“إبراهيم غالي” يتربص للظفر بصورة مع الأمين العام الأممي و الجزائر تُعلن اعتقالها لثلاثة “جواسيس” مغاربة
بـقـلـم:بن بطوش
لا نزال نحاول استعادة توازننا و بحثا عن السلام النفسي و العقلي الذي افتقدناه في الأيام الأخيرة، بعد الصدمة التي لا زلنا تحت تأثيرها بسبب مشهد تهريب يافطة تحمل اسم جمهوريتنا الصحراوية في حقيبة جلدية بتلك البذائة و كأن أسم دولتنا رزمة من الكوكايين، كنا نُعدُّ الأيام حتى يمر الوقت سريعا و يعبر ذاكرتنا القريبة ذلك المشهد الخادش لكرامة دبلوماسيتنا، و هو المشهد الذي سيُحفظ في أبعد ركن في أرشيف المصائب خلف قلوبنا، إذ كان حدوثه كمرور شاحنة ضخمة على أرواحنا…، لكن الأخ القائد “إبراهيم غالي” لم يترك لنا الوقت لنسيان ما حدث بطوكيو وصدمنا هو الآخر بمشهد أكثر ابتذالا من مشهد الحقيبة المُهربة، عندما التقط لنفسه صورة مع الأمين العام و أمامهما سرير نوم هذا الأخير بفندق بأندونيسيا، كانت صورة تحمل كل أشكال المهانة، و المذهل أن القيادة الصحراوية ألقت بالصورة في بركة وسائل التواصل الاجتماعي على أنها فتح دبلوماسي من قلب دولة تيمور الشرقية، ، الدولة المسيحية التي دعمها الحليف الجزائري بكل شيء كي تتمكن “جبهة فريتيلين” من إقامة دولتها، و تستقل عن دولة إندونيسيا المسلمة، و تلكم قصة في التاريخ لا مجال لسرد تفاصيلها في مقال صغير رغم أن البعض يحاول أن يقارن بين قضيتنا الصحراوية و قضية تيمور الشرقية…، و نحن بعد هذه الكارثة لن نتفاجأ إذا ما شاهدنا صورة للأخ القائد و هو يصافح الأمين العام في مرحاض أو داخل قاعة تدليك و استجمام.
أندونيسيا لم تنسى ما فعلته الجزائر ضدها لدعم استقلال تيمور الشرقية، و بعد يومين من احتفال التيموريين بعيد استقلالهم عن إندونيسيا، اجتمع الأفارقة في قلب جاكارتا بحثا عن فرص اقتصادية و عن مساعدات تقنية يمكنها أن تنجي أبناء القارة المغبونة، و تجنبهم هول ما ينتظرهم في المستقبل، و كانت السلطات الأندونيسية قد أعدت خطتها للتعامل باستخفاف مع الوفد الجزائري، حيث وضعت فريقا أمنيا ضل ينتظر وصول وفد مكة الثوار، و عند نزولهم بقصر المؤتمرات تم عزل الوفد الجزائري عن كل المشاركين، و أخضع كل أعضاءه للتفتيش، و فُتحت حقائبهم بشكل مهين، و عندما تدخل الوزير “عطاف” و معه سفير الجزائر لدى الاتحاد الإفريقي، ليحتج و يسأل عن سبب هذا الإجراء الاستثنائي، حذر أحد المنظمين وزير الخارجية الجزائري حتى لا يُعرقل عمل رجال الأمن و يمنعهم عن تأدية واجبهم، و تم إخبار “عطاف”بأنه كان عليه أن يزور بوابة وزارة الخارجية الإندونيسية ليقرأ التحذير المنشور، و فتح كبير المنظمين هاتفه و قدمه إلى “عطاف”ليقرأ له ما كُتب في التحذير باللون الأحمر حيث كان هناك عبارة تقول: “فقط من يحمل شارة المؤتمر الذهبية أو الفضية و بطاقة الدعوة هو من سيُسمح له بولوج القاعة”، ثم شرح له هذا الركن التنظيمي، بأن أي تسلل إلى المؤتمر سيُكلف الوفد المسؤول عقوبة الطرد، و أن عملية التفتيش التي يخضع لها الوفد الجزائري الذي لا يتوفر على تلك البطائق الذهبية و الفضية هو فقط لتجنب حصول حادث دبلوماسي بين البلدين.
كبير الدبلوماسيين الجزائريين ربط اتصاله على الفور بقيادة الدولة الجزائرية، و أخبرهم بما يحصل مع الوفد بلاده، لتطالبه قيادته بخفض التمثيلية الدبلوماسية في القمة إلى أدنى مستوى، و التوجه إلى الصين من أجل إقناع بيكين بقبول مشاركة الدولة الصحراوية في القمة القادمة بين الاتحاد الافريقي و الصين، حتى و إن كانت هذه المشاركة كطرف ملاحظ إلى جانب إسرائيل و الهند و بعض المنظمات غير الحكومة، و المصيبة أن وسائل الإعلام الصينة نشرت على قنواتها خبر وصول “عطاف” إلى بيكين و طلبه المستعجل لقاء وزير الخارجية الصيني، الذي لبى طلب اللقاء به، لكنه صدمه بأن الصين لا تريد أي تشويش أو حصول أي حادث يُعكر صفو القمة الصينية – الإفريقية، و أن على الدولة الجزائرية الالتزام بالقوانين و احترام ما تم الاتفاق بشأنه في القمة التحضيرية.
هذه الحوادث المؤلمة و المهينة لنا كصحراويين، صادفت إعلان الدولة الجزائرية في بيان أمني عن تفكيكها لشبكة من الجواسيس، من بينهم ثلاثة مغاربة لم يتم الكشف عن هوياتهم حتى كتابة هذه الأسطر، و حتى تكون الأمور واضحة فما حصل في جاكارتا ليس له علاقة بقضية الجواسيس و البيان ليس ردة فعل غاضبة من الجزائر، حيث جاء في هذا البيان الأمني بأن “الجواسيس الثلاثة” اعترفوا أمام المحققين بأنهم يقومن بالتجسس لصالح دولة أجنبية (المغرب)، و أن اعتقالهم تم بعد أن شوهدوا و هم يتصرفون بغرابة… و بتمحيص البيان و ربطه بالمقالات السابقة لموقعنا يتضح بأن النظام الجزائري يُفكر جديا في طرد المغاربة، و يبحث عن سيناريو يُقنع به الرأي العام الدولي بهذه الخطوة التصعيدية، لأن النظام الجزائري لم يعد يجد صعوبة في إقناع الرأي العام الجزائري.
أسباب تفكير النظام الجزائري في التخلص من المغاربة و طردهم نحو بلدهم تستند إلى كلام المقاهي و ما تروجه القصاصات الشعبية الجزائرية، المرتبطة بسلبيات تزايد أعداد المغاربة الذين يرى النظام أنهم أزيد من 250 ألف مهاجر، و أن تواجدهم داخل التراب الجزائري يزيد من مصاعب الدولة الجزائرية اقتصاديا، و أن أفراد الجالية المغربية بالجزائر يأكلون قوت الجزائريين و يشغلون مناصبهم و حرفهم…، و منهم من وصل إلى وظائف حساسة عبر مصاهرة مسؤولين و رجال أعمال جزائريين، و يُحوّلون الأموال إلى بلدهم بالعملة الصعبة و التي تستثمرها الرباط في عداءها للحليف الجزائري…، و بالتالي يرى النظام الجزائري أن تواجد جالية مغربية تتجاوز ربع مليون نسمة، و مع وجود جالية صحراوية في أراضي اللجوء بتندوف…، يُثقل كاهل الاقتصاد الجزائري و يضر بمصالح المواطن الجزائري، و تطور الجالية المغربية داخل الجزائر بسرعة مهولة يُهدد سلامة المؤسسات و البلاد.
لذلك فقد فكرت السلطات الجزائرية و دبرت و أعلنت أنها فككت شبكة تجسس، ظنا منها أن العالم سيُصفق لها، و أن النظام المخزني لا يزال يتجسس بإرسال أفراد يرتدون قبعات أمريكية و نظارات سوداء و معاطف طويلة و ربطة عنق…، و يتظاهرون بأن سياراتهم أصابها عطل أمام الثكنات العسكرية ثم يحسبون عدد الشاحنات التي غادرت الثكنة، و يختفون بعدها…، لا يزال النظام الجزائري يعتقد بأن التجسس يكون بتتبع الأشخاص في الأزقة و الاختباء خلف علامات المرور عند التفافهم…، أو بالجلوس في المقهى خلف المسؤولين و الاختباء خلف جريدة، و انتظار أن يقوم المسؤول بربط اتصال كي ينصت إلى المحادثة و يرفع تقريره عن ما جاء فيها… !!!، و نسى نظام الحليف بأن إسبانيا قبل أشهر نشرت تقريرا عن اختراق جماعي لهواتف أعضاء الحكومة المدريدية، و أن سبب القطيعة بين الرباط و باريس كان إتهام الإليزيه للمغرب باختراق هاتف “ماكرون” شخصيا، و تجنيد مسؤول أمني فرنسي في مطار”شارل دوغول”…، لقد نسيت الجزائر أن الرباط حرّرت رهائن أوروبيين من داخل الأدغال الإفريقية و أنقذت الجيش الأمريكي من ذئب منفرد…، فما الذي تفعله الجزائر بعقولنا… !!؟
يبدو أن بيان الجزائر يشبه كثيرا خطة إدخال لافتة تحمل اسم الدولة الصحراوية مهربة في حقيبة إلى قمة “تيكاد”، و يشبه خطة الصورة التي التقطها “إبراهيم غالي” أمام سرير الأمين العام الأممي بالفندق، و يُشبه خطة نقل الأخ القائد للعلاج في إسبانيا بهوية “بن بطوش”، و يُشبه خطة إرسال المقاتلين عبر التراب الموريتاني لرشق جنود الاحتلال المغربي على جدار الذل و العار حيث تزفهم المسيرة “يعني” للالتحاق بطوابير الشهداء…، اليوم أصبحنا جميعا كصحراويين نعرف من يصنع أوجاعنا.
لإبداء ارائكم و مقترحاتكم
كما يمنكم متابعتنا عبر صفحتنا على الفايسبوك