“نكبة البريكس” الجزء -2- “لافروف” يهين الجزائر بحديثه عن معايير وزن الدولة و هيبتها و مواقفها، والأخ “إبراهيم غالي” يلقي أغلى خطاب في تاريخ البشرية.
بـقـلـم:بن بطوش
ذات مرور لي على مدينة أادير في دولة الاحتلال، كنت قد قرأت على مدخلها عبارة عظيمة أُخذت من خطاب الملك الراحل “محمد الخامس”، نقشت على صخور حائط مقابل لبلدية المدينة، بعدما دك الزلزال المدينة عن بكرتها فكانت نكبة تركت جرحا كبيرا بُعَيّد سنوات من استقلال المغرب، و تقول العبارة :”لئن حكمت الأقدار بخراب أكادير، فإن بنائها موكول إلى إرادتنا و إيماننا”…، حضرتني هذه المقولة الحكيمة جدا، بعد طعنة “البريكس” للجزائر، و تشخيص الخبراء للوضع الاقتصادي و السياسي الجزائري بأنه مُزري جدا و كارثي، و كشف أمامنا كرأي عام صحراوي و جزائري و عربي أن ما ورثته الجزائر عن سنوات الاستعمار و سنوات العشرية السوداء، و بعدها مراحل الحكم المتقلبة التي أوصلت البلاد إلى الحراك و أخرجت الحشود للشوارع، قد شكل عند دول العالم صورة قاتمة عن الجزائر كدولة لم تصل بعد مرحلة النضج المؤسساتي.
طعنة “البريكس” لا يجب أن تمر دون تقييم شامل للوضع الجزائري، و حين قلنا على هذا المنبر الحر بأن جلسات الرئيس “عبد المجيد تبون” الشعبوية مع صحافة بلاده، و حديثه التلقائي عن الخطوط الحمراء التي رسمها في تونس و طرابلس و نيامي…، و تبجيله الذات الوطنية الجزائرية بأنها قوة ضاربة في كل لقاءاته الإعلامية، و حديثه الصبياني عن الحرب التي لن تقف إن هي بدأت و كأنها لعبة في تطبيق على الهاتف، و تورطه في أزمة مع إسبانيا و فرنسا و ألمانيا و الإمارات و تهجمه على دول مجلس التعاون الخليجي، و تخليه عن الاتفاقيات الدولية التاريخية للبلاد،ثم عقد اتفاقات عسكرية جديدة و إلغائها بعد أسابيع، و عودته للحديث عن السلم كضرورة قصوى في أزمة النيجر…، و تضارب كلامه عن الأرقام التي يقدمها عن الاقتصاد الجزائري، حتى بات بعضها كالمستملحات التي تدور في نقاشات العامة، و حديثه عن المسدسات التي أهداها “جورج واشنطن” لـ “الأمير عبد القادر”…، كل ذلك كان له أثره على ما حصل للجزائر في قمة “البريكس”، و هو ما اختزله “لافروف” في تعليقه عن عدم دخول بعض الدول إلى هذا التكتل، لأن تلك المواقف التي عبر عنها الرئيس “تبون” سُجلت ضد الجزائر و ليس ضد شخصه، و أعطت الانطباع بأن للجزائر نظام غير سوي يعشق لعبة التيارات و التخندقات، و أن تواجد هذا النظام في أي تجمع اقتصادي أو سياسي سيزيد من حجم الخلافات و المتاعب بين دولها، لأنه نظام مزاجي و متهور و عاطفي جدا و غير وفيٍّ لمبادئه و لوعوده و لعهوده الدولية… !!؟
ما دفعنا لكتابة هذا الاستنتاج الذي أخذناه عن الخبراء الدوليين، و ما جعلنا نراجع مواقف النظام الجزائري و أرشيف الحوارات الرئاسية لـ “عبد المجيد تبون”، هو خطاب وزير المالية الجزائري في قمة “البريكس”، الذي بدا خطابا انهزاميا و فيه الكثير من العتاب و التوسل و استجداء أعضاء “البريكس”، و أظهر الجزائر كدولة ضائعة تحاول الاحتماء بالصين و الهند و روسيا و البرازيل و جنوب إفريقيا الذين ألبستهم ثوب القوى العظمى المنقذة، و صور للعالم بأن قصر المرادية تعرض للخذلان من دول التجمع الذين أغلقوا الباب و تركوا الشعب الجزائري في العراء بلا حول و لا قوة أمام واشنطن و الاتحاد الأوروبي …
و الأكثر من هذا أننا تفاجئنا بمشاركة الأخ القائد “إبراهيم غالي” في هذه القمة، الذي فرضت حضوره جنوب إفريقيا بتنسيق مع الحليف الجزائري، على دول التجمع و ظهوره في مشاهد غير منسجم مع ما يحدث من حوله ، حتى ظننا أن حضوره سيجعل الدولة الصحراوية تنظم لـ”البريكس”، و قد تسببت مشاركته في خلاف قبل عقد الاجتماع إثراحتجاج الهند و البرازيل لعدم أخذ رأيهما، و احتفاظ جنوب إفريقيا بحق استدعاء ضيف خاص تحت مسؤوليتها للمشاركة، ثم تفاصيل منح للأخ القائد الكلمة لتكرار خطابه التقليدي عند كل اجتماع…، كل هذا كان مجرد “ضربة سيف في الماء” -كما يقول المثل الفرنسي-، حيث حاول بها “رمافوزا”تطييب جراح النظام الجزائري، لكن الواضح أن ذاك الحضور أغضب الصين و روسيا، و الدليل أن وزير الخارجية الروسي علق أمام الصحافة ردا على أسئلة رفض طلب انضمام الجزائر، بأنهم اعتمدوا معايير “هيبة الدولة” و “وزنها” و “مواقفها في القضايا المصيرية”، و كأنه يقول بأن روسيا “بوتين” هي من رفضت انضمام الجزائر، عقابا لها على ما جرى في زيارة “تبون” إلى بكين، و إعلانه من هناك أنه أهدى بنك دول “البريكس”، 1.5 مليار دولار، و التي نفى مدير البنك دخول أي أموال جزائرية إلى خزينة البنك و أن الجزائر غير مشاركة في رأسمال البنك.
تضارب التصريحات بين ما قاله الرئيس “تبون” عن منحه 1.5 مليار دولار لبنك “البريكس”، و ما جاء في تصريح وزير الخارجية الروسي، و صمت الصين و نفي مدير بنك “البريكس”…، كل هذا التضارب يكفي لنفهم أن الرئيس الجزائري إما أنه تعرض لعملية نصب كبيرة في الصين، أو أنه قدم تلك الأموال إلى ثلاثة دول كرشوة لشراء مواقفها، و هي الهند و الصين و البرازيل، ظنا منه أن موسكو و جوهانسبورغ في “الدجيب”، و المفاجئ أن الجميع – دون استثناء- عارضوا عضوية الجزائر، و عللوا ذلك بأن دخولها إلى التجمع سيزيد من مشاكل دولها، لأنها أولا تشبه فنزويلا في اقتصادها الذي لم يتطور، و يقول خبراء بنك “البريكس” نقلا عن البنك الدولي، أن النظام الجزائري لا يمتلك مخططا حقيقيا للإقلاع الاقتصادي عكس إثيوبيا أحد أسرع الاقتصادات الإفريقية نموا في العشرية الأخيرة…، و زاد الخبراء في التفسير بأن الجزائر لديها عداوات بالجملة، و تسعى بكل جهدها إلى توريط دول “البريكس” في تلك المشاكل، موضحين هذا الأمر بإلحاحها في كل مرة على مشاركة الدولة الصحراوية في أي لقاءات دولية ، آخرها ما حدث في القمة الروسية – الإفريقية بموسكو و هو ما رفضه “بوتين” جملة و تفصيلا، ثم منحها الشركات الصينية صفقات بملايير الدولارات من أجل نشر بيان يتضمن عبارة الصحراء الغربية و تقرير المصير، و ربط “شنقريحة” صفقات التسليح مع البرازيل بالاعتراف بالدولة الصحراوية.
دول “البريكس” كجميع دول العالم تبحث فقط عن التطور و حمايةمصالحها، فهي تحاول في طريقها التنموي خفض مشاكلها، و ترى في النظام الجزائري وزنا زائدا داخل “البريكس”، و أن أضرار انضمام الجزائر يفوق الفوائد، حيث يقول الخبراء بأن الدول الستة التي التحقت حديثا بهذا التكتل هي أيضا تعاني من خلافات جوهرية و هيكلية؛ فمثلا إثيوبيا لها مشاكل معقدة مع دولة مصر التي هددت بنسف السد الذي أضعف حصصها من مياه نهر النيل، و الإمارات العربية لها مشاكل كبيرة مع إيران بسبب الجزر و بسبب دعم أبوظبي للبحرين…، لكن هذه الدول لم تطالب دول “البريكس” بمواقف سياسية، و لم تمارس القاهرة الضغط على جنوب إفريقيا للاعتراف بجمهورية تيغراي نكاية في مشروع السد الإثيوبي، و لم تسعى طهران إلى طرح أزمة الجزر في جدول الأعمال مع الإمارات، و لم تطالب حتى بالوساطة…، بمعنى أن الدول التي تم اختيارها لتعزيز “البريكس” لها وعي متفوق على النظام الجزائري، و تركت خلافاتها عند عتبة التجمع و اتفقت على تجاوزها ثم تقدموا بطلب العضوية، و هو الأمر الذي جنب “البريكس” إحراج التخندق مع طرف ضد آخر.
لهذا فظهور الأخ “إبراهيم غالي” جعل صحافة دول “البريكس” تتساءل عن سبب تورط تكتل اقتصادي في خلاف سياسي، و علقت عدة حسابات جزائرية بأن القضية الصحراوية تحولت إلى غصة في حلق الجزائريين، و أنها السبب الحقيقي وراء رفض “البريكس” دخول الجزائر و منحها العضوية الكاملة، و قالوا أن بسببها لم تحصل الجزائر حتى على صفة مراقب ، الذي اختارت دوله أموال الجزائر على مصالحها، و نفذت جنوب إفريقيا خطة منح الرئيس “إبراهيم غالي” كرسيا و ميكروفونا حتى يقول النظام الجزائري أنه حقق اختراقا عظيما للدولة الصحراوية في عصر “تبون” و “شنقريحة”،…. و الحقيقة أن خطاب الرئيس الصحراوي كان مقابل 1.5 مليار دولار، الذي منحها “تبون” لبنك “البريكس”، ليكون أغلى خطاب في تاريخ البشرية، و الغريب أن ثاني أغلى خطاب في العصر الحديث له علاقة بالجزائر و كلف قصر المرادية 20 مليون دولار، و ألقاه “شيف زوليفوليل” (حفيد مانديلا) الذي هاجم الرباط من ملعب “نيلسون منديلا”، بالعاصمة الجزائرية خلال افتتاح بطولة “الشان”…، و ليت تلك الأموال منحت للشعب الصحراوي بشكل مباشر دون وساطة من القيادة.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة