لماذا أجرى الأخ القائد “إبراهيم غالي” مؤخرا تغييرات في الحكومة الصحراوية وبعض المهام التنظيمية…؟ (الجزء الأول) !!
بـقـلـم : الغضنفر
اغتربَ ثلاثةُ إخوة فترة من الزمن في أوروبا، وجمعوا مبلغًا من المال، ولصعوبةِ الغربة وبُعدهم عن الأهل والعائلة، قرَّروا العودة إلى بلدهم، واستثمار ما ادخروه من مال في مشروع تجاريٍّ، يُدرُّ عليهم دخلًا يُغنيهم عن العودة للغربة مرة ثانية، فتداولوا الأمر فيما بينهم مليًّا، ورأوا أن يستشيروا صديقًا لهم ممن يأنسون لرأيه، فأشار عليهم بشراء سيارة أجرة من الصنف الصغير، وأكد عليهم بضرورة مراقبة السائق جدًّا حتى لا يستغفلهم، فاستحسنوا ذلك الرأي، واشتروا سيارة أجرة، وأخذًوا بنصيحته في مراقبة السائق، و لأنهم كان الغباء في طبعهم، قرروا أن يركب أحدهم في المقعد الأمامي، والآخران في المقعد الخلفي، وطلبوا من السائق أن يجوب شوارع مدينتهم بحثًا عن ركاب لنقلهم، فمضى اليوم الأول دون أن يجدوا زبونًا يطلب منهم توصيله، ويمضي تبعًا لذلك كامل الأسبوع الأول دون أن يحصلوا على أيَّ دخلٍ حتى لتغطية مصاريف بنزين السيارة… وهنا أخذوا في تداول هذه المشكلة فيما بينهم، ولما لم يجدوا جوابًا لحيرتهم، قرروا معاودة الاتصال بمستشارهم، الذي لا يقل عنهم بلادة، علَّهم يجدون لديه الحلَّ لهذا الأمر، فقال لهم: “السبب معروف، غَيِّروا السائق… !!“
وفعلًا سرَّحوا السائق الأول بعد أن أعطوه راتبه، واتفقوا مع سائق ثانٍ لقيادة سيارتهم، ويمرُّ الأسبوع الثاني أيضًا كسابقه دون أي تحسن، ثمَّ يعاوِدون الاستشارة مرة ثالثة طلبًا لحل معضلتهم المستعصية، ويشير عليهم مستشارهم بتغيير السائق أيضًا، فيغيرونه كما فعلوا مع سابقه، ويتفقون مع سائق آخر، ولكن الحال تبقى كما هي، وهنا أخذ يتملكهم اليأس، وتصل بهم قناعتهم إلى بيع السيارة، والعدول عن فكرة الاستثمار في مشروع سيارة الأجرة!
تذكرت حكاية هذه النكتة و أنا اقرأ التعيينات الأخيرة التي أقدم عليها الأخ القائد “إبراهيم غالي”، على مستوى الحكومة وبعض المهام التنظيمية، بإصداره لخمسة مراسيم رئاسية يوم أمس الخميس 03 ابريل 2025، تخفي وراءها أمورا تشبه على حد كبير منطق الإخوة الثلاثة؛ إذ أن التعديلات الحكومية و التنظيمية لا يكون الغرض منها تحصيل منافع سياسية لقضيتنا الوطنية أو مادية و معنوية لأهالينا اللاجئين بمخيمات تندوف، بقدر ما يكون الدافع هو “مراقبة السائق” حتى لا يستغفل القيادة؛ ذلك أن المعضلة التي تعاني منها ثورتنا الصحراوية، منذ تحويلها من منظومة مقاومة و نضال من أجل تحرير وطن إلى دولة على الورق في انتظار الوطن، رغم أن مقومات هذا الكيان السياسي غير مكتمل الأركان، هو أن تدبير مناصب المسؤولية لا تحكمه معايير الكفاءة أو ضرورة “وضع الرجل المناسب في المكان المناسب”، بل يتم تدوير نفس الوجوه على الكراسي بشكل أفقي أو عمودي – باستثناء منصب الأمين العام للتنظيم السياسي- ، إما بغرض الحفاظ على توازنات معينة داخل المخيمات بخلفيات قبلية، أو ترضية لشخص غاضب حتى لا يتم استقطابه من العدو، أو لمراقبة أو تحجيم شخصية ما باتت تُؤرق بال المتحكمين في البيت الأصفر أو من خلال تعيينها في منصب غير مؤثر في قرارات الدولة…. بل قد يصل الأمر في بعض الحالات إلى الإقدام على إعلان ميلاد وزارة جديدة من رحم وزارة قائمة، من أجل مساعدة أحدهم على الاستوزار لأسباب يعلمها “الهنتاتة” دون غيرهم.
و قد استغرقت خلال الأيام الأخيرة في تجميع المعطيات بخصوص هذه التعديلات التي لم تفرضها ضرورة المرحلة العصيبة التي تمر منها القضية الوطنية بقدر ما أملتها حسابات ضيقة لحكام الرابوني، و سأحاول في هذا المقال الكشف عن الخلفيات المشبوهة التي دفعت الأخ “إبراهيم غالي” لإصدار المراسيم الخمسة الأخيرة، و التي جاءت على الشكل التالي:
- بموجب المرسوم الأول تم فصل وزارة الشِؤون الدينية عن وزارة العدل، لتصبح وزارة مستقلة تحت اسم وزارة الشؤون الدينية والتعليم الأصلي.
- بموجب المرسوم الثاني تم تعيين “محمد سالم السالك” وزيرا للدولة، مكلفا بالشؤون الدبلوماسية برئاسة الجمهورية.
- بموجب المرسوم الثالث تم إجراء حركية جزئية على مستوى الحكومة الصحراوية، حيث تم تعيين”عبد القادر الطالب عمر”، وزيرا للتربية والتعليم والتكوين المهني، و “سيد احمد اعليات”، وزيرا للشؤون الدينية والتعليم الأصلي، و “محمد يسلم بيسط”، وزيرا للخارجية والشؤون الإفريقية، و “الداف محمد فاضل”، وزيرا مستشارا لدى الوزير الأول، و”اعبيدة الشيخ”، وزيرا مستشارا لدى الوزير الأول.
- بموجب المرسوم الرابع أجرى حركية جزئية على مستوى بعض الولاة، حيث تم تعيين “محمد الشيخ محمد لحبيب امغيزلات”، واليا لولاية الداخلة، و” السالك لعبيد بارة”، واليا للوحدة الإدارية والسياسية للشهيد الحافظ..
- بموجب المرسوم الخامس أجرى بعض التعيينات على مستوى وزارة الخارجية، حيث تم تعيين”محمد سيداتي”، ممثلا بالمملكة المتحدة وايرلندا الشمالية، و “خطري آدوه”، سفيرا.
فبالنسبة للمرسوم الأول، فقد تم فصل الشؤون الدينية عن وزارة العدل، ليس لأنه هناك حاجة ملحة لهذا الأمر، بل فقط من أجل سواد عيون “سيد احمد اعليات”، الذي أصبح – بموجب المرسوم الثالث- وزيرا للشؤون الدينية والتعليم الأصلي، بعدما كان مجرد وزير منتدب لدى وزير العدل و الشؤون الدينية مكلف بالشؤون الدينية، إذ على الرغم من أن هذا الأخير يعاني من وضع صحي متردي بسبب إصابته بسرطان الكبد، إلا أنه تقرر استوزاره و تمكينه من حقيبة وزارية، ليتحصل على لقب “معالي الوزير”، كمكافئة له على العلاقات الشخصية التي تمكن من ربطها، بحكم انتماءه إلى إحدى الجماعات السلفية، بشخصيات خليجية، من قطر و السعودية، و حصوله على من هاتين الدولتين على مساعدات مادية و أخرى عينية، لم يظهر لها أثر على الحياة المعيشية لأهالينا اللاجئين، و انتهى المطاف بتلك المساعدات في الأرصدة البنكية لزبانية الرئيس.
أما بخصوص المرسوم الثاني الذي تم بموجبه رفع منصب “محمد سالم السالك” من درجة مستشار بالرئاسة إلى وزير الدولة مكلف بالشؤون الدبلوماسية برئاسة الجمهورية، فهذا القرار له علاقة مباشرة بتعيين “محمد يسلم بيسط” وزيرا للخارجية والشؤون الإفريقية، من جهة (المرسوم الثالث)، و بإعفاء “محمد سيداتي” من حقيبة الخارجية، و تنزيله إلى مجرد ممثل للجبهة بالمملكة المتحدة وايرلندا الشمالية، من جهة أخرى (المرسوم الخامس)؛ ذلك أن الرئيس الصحراوي لم يكن له خيارات كثيرة بالنسبة للحقيبة الدبلوماسية الصحراوية، في ظل الشلل التام للأداء الدبلوماسي الصحراوي في السنتين الأخيرتين، و بالتالي وقع الاختيار على “محمد يسلم بيسط”، كأكثر الوجوه معرفة بالدول الإفريقية، على الرغم من أن هذا الأخير يجر وراءه – هو الآخر- تاريخا من فضائح الفساد و سوء التدبير في كل المناصب التي تولاها كممثل للجبهة بواشنطن أو بنيجيريا أو بجنوب إفريقيا، و يحظى بمساندة ابن عمومته، القيادي “ابراهيم بيدالله”، الملقب بـ “گريگاو”، و لا يملك المقومات و لا الكاريزما لتبوُّء منصب وزير الخارجية، و بالتالي دعت الضرورة أن يلعب “محمد يسلم بيسط” دور وزير الخارجية في الواجهة فقط ، بينما الوزير الحقيقي هو “محمد سالم السالك” بحكم منصبه كوزير دولة مكلف بالشؤون الدبلوماسية.
و كما قلنا في مقالات سابقة، فالأخ “إبراهيم غالي” ارتكب خطأ فادحا في شهر فبراير من سنة 2023 عندما كلف القيادي “محمد سيداتي” بحقيبة وزارة الخارجية، و قلنا حينها بأن الوضع الصحي لهذا الأخير بسبب معاناته -هو الآخر- من مرض السرطان، سيكون عائقا أمامه لتدبير هذه المسؤولية في ظل تسارع الأحداث الدولية ضد قضيتنا الوطنية، ناهيك على أنه معروف منذ سنوات بانسياقه وراء نزواته الجنسية و إدمانه على شرب الكحول و أسلوب عيشه المترف بأوروبا و جشعه للحصول على المال، لدرجة أنه كان معروف بتسوله للمال عند الجمعيات المتضامنة مع الشعب الصحراوي بفرنسا و إسبانيا خصوصا، و يكفي التذكير كمثال على فساده قراره بتعيين طليقته و أم أبناءه، “خديجتو المخطار سيدأحمد”، كممثلة بسفارة مدريد، و خصها بصلاحيات السفير، و بالزفاف الذي نظمه لابنه سنة 2021، بمنتجع “سيبيا” الإسباني، في عز الحرب مع المحتل المغربي و أزمة كورونا، الذي أنفق عليه حسب ما ذكره ضيوف الحفل أزيد من 50 ألف يورو.
بسبب غياب الدبلوماسية الصحراوية أصبح وزير الخارجية الجزائري “احمد عطاف” هو الناطق الرسمي باسم القضية الصحراوية، وهذا أمر جعل العالم تترسخ لديه قناعة بأن النظام الجزائري هو الطرف الثاني في قضيتنا و ليست القيادة بالرابوني، لذلك تم تغيير “محمد سيداتي” باسم “محمد يسلم بيسط”، ، رغم أن هذا الأخير ضعيف الشخصية و لا يحظى بشعبية داخل المخيمات، و قفز إلى الواجهة السياسية لقضيتنا الوطنية بعدما عرف يستغل وسائل الإعلام جيدا، شأنه في هذا الأمر كشأن “أبّي بشرايا البشير“.….. (يتبع)
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمكنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك