Sahra Wikileaks Center
الصحراء ويكليكس يعمل على النهوض بالفعل الحقوقي بالمنطقة وذلك بإزالة كل شائبة عنه

الجزائر تدين الموقف المفاجئ لإسرائيل من الصحراء الغربية في الوقت الذي صمت كل العالم عن هذا المستجد

بـقـلـم:بن بطوش

          يبدو أن لا أفق يلوح بالبشرى لنا كشعب منكوب، و أن ما مضى من أعمار أجيالنا كان استثمارا في الضياع و الوجع …، بعدما تشبتنا بحبل الأمل حتى تأذت أيادينا، و التمسنا للقيادة آلاف الأعذار حتى فرغت خواطرنا من الذرائع…، و بقينا ننتظر وصول الخبر الذي سيُرمم ما تحطم من أحلامنا، فلم يصل الخبر و لم تحدث المعجزة و لم تنجو القضية، و تورطنا معها في اللاشيء و دخلنا معها غياهب المجهول، و زلّت بنا الآراء و الفتاوى حتى وصلنا إلى مرحلة الهرطقة السياسية و صناعة الارتباطات الوهمية لقضيتنا من حبال الدين و العواطف و المُسَلَّمات، علّنا ندغدغ القلوب في الشرق و نستجدي العطف من الغرب و نتوسل الرأفة اليسارية الشيوعية المتطرفة..؛ ذلك أن من يخيط بإبرة الدين ثوب قضيتنا كي يجعلها قطعة واحدة مع ألوان القضية الفلسطينية هو مجرم و متنطع و زنديق يسيء للقضيتين؛ زاد من مشاكل الفلسطينيين و حكم على قضيتنا الصحراوية بالضياع إلى الأبد، و من يقول أن المحتل المغربي بعد تطبيعه مع إسرائيل فرط في القدس، فقد جاء شيئا إدّا…؛ لأن القدس و البيت ببكة و كنيسة المهد…، كلها بيوت الله و لم تكن يوما مِلكٌ للسياسيين.

          لا تطعن أيها القارئ هذا المقال بحُكمك عليه قبل أن تكمل القراءة، فنحن لا نفتي و لكن نرفع اللُبس عن الفهم، فقط ننثر بين يديك ما جمعناه من معطيات، لأن ثمة جدال داخل الجزائر أثار غضبنا كشعب صحراوي، بعدما انحرف النقاش عن القضية الصحراوية و أصبح كل الجزائريين يتَّحِدون غضبا لأجل القدس الشريف و نصرة لأهل فلسطين، و كأن قضية الصحراء الغربية كانت مجرد طعم لتوريط المحتل المغربي في الأخطاء، و في موقف الجزائريين تبخيس لمشاعر الشعب الصحراوي بوضعها في مستوى أقل من مشاعر  الشعب الفلسطيني، الذي لم يحرك ساكنا و كأنه غير معني بالاعتراف الإسرائيلي… فالجدال  الجزائري مجاني لأن الرباط لم تقايض القدس بالصحراء الغربية، و حين طبَّعت مع الكيان الإسرائيلي، فقد عملت بفتاوى مجلس العلماء المغاربة،  الذين أجمعوا بأن للقدس رب يحميها، و علّلوا خيارهم بأن “عبد المطلب”، جد الرسول عليه الصلاة و السلام، حين ذهب إلى “أبرهة الأشرم “، ملك الحبشة، الذي جاء يستهدف هدم الكعبة، لم يسأله التراجع عن هدم البيت  الحرام الذي رفع قواعده الخليل إبراهيم، عليه السلام، بل قال له:”حاجتي أن يرد علي الملك مائتي بعير أصابها لي”، لكن “أبرهة” غضب من “عبد المطلب” و قال له : “ظننتك جئت تطلب عدم هدم بيت عبادتكم و عبادة أجدادكم”، فرد عبد المطلب عليه: “إني أنا رب الإبل، وإن للبيت ربا سيمنعه”،…     و المحتل المغربي مد يده إلى إسرائيل لذات الأمر.

          هذا النقاش الجزائري هو في شكله بالكاد يمنحنا صورة ردة الفعل الجزائرية التي تحمل الوجهين؛ الغيرة و الحقد، و هو جدال  عقيم لا يتضمن خطوات نافعة لنا كشعب صحراوي، بقدر ما يكشف لنا أن الحليف الجزائري سلّم بالأمر الواقع، لإيمانه أنه لا توجد قوة فوق الأرض سترد الرباط عما هي ماضية فيه، و لا توجد قوة كذلك ستوقف إسرائيل عن خوض مغامرة التطبيع مع الدول العربية بحثا عن السلام المفقود، و الذي تقول كل المؤشرات أن محطته القادمة ستكون  هي موريتانيا…، و الموجع أن التورط في هذا الجدال حجب عن النظام الجزائري و مكوناته و متابعيه و محلليه الكثير من الأمور الخطيرة، مثلما حجب عن القيادة الصحراوية مؤشرات التحول في الوضع الدولي؛ فمثلا عندما اعترفت أمريكا بسلطة الرباط على الصحراء الغربية، قامت أوروبا تركض يمينا و شمالا، و أوحت باريس إلى برلين للتحرك من أجل تحفيز الأمم المتحدة كي تفتي ببطلان “الاعتراف” و عدم شرعيته، و طالبت ألمانيا /”ميركل” من مجلس الأمن عقد جلسة طارئة للتنديد بهذه الخطوة، و جيشت فرنسا إعلامها للهجوم على الرئيس الأمريكي “ترامب”، و خرج مسؤولو بروكسيل بتصريحات مستفزة للرباط، و قلنا حينها أن تحرك أوروبا يعكس وعيها بخطورة تحرر الرباط من هذا الملف، و انتقال  النظام المخزني المغربي بمؤسساته إلى مراحل متقدمة من التنمية الشاملة، و قلنا أن أوروبا لديها معطيات من عمق التاريخ تقول بأن المغرب في أعقاب كل نصف قرن يحقق نهضة عظيمة تهدد أوروبا… !!

          لم تتوقف ردّات الفعل عند هذا المستوى بعد الاعتراف الأمريكي، بل تمددت ردود الفعل إلى الدول العربية حيث نشرت عدة أحزاب بشكل مباشر أو غير مباشر استنكارها لما أقدمت عليه أمريكا، و رفض اتحاد الطلبة في تونس قرار “ترامب”، و حتى دول شمال أوروبا عبرت عن عدم ارتياحها للقرار، و في إفريقيا اعتبرت عدة دول تلك الخطوة بالعمل العدائي ضد الشعب الصحراوي…، لكن هذه المرة (اعتراف إسرائيل) الأمور منحرفة تماما عن ما يجب أن يحصل و ما توقعنا حصوله، بل سجلنا صمتا مريبا و كأن هناك إجماع عالمي حتى لدى المنظمات الدولية بأن ما قامت به إسرائيل هو عين الصواب،  بل حتى داخل الرأي العام المغربي هناك رضا تام بأن الخطوة الإسرائيلية هي لصالح الرباط و مشروعها التوسعي و يخدم الخطط التنموية في البلاد، و أنها تمسح صورة التطبيع النمطي الذي كان يبدو منقوصا من هذه الخطوة، و منح الشرعية المطلقة و الضوء الأخضر لفتح سفارة إسرائيلية بالرباط، ليبقى السؤال هو لماذا صمت العالم أمام الاعتراف الإسرائيلي ؟ و لماذا صفق له الإعلام الأوروبي و العربي بشكل فج ؟… حتى أن التونسيين؛ الشعب الذي نراه الأقرب لدعم قضيتنا علقوا عليه في نقاشاتهم الإعلامية بأنه شأن مغربي صرف، والتمسوا العذر للرباط و قالوا أن الرباط لديها أسبابها للقيام بهذه الخطوة…، و علق عليه الإعلام السعودي بأن الخطوة المغربية فيها انفتاح على خيارات السلام… !!

          جل التحاليل و النقاشات التي تابعتها و التي اشتركت فيها مع جزائريين و صحراويين طلية الأيام التي أعقبت الاعتراف الإسرائيلي العدائي ضد قضيتنا و مشروعنا القومي، كانت سطحية و غير منطقية و لا تخضع للحسابات الجيو-إستراتيجية، حتى بيان  الخارجية الجزائرية كان مجرد ردة فعل تفاعلية فقط، و فيه شيء من النيف و العنترية اللينة، و جاءت صياغته و كأنها عتاب لحبيب زلّت قدمه…، فيما المصيبة العظيمة كانت بيان وزارة الإعلام الصحراوية التي اعتبرت الموقف الإسرائيلي لا حدث، و  هو في الحقيقة هو كل الحدث و عمق الحدث و سيكون مصدر كل الأحداث القادمة، بدليل أن العالم لم ينتقده، لأنه ببساطة كشف بأن اليهود يحكمون العالم، حيث دعمت جل الحكومات العالمية هذا القرار عبر سفاراتها في تل أبيب، و هنأت “نتنياهو” على الخطوة، مما يؤكد أن إسرائيل تحكم العالم عبر حكومات سرية، و توجه العالم بمنظماتها السرية، و تسيطر على قرارات معظم العواصم و لها نفاذ إلى القرار الأوروبي.

          من جهة ثانية هذا الصمت الدولي و خصوصا الأوروبي بيّن بضع نقاط خطيرة جدا، أولها أن أوروبا خضعت بالكامل للرباط، و أصبحت تؤمن بأن إغضابها أكثر وجعا و أشد ضررا على الأوروبيين من إغضاب الجزائر، و ثانيهما أنه جعل المرحلة القادمة في إسبانيا أكثر حساسية، على اعتبار أن الرباط تعرف بأن الانتخابات في مدريد قد تعرف مفاجئة و قد يصعد اليمين المتطرف كما حدث في إيطاليا و اليونان و رومانيا و بولندا و هنغاريا، و تعرف أن إسبانيا يستحيل أن تتراجع على الموقف الذي اتخذته حكومة “سانشيز”، لكن قد تحاول الحكومة المقبلة، إذا كانت يمينية، أن تناور في قضية جبل “تروبيك” و تطالب بإعادة التفاوض على الحدود البحرية لخلق أزمة.

           لهذا الرباط بدأت بعصر أضلاع الإسبان بدءا من رفضها تجديد اتفاق الصيد البحري، و تريده بشروط مؤلمة للأوربيين و للإسبان،و لأجل هذا شاهدنا أن إسرائيل عيَّنت مبعوثا عسكريا لها في أول خطوة تسبق فتح سفارتها بالرباط، حتى قبل أن تُعيِّن السفير، و هي بهذا تُبرق إلى اليمين الإسباني و أي حكومة ستتشكل في إسبانيا، بأنها ستضع تحت تصرف الرباط كل ترسانتها  العسكرية حتى المحرمة منها، و أنها ستضع أموالها في الصحراء الغربية و هي الأموال التي تعود إلى شركات عالمية، و تحظى بحماية الأمم المتحدة و البنك الدولي و صندوق النقد الدولي…،و بالفعل بدأت في تحريك رؤوس الأموال اليهودية من العالم نحو مدينة الداخلة المحتلة، و كأن الرباط بمعية تل أبيب تبنى سورا عظيما بينها و بين الحكومة المدريدية المقبلة…. و من قال أن التطبيع و الاعتراف موجه للاستقواء على الجزائر فعليه التوقف فورا عن التفكير، لأن الخبراء الإسبان هم الأكثر فهما للنظام المغربي و يعرفون أن الرباط لها تخطيط أبعد مما تُبديه.

 

لإبداء ارائكم و مقترحاتكم

[email protected]

 

كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك

 

تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة

تعليقات الزوار
جاري تحميل التعاليق...

شاهد أيضا

يستخدم هذا الموقع ملفات تعريف الارتباط لتحسين تجربتك. سنفترض أنك موافق على هذا ، ولكن يمكنك إلغاء الاشتراك إذا كنت ترغب في ذلك. موافقالمزيد