زلزال الحوز يصل إلى مخيمات تندوف و “امينتو حيدر” و “الساهل ولد اميليد” يخلقان الحدث خلال اللقاء مع المبعوث الأممي
بـقـلـم : بن بطوش
و كما هو مبدئنا دوما، يصعب علينا كتابة نص كبير في حضرة الفواجع، ذلك أن ما أصاب الشعب المغربي بعدما اهتزت قرى الأطلس الكبير أدمى قلوبنا، و جعلنا نقاسمهم المأساة و نشاطرهم الوجع، و نعلن على هذا المنبر الحر تضامننا مع أسر الضحايا و مع المكلومين و المتضررين…، و لن نزايد في الفاجعة و سنترك -في هذه اللحظات العصيبة- خلفنا كل الخلافات السياسية و كل الصراعات اللإثنية و كل الجدال كي نكشف عن أخلاق المسلم تجاه أخيه المسلم، و نجعل انتصارنا الحقيقي يتجسد في قيم الإنسانية و روابط التاريخ و الجغرافيا و الدين و العروبة…، و بقدر ما احزنتنا صور الدمار أغضبنا ما سمعناه من بعض بنو جلدتنا الذين شمتوا في هذه الظروف و ماشاهدناه من مقاطع لبعض النشطاء الجزائريين الذين قرروا القفز خارج هوية جزائر الشهداء و الثورة، و سجلوا فيديوهات قصيرة على المنصات يسخرون من خلالها على ضحايا الزلزال، و كشفوا عن كمية من الغل أبانت عن مدى تأثرهم بالخطاب الرسمي الجزائري الذي انحرف عن جادة العقل و الرزانة منذ وصول الرئيس “تبون” إلى الحكم، و أصبح خطابا أكثر عنفا و تطرفا و نشرا للكراهية.
ما أثلج صدورنا كصحراويين ينتمون إلى المدرسة العقلانية، هو بيان القيادة الصحراوية، و إن كان بيانا بروتوكوليا ينهل من لغة الخشب و مليء بالهفوات و ضعيف من حيث الحس الإنساني، فهو على الأقل فيه جانب مشرق، بعدما أعلن عبره البيت الأصفر المقهور تضامنه مع الشعب المغربي و أسر الضحايا، و هو على الأقل أكثر وضوحا من الموقف الجزائري الذي لا يزال – إلى حدود نشر هذا المقال- يعتريه الغموض و يغلب عليه منطق تصفية الحساب، بعدما تعرض النظام الجزائري إلى ضغط إعلامي من القنوات الإخبارية العربية التي استضافت عدة خبراء و محللين، و كان تركيزهم على الإجراءات الجزائرية التي تظهر عداءا غير مبرر للرباط (حسب المحللين)، مما جعل النظام الجزائري يعلن عبر حساباته الرسمية أنه فتح أجوائه للطائرات، دون أن يحدد ما إذا كان هذا الترخيص يشمل الطيران المغربي، و بأنه سيرسل مساعداته في حال طلب المغرب ذلك.
هذا القرار أثار سخرية النشطاء عبر العالم، حيث تساءل جزائريو المهجر عن سر الغباء في مثل هذه القرارات، و قالوا أن الزلزال ضرب منطقة الحوز داخل تراب المغرب، و أن الجزائر لا تقع داخل التراب المغربي، و أن الطائرات حين تتنقل من الدار البيضاء أو طنجة أو الرباط…، بإتجاه مطارات مراكش و أكادير، فهي لا حاجة لها للمرور عبر الأجواء الجزائرية، و هذا القرار يكشف مدى اضطراب النظام الجزائري و مستوى الضغوط التي يتعرض لها… !!
و كان القياس في مثل هكذا نوازل يقتضي أن يتصل وزير الخارجية الجزائري بنظيره في الضفة المنكوبة، و يبلغه بتعازي النظام الجزائري و يقترح عليه المساعدة، ثم يصدر بيانا بفحوى الاتصال كما يجري في الأعراف الدولية، و مثلما يحدث بين جميع الدول التي لها مشاكل مع الجيران، عطفا على ما فعله جميع العرب مع “بشار الأسد” بعد زلزال تركيا و سوريا، و هذا منتهى الدبلوماسية الإنسانية و تدبير التضامن بين المجتمعات المتقاربة و التي تتشارك الحدود و المصير.
و إذا كان المحتل المغربي قد شهد هزت عنيفة قدرها الخبراء بقوة 30 قنبلة نووية، فإن الهزة الأعنف هي التي ضربت ملف القضية الصحراوية بعدما خرج “دي ميستورا” غاضبا من وفد “الحقوقيين” بالأراضي المحتلة، في ختام زيارته لمدن الصحراء الغربية، بعد التقائه بمجموعة من الرموز النضالية التي تحتكر الجبهة الداخلية و تسيء للدولة و للشعب الصحراويين، حيث ركزوا في مجمل خطاباتهم على نفس الكلام الذي سبق و ان رددوه على مسامع المبعوثين الأمميين السابقين و لم يضيفوا جديدا لدرجة أن “دي ميستورا” تدخل غير ما مرة ليقاطع مداخلاتهم بأسئلةحاول من خلالها البحث عن إجابة قد تكون مدخلا لبلورة فكرة مقترح مبتكر لحل النزاع، لكنه اكتشف أن مخاطبيه كالببغاوات يرددون نفس الأسطوانة المشروخة و ليست لهم القدرة على المناقشة و إنتاج أفكار و أن كل ما يجيدونه هو سرد ما تعرضوا له من انتهاكات.
خلال اللقاء مع المبعوث الأممي”دي ميستورا”، اكتشف الجميع المستوى المتدني لـ”أمينتو حيدر” في النقاش، إذ رغم تجربتها الطويلة من المشاركة في الملتقيات الحقوقية الدولية كرمز للقضية الصحراوية، و معرفتها المسبقة بأن الوقت في اللقاءات الهامة له قيمة كبيرة، فقد اتضح بأن المرأة لا تستطيع أن تعطي مداخلة مختصرة و مركزة، أو ما يصطلح عليه في علم الإدارة و التسيير بـ “BRIEFING “، حيث حاولت “امينتو” أن تستأثر بالكلمة، رغم أنها تعلم بأن الوقت المخصص لأكثر من 30 من رفاقها الحاضرين هو ساعتين فقط، بحيث حاولت أن تقرأ تقريرا طويلا، فتحدثت عن كل شيء و عن لاشيء و تكلمت فيه عن منظمتها و عن أهدافها و تناست هواجس اللاجئين و المسحوقين في المخيمات، و هو ما دفع المبعوث الأممي الذي بدت على وجهه علامات الضجر و الملل من كثرة كلامها، فنبهها إلى ضرورة الاختصار.
هذا التنبيه كان مفعوله في نفسية “امينتو” كالإحساس بسكب سطل ماء بارد على رأسها ، حيث انتابتها حالة من الارتباك و جعلها تقفز من فكرة إلى أخرى لتذكر بعض القضايا كقضية رفيقتها الفاسقة “سلطانة خيا”، و لتعزف من جديد للمبعوث الأممي أنشودة “البيغاسوس”، وروت له قصتها العجيبة حول اختراق هاتفها و سرقة مخابرات دولة الإحتلال وصفات “لفطير” و “مارو بالحوت” و “الزريگ” السرية التي طورتها خلال بطالتها النضالية، حيث ظل المبعوث الأممي يرمقها بنظرات استغراب و هي تكرر كلامها عن ذلك الاختراق و كأنه أراد أن يقول لها “ما هذا الهراء” و أن يخبرها بأن فرنسا و إسبانيا بكل التكنولوجيا التي لديهما عجزتا عن إثبات استعمال الرباط لهذا التطبيق أمام المحكمة الأوروبية، و أن باريس و مدريد تخلّيّتا عن القضية و قدمتا ما يشبه الاعتذار عبر الخارجية الأوروبية، و أنتِ الآن تريدين إثبات ما عجزت عنه أعتى دول العالم… !!؟
ليت الأمر توقف هنا، فالمرأة تحدثت عن الحرب و عن العسكرة و عن التضييق و عن مجازر مزعومة حدثت، غير مدركة بأن الرجل قبل أن يلتقي بهؤلاء “المناضلين” كان قد تجول في أزقة و شوارع و حواري مدينة العيون المحتلة، و كل ما شاهده كان عكس الشهادات التي سمعها من القيادة و الجزائر و حتى المنظمات التي تكتب التقارير، و لم يسبق لها أن زارت تراب الصحراء الغربية…، و هذا يشعرنا كرأي عام صحراوي بالحزن على إضاعة فرصة لقاء “دي ميستورا”، لأن مناضلينا لم يطوروا خطابهم و لم يأتوا بمقترح حقيقي للنقاش، كان كل الكلام مجرد شكاوى و تضلمات.
ما ألقته “أمينتو حيدر” على مسامع الرجل كان إنشاءا أطنبت فيه، و كررت نفس العزف النشاز، فأخطأت الرسالة و لم تعثر على التعاطف عند المبعوث الأممي، الذي أظهر امتعاضه و أشار إليها و هو غاضب كي تُعجِّل بإنهاء مداخلتها، مما أحرج سيدة النضال الصحراوية التي فقدت بريقها و نجوميتها، حتى بين رفاقها، و الدليل أنها لم تكن أول المتكلمات، بل كانت رابعتهن، و ما تعرضت له “أمنتو حيدر” من تنبيه من طرف “دي ميستورا”، كان ليمنح “الساهل و لد أهل ميليد” فكرة عن ما يبحث عنه المبعوث الأممي أي أن يجد تلك الفكرة الوسطى التي نقرب بين مطالب الأطراف و لم يأتي بصفته مبعوثا إنسانيا يستمع للضحايا…
لكن “ولد أهل ميليد” كان مُصرّا أن يلعب دور كوميدي اللقاء، و أن يتقمص دور الرئيس “تبون” في لقاءاته الصحفية، حيث قال بأن عمله الصحفي يمتد لعشرين سنة و بأنه يشتغل دون الحصول على ترخيص و هو ما يعني بحساب بسيط بأن الرجل كان يمارس الصحافة منذ أن كان تلميذا في الابتدائي، كما أنه فاجأ المبعوث الشخصي بإحصائيات لم تستطع أي من المنظمات الحقوقية المحلية أو الدولية تجميعها، و أثارت استغراب حتى المناضلين الصحراويين الحاضرين الذين روَّجوها على سبيل النكتة بين رفاقهم عد خروجهم من اللقاء، حيث كانت أرقامه فلكية و أقرب إلى روايات الأفلام الهندية، لدرجة أن “دي ميستورا” وجد صعوبة في تصديق تلك المعطيات، لأنه يعلم أن رقم 30.000 جريح و 79 شهيد و 398 سجين و 45000 صحراوي تم تهجيرهم إلى الخارج، يعني شيئا واحدا و هو أن هؤلاء الذين يجالسونه في ذلك اللقاء هم الناجون الوحيدون من الاضطهاد المغربي.
هذا اللقاء و ما ترتب عليه، يدفعنا للتساؤل كيف تسمح القيادة لهؤلاء التافهين -باستثناء البعض منهم طبعا- بالدخول و المشاركة في اجتماعات مصيرية للشعب الصحراوي؟ و لماذا لا تراقب قيادتنا خطاباتهم قبل السماح بتمريرها في مثل هذه اللقاءات المهمة؟ لأن المبعوث الشخصي بعدما حل في مدينة الداخلة المحتلة، أظهر تعاطفا كبيرا مع سلطات المحتل المغربي، و قال جملة لخصت الأمور كلها، “بأن الصورة إذا كانت بألف كلمة، فالنظرة بـ 100.000 كلمة”، و هذا يعني أن الرجل معجب بإنجازات الرباط الميدانية بمدن الصحراء الغربية، و أنه أيقن بعد لقاءه بعينة من المناضلين أن ما تروج له الدولة الصحراوية و الحليف الجزائري محض إدعاءات، و أن مدن الصحراء الغربية تعيش تطورا ملحوظا عكس الحال بمخيمات تندوف.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة