Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

حرب التيارات داخل الجيش الجزائري تستعر و تطيح برأس الجنرال ”المنجل”.

بـقـلـم : بن بطوش

         يقول  الإعلامي “نزيه الأحدب” في إحدى مقدماته الشهيرة من برنامج “فوق السلطة” على قناة “الجزيرة” القطرية، أن أفعى كانت تسعى زاحفة، فمرت فوق جزء من المنشار و أحست ببطش أسنانه المكشوفة، ظنت الأفعى أن المنشار الهادئ و الساكن و البارد يقوم بأعمال عدائية ضدها، و يستخدم تكنولوجيا من الجيل السابع لأنها لم ترى حركته…، فردت عليه بفحيح قوي و حاولت لذغه و إرعابه، فجرح فكها، بينما بقي كعادته هادئا و باردا و ساكنا…، زاد اعتقاد الأفعى بأن المنشار يتجاسر عليها و يهدد وجودها و هي قوة إقليمية، و أنه هاجمها بشراسة و من غير تردد و دون إنذار و لا احترام لمسار تحركها، لتقرر الأفعى الانتقام لكبريائها و تنفيذ هجومها القاتل بالسيطرة عليه و عصره حتى الموت، فالتفت حوله و ما إن أحاطت به حتى قررت ضمه بقوة جبارة، ظنا منها أنها ستقسم وحدته إلى شطرين، غير أن ما حدث كان مثيرا للهلع، لقد مزقت أسنان المنشار الحديدي أوصال الأفعى التي هلكت و هي لا تزال تظن أن ما جرى كان مؤامرة من الأيادي الخارجية…

         هنا رمزية الأفعى لا تعني الدسيسة و المكر، بل سوء التقدير و أخطاء الحسابات…، لهذا نمنح أنفسنا على هذا الموقع الحر بعض الصلاحيات الصحفية لنربط بين ما فعلته الأفعى و ما يقدمه جنرالات الجزائر من خطاب الأيادي الخارجية، و الأعداء المتربصين بالأمة الجزائرية و الأعمال العدائية التي يقوم بها الجار…المنشار الغربي للجزائر، ذلك أنه من الصعب علينا أن ننسى مواقف قصر المرادية من مبادرة اليد الممدودة للرباط، و يصعب على المواطن المغاربي أيضا تقبل تدوينات الصفحات الإعلامية الرسمية للقصر المرادية التي تعتبر لسان كل من مؤسسة الجيش و قصر المرادية، و هنا نستحضر يوم حكم الإعلام الجزائري على قرارات الرباط بخفض تذاكر الطيران لصالح المهاجرين المغاربة في دول العالم، بأنه عمل عدائي ضد المصالح العليا للدولة الجزائرية، و تآمر على مؤسساتها، و قالت أنها محاولة من دولة عدوة لدفع الشعب الجزائري إلى إحداث المقارنة و إصدار الأحكام المنتقصة من نظام الحكم في البلاد…، حينها قلنا على هذا الموقع الحر أن الإعلام الجزائري يحتاج إلى تصحيح لخط تحريره و أن مثل هذه التدوينات قد تحول بلدا بحجم الجزائر إلى مسرح عملاق لعروض كوميديا السياسة.

         و اليوم فصول هذا الصراع تتطور لتمزق البيت الداخلي الجزائري، و هي تأتي على  رأس أحد أقوى جنرالات الجيش الجزائري و رجل ذو نفوذ كبير، إذ جرى خلال هذا الأسبوع تسريب أخبار اعتقال الجنرال”محمد قايدي” لوسائل الإعلام الدولية، و رغم أن الأجهزة الرسمية في الدولة الجزائرية لم تعلن عن الخبر بشكل رسمي، إلا أن وسائل الإعلام الفرنسية جاءت باليقين و كشفت عن الأسباب، و تفاصيل ما يدور من صراعات تقسم جسد الجيش الجزائري إلى تيارين متطاحنين لا يزال الإعلام يحصي ضحاياه؛ إذ تقول الصحف الفرنسية أنه لا يمكن أن يمر أسبوع دون أن نسمع فيه خبرا عن وفاة غامضة لجنرال أو اقتياد آخر إلى مركز الاعتقال السري “بن عكنون”، و أنه كلما تم التخلص من جنرال إلا و تهجم الإعلام الجزائري على الرباط، للإبقاء على حد معين من التوتر و الاحتقان، و إلهاء الرأي العام الداخلي في الجزائر عن الحروب بين  كبار العساكر و شغلهم عن الأزمات الاجتماعية المتنامية، و التي علقت عليها “لويزة حنون” بأن الجزائر أصبحت مشروع صومال جديد… !!

         الجنرال “محمد قايدي”، الملقب بـ “المنجل”، هو أحد أبناء المدرسة الفرنسية الذي نال ثقة الراحل “أحمد القايد صالح” و كان من علبه السوداء، و هو أحد الرافضين لرواية قيادة الجيش حول  ظروف وفاة “القايد صالح”، و أبرز المطالبين بفتح تحقيق في أسبابها، و لَمَّح في أكثر من مرة إلى أن “القايد صالح” تعرض للتصفية بسبب اعتقاله للجنرال “توفيق” و نشره مذكرة اعتقال في حق الجنرال ” خالد نزار”…، كما عارض الرئيس الحالي “عبد المجيد تبون” و اعتبر تنصيبه إعادة تدوير و إنتاج لرموز العصابة…، لكن بسبب علاقاته المتميزة مع قادة الجيش الفرنسي، و أيضا بسبب شعبيته الجارفة بين صفوف الشعب الجزائري و حتى وسط الجنود…، حاول “شنقريحة” مراضاته و ترويضه و تفادي الاصطدام به، فقرر وضعه على  رأس دائرة “الاستعلام و التحضير” بعد استعادتها من قصر المرادية، و أضيفت له دائرة التنصت على المكالمات كعربون مودة و صك ثقة من كبير الجيش…

         رغم كل هذه التنازلات ظلت مواقف “المنجل” لا تتلائم مع توجهات النظام الجزائري بقيادة “شنقريحة”، حيث اتهم قصر المرادية بارتجال القرارات الاقتصادية، و اعتبر أن الوضع المزري الذي يعانيه الشعب بسبب الطوابير، هو نتيجة إيقاف عمليات استيراد المواد الأولية و تجفيف السوق الداخلي منها لصالح بعض اللوبيات المحتكرة للسوق الداخلية، و عدم توفير البدائل للشعب و سيطرة بعض الجنرالات و أسرهم على تجارة المواد الأولية…، و رغم هذا الموقف القوي، ظل قائد الجيش يتجنب الاصطدام به خلال الاجتماعات، بل الأكثر أنه لم يعد كبير الجيش يًشْرِكُ “المنجل” في المشاورات الخاصة بصفقات الجيش و لا قراراته الكبرى، لتتفجر الأوضاع بين الجنرالين مع بيان قصر المرادية خلال أزمة الشاحنتين.

         حيث تقول الرواية التي تحصلنا عليها و التي وفرتها مصادر من داخل الجيش الجزائري لوسائل الإعلام الدولية، و أكدها الضباط الفارون من الجزائر و بعض المعارضين، أن الجنرال “قايدي” انتقد بشدة ردة فعل قصر المرادية، و الصيغة العنيفة التي جاء بها البيان بعد احتراق الشاحنتين و إستشهاد ثلاثة جزائريين مدنيين، و اتهم “سعيد شنقريحة” بتجاوز اختصاصاته و إملاء التوجهات على “تبون”، و أضاف المصدر أن الجنرال طالب باجتماع أزمة لقيادة الأركان و قيادة البلاد… من أجل إصلاح أخطاء البيان و مناقشة الحدث بكل شفافية، و قال أنه يجب فتح تحقيق معمق قبل إصدار أي حكم أو اتهام أي جهة عطفا على نصوص القانون الدولي، و رأى في تسرع قصر المرادية ارتجالا و إخفاءا للحقيقة، إذ بلغت حدة انتقاده إلى مستوى تشكيك الجنرال في رواية الجيش، و قضية الأسلحة المتطورة التي استخدمها المحتل المغربي، و زاد بأن إدعاء الجزائر استخدام الرباط لسلاح متطور و فتاك فيه تهويل عظيم مثبط لعزيمة الجنود الجزائريين و الصحراويين، و اتهمه بافتعال الحادث من أجل الدفع بالجيشين للاصطدام، و تحقيق أمنية الانتقام القديمة لقائد الجيش، و التي تعود إلى نتائج معركة “أمغالا”، حينما تواجه  الجيشان الجزائري و المغربي و نتج عن المعركة أزمة بين الدولتين حلت بوساطة مصرية و نجاة كثيبة جزائرية كاملة من الأسر..

         إيقاف الجنرال “قايدي” و اعتقاله دون توجيه اتهامات واضحة له من طرف قائد الجيش و رئاسة الجمهورية، تفتح على النظام الجزائري باب المحاسبة الدولية، على اعتبار أن الرجل مؤثر جدا داخل الوطن و خارجه، و أنه – حتى اللحظة-  لم يصدر أي ردة فعل و لم يطالب أنصاره بالتحرك داخل البلاد و خارجها، و تضيف المصادر أن “قايدي” كان كثير الاتهام لقائد الجيش بالاستئثار بالقرارات السيادية للبلاد، بما فيها القرارات الدبلوماسية و السياسية، و طالبه في أكثر من مناسبة بالاستجابة لمطالب الحراك، و تسليم السلط السياسية للمؤسسات المنتخبة حسب الدستور، و ترك جميع السلط المدنية بين يدي الرئيس ليدبر شؤون البلاد بنظرته…، غير أن تراكم هذه المواقف جعل قائد الجيش – حسب المصادر- يستشيط غضبا، و يتهم “المنجل” بالعمالة لأيادي خارجية و تنفيذ الأجندات المعادية للبلاد، و أمر باعتقاله و تجريده من مهامه.

         فما يجري في بيت الحكم العسكري في الجزائر يحزننا كصحراويين، خصوصا و أن الدولة الجزائرية في حاجة إلى كل كفاءاتها، و أن الجنرال الموقوف يعتبر أحد أهم الخبرات داخل الجيش الجزائري، و يعتبر عنصر توازن، و إن كانت مواقفه من الصحراء الغربية غامضة و غير واضحة…، إلا أننا لا نتمنى أن يكون أحد أسباب الخلاف بين القادة الجزائريين هي قضية الشعب الصحراوي، و لا نريد أن يتطور هذا الخلاف بين التيارين حتى لا نرى الرأي العام الجزائري، و هو يشير بأصبع الاتهام إلى قضيتنا، و يحملها ما يجري من شقاق في مؤسسات الحليف، لأن الوضع القائم دوليا…، يكفينا كشعب صحراوي لنعيش تجربة اليأس المطلق.

 

 

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

 

[email protected]

 

 

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد