كواليس زيارة الرئيس الموريتاني إلى تندوف و ما حصل له أثناء عودته برًّا إلى موريتانيا …. !!؟ (الجزء الثاني)
بـقـلـم : بن بطوش
قبل أسبوعين من الآن، كان الإعلام الصهيوني قد تحدث عن موضوع غريب يقول بأن تجار المخدرات المغاربة، يرفضون التعامل مع تجار المخدرات الإسرائيليين تضامنا مع أهل غزة المضطهدين، و نكاية في الجنود الإسرائيليين و الحرب المتوحشة التي تخوضها الآلة العسكرية الظالمة ضد العزل في قطاع غزة… الخبر دفع بالسلطات الجزائرية إلى مسارعة الزمن و تسجيل مقابلة تلفزيونية مع شاب، قال بأنه يُدعى “عبد الغني شنّة”، و تم تقديمه كتاجر مخدرات مغربي خلوق و صاحب مبادئ، تم ضبطه من طرف السلطات الجزائرية بمدينة بشّار، و بحوزته – حسب الرواية الجزائرية- 207 كلغ من مادة الكيف المعالج، التي تحولت فجأة في الإعلام الجزائري إلى طوق نجاة اقتصادي و أداة ضغط على الكيان الغاصب.
تاجر المخدرات المغربي اعترف، خلال المقابلة التلفزية، بكل أريحية بامتهانه لهذه التجارة المحرمة، و كان يتحدث و عيناه تنظران إلى الأعلى ليقرأ ما كُتب أمامه، حيث قال بأنه يُحضر المخدرات من جبال كتامة بشمال المغرب، و يعبر بها مستخدما الحمير من أعقد حدود بين جارين إلى داخل التراب الجزائري، و أوضح أن ما يُجبره على امتهان هذه التجارة هي الظروف الاجتماعية السيئة بالمغرب و غياب فرص العمل…، و قدَّمه الإعلام الرسمي الجزائري للرأي العام كرجل شهم بأخلاق رفيعة و صاحب مبادئ دفعته الظروف إلى تجارة المخدرات للهروب من المعاناة، و كي يؤكد أن تجارة المخدرات ليست سياسة بلد، بل فرضتها الظروف الاجتماعية القاهرة لدول القارة المريضة، و أن من يزاولونها هم أناس أهل مبادئ و ينتمون للفصيلة التي تمتلك “النيف”، و كأن ثمة بين النظام الجزائري من يريد تبرير تجارة المخدرات، بأنها تجارة رجال و أهل عزائم… !! خصوصا و أن اللقاء التلفزي جاء في خضم الزوبعة الإعلامية المثارة حاليا حول تورط ابن الرئيس في الاتجار الدولي للمخدارت.
و السؤال البديهي الواجب طرحه بعد ذلك الحوار الذي بث على التلفزيون الجزائري مع تاجر مخدرات مغربي (هذا إن فرضنا أنه فعلا كذلك) ، هو: كيف تمر آلاف الأطنان من المخدرات يوميا، عبر الحدود البرية التي تراقبها الكاميرات و الرادارات و الفيالق و الدوريات و حُفْرت بها الخنادق و سُيِّجت بالأسلاك و دفنت بترابها الآلف من الألغام…، على متن الحمير ببطئها و حجمها و لن أقول غبائها…، و لم ترصدها الأجهزة الجزائرية الأمنية و العسكرية التي تنفذ تمارين عسكرية كل أسبوع و لا تتوقف عن شراء المعدات و الأنظمة و الأقمار و المُسيّرات، و تكدسها في الحدود الفاصلة مع العدو المغربي…؟ لهذا نقول لك أيها القارئ الكريم مرحبا بك في ألعاب العقل… !!
لن نجيب عن السؤال؛ لأن مثل هذه الاعترافات التي يظنها النظام الجزائري طعنة في خاصرة الرباط، هي التي تشرح الوضع المرتبك الذي عليه الحدود الجزائرية من جميع الجهات، و التي تجعل الدول العظمى تُوجّه تحذيرات لرعاياها بعدم زيارة الجزائر مع تحديد الخطر في مناطق بعينها، و هي التي تشرح ما حدث للرئيس الموريتاني أثناء عودته بعد حضور مراسيم تدشين المعبر بين تندوف و الزويرات و عجز السلطات الجزائرية عن توفير الحماية له، و هذا أمر لا يمكن فهمه إلا في أساليب المؤامرة، و تؤكد أن ثمة تناقضات يريد النظام الجزائري تحويلها إلى ألعاب عقل خطرة، يفرضها قصر المرادية على الشعبين الجزائري و الصحراوي و بصفة أقل على الشعب الموريتاني الذي يرفض معاملته بسياسة “واقع الوهم المرئي”.
فقد أجمعت الصحف الموريتانية، صباح يوم الإثنين الماضي على أن الحادث الذي وقع لموكب الرئيس الموريتاني لم يكن حادثة سير عرضية، إذ لا يعقل في الدول التي تحترم نفسها أن لا يتم توفير فرقة أمنية أو عسكرية لتُرافق موكب الرئيس حتى خروجه من التراب الوطني، خصوصا و أن المسافة بين حدود البلدين لم تكن طويلة،… و أكدت بعض التسريبات بأن “بدر ولد عبد العزيز”، ابن الرئيس الموريتاني السابق، هو المتهم الأول، و أنه تم استقدامه بتعليمات من “شنقريحة” من منطقة الأزواد من شمال مالي حيث كان يُقيم، لتنفيذ الهجوم انتقاما لسجن أبيه، حيث اصطدم بالسيارة الثانية في الموكب الذي كان مُكوّنا من ثلاثة سيارات، ثم أطلق الرصاص على الحارس الشخصي للرئيس، قبل أن يلوذ بالفرار مستفيدا من حالة الارتباك و انهماك الحراس بحماية الرئيس و خلو الطريق من أية سيارات أخرى…. و هو ما يؤكد بأن العملية كانت بمخطط يستهدف شخص الرئيس، و أنها تهديد صريح للرئيس”محمد ولد الغزواني” ، على خلفية أن هذا الأخير يريد الإبقاء على علاقاته مع الرباط في حد يسمح بالاستفادة من المبادرات المغربية بالمنطقة، فيما الجزائر تريد ضم نواكشط إلى حلفها نهائيا و فصلها نهائيا عن الرباط.
و قال الإعلام الموريتاني بأن الرئيس “ولد الغزواني” كان عليه أن يستمع لنصائح محيطه بعدم السفر إلى تندوف، التي لم يسبق أن زارها أي رئيس من قبل؛ منذ استقلال الجزائر سنة 1962، تفاديا لأي توتر مجاني مع الرباط، و التحجج بالتحذيرات الدولية التي تقول بوجود خطر إرهابي بالمنطقة، و لأن المعبر يحتاج لعشر سنوات كي يكون جاهزا، و من سيخلف الرئيس “تبون” قد لا يمتلك الحماس الكافي لإتمام المشروع و قد يتخلى عنه مجددا كما حدث غير ما مرة، لكن “ولد الغزواني” – حسب نفس المصادر الموريتانية- أبلغ الرباط أنه سيقوم بزيارة إلى تندوف، و أنها زيارة مجاملة فقط و بغرض تدشين معبر بري تجاري…. و جاء رد الرباط في نفس يوم الزيارة، حيث أعلنت أنها رفعت التعريفة الجمركية على المنتجات القادمة من موريتانيا بالضعف، الشيء الذي جعل التجار الموريتانيين يُعيدون شاحناتهم إلى المخازن و دفعتها إلى السوق الموريتانية، و أمهلوا السلطات الموريتانية 10 أيام لإيجاد حل للمعضلة قبل البدء في الاحتجاجات….
هذا الإجراء الجمركي للرباط جعل الإعلام الموريتاني و النشطاء و الخبراء و المحللين يحملون الرئيس “ولد الغزواني” تبعاته الاجتماعية، و اتهموا السلطات الجزائرية باستدراج الرئيس الموريتاني إلى كمين سياسي و اقتصادي و دبلوماسي، في الوقت الذي كان على الرئيس الموريتاني انتظار نتائج زيارة وزير الخارجية الفرنسي إلى الرباط و البحث عن موقع قدم مع الرباط في التوزيع الجديد للأدوار داخل إفريقيا…
لكن بعد حلول الرئيس الموريتاني في تندوف اكتشف الموريتانيون أنهم تعرضوا لخدعة القرن و أنه لا توجد “منطقة تجارة حرة”، و لا توجد طريق معبدة، و لم يرى أحد أي شاحنات تنتظر و محملة بالبضائع، و لم يُشاهد أحد مراكز لوجستيكية، و لا مناطق تخزين و شحن و تفريغ…، و لم تُلاحظ أي حركية تجارية، و لا حتى دُكان للبقالة في ذلك الخلاء…، و أن ما تم معاينته كان فقط طريق وسط الفيافي و أعلام على جنبات الطريق انتزعت العاصفة الرميلية نصفها، و مركز للجمارك و آخر للدرك، ثم لوحة ذهبية على الحائط كشف ستارها الرئيسان الجزائري و الموريتاني.
ما جرى كشف أن الحليف الجزائري فعلا يحتقر و يستصغر الشعب الموريتاني و يتعمد إهانة ذكاء النخب الموريتانية، و هذا ينعكس سلبا على العلاقات الصحراوية – الموريتانية، و أن موريتانيا كان يكفيها إلقاء نظرة على واقع الوضع الاقتصادي الجزائري كي تفهم إذا ما كان مشروع إقامة منطقة تجارية حرة بسلع حقيقية ممكنا أم فقط هو مشروع للاستهلاك الإعلامي و الشعبوي…؟؟؟، و أضافوا بأن الجزائر تلعب بمصير الشعبين الموريتاني و الجزائري، على اعتبار أن السلطات الجزائرية تعرف بأنها سنة جفاف و أن الجزائر لن تستطيع توفير المنتجات الفلاحية حتى لأسواقها الداخلية، و لن تستجيب بالتالي لطلبات السوق الموريتاني، و أن الجزائريين يستوردون حاجياتهم الفلاحية من إسبانيا بواسطة شركات استيراد رومانية، و أن المنتجات التي يتم شرائها هي مغربية المنشأ، و تحويلها إلى السوق الموريتانية جد مكلف…
و أيضا نفس الوضع ينطبق على المنتجات الصناعية، فمثلا تعتزم الجزائر تصدير سيارات “FIAT“ إلى موريتانيا، و هي سيارات يتم تجميعها بالجزائر، و الأجزاء التي تأتي من إيطاليا نصفها يتم تصنيعه في وحدات صناعية بشمال المغرب، بمعنى أن الجزائر تقوم بتجميع سيارة نصفها يصنع بالمغرب، و ستوجهها للأسواق الموريتانية و سيعود جزء من الأرباح هذه التجارة إلى الشركات المغربية…، هذا فقط جزءا يسير مما قلنا أنه ألعاب العقل الخاص بالنظام الجزائري.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة