“شنقريحة” يفشل في إقناع القاهرة بعقد اتفاقية عسكرية ثنائية للرد على التعاون العسكري المغربي الإثيوبي… !!؟
بـقـلـم:بن بطوش
نكتب هذا المقال و في قلوبنا بعض الأمل و نحن على بعد ساعات من بداية الانتخابات الرئاسية الجزائرية، و التي تسرب في الإعلام أنها حُسمت في الإليزيه لصالح مرشح الدولة العميقة “عبد المجيد تبون”، ثم نكتب بوجع و ضيم، و قد مضى على نكسة بيكين بضع ساعات فقط…، حيث هُزم “الهنتاتة” مرة أخرى و ولوا الدبر، و نكص “عطاف” على عقبيه مثلما نكص قبله، ” رمطان لعمامرة” في ولايتين، و قبلهما كل من ” صبري بوقادوم” و ” عبد القادر مساهل”…، و إن كانت حقب من سبقوا “عطاف” ذات سقف و طموحات أعلى؛ لأنه في العصر الحالي لدبلوماسية حليفنا أصبحت أبعد أمانينا كشعب صحراوي أن تشارك قيادتنا في اجتماع مع دول الصف الأمامي من العالم، بعدما كان دبلوماسيونا و قادتنا يصولون و يجولون بالقارات الخمس، و اللوم هنا لا يتكبده فقط كبير الدبلوماسيين الحالي في مكة الثوار، بل يتحمله أساسا “الهنتاتة” الذين انتجتهم المؤتمرات الأخيرة لتنظيمنا السياسي و الذين ألقوا أحمال قضيتنا الوطنية على كاهل دبلوماسية قصر المرادية، و تركوا له مفاتيح الملف و راحوا ينشغلون بجمع المال و تحصيل المنافع.
لم أشعر فعلا بقوة المحتل المغربي، إلا حين تابعت خطاب كبير الوفد عندهم، و هو رئيس الحكومة “عزيز أخنوش”، يدعو الصين و يخبرها أن ثمة مكان لها في خطط الرباط الكبيرة، و أنه يفتح الباب لبيكين للمشاركة في المشروع الفرعوني لنقل الغاز النيجيري إلى أوروبا و خلق سوق طاقية هائلة بالغرب الإفريقي، و أن الرباط تريد من الصين أن تنزل بفعالية في مشروع الإتحاد الأطلسي، و عرض عليها مخططاته من كأس العالم إلى مشاريع التصنيع و الفلاحة و تحلية مياه البحر…، و تحدث عن الشراكات بين الدولتين…، كلام السياسي و رجل الأعمال “أخنوش” جعل خبراء الاقتصاد على الفضائيات يجمعون في تحليلهم بأن استثمارات الصين في المغرب استثنائية بما أنها تجاوزت معدل الـ 20 مليار دولار، و أن الرباط تواكب تلك الاستثمارات دون بهرجة إعلامية، و من غير توجيه للرأي العام أو تجييش على وسائل التواصل بأنها من إنجازات الدولة العمودية أو الأفقية…
مقارنة خطاب رئيس الحكومة المغربي، الملياردير “أخنوش”، بخطابات الرئيس “عبد المجيد تبون” خلال حملته الانتخابية، و وضع كلام الرجلين على منصة الواقع، تؤكد بأن الرئيس المنتهية ولايته و المرشح الأبرز للانتخابات الجزائرية، يعيش في بعد مختلف، و هو يردد كلاما غريبا كما فعل حين أعلن لحظات قبل تحرير هذا المقال، أنه يعد الجزائريين بإصلاح مجلس الأمن…، و إصلاح الجامعة العربية التي وصفها بأنها جمعية و ليست جامعة، و أنها لم تتغير منذ تأسيسها في 1928، و نسي أن الجامعة العربية تأسست سنة 1945…، و قال أن الجزائر هي الدولة الوحيدة في العالم التي لديها مشروع للربط بين سدودها المائية، و أنه لا توجد دولة قبلها أو بعدها في هذا العالم الفسيح تستطيع ذلك…، و أنه بصدد تنفيذ 8300 مشروع و أن هذه المشاريع ستمكن من خلق 300 منصب شغل، بمعنى أن أكثر من 25 مشروع ستخلق فقط منصب شغل واحد،… صدقوني لقد قال “تبون” كل هذا الكلام العجيب، و الخطاب متاح على جميع المنصات الرقمية… !!
يرهقنا الرئيس الجزائري في جرد الحماقات التي يقولها في خطاباته، و ما يتفوه به أمام وسائل الإعلام محبط جدا، و ما يجعلنا نتحمل جرأته على التصريح بعشوائية و الدفاع عنه و تبرير زلاته الغريبة، هو موقفه من القضية الصحراوية التي جعلها قضية وجود للأمة الجزائرية، و إن كان اعتبارنا لهذا الموقف كمصدر طمأنينة لا يتوافق مع رأي عدد كبير من المدونين الصحراويين و عقلاء القوم في الرابوني، ممن يخيفهم هذا التبني الجزائري المجنون لقضيتنا، ذلك أن هذا الموقف ينطوي على حقيقة خطيرة و هي أن الرأي الأول و الأخير في مصير مشروعنا الوطني هو ما يريده قصر المرادية و ليس قادتنا بالرابوني، و يرون فيه مجرد عناد للنظام الجزائري و إصرار على التحدي و ليس اقتناع بالقضية الصحراوية.
فما يقوم به “تبون” لا يمكن فصله عما يقوم به كبير الجيش “سعيد شنقريحة”، الذي سافر عل وجه السرعة في زيارة سرية إلى القاهرة يوم 04 شتنبر 2024، أي بعد حوالي أسبوع واحد من زيارة وفد عسكري إثيوبي إلى الرباط، و استقباله من طرف قيادة الجيش في دولة الاحتلال المغربي بشكل رسمي، و هي الزيارة التي جاءت في ظرف دولي متوتر بالقرن الإفريقي، بعد إعلان إثيوبيا أنها لن تفتح بوابات السد لمد دول المصب بالحصص المتفق عليها، حتى تتأكد من سلامة المولدات بعد الملء الخامس لسدها، في عملية استفزازية واضحة للمصريين و السودانيين، و محاولة للضغط على القاهرة من أجل سحب 10.000 جندي مصري تم إنزالهم بالصومال.
قيادة الجيش الجزائري رأت في الاتفاق العسكري بين أديسا بابا و الرباط فرصة للتقارب مع مصر و تصحيح العلاقات المتشنجة مؤخرا، بعد خطاب الرئيس”تبون” الذي اتهم فيه مصر برفضها فتح معبر غزة، و بالتالي سعى “شنقريحة” إلى شيطنة تحرك الرباط، و إظهار القومية و الغيرة العربية الجزائرية على حقوق مصر المائية، و إصلاح موقف “لعمامرة” الذي أظهر انحيازا فاضحا لإثيوبيا ضد مصر،… و حتى نحن كرأي عام صحراوي ننظر إلى الأمور من الزاوية العقلانية – التصحيحية، اعتبرنا الخطوة المغربية بالتعاون عسكري مع إثيوبيا غير مفهومة و فيها مغامرة تصب في صالح قضيتنا الصحراوية، و محاولة من الرباط التضحية بعلاقات تاريخية مع كل دولة الجامعة العربية، و التي جميعها تدعم سلطة الرباط على الصحراء الغربية المحتلة، و هو الموقف الموثق في العديد من البيانات الواضحة اللغة خلال القمم العربية، و تساءلنا هل ثمة سر…؟، أم أن الأمر هو خيانة من الرباط لدول مصر و السودان و الصومال…؟، و لم تنكشف خيوط و أسرار الملف إلا بعد زيارة “شنقريحة” إلى القاهرة، و عرضه خدمات الجيش الجزائري لمساعدة مصر ضد التحالف المغربي – الإثيوبي في منطقة القرن الإفريقي.
ذلك أنه حين نزل كبير الجيش الجزائري بالقاهرة، طلب لقاء الرئيس المصري “عبد الفتاح السيسي”، لكن تم إبلاغه بأن برنامج الرئيس المصري ممتلئ جدا، و أنه يستعد للقيام بزيارة إلى أنقرة بدعوة من الرئيس “أردوغان”، و حسب المصادر فإن “شنقريحة” أحس بالضيق بسبب أن مصر تفضل المساعدة التركية على الجزائرية، لكن زيارة “السيسي” لتركيا لم تكن بسبب ملف حصص النيل بل كانت بسبب الملف الليبي، و في تلك الأثناء كانت طائرتي شحن مصرية قد نزلتا بالصومال، و على متنها معدات عسكرية سرية – حسب الإعلام العبري- مما جعل إثيوبيا تتوجس من نوايا مصر التي سبق لها إنزال 10.000 جندي بالصومال.
الفريق “أسامة عسكر”، قائد الجيش المصري، أبلغ “شنقريحة” خلال لقائهما، أن مصر ليست في وضعية حرب، و أن الرباط تُنسق مع مصر و الصومال و السودان عبر الجامعة العربية، و أن الاتفاق العسكري المبرم بين المحتل المغربي و إثيوبيا، الغرض منه تكوين عناصر في الجيش الإثيوبي لتأمين الحدود و المنشآت من المتمردين في تيغراي، و أن إثيوبيا تسعى لإنشاء منطقة عازلة، و أمريكا قدمت لها المشورة بالأخذ بالتجربة المغربية، و هذا هو سر صمت مصر الرسمية و عدم إقدامها على الاحتجاج ضد تحركات الرباط في القرن الإفريقي؛ لأن المصريين يرون أنه من حق الرباط حماية استثماراتها في إثيوبيا ضد متمردي تيغراي، و أن الرباط لا يمكنها أبدا المغامرة بعلاقاتها مع الصومال و مصر و السودان، و هم يدعمون احتلالها للصحراء الغربية.
السؤال هو ما دخل أمريكا في ملف إثيوبيا؟، ففي أسفل المقال ستجدون صورا للملياردير الأمريكي “بيل غيتس” رفقة “أبي أحمد” رئيس الوزراء الإثيوبي، و الذي زار أديسا بابا بإيعاز من الحكومة الأمريكية، لأن مؤسساته تشارك إثيوبيا في مراجعة أساليب الإنتاج الزراعية و تربية الأحياء…، و هي المشرفة على خطة الشمول المالي التي تمول المشاريع العملاقة في أثيوبيا، بمعنى أن أمريكا تقف خلف مشروع سد النهضة، لهذا مصر لا تستطيع ضرب المنشأة رغم اللغط، و أمريكا هي من دعمت “أبي أحمد” و دفعته لتوقيع اتفاق استغلال ميناء بربرة لمدة 50 سنة مع الانفصاليين الصوماليين، و الاعتراف بانفصال إقليم صوماليالاند عن دولة الصومال…، و أن مجرد ظهور “بيل غيتس” في أديسا بابا بين الحقول رفقة “أبي أحمد”، جعل مصر تتراجع عن تهديد إثيوبيا، و ظهر الحليف الجزائري مرة أخرى أنه خارج مربع الفهم لما يجري في هذا العالم، و أن الرباط تسبقه بخطوات نحو الأمام.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك