقضية الصحراوية . و لي عتب هنا على منظمي الندوة لأنهم خدعوني لغويا حينما قالوا بأني آت للتضامن مع الشعب الصحراوي ؛ إنما التضامن يكون مع الضعيف، لقد وجدت شعبا صنديدا يقوده رئيس مقاوم، و بالتالي أتشرف أن اكون على هذه الأرض وأن تقبلوني كمقاوم صحراوي إلى جانبكم و إن كانت يدكم قاصرة فيدي موجودة استخدموها، إن كان صوتكم قاصر فصوتي سيصدح في سماء لبنان دعما لهذه القضية المشرّفة وأُعيّن نفسي سفيرا لهذه القضية أمثلكم في كل المحافل إن شاء الله”.
لا يحق لـ “النانّة لبّات” أن تغضب من صوت مواطن مجروح الكبرياء، لأن واجبها أن تثور لمنع الفضائح التي تُدمنها القيادة الصحراوية، و هي تنزل من البيت الأصفر منزلة المستشار، و أن يتغير وجهها نصرة لمن هم تحت التراب، لأنها أكثر “الهنتاتة” الذين يعلمون كون “حدرج” كان سيُفيد القضية لو أن الحروب الحديثة عبارة عن مناظرات أدبية، أو أن الحروب الدبلوماسية عبارة عن معلقات تُلصق بباب مجلس الأمن…، أو أن خلافنا مع المحتل المغربي مرتبط بإثبات من منا الأكثر شاعرية و أيُّنا الخطيب المُفوَّه، فتكون معركة واحدة في جولة واحدة بأرض محايدة، و تنتهي معاناة الشعب الصحراوي…، لكن الواقع مؤلم جدا و حروب هذا الزمن مرعبة، و كنا ننتظر أن تمدنا القيادة بحلول عسكرية توقف النزيف ضد المسيرة التي لا تزال عصية على العلم العسكري في المعسكر الشرقي
لكنها القيادة أخلفت الموعد و “النانّة”تزيد عنا بقربها من القرار الصحراوي، و أظنها صادفت أو أبلغوها الخبر الذي نقلته صحف العالم عن الجريدة السينغالية “LE QUOTIDIEN” و التي نشرت هذا الأسبوع على صفحاتها، نقلا عن مصدر عسكري من وزارة الدفاع السنغالية، بأن الرباط وافقت على صفقة لصالح دكار، و التى بموجبها ستصدر شركة مغربية ناشئة أول شحنة مسيرات انتحارية مغربية الصنع انطلاقا من أول أشهر سنة 2025، تنتجها بشراكة مع شركةIAI الإسرائيلية، بينما هناك تريث من الرباط فيما يخص صفقات مماثلة مع نيجيريا ومالى، اللتان طلبتا نفس المسيرة ذات التقنيات الحديثة، و التي حسب الجريدة تفوقت في معارك الصحراء الغربية ضد الترسانة الجزائرية… !!، و لم تقل الجريدة ضد الترسانة الصحراوية.
كان القياس أن تسافر قيادتنا الصحراوية إلى قلب المعسكر الشرقي، كي تتعاقد مع مختبرات عسكرية روسية بحثا عن حلول لهذه المأساة (الحرب)، و ارتفاع تكلفتها من جهتنا، و أن تلحق ما تستطيع في سباقنا العسكري مع جيش الاحتلال المغربي…، لكنها فضلت السفر إلى طهران حيث استصغروها و أهانوها و أشاروا على صقور البيت الأصفر، بأن معضلتنا ليست عسكرية و لا دبلوماسية و لا سياسية و لا إقتصادية…، و لكنها أدبية… !!!، و أننا عجزنا حتى عن صناعة الندابات و غوغائيي مواقع التواصل الاجتماعي و المتنمرين و دكاترة تجميل النكبات…، لقد شخّصت طهران مصيبتنا بأن قيادتنا ظاهرة صوتية و نحتاج إلى بعض التعديل الأدبي لنصبح ظاهرة صوتية أجمل و بليغة و طربية، و هنا تحضرني مستملحة تقول أن أعرابيا و هو يمشي أصاب صخرة في طريقه فكسرت إحدى أصابعه، و حين ذهب إلى المستشفى، أرسله الطبيب ليعالج عيناه و ملئ وصفته الطبية بأدوية تقوية النظر، فأخبره الرجل أن العلاج خاطئ و أن قدمه هي المصابة، لكن الطبيب رد عليه: لو أنك تبصر جيدا لما ضربت قدمك مع الصخرة… !!،…هكذا ترانا طهران و هكذا تحتقرنا، فبعد شهور من البعثات الصحراوية و الزيارات السرية – المكشوفة، أظنها أيقنت أننا لا نصلح للحرب، و أيقن معها البيت الأصفر أنه لا يوجد لدى طهران سلاح يُعدل مسار الحرب و يصلح حالنا، فقبل البيت الأصفر المُحتَقَر بأن تُرسِل لنا من يُعلمنا الرثاء و البكائيات…، و ما أهون ذلك على خبرائها.
ليت إهانة “قاسم حدرج” انتهت هنا، لكنها تواصلت مع الرجل الذي لا نعلم كم أنفقت الدولة الصحراوية و الحليف كي تدفعه للقبول بزيارة المخيمات، و حتى يرضى مشاركتنا الهزائم في مواجهة محتل عليم بعيوبنا، لأن “حدرج” الذي قدم نفسه كسيد أدباء النكبات في المشرق كله، قال كلاما غاية في الاحتقار و التقزيم لقضيتنا، بعدما نفى أنه يعرف الدولة الصحراوية، بل يراها كوكب صحراوي و ليس جمهورية، بمعنى أن شعبنا خارج تاريخ و جغرافية البشرية، تائه و لا وجود له في مجرتنا، و لا حضور له في الواقع…، و أنه جاء ليصحح هذا الوضع، بمعنى أن هذا اللبناني الشيعي هو من سيصلح أعطاب البيت الأصفر الذي تاهت به خططه، و شردت به نواياه بعيدا عن طموحات الشعب الصحراوي.
ثم ختم كلامه قائلا “هذه يدي ممدودة خذوها استخدموها”، و كأنه أحد الأئمة الاثني عشر، و حضر يحمل معه كرامَاته و بركاته، و أن كلماته التي سيكتبها بتلك اليد الممدودة، قبل أن تقع في المقالات و الكتب، فهي ستقع في قلب “ترامب” القريب من العودة للبيت الأبيض و “غوتيريش” الذي لم يعد يجيب على مراسلات الأخ القائد، و أنها تكفي لتجعل أعينهم تفضي من الدمع لما سيوصله إليهم و سيعرفونه من الحق على يده…
كنت دوما انتقد “النانّة لبات” لما عُرفت به من “تهنتيت” و تملق و وصولية…، و هي المرة الأولى التي أشعر فيها أنها صادقة في كلامها و تستحق نظرة عطف صحفية تُنصفها و تنتصر لوجعها، لأنه بالفعل هذه القيادة هي الأخطر على الدولة الصحراوية و هي الأشد عدوانا على كبريائنا، و أنها لم تترك لنا شيئا إلا و تاجرت به، و اليوم تحضر لنا كبير السحرة من البيت الصفوي كي يلقي بتعاويذه الأدبية إلى العازفين على القتال، و يعيدهم إلى الساحات تحت أناشيد النصر و الهتافات القومجية، كي يستقبلوا الموت النازل من فوق السحاب و هم راضون مرضيون، و يُعيد توريط القيادة بحضوره في وجود علاقات مع “حزب الله” و إيران في عمليات عسكرية قد تدفع بالمحتل المغربي ليمد قدميه أكثر فأكثر إلى ما وراء جدار الذل و العار و يلامس حدود المخيمات.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك