عواصم الدول الكبرى تشكك في نزاهة الانتخابات الرئاسية بالجزائر، و فوز “عبد المجيد تبون” يفرح النشطاء المغاربة
بـقـلـم:بن بطوش
نحتاج لبعض السلام النفسي حتى تهدأ مشاعرنا قليلا و نحن نحاول فهم ما جرى؛ لأنه إذا كانت العهدة الأولى للرئيس الجزائري “عبد المجيد تبون” قد علمتنا أن الحكم له أهله و رجاله، و أن من قادته رياح الظروف للجلوس على كرسي لم يصمم لحوضه، فلا يعدو أن يكون مجرد أسير يحيط به الحرس، و حياته اليومية تبث على وسائل الإعلام بعناوين كاذبة و مخادعة باسم الأنشطة السياسية و الدبلوماسية و الإجتماعية…، فإن الحملة التي سيرها “بن قرينة” لحساب الرئيس المنتهية ولايته و ما قاله “تبون” في خطاباته التي بثها التلفزيون الجزائري من ربوع البلاد فعلمتنا أن صناعة الأعداء مسؤولية كبيرة… !!
ذلك أن الذراع الإعلامي للمخابرات الفرنسية DGSE و التي تحمل إسم “فرانس 24″، قالت في تغطيتها للاقتراع، أن تضارب المعطيات في الانتخابات يؤكد بأن الانتخابات الرئاسية بالجزائر غير نزيهة، و أنه النتائج مشكوك في صحتها، عطفا على ما جاء في التقارير التي رفعها المراقبون الدوليون، و ممثلو المصالح داخل سفارات الدول المكلفة بمتابعة الرئاسيات في الجزائر…، نفس التقرير تكرر على القناة الروسية الإخبارية الناطقة باللغة العربية “RTV ” ، مع تغيير بسيط في المصطلحات، لكن موسكو ـ و دون مجاملة ـ قالت بأن الانتخابات الجزائرية غير نزيهة، و الفضيحة كانت من القنوات البريطانية و الأمريكية التي أجمعت على أن نتائج الرئاسيات الجزائرية كانت مهزلة حقيقية، و أنها أعادت البلاد إلى عصر الانقلابات، و وصفت تلك النتائج بالخطوة العملاقة إلى الوراء، و النكسة الديمقراطية التي يصعب إصلاحها.
هذه الآراء يمكن تحملها و اعتبارها منطقية؛ لأن الدول المتقدمة غير راضية على النظام الجزائري، و تضعه في خانة الأنظمة الشمولية الهجينة، بمعنى أن تلك الدول ترى في نظام الحليف الجزائري أنه تشكيل سياسي – عسكري، مسيطر، و مسؤول عن تعيين الرئيس بعد انتخابات صورية…، و أن اختيار الرئيس يكون بناءا على قدرته على تقوية نفوذ الجيش داخل مؤسسات البلاد و انصياعه التام لتعليمات المؤسسة العسكرية…، لكن ما يصعب تصديقه هو أن الشعب المغربي تبادل التهاني و التبريكات و تلقاها من النشطاء العرب على إعادة انتخاب “عبد المجيد تبون” لولاية ثانية، بمعنى أن جماهيرية الرئيس الجزائري عند المغاربة أكثر من جماهيريته في الجزائر، لدرجة أن متابعة المغاربة لحملة الرئيس “تبون” و للحظات الإعلان كانت بالملايين عند المغاربة، و كان أملهم الوحيد أن يجدد الجيش ثقته في مرشحهم المفضل، و عدم وقوم المفاجئة…
و هذا ما جعلنا كصحافة رأي نبحث في الموضوع لتحديد الأسباب و تفسير الظاهرة؛ فإذا ظننت أيها القارئ الكريم أن اهتمام المغاربة بشخصية الرئيس “عبد المجيد تبون” سببه فقط هو التهكم و التنمر على زلات الرجل في الخرجات الإعلامية، و التي أصبحت شبه معتادة، فإنك مخطئ… !!، لأن المغاربة و الذين نحترمهم كشعب ، يرون في “عبد المجيد تبون” أنه رئيس مكشوف، و لا غموض خلفه أو على جنباته أو أمامه، بمعنى أن سياسته واضحة و أن عدائه المطلق الذي لا دبلوماسية فيه مفيد جدا لبلادهم و يرفع من قدراتها، و القاعدة تقول أن العدو المكشوف غير مخيف، عكس العدو المتلون و اللبق…
من الجانب الآخر، فإن النظام الجزائري منذ تولي الثنائي “شنقريحة”/”تبون” مقاليد الحكم انخرط في مسار عدائي واضح و مكشوف ضد الرباط، على خلفية صراع جيواستراتيجي طويل، انطلق منذ منذ ستينيات القرن الماضي، إذ لا تشكل القضية الصحراوية في هذا الصراع سوى الشماعة التي يعلق عليها النظامين تنافسهما الاقليمي،… و هذا التصعيد الذي تبنته الجزائر ضد الرباط كشف قوة تحالفات نظام المخزن و مؤسسات البلاد أمام الشعبين…، و على سبيل المثال لا الحصر عندما قررت الجزائر قطع الغاز عن الرباط لم تصب الحياة اليومية للمواطن المغربي بالانتكاسة بل امتص النظام هذه الخطوة و أفرغها من الآثار السلبية، و لما أغلق قصر المرادية الأجواء أمام الطائرات المغربية، لم تفلس شركة الطيران المغربية، و لا تزال السياحة في هذا البلد تحقق أرقاما قياسية، و عندما أعلن “تبون” بمرسوم رئاسي أنه ألغى كل التعاقدات مع الشركات المغربية، و أمر كل المؤسسات الجزائرية بفض تعاقداتها مع الشركات المغربية، لم نسمع أن الرباط اشتكت من خسائر اقتصادية، بل عوضت تلك الشركات بعقود داخلية في صمت و دون جلبة إعلامية.
في نفس السياق، حاول قصر المرادية التصعيد الهجومي على الرباط بتوجيه من الجيش الجزائري، واجتمع مع الأخ “إبراهيم غالي” و كبار الجيش الصحراوي، و أخبرهم أنه يريد من الجيش الشعبي الصحراوي إغلاق معبر “الگرگرات”، لقطع الشريان التجاري البري للرباط مع إفريقيا، و كذلك تحرك قادتنا الذين دفعوا ببضع مناضلين إلى المعبر الملعون، و بعد أسابيع قليلة، خرج جيش الاحتلال المغربي حتى لا تضيع من يده الفرصة، و ابتلع كل شيء وجده في طريقه، حتى الأراضي المحررة أصبحت محرمة و حولها المحتل إلى مقبرة شاسعة للجيش الصحراوي، و كنا ننتظر من الرئيس الجزائري أن يعلن الحرب على الرباط و الانتصار لكبرياء الصحراويين، لكن الرجل فضل حمل الملف إلى أروقة الأمم المتحدة، ثم عاد الرئيس الجزائري ليضغط على الدولة الصحراوية كي تعلن الحرب على الرباط…، و حقق له الأخ القائد تلك الرغبة، لكن المفاجئة أن المحتل أخرج مُسيِّرة واحدة ليحارب بها جيشنا الشعبي…، و قتل ثلاثة سائقين جزائريين قال “رمطان لعمامرة” أن قتلهم لن يمر دون عقاب، فتم عزل “لعمامرة” و إنتهت عهدة “تبون” الأولى، و لم يحدث العقاب… !!
مجاهرة “عبد المجيد تبون” بعدائه للرباط و قرارته المُؤكِّدة لهذا الأمر، و أيضا تأكيد كبير الجيش الجزائري لنفس الكلام في خطاباته، جعل الشعب المغربي يكتشف القوة الدبلوماسية و الاقتصادية و العسكرية لبلاده، و نحن هنا لا نلمع سمعة الرباط، كما يعتقد بعض القراء، بل نقدم لكم تحليلنا للأحداث بكل أمانة صحفية، و نقرأ عليكم المعطيات كما تحصلنا عليها، نمدك بها في مقال غير تقليدي…، و حتى نقدم لك أيها القارء مثالا على هذا التقاطع بين الشعب المغربي و الرئيس الجزائري، فنذكرك أنه في قمة “تيكاد” بتونس، حين ورط الرئيس الجزائري نظيره التونسي و فرض عليه استقبال الأخ القائد “إبراهيم غالي” ببروتوكول رئاسي، لم تظهر الرباط أي عداء للنظام التونسي، حتى أنها لم تهاجم “قيس سعيد” في تقاريرها الإخبارية، و بعد سنتين، قامت الرباط بالسيطرة على الإتحاد الإفريقي، و مررت قانونا يمنع حضور الدولة الصحراوية في المؤتمرات مع الدول المتقدمة، و بالتالي لولا ضغط الرئيس الجزائري على تونس و استقبال”قيس سعيد” للأخ القائد، ما كانت الرباط تحركت بحثا عن وسيلة تمنع بها حضور الدولة الصحراوية، و بالتالي هذا هو سر عشق الشعب المغربي للرئيس الجزائري، و الذي يمكن اعتباره عشق معكوس، لأن الرئيس الجزائري جعل الرباط ترفع من مستوى التحدي الدبلوماسي و السياسي إلى نقطة يصعب مجاراتها…
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك