نزولا عند طلب أحد متابعينا، الذي اختار لنفسه لقب “ثائر على الثورة”، و الذي رغب في نشر مساهمته الادبية عبر موقعنا، عبارة عن رواية تحت عنوان : “البتول .. او وجع تندوف”، تتناول بأسلوب راق محمل بثقل الايحاءات التعبيرية و اللغوية، قصة واقعية لشابة صحراوية لاجئة بمخيمات تندوف، اضطرتها الظروف المأساوية التي عاشتها الى الانتحار للهروب من واقع الاغتصاب الذي كان يمارس على جسدها.
لذلك سنحاول نشر هذه الرواية تباعا عبر موقعنا في شكل حلقات … و اليكم الحلقة الأولى التي هي عبارة عن توطئة من الكاتب لروايته.
عن طاقم “الصحراء ويكيليكس”
هناك مساحة في صدورنا نذرناها لكوارث البشر، ندفن في تربتها كل مآسينا… و نكتب في ظلماتها روايات بمداد من خليط كيمياء المشاعر، و تنضج على عروش أشجار غابتها الموحشة، ثمار النكبات، و يرتفع في عروقها المتشنجة هرمون المعاني ليغضب الكلمات كي يصيبها بجنون التجلي… فيحدث أن تهاجرها أسراب التعابير لتسبح فوق بياض الأوراق، تجر خلفها كل أشكال الخيبات العربية.
أشعر مع كل كلمة قررتها أدبا، أنني أتواطأ مع القلم لتحقيق الخيانة و أستدرجني لمعركة القناعات التي سُرق حشوها الإنساني و أثقلها صخر العيش، كي أقبل بالهزيمة لرفضي تلميع الأحذية بقلمي، و لرفضي بيعي في متاجر الصمت لشعب النسيان، فقد أتعبي كثيرا قهر الانطواء … لكنني أخيرا… وجدت شيئا أسوأ من التجاهل…
أخيرا… قررت أن أكتب بصدق…، فتحية الى كل الشامتين و الطامعين و الأذلاء، تحية الى كل اللصوص و المجرمين و الانتهازيين و المتملقين، إلى أبطال النكبات و صناع الهزائم، إلى من حكم مخيمات تندوف بجيش من المخربين، إلى ضعاف القلوب و النفوس، إلى كل الذين أعماهم بريق الذهب و الفضة، إلى المتنازلين عن الإنسانية، إلى المدنسين و المخربين و المدمرين، تحية الى كل الذين رضعوا الليل و الحزن و الخوف من ثدي القضية الصحراوية و رقصوا بنشوة على جمرها، أولئك الذين أطربهم صوت الموت على شاطئ تاريخ العرب…
هنيئا لكم جميعا و هنيئا لك أيها الأدب بميلاد مأساة جديدة بين ذراعي الصحراء الغربية، ليست في فتنتها أقل رعبا من صور الموت القادمة من الشرق…، ستطالبنا قريبا بعيد ميلاد يستحيل عرفا يزف إلينا فضائحنا التي تنكأ جراح الروح كلما حاولنا أن نستر عوراتها بأيادي جهلنا، فمصيبة التاريخ أنه يلمع وجه المآسي و يجعلها دوما تبدو في عمر الزهور..
ها أنا اليوم أجدني أمام رهبة بياض الأوراق، محاصر بين دفتي معبدها الطاهر، أقف أعزل إلا من قلمي، و زادي رشفة أخيرة من كأس شاي ينضح بالمرارة، و لا خيار أمامي غير أن أقطع المسافة الأطول في هذا الزمان، و أن أعبرني بوجع من القلم لأدنس طهارة هذه الأوراق، كي أكتب في هموم و تجارب الأخرين بفلسفة كثيرا ما كسرت الأقلام وخرّبت دورها وهجّرت شعوبا من أفكارها، لأنها أقلام اختارت مداد الحقيقة الوقح، الذي يزعج هدوء هذه الصفحات بكل ألوان الأسى كي يستنطق المسكوت عنه و المتخلي عنه و المتروك و المهجور.. ذلك الجزء المريض منا و الذي يصارعنا من أجل الظهور كمسخ، يحمل نذوب الرغبة و تشوهات السلطة و وحشية المزاج.
بقلم : ثائر على الثورة
إبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك