الأخ “إبراهيم غالي” يحذر العالم من سياسة الرباط العدوانية و البرلمان الفرنسي يضغط على “ماكرون” من أجل مراضات الرباط
بـقـلـم : بن بطوش
ثمة حالة من الاحتباس تغرق في جوفها القضية و تمنعنا من الإبداع و إستشراف المستقبل، و تحجب علينا الرغبة في الكتابة، ذلك أن القيادة جعلت من القضية الصحراوية ملفا مفلسا سياسيا و أخلاقيا و دبلوماسيا و اقتصاديا و دينيا، حتى حربها التي أعلنتها ذات نكبة لا تزال ندوبها في قلوبنا تنزف، لم تكن كباقي حروب الأمم، حرب قيادتنا محض بيانات أقصاف مركزة و أخرى متفرقة و دك وهمي للثكنات، بينما المحتل المغربي الذي لا يصدر بيانات، أوكل مهمة مقاتلة جيشنا بكل ألويته و بكل خبرته و معرفته بشعاب الصحراء إلى مسيرة وحيدة، يتحكم فيها شاب عشريني من ثكنة في مراكش أو أكادير…، و حتى اليوم الحصيلة كارثية في حربنا الظالمة مع ما يمتلكه المحتل من العلم و التكنولوجيا و التفوق، الحصيلة أن هذه الحرب أهدتنا أمة من المعطوبين و الأرامل و الأيتام و الثكلى، و الأكثر انه أصبح لدينا شعب لا يثق في جيشه الشعبي و يعلم يقينا أنه لا يستطيع حماية حتى خيمة الأخ القائد من عصابات مخدرات.
“إبرهيم غالي” الذي صمت دهرا ثم نطق كفرا، أطل علينا من بومرداس في خطاب ختامي أشعرنا بأن الرجل أصبح خارج السياق و لا يعرف ما يجري في العالم، و أنه مرة أخرى أخطأ القصد و أخلف الميعاد، و بدا و هو يتحدث كمن يقوم بحملة إنتخابية و يقدم وعود بالجملة و وعيد لأعداء أهانوه مرارا، و عندما اعتلى منصة الخطاب كنا نمني النفس أن نسمع منه اعتذارا للشعب الصحراوي بعدما عجز عن إخراج القضية و الشعب الصحراويين من حالة الإحتباس و اليأس و الإحباط و الوجع، و عوض أن يجدد العهد عبر الإعتراف له بأنه عاجز أمام قوة الرباط إفريقيا و عالميا، و عوض أن يطالب الشعب الصحراوي بالمهلة لعله يجد مخرجا للقضية الصحراوية من حالة النسيان…، فقد أمسك بالميكروفون و قال أنه يحذر العالم مما يقوم به المحتل من مغامرات في منطقة شمال إفريقيا و الساحل، و أن هذا المحتل يهدد الأمن و الاستقرار الدوليين بالمنطقة.
غباء هذا الخطاب كاد يدخلني في حالة إكتئاب، لأن الإنصات إلى الأخ “إبراهيم غالي” يشعرك بأن الرجل تائه و لا يمتلك رؤيا و أن ثمة قوة غامضة توجهه حيث هلاك القضية، و الأكثر رعبا هو اقتناعه بأن العالم سيأخذ كلامه على محمل الجد، و سيعاقب دولة الاحتلال لأنها تهدد السلم و الأمن الدوليين بالمنطقة، و هو نفسه القائد الذي ترفع باسمه بيانات الأقصاف و الدك، و المضحك أنه خلال خطابه قال بأن خيار الحرب على المحتل قرار يحظى بالإجماع و لا رجعة فيه، و واصل تهديد المغرب من بومرداس، بينما الإعلام الجزائري الرسمي و معه إعلام البيت الأصفر الممقوت أعلنوا عن قرارين هامين يحتاجان إلى السلام، أولهما هو منح تراخيص لشركة أسترالية من أجل التنقيب عن المعادن و النفط و الغاز بالأراضي المحرمة، التي حولها سلاح “يعني” إلى مقبرة مفتوحة لكل ما هو صحراوي، القرار الثاني يتعلق بتخصيص الدولة الصحراوية كل مقدراتها لإعمار الأراضي المحرمة، و هنا نقف لنتأمل خطاب الأخ القائد و تناقضه مع خطاب الإعلام الرسمي الجزائري و حتى الصحراوي، كي نستنتج أن القضية الصحراوية قد دخلت فعلا مرحلة الشك المطلق الذي يهدد المشروع ككل بالنسف.
هناك من سيرى من بين القراء الكرام أن خطاب الأخ القائد هو مجرد تكرار و إجترار للخطاب الصحراوي الكلاسيكي، و أن الحديث عن حالة إحتباس و خطورة تهدد المشروع فيه الكثير من المبالغة… !!، و الواقع أن التشخيص الذي نقدمه على هذا المنبر هو أكثر من مجرد رأي، بل فيه ورقة إستشارية صحفية لن تجد القيادة نظيرا لها بين الصفحات الصفراء في الرابوني أو في الجزائر، و الدليل على أننا نمتلك البصيرة الصحفية هو قرائتنا الصحيحة لما سيجري في النيجر، حين قلنا أن ردة فعل الجزائر على الإنقلاب فيها غباء و قلة إدراك و مسٌّ بمصالح الولايات المتحدة الأمريكية، و بعد إستدعاء أمريكا “لعطاف” لتقريع قصر المرادية و تهديده في حالة الإقتراب من المصالح الأمريكية أكثر، تأكد أن ما يجري في النيجر هو رغبة أمريكية في معاقبة “ماكرون” الذي بدأ في تنفيذ مشروع تعويض الدولار بالذهب، و أن بداية العقاب كانت منذ أن سحبت أمريكا صفقة أستراليا لشراء الغواصات من باريس، و تلاه أحداث كثيرة كرفض واشنطن الضغط على أوبيك لخفض سعر الغاز و النفث في أحداث باريس لإشعال شوارع فرنسا بعد حادث الطفل “نائل”…، و لن تتوقف العقوبات في حرمان الفرنسين من مناجم الأورانيوم الإفريقية، و بل هناك حديث عن ثورات قادمة في غويانا و باقي المستعمرات الفرنسية المنسية.
“ماكرون” الذي سُحق كبريائه من طرف البيت الأبيض بشكل متكرر، يعيش نفس الوضع الذي عاشه “سانشيز” قبل سنتين، حين عانى من الغضب الأمريكي بسبب أزمته مع الرباط، و لم تنتهي معاناته إلا باعترافه بسلطة الرباط على الصحراء الغربية، و عندما رفع 100 برلماني فرنسي عريضة إلى الإليزيه يلتمسون من “ماكرون” إصلاح العلاقات مع الرباط و يحدرونه من تفضيل الجزائر على المحتل المغربي، خرج بعض الصحفيين الفرنسيين و أيضا الجزائريين يصفون العريضة و ما قاله “ساركوزي” و الذي يتماشى مع فحوى العريضة، بأنه مجرد مناورة من “ماكرون” كي يبتز الجزائر، و أن تلك العريضة حررت بطلب من مؤسسات فرنسا العميقة…، و أن توقيتها مثير للشبهة بسبب الأزمة في النيجر، و رغبة فرنسا توجيه ضربة عسكرية للانقلابيين و استغلال الأجواء الجزائرية.
و الحقيقة أن العريضة فعلا كانت بإيعاز من الأجهزة السرية الفرنسية و المؤسسات الاقتصادية الفرنسية التي تسعى إلى تحريك مياه العلاقات الراكضة بين باريس و الرباط، غير أن الدافع لها لم يكن ابتزاز الجزائر، و الدليل أن فرنسا ليست في حاجة إلى الأجواء الجزائرية في ضل وجود توافق بين فرنسا و دول الإيكواس التي تقبل باستعمال أراضيها و أجوائها و بحرها لضرب الانقلابيين في النيجر، بل الطلب كان بعد إعلان الرباط وضع مخطط ضخم لإنتاج الأورانيوم باستغلال الفوسفاط، و أيضا للإستفادة من الاقتصاد المغربي، بعدما أعلنت الرباط إعادة فتح منجم الريف للصلب، لتغذية الصناعات المحلية داخل دولة الاحتلال التي أعلنت بدأ التصنيع العسكري، و إطلاق حزمة مشاريع ميكانيكية تحمل علامة صنع بالمغرب، و رغبة المحتل في خفض فواتير استيراد المعادن و تكاليف الطاقة، و حاجة فرنسا إلى شراكات أقل تكلفة.
و نختم المقال بوضع الدولة الصحراوية و الجزائر و دولة الاحتلال على منصة المقارنات، حتى نفهم بالأرقام الدوافع التي جعلت الـ 100 برلماني فرنسي يشيرون على “ماكرون” بإنهاء القضية و طعن الشعب الصحراوي و قطع آخر عروقه، هذه الأرقام تقول أنه في هذه السنة حققت الرباط عائدات من العملة الصعبة بلغت 80 مليار دولار دون محروقات، فيما حققت الجزائر بكل صادراتها من المحروقات و ما قال عنه “تبون” تصدير خارج المحروقات… 65 مليار دولار، بينما لم تحقق تونس غير 25 مليار دولار، و الدولة الصحراوية 00 مليار دولار، لك أيها القارء أن تحكم أي هذه الدول هي القوة الضاربة التي تسعى فرنسا لربح ودّها.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك
تنويه: نخبركم أننا أنشأنا قناة على اليوتوب (SAHRAWIKILEAKS MEDIA)، لذلك نرجو منكم الدعم بالاشتراك في القناة