بلدية بينارابا الإسبانية تطلق مبادرة لتشغيل الشباب الصحراوي في ميدان الرعي بجبال المقاطعة كأسلوب للحد من هجرة السكان… !!؟

إدارة الموقع نشر في 28 نوفمبر 2023 الساعة 10 و 48 دقيقة

بقلم : القطامي

تحت عنوان: “رعاة صحراويون ضد تهجير السكان”، تطرقت العديد من المنابر الإعلامية الإسبانية، كـ “europapress” و“charrytv“ و”malagahoy” و “cadenaser” …، إلى المبادرة التي أطلقتها بلدية بينارابا، التابعة لمقاطعة مالگة (malaga) بإقليم الأندلس، التي تروم استقطاب الشباب الصحراوي من المخيمات للعمل كرعاة للمواشي بالمنطقة، في إطار خطة للحد من هجرة سكان هذه المدينة الصغيرة جدا، المتواجدة في أدغال جبال روندا، الذين لا يتعدى عددهم حاليا الـ 450 شخص، و كذلك للمساعدة في مكافحة تغير المناخ و الحرائق بهذه المنطقة الجبلية الغابوية.

و قد تم إعطاء انطلاقة هذا المشروع يوم الاثنين 20 نوفمبر 2023، خلال حفل استقبال نظمته بلدية بينارابا، لأول دفعة مكونة من سبعة رعاة صحراويين تتراوح أعمارهم بين 28 و 41 عاما، و بحضور القيادية الصحراوية “العزة ابراهيم بُبِّيهْ”، عضوة الأمانة الوطنية و والية مخيم السمارة، و كل من “فرانسيسكو سالادو”، رئيس مقاطعة مالگة ، و “سيلفستر باروسو”، عمدة بينارابا، و “خوسيه أنطونيو فيكيز”، المندوب الإقليمي للاستدامة والبيئة والاقتصاد الأزرق في مجلس إقليم الأندلس.

و خلال الحفل قال رئيس مقاطعة مالگة: “هذه هي الإجراءات التي نريد من خلالها إظهار الفوائد والفرص التي توفرها مدن المقاطعة ليس فقط للشباب للبقاء فيها، ولكن أيضا لجذب أشخاص آخرين لم يفكروا في القدوم وتطوير بعض الأنشطة الاقتصادية المستدامة”، مؤكدا على أن: ” ممارسة الرعي تساعد على إزالة الغابات ، وبالتالي تساهم في منع الحرائق ، في منطقة منتجة تواجه صعوبات خطيرة في تنمية الأجيال” (في إشارة إلى تناقص أعداد السكان بشكل مخيف بالمنطقة).

المبادرة خلقت نقاشا حادا في مواقع التواصل الاجتماعي بين من اعتبرها جيدة لخلق فرص الشغل للشباب الصحراوي العاطل بالمخيمات و بين من اعتبرها نوع من الاستخفاف بالمواطن الصحراوي و انتقاص من مؤهلاته، حيث كتب احد النشطاء على صفحته الفايسبوكية ما يلي: آخر ما تفتقت عنه ذهنية التبتيب والتنقيب عن الفيزات في نظام احشم محاسيدو، هو مشروع تصدير “السّراح ” إلى القرى المهجورة في اسبانيا الذي يقوده احد أعضاء الأمانة الوطنية المقربين من فخامته...هذه الفضيحة تكشف مدى الانحطاط الذي أوصلتنا إليه القيادة بزعامة الأمين العام الحالي وزبانيته، و تعطي صورة عن مستقبل قضيتنا في ظل هذا التفكير الذي يقودها.… وتطرح الكثير من الأسئلة على وزارة الخارجية و تمثيلية الجبهة في اسبانيا الإجابة عنها ، أول هذه الأسئلة و أهمها هل كانت تمثيلية الجبهة أو مركزية الخارجية شركاء في التحضير لهذه المهزلة أم لا ؟؟؟ ..يجب الإشارة هنا إلى أن مهنة الرعي ليست عيب، بل مهنة شريفة كغيرها من المهن، ولكن العيب و الفضيحة هي أنه بعد كل هذا الزمن من التضحيات ومعاناة اللجوء ومن احتكار السلطة من طرف هذه الطُغمة، لم يتحقق لنا من التحرير سوى تصدير آبائنا رعاة عند الآخرين.

هذا التعليق اخترته من بين عشرات الآراء المشابهة لأنه يطرح أسئلة حارقة تتضمن في ثناياها إجابات عن الوضع الحقيقي لقضيتنا؛ فقيادتنا بعد خمسين سنة من الخطابات عن بناء الدولة وتأهيل الكوادر في مختلف المجالات، لم تستطع أن تغير تلك النظرة النمطية لدى إسبانيا و الدول الأوروبية عموما، الذين لا زالوا ينظرون إلينا كرعاة فقط و أننا لا نصلح إلا لاستيطان الأراضي التي هجرها البشر، كما فعلت الجزائر في سبعينيات القرن الماضي عندما اختارت فيافي لحمادة لاستقبال لاجئينا.

المشكلة ليس في اشتغال شبابنا كرعاة لدى الإسبانيين؛ فهو عمل شريف كباقي المهن، و العديد من المغاربة يشتغلون في الرعي هناك في إطار بحثهم عن لقمة العيش الحلال، لكن المشكل هو أن تتبنى القيادة الصحراوية ، في شخص “العزة بُبِّيه”، هذه المبادرة الملغومة و تسعى لترويجها على أنها إنجاز كبير للقضية الوطنية، في حين أنها تحمل في ثناياها أمورا خطيرة تتعلق بظاهرة الهجرة المتزايدة للاجئين الصحراويين ، و التي ازدادت حدتها منذ اندلاع الحرب الحالية.

“العزة ابراهيم بُبِّيه” بين “فرانسيسكو سالادو”، رئيس مقاطعة مالگة (على يمينها) و”سيلفستر باروسو“، عمدة بينارابا (على يسارها) خلال حفل الاتفاق على المبادرة.